د. عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل الأسبق يكتب لـ”الأهالي”:ماذا يحدث في إثيوبيا مع انتخابات ٢١ يونيو ٢٠٢١

652

د. عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل الأسبق يكتب لـ”الأهالي”:ماذا يحدث في إثيوبيا مع انتخابات ٢١ يونيو ٢٠٢١

خلال الفترة ما بين مايو ٢٠٠٢ وأبريل ٢٠٠٣ ، التي قضيتها في العاصمة أديس أبابا باحثاً عن مشروعات للتعاون الثلاثي بين مصر و السودان و أثيوبيا، وذلك خلال رئَاستي للمكتب الفني للتعاون الإقليمي بين دول حوض النيل الشرقي ENTRO “انترو”وهي اختصار للحروف الخمسة الأولى لاسم المكتب باللغة الإنجليزية Eastern Nile Technical Regional Office ، كانت سعادتي غامرة لأننى سأحقق مع زملائي بالمكتب من السودان وأثيوبيا إنجازاً كبيراً لم يحققه من سبقونا في مسيرة التعاون المتقلبة بين الدول الثلاث، خلال القرن العشرين.
كانت مهمتنا نبيلة، وكانت مدعومة بمظلة تمويلية من الدول والمنظمات الدولية المانحة، يشرف عليها صندوق ائتمان من البنك الدولي ودول حوض النيل المشاركة فى مبادرة حوض النيل الشهيرة، تحت مسمى ال “إن بى أي” أو “NBI” و هى اختصار ل Nile Basin Initiative.
كانت الدنيا جميلة، والكل سعيد بما هو دائر ويدور من أنشطة في كل المجالات التنموية، من مصادر مائية وطاقة وزراعة وبيئة وبناء قدرات وغيرها من الأنشطة.
للأسف الشديد حدث ما حدث، وها نحن الآن نعيش واقعاً خطيراً لم يكن لأحد تخيله منذ عشرين عاماً، مرت وكأنها الأمس القريب.
فما الذي حدث؟
الخلاصة وباختصار هل هي انفراط العقد الأثيوبي عشية ٢١ يونيو ٢٠٢١

سلسلة الأحداث:
حتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ، وبكل الأسف الشديد، فإن إثيوبيا في طريقها لانفراط العقد، وبأسرع مما يتخيله أحد، وعلى وجه التحديد، مع انتخابات الإثنين ٢١ يونيو ٢٠٢١.
لست قارئاً للفنجان، ولا من المنجمين، ولا العالمين بالغيب، ولكنها سلسلة الأحداث التي حدثت في إثيوبيا خلال العقود الثلاثة الماضية، وعلى الأخص خلال العام الماضي، حلقات سلسلة من الأحداث تؤدى وتؤكد أن أثيوبيا التى سنراها بعد ٢١ يونيو وللأسف الشديد، غير تلك التي كنا نراها قبل هذا التاريخ.

انقلاب في موازين القوى بالداخل الأثيوبي، من سيطرة صفوة التيجراي طيلة عقدين من الزمان على مقاليد الحكم ومفاصل الدولة الأثيوبية، ثم الانقلاب عليها من خلال حرب شنها آبى أحمد تنطوي على تصفية عرقية وإبادة جماعية، ونهب وسرقة واغتصاب وجرائم ضد الانسانية، لا زالت مستمرة، بتحالف مفضوح ومستمر بين آبي أحمد ودولة إريتريا ذات الخصومة والعداوة التاريخية مع سكان إقليم التجراي.
هذا مع العلم بأنه تم استبعاد إقليم التجراي من الانتخابات، لوقوعه تحت قانون الطوارئ، وغيره من الأقاليم الأخرى مثل اقليم هرر وإقليم الصومال.

انفراط العقد يوم ٢١ يونيو ٢٠٢١ :
من أهم مميزات الانتخابات في دول العالم الثالث، عدم اعتراف الطرف الخاسر بخسارته، وعلى الأخص إذا كان مسيطراً على السلطة، و كذا عدم رغبة الجانب المنافس باعترافه بالخسارة، وعلى الأخص إذا كان خارج السلطة، وبناء عليه لن يكون لدينا كاسب وخاسر في يوم ٢١ يونيو، وإنما الكل كاسب وخاسر.
هناك العديد من الأحزاب السياسية التي قررت عدم مشاركتها بالانتخابات لوجود ممثليها بالسجون، أو بسبب وضع الحكومة الأثيوبية قيوداً على نشاطها قبل الانتخابات، مثل إقليم أوروميا.
والانتخابات في أثيوبيا تحدث في ظل وجود قوات حكومية من الجيش والبوليس، في نفس الوقت الذي يملك فيه كل إقليم من الأقاليم الإثيوبية ميليشياته الخاصة، المتسلحة بعقائد خاصة بكل إقليم، ليس لها علاقة بعقائد قوات الأمن الإثيوبية.
وأصحاب اتخاذ القرار الخاص بإطلاق الزناد كثيرون، وبالتالي هناك العديد من الأعيرة النارية التي لن يظهر لها صاحب، فى العديد من الأقاليم الإثيوبية يوم الانتخابات، وبناء عليه لن تتوقف الأعيرة عن الإطلاق.

صباح اليوم التالي ليوم ٢١ يونيو ٢٠٢١
علينا توقع أن الأعيرة النارية على الإطلاق لن تتوقف عن الإطلاق، وعلينا توقع سماع نداءات وتحذيرات من سلطات الحكم بأديس أبابا، تدعو المواطنين إلى الهدوء وتوخي الحذر.

توقعات لأحداث يوم ٢٢ يونيو ٢٠٢١
إذا ما استمرت الاشتباكات بين الرافضين لنتائج الانتخابات والقوات الحكومية، وكذا ما بين ميليشيات الأقاليم، من الجائز أن يتم إعلان حالة الطوارئ في معظم الأقاليم الأثيوبية، مثلما هو الحادث الآن في البعض منها، وستخرج العديد من تقارير وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الدولية والإقليمية التي ستتحدث عن الضحايا والمصابين، وكذا عن المضايقات على القائمين بالتغطية الصحفية والإعلامية، ولا مانع أيضا من احتجاز بعضٍ منهم أو طردهم من البلاد، مثلما حدث مع مراسل جريدة النيويورك تايمز، و يكفينا أن الاتحاد الأوروبي قرر عدم إرسال مراقبين للانتخابات لعدم توفر الضمانات والتسهيلات التي من المفترض أن تقدمها السلطات الإثيوبية.
و كما هى عادة الأنظمة المتخلفة في دول العالم الثالث، قيامها بقطع وسائل الاتصال التليفونية وخدمات الإنترنت، ووسائل الاتصال الاجتماعي، التي ستفضح اعتداءات كل من قوى الأمن والميليشيات على المواطنين العزل حول اللجان الانتخابية، ولا يوجد أي مانع من قطع الكهرباء عن المدن الرئيسية، التي ستبيت في الظلام، ولن يمنع مظاهرات المواطنين السلمية سوى سقوط كميات هائلة من الأمطار، ولن تكون شعارات المتظاهرين متعلقة وفقط بالانتخابات، ولكن بالحالة الاقتصادية والاجتماعية المتردية، والمجاعات بالبلاد، وانعدام الأمن والأمان في العديد من الأقاليم.

الخلاصة:
كان بودي أن تتحقق أحلامي وأحلامنا جميعاً بالتعاون والتنمية بين دول النيل الشرقي، ولكن للأسف الشديد فإن ممارسات النظام الأثيوبي في الداخل الأثيوبي، ومع الجيران بالسودان، ومع مصر كجزء من المحيط الإقليمي، وكذا مع دول العالم الأخرى ومنظماته الإقليمية والدولية، وعمليات الابتزاز السياسي اللانهائية، منذ الإعلان عن بناء سد النهضة حتى الآن، كل هذه الممارسات نهايتها انفراط العقد الأثيوبي يوم الإثنين الموافق ٢١ يونيو ٢٠٢١ ، ولن تصبح إثيوبيا التي عرفناها قبل هذا التاريخ هى أثيوبيا التي سنراها بعد هذا التاريخ.

وبناءً عليه:
هل سنكون مضطرين لأن نقول بكل أسف: باي باي إثيوبيا!!!!!!!!!!!!!!!

التعليقات متوقفه