محمود دوير يكتب:” الاختيار 2 ” والكشف عن وجه الجماعة الدموي

351

*محمود دوير

لم يندهش أي متابع لتاريخ جماعة الإخوان منذ نشأتها في عام 1928 بغرض تقويض الحركة الوطنية التي كانت في أوجها ضد الاستعمار البريطاني

لم نندهش من ذلك اللغط المتعمد والمغالطات المتعددة والتوتر الشديد من جانب الجماعة في مواجهة عمل فنى استطاع كشف دمويتهم وخيانتهم للوطن – الذى لم يعترفوا به بالأساس فالوطن لديهم هو الجماعة كما أن الدين والعياذ بالله هو الإيمان بالجماعة ونتذكر جميعا مقولة “صبحى صالح ” القيادي في الجماعة: ” اللهم أمتنا على الإيمان بالإخوان ”

جاء مسلسل “الاختيار “بجزأيه الأول والثاني ليكشف للملاين وحشية هؤلاء الذين طالما أظهروا تسامح مصطنع في ظل مفهوم – التقية – طمعا في حكم مصر لكى تتحول على أيديهم إلى جزء تابع في مشروع الخلافة المدعوم

ولم أندهش من محاولات الجماعة التبرؤ من أفعالها عقب الثورة الشعبية التي شارك فيها ملايين المصريين لإسقاط حكمهم ورفعوا شعارا واحدا ومحددا من أقصى البلاد إلى أقصاها “يسقط .. يسقط حكم المرشد ” مما دفع الجيش المصري إلى الانحياز للجماهير وحماية إرادتهم وهو نفس ما حدث خلال ثورة 25يناير التي أسقطت حكم مبارك بعد 30 عام من التربع على عرش مصر.

بارك الإخوان حماية الجيش المصري للثورة في يناير لكنهم لعنوا نفس الفعل واستنكروه في 30 يونيو لأنه كان ضد مصالحهم. هكذا ينظرون إلى الوطن ويقيمون المواقف والتفاعلات السياسية.

لم نندهش من هذا الكم الهائل من الأكاذيب الى أطلقتها الجماعة للهجوم على مسلسل “الإختيار 2 ” والذى كشف بقدر كبير من التوثيق كل الجرائم التي ارتكبوها في حق الوطن والمواطن فاستحلوا دمه وراحوا يزرعون الرعب في كل مكان واستهدفوا المصلين في المساجد في سابقة لم تعرفها مصر على الإطلاق واستهدفوا الكنائس كى يصنعوا فتنة تؤدى إلى مزيد من التوتر والانقسام بين عنصري الأمة

لم نندهش لأننا قرأنا التاريخ وعرفنا أن مؤسس الجماعة “حسن البنا ” خرج ليعلن على المصريين في ديسمبر1948 بأن قتلة النقراشي باشا رئيس وزراء مصر آنذاك وكان على رأس القتلة عضو الجماعة “عبد المجيد أحمد حسن ” وأثنى في بيان تحت عنوان ” هذا بيان للناس ” على النقراشي باشا مستنكرا اغتياله وبعد أيام قليلة من بيان المرشد الأول قام التنظيم الخاص للجماعة

بالتخطيط لتفجير محكمة الاستئناف بمنطقة باب الخلق في وسط القاهرة، في 16 يناير1949 ويعلن المرشد الأول أن قتلة النقراشي والمخططون لتفجير محكمة باب الخلق “ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين ” كما تبرا البنا من قتل الجماعة للخاذندار فإذا بكتب الجماعة ومذكرات قادتها تؤكد عكس ذلك.

هذه بعض الوقائع التى تكشف عن طريقة تفكير الجماعة وأسلوبها المستقر فى التعامل مع تلك الأحداث فكيف ننتظر اعترافا من قيادات الجماعة بارتكاب كل الجرائم الدموية عقب ثورة يونيو

كشف المسلسل عن جرائم لم تكن غريبة يوما عن منهج الجماعة وطرق إدارة خلافتها فالتصفية الجسدية وسيلة استخدمتها كثيرا سواء عبر التنظيم الخاص التابع لها أو من خلال تنظيمات موالية للجماعة الأم تمثل أزرع لها فى تلك الأعمال الوحشية

من بينها القضية 148 عسكرية والمعروفة إعلاميا باسم “ولاية سيناء” تفاصيل محاولة اغتيال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجاء النص الحقيقي أن المتهمين اعترفوا برصد والتخطيط لاغتيال رئيس الجمهورية وقضية اغتيال المقدم محمد مبروك الشاهد الأول فى قضية تخابر المعزول محمد مرسي. واعترف المتهم محمد عويس محمد، المكنى “أبو عبد الرحمن”، في تحقيقات قضية “أنصار بيت المقدس” المتهمة باغتيال محمد مبروك مسؤول ملف الإخوان بجهاز الأمن المصري أنه شارك في العملية بالإبلاغ عن تحركاته

وكذلك القضية رقم 160 عسكرية، والمعروفة بـ “الهجوم على مأمورية الواحات”، اعترف المتهم الرئيسي عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري، ليبي الجنسية، بطريقة إعداد المنطقة الجبلية بصحراء الواحات لإعداد معسكر الخلية الإرهابية ومحاولة اغتيال النائب العام المساعد. كما رصد المسلسل عملية استهداف الجماعة لإستاد القاهرة الدولي خلال افتتاح مصر لبطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم 2019

إضافة إلى عدد كبير من العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة أو أزرعها من الجماعات الموالية لها سواء بزرع العبوات الناسفة فى الأماكن العامة أو التصفية الجسدية المباشرة

كانت مصر على شفى حفرة بعد أن ثار الشعب ضدهم وكانت تهديدات قادة الجماعة عبر منصات “رابعة العدوية ” واضحة لا لبس فيها. وليست من قبيل التهديد بل كانت تحذيرات بأن تغرق البلاد فى بحور من الدم إن لم يعد مرسى للحكم. فكيف لشعب قام بثورة أن يخشى تلك التهديدات .. كيف لشعب تم سحله أمام قصر الاتحادية ثمنا لثورته أن يرضخ لحناجر تتوعده بالقتل

هذا ما حاول صناع مسلسل ” الاختيار 2 ” أن يصل إلى ملايين المشاهدين وحرص صناع العمل أن يقدموا وقائع حقيقة بعيدة عن خيال الدراما لكنها فى سياق درامي يغزل بين النص المكتوب والوثائق التاريخية ومحاضر التحقيق وبين شخصيات درامية من خيال المؤلف وبين شخصيات حقيقة من شهداء الشرطة جنود وضباط قدموا أرواحهم من أجل أن ينعم هذا الوطن بالاستقرار كما سبقهم شهداء من الشعب قدموا حياتهم لكي تتخلص مصر من حكم الجماعة نتذكر منهم الشيخ عماد عفت والصحفية مياده أشرف وغيرهم الكثير فى كل ميدان من ميادين مصر سقط جرحى ومصابين مهرا للحرية وثمنا للحفاظ على هوية مصر

نجح صناع المسلسل فى أن يصلوا برسالتهم رغم بعض الملاحظات الفنية وهذا أمر طبيعي لأي عمل فني . لكن يظل الفن هو أحد الوسائل القوية في حماية الوعي العام ولأننا نحتاج إلى مزيد من الوعي ويحتاج المصريين إلى التذكير دائما بخطورة تلك الجماعة على وحدة الوطن وهويته فإن الدور الذى تقوم به الثقافة والفنون يجب أن يمنح مكانة أكبر ومساحة أوسع لتجفيف كل المنابع الفكرية للإرهاب.

التعليقات متوقفه