إقبال بركة تكتب:د. فؤاد زكريا والحركات الإسلامية (٢)

480

شكشكة

د. فؤاد زكريا والحركات الإسلامية (٢)

بقلم إقبال بركة

تتبع د. فؤاد زكريا الثورة الإسلامية فى إيران ووصفها بأنها” نجحت فى القضاء على نظام من أعتى الانظمة الاستبدادية التى عرفتها البشرية”، وأنها ” أقامت حكما إسلاميا كاملا فى بلد يملك كل مقومات النهوض والتقدم، لذلك اعتبرها “اختبارا حاسما لجميع الحركات الإسلامية المعاصرة فإذا نجحت فى إقامة مجتمع العدل والحرية والتقدم ستصبح قوة دفع هائلة يصعب إيقافها فى اى بلد آخر” . الأمر المؤسف ان هذه الثورة انتهت إلى تصفية الأحزاب  المعارضة واحدا وراء الآخر حتى لم يتبق غير رجال الدين، و سادت روح الكآبة والعبوس حياة الناس اليومية. و قد تكرر الأمر فى السودان تحت حكم النميرى الذى وصفه د. زكريا بأنه” واحد من اشد القوى رجعية و جهالة”، حيث شاعت طوال حكمه المجاعة، وكثرت احكام الإعدام، مع استنزاف ثروات البلاد و سرقة أموال الشعب ، ورغم ذلك استمر تهليل أنصار الشريعة له ، ووضعوا هذا كله في كفة والتطبيق الشكلى لحدود السرقة و الخمر والزنا فى كفة أخرى ..! كانت تجربة السودان في عهد النميرى تكرارا لمحاولات سابقة جرت فى دول إسلامية أخرى انتهت إلى الإخفاق. ويتعجب د. زكريا من أن أحدا من دعاة تطبيق الشريعة لم يلتفت الي تلك الحقيقة، بل تجاهلوها تماما، دون أن يتعلموا من دروسها ، وراحوا يرددون أن الإخفاق مرده الي الأشخاص وليس الإسلام فى ذاته،وهو ما تكرر طوال الجزء الأكبر من التاريخ الإسلامي .

ويصفه كاتبنا بأنه “حق يراد به باطل” .

ود. فؤاد زكريا يصف  تيار التأسلم  في العصر الحاضر بأنه” لم يكن له نظير طوال تاريخ الأمة الإسلامية؛ هو إسلا م الحجاب و اللحى والجلباب القصير وتوقف العمل في مواعيد الصلاة وتحريم قيادة المرأة للسيارة “، و يفسر هذا بأنه ” إبعاد الناس عن مشاكلهم الداخلية و الخارجية دون استغلال لثروة البلاد كوسيلة للإرتقاء بحياة الشعب وتحقيق مزيد من النقاء لعقيدته. ويدلل على ذلك بأن الشيخ الشعراوي في احد احاديثه التلفزيونية قال ” إن المرأة يجب أن تكون مستورة  حتى لا يشك الرجل فى بنوة ابنائه منها!!”. و يرى د. زكريا أن حرص الشعراوى الدائم على الإقلال من شأن العقل والعلم الإنساني وتأكيد ضعف النظريات العلمية وتفاهتها هو سمة من أبرز سمات الدعوات الإسلامية المعاصرة  ” كما لو كان الوحى الإلهى لن تصبح له مكانة في نفوس الناس إلا على حساب العقل البشري! “.

وفي الكتاب تحليل شامل لآراء العديد من المفكرين الإسلامىيين مثل د. حسن حنفى، و ضياء الحق، حاكم باكستان الأسبق، وثورة يوليو، والمفكر الإسلامى خالد محمد خالد ، وكلها تستحق ان نفرد لها مقالات أخرى.

و الخلاصة ان العيب الأكبر للإتجاهات الإسلامية المعاصرة يكمن فى “غلبة الطابع الشكلى على فهمها للدين “. و رغم ذلك فالدكتور زكريا يرفض اتخاذ موقف العداء او الإضطهاد لتلك الدعوات، وانما يدعو إلى الحوار مع أصحابها، حوار يسعى لإيضاح الأفكار والمواقف، وإزالة الغشاوة التى يفرضها الإكتفاء بوجهة نظر واحدة لا تتغير. وهو يحذر من ان عصور “اليقين” في حياة البشر كانت هي عصور الإنحطاط، وينتهى إلى أن ” قليل من الشك يصلح العقل”.

التعليقات متوقفه