على خلفية إسترداد وزارة الآثار لمقر إتحاد الكتاب العرب بالقلعة:صراع بين الآثار والثقافة حول الاستحواذ علي الأماكن التراثية

عز الدين نجيب:ثروت عكاشة اختار الأماكن الاثرية لإقامة الأنشطة الثقافية

317

تحقيق: أمل خليفة
تقوم وزارة الآثار بإسترداد بعض الأماكن الأثرية والتراثية من بعض المؤسسات، وقامت بإسترداد مبني إتحاد الكتاب القديم الموجود بمنطقة القلعة، رغم وجود توصية صادرة عن منظمة اليونيسكو منذ الخمسينيات تنص على ان الحفاظ على الآثار القديمة لايتم إلا بشغلها بنشاط ثقافي وحضاري
قال الفنان التشكيلي عز الدين نجيب إن وزارة الثقافة كانت تختار الأماكن الخاصة للنشاط من المباني الأثرية مثل وكالة الغوري والمسافر خانة والسحيمي والقلعة وسبيل أم عباس وقصر المانستيرلي في الروضة فقد يكون هذا التصرف جعل وزارة الآثار تشعر ان هذه الأماكن قد أنتزعت منها عندما كان ثروت عكاشة وزيرا للثقافة وكانت وقتها الآثار تابعة لوزارة الثقافة، ثم جاء فاروق حسني و سار على نفس السياسة، فما أن أنفصلت الوزارتان بعد ثورة 2011م بدأت بعدها سياسة إسترداد المباني و كأنها كانت مستعمرة ويريدون تحريرها!
وأضاف نجيب قائلاً: لقد كنت في يوم من الأيام ضحية لهذه الحملة عندما كنت رئيس جمعية آصالة لرعاية الفنون التراثية والمعاصرة، وكان مقرها ملحق بوكالة الغوري مستقل بباب منفصل وحجرات أخري، وقتها صدر ضدي حكم بسنة سجن مع الشغل والنفاذ، ودخلت معركة كبيرة حتي حصلت على حكم فى الاستئناف بإلغاء الحكم الصادر ضدي، وكانت تهمتي هي تشويه جدران المبني الآثري بتعليق أعمال فنية عليه، حيث ينص قانون حماية الآثار علي منع دق أي مسمار أو تعليق أي شيء علي الحوائط، وعقوبة هذه التهمة من سنة وتصل إلي عشر سنوات! ولقد أنقذني في ذلك الوقت إن فاروق حسني كان مرشحا لليونسكو واقترب موعد الانتخابات فأتصلت به وقلت له إذا لم تجد حلا لإنقاذي قبل موعد المحاكمة في الإستئناف سوف اعقد مؤتمرا صحفيا أمام وكالة الغوري وأقول فيه إن المرشح ليكون مسئولا عن آثار العالم يزج في السجن بمن يدافع عن الآثار في مصر.
فأعطي تعليماته فورا للآثار التي كانت تابعة لوزارة الثقافة في ذلك الوقت بعقد لجنة فورية لتقييم الضرر الذي لم يكن له أي آثر في الحقيقة وقدم تقرير بالنتيجة للمحكمة قبل الجلسة.
فوزارة الثقافة تري ان أشغال الأماكن الأثرية هو إستيلاء عليها وكأنهم أصحاب هذه الأماكن أو ميراث شخصي لهم.
وفي نفس السياق أضاف الناقد والروائي حسن الجوخ قائلاً لقد قام إتحاد الكتاب بإنفاق مبالغ طائلة لتوظيف هذا المبني في شيء نافع وجميل وأقرب ما يكون إلى الثقافة وإلي الآثار، لكي يكون دافعا ليشاهد الآخرين آثار مصر، كما أن المبرر الذي علي ضوئه تم إسترداد المبني ليس كافيا، حيث تم استرداد المقر بدعوي عدم استخدامه منذ فترة، وهذا حقيقي ولكن هناك ظرف أستثنائي وهو إنتشار فيروس كورونا، على جانب آخر المبني كان مخصصا لأمانة إتحاد الكتاب العرب ومخصصا لأمور معينة مثل إقامة المؤتمرات والاحتفاليات الكبري الخاصة بالترجمة، و بالهوية الثقافية العربية وهكذا، وبسبب فيروس كورونا والخوف من انتشار العدوي لم يكن هناك إحتفاليات فكان من الطبيعي عدم إستخدامه.
وأضاف الجوخ قائلاً فيما يتعلق بإيجاد حل لهذه المشكلة فعلى رئيس الإتحاد الحالي دكتور علاء عبد الهادي أن يعرف هل هذا الإجراء قانوني أم لا وهل يحق لهم إسترداد المبني أم لا؟
فلقد حصلنا على هذا المبني من وزير الثقافة السابق فاروق حسني، ولم يكن بالحالة التي هو عليها الآن، بل كان عبارة عن خرابة ولكن الاتحاد انفق عليه ما يزيد عن 3 ملايين جنيه تحملهم “نجيب ساويرس” وقام بترميم المبني من خلال شركة أوراسكم، والمبني به الآن مقتنيات علي درجة عالية من الأهمية بالنسبىة للكتاب كمقتنيات وأدوات كبار الكتاب مثل طه حسين يوسف السباعي ونجيب محفوظ.وغيرهم.
وعلي جانب آخر يري الكاتب والناقد الأدبي سيد الوكيل أن الآثار والمباني التراثية لن يصونها و يحافظ عليها سوي هيئة الآثار، فمنذ عهد عبد الناصر تحول عدد كبير جدا من المباني المهمة والعظيمة في مصر إلي مدارس ومقرات لأحزاب وبمرور الوقت دُمرت، فإذا كنا نريد أن نحافظ علي آثارنا فهذه مسئولية وزارة الآثار، ولابد أن نحترم فكرة التخصص فمصر بلد بها كفاءات عالية وعظيمة ينقصها التركيز على فكرة التخصص.
ترميم واضاءة
وأضاف الوكيل قائلاً: النشاط الذي تقوم به وزارة الآثار جديد و إيجابي حيث يوجد بيوت في كثير من الأماكن مثل “السيدة زينب” بيوت قديمة يتعدي عمرها 150 عاما مغلقة ومع ذلك استحوذ عليها الباعة بعدما تحولت إلى كهوف،يخزنون بها بضائعهم في المساء وفي الصباح يفرشوها في الشارع الذي يوجد به سوق سعد زغلول أمام الضريح، ولقد قامت وزارة الآثار بحملة على مستوي القاهرة الخديوية تحديداً وبدأت تبحث وراء بعض هذه المباني وتعيد ترميمها وأضاءتها وتضع عليها لافتات نحاسية مكتوب عليها اسم صاحبه و طراز المعمار وتاريخ انشائه،وأي معلومات كاملة عن المبني، هذا لم يكن موجودا، وجميع هذه المباني كانت عبارة عن ورش ومحلات هجرها أصحابها لانها أصبحت قديمة وتهدمت من الداخل، رغم إنها في حقيقة الأمر مباني أثرية وتراثية.
وفي شارع حنفي بالسيدة يوجد منزل أحمد شوقي ولكن لا أحد يعرف علي وجه الدقة مكانه بسبب عدم وجود بحث علمي دقيق عن المكان وهناك سبيل الشيخ صالح مساحته كبيرة ولكنه متصدع منذ سنين حاليًا تحول إلي وكر مخدرات للمدمنين
وأستطرد الوكيل قائلًا: منطقة القلعة كلها منطقة أثرية وتراثية فهناك سجن القلعة وقسم الخليفة فالمنطقة بالكامل بها مجموعة أثار كنوز تهدمت عبر سنين طويلة. لذلك نحن في حاجة للمجهود الذي تقوم به وزارة الآثار في الحفاظ علي المباني الآثرية والتراثية لأنها تشكل ثروة قومية يجب الحفاظ عليها وصيانتها والعمل علي ترميمها.

التعليقات متوقفه