أمينة النقاش تكتب:سياسة يونيو الخارجية

165

ضد التيار
سياسة يونيو الخارجية

أمينة النقاش
بزيارة الرئيس السيسى الأخيرة إلى العراق، تتضح فى خط مستقيم، ملامح السياسة الخارجية التى أرسى دعائمها منذ ثورة 30 يونيو.
استلم الرئيس السيسى السلطة وعلاقات مصر العربية والدولية مأزومة فى كل الاتجاهات. إدارة الرئيس الأمريكى الديمقراطى «باراك أوباما» تتوجس من السلطة الجديدة التى اتت بها ثورة شعبية دعمها جيش مصر الوطنى، وتصفها بالإنقلاب على حكم الإخوان الذى جاء به صندوق الانتخاب، برغم ما كشفت عنه الأحداث فى عهد أوباما، من أن نتيجة ذلك الصندوق مشكوك فى نزاهتها، وأنها أتت بالجماعة بعد تهديدها بحرق مصر إذا لم يتسلم مرشحها السلطة، وهى تستند لدعم دولى.
وكانت إدارة أوباما قد دعمت وصول الإخوان إلى الحكم، بزعم جاهل، يروج لإكذوبة أن جماعة الإخوان أكثر الجماعات الدينية إعتدالا، وأنها يمكن أن تستخدم فى الحرب المزعومة التى تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب الدولى. وكانت تلك الحرب قد بدأتها واشنطن بغزو العراق واحتلاله ونهب ثرواته، وغزو أفغانستان بإدعاء، إسقاط حكم طالبان. وهاهى إدارة ديمقراطية أخرى تتفاوض مع طالبان على سحب القوات الأمريكية، والحركة تعود أكثر شراسة، للسيطرة من جديد على أفغانستان وهى تملى شروطها على إدارة بايدن!.
لكن السبب الأهم لدعم أوباما لجماعة الإخوان، هو القدرة على توجيهها كيفما يشاء، لتنفيذ السياسة الأمريكية فى المنطقة، وحماية مصالحها، التى تعد ما تسميه أمن إسرائيل على قائمة أولوياتها!.
وبجانب الفتور فى العلاقات المصرية -الأمريكية، جمد الأتحاد الأفريقى عضوية مصر، بدعوى أن ميثاقه يرفض عضوية الحكومات التى تأتى عبر الإنقلابات العسكرية!.
كانت الفوضى الخلاقة التى بشرت بها «كونداليزارايس» قد بدأت بنشر الخراب فى دول المنطقة،من ليبيا إلى سوريا والعراق واليمن، فضلا عن جحافل الإرهاب المدعومة إقليميا ودوليا، التى تمترست فى سيناء، ومدت أذرعها إلى محافظات الوادى، لهدم مؤسساتها الدولة والنيل من رجالها، ومن أفراد الجيش والشرطة.
استندت إدارة الرئيس السيسى إلى تراث مجيد من الخبرات المتراكمة لدى الدبلوماسية المصرية، فوضعت على رأسها واحدا من أفضل رجالها وأكثرهم خبرة. وتجنبت السياسات الإنفعالية التى تأتى كردود فعل شعبوية عابرة، قد ترضى المزاج العام، لكنها تعقد الأمور. فضلا عن اعتقادها الصحيح، بما ينطوى عليه “الحق” دائما من قدرة على الإقناع مهما طال الزمن، أو بالغت أطراف فى إنكاره.
نوعت الدبلوماسية المصرية، بعد ثورة 30 يونيو من مصادر تسليح جيشها وشرطتها ومن علاقات مصر الدولية، من الصين إلى روسيا الاتحادية، ومن فرنسا إلى دول شرق المتوسط، واستعادت عضويتها فى الاتحاد الأفريقى ورأست إحدى دوراته. وعادت لدورها التنموى فى دول القارة الأفريقية. ونجحت فى أن تكون طرفا فى حل الأزمة الليبية. ووثقت أواصر التعاون مع تونس ودول المغرب العربى.وكانت ولا تزال الطرف المساند للقضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة. ورفضت التدخلات الخارجية فى الأزمة السورية، وشكلت مع السعودية ودولة الإمارات، محورا للدفاع عن المصالح المشتركة.ووطدت السياسة المصرية علاقتها بدولتى شمال وجنوب السودان.
وبإنعقاد القمة المصرية– العراقية– الإردنية فى بغداد قبل يومين، فإن سياسة مصر الخارجية باتت تؤكد، أن أمن مصر القومى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، وأن دول المنطقة كفيلة بحماية أمنها من التدخلات الخارجية، وأن التعاون المشترك بين دولها، من شأنه خدمة مصالح الشعوب العربية، وتحقيق طموحها فى التنمية والتقدم، وبناء الدولة المدنية الحديثة.
وهكذا يتجلى وجه واحد مضئ لثورة 30 يونيو التى غيرت كثيرا من المصائر، فى أكثر المناطق احتداما بالصراعات.

التعليقات متوقفه