أمينة النقاش تكتب:المتباكون على الإخوان

327

ضد التيار

المتباكون على الإخوان

أمينة النقاش
من الطرائف التى كان الزعيم «خالد محيى الدين» يثيرها أثناء الاجتماعات الحزبية فى التجمع، قوله أنه حين يسمع من يتحدثون فى دوائر الحكم والإعلام عن تعميق الديمقراطية، فإنه كان يتشاءم، ويضع يده على قلبه توجسا، مما هو مخبأ للبلاد فى مستقبل الأيام.
شىء من ذلك ألم بى، حين قرأت بيانات وتصريحات وبوستات من يوصفون بالقوى الثورية والراديكالية، وهم يذرفون الدموع، ويلولون حزنا على الديمقراطية المهدرة تحت أقدام اجراءات الرئيس التونسى «قيس سعيد»، والتى يصفونها بتعميق الديكتاتورية. وطبعا مطلوب منا أن نصدق باإنعدام الصلة بين هؤلاء، وبين وصف ما يسمى بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، المأوى الرسمى للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، لمنشئه يوسف القرضاوى، لتلك الاجراءات بأنها انقلاب استبدادى غير شرعى وحرام!.
اتكلت على الله، ونحيت جانبا التعبيرات المهذبة لخالد محيى الدين، واستحضرت جسارة القاموس الذى يستخدمه أحيانا الكاتب الكبير الصديق «احمد الجمال» حين تعجز اللغة عن وصف الحال المايل، والأمور المعوجة، ولا يحق عليها آنئذ سوى فرش الملاية، واستصدار أصوات الاحتجاج الإسكندرانى، واستخدام إشارات يد بذيئة، ردا على تلك الولولة، وكأن ماكان يحدث فى تونس، يمت بصلة للديمقراطية. نواح يتمسح فى الديمقراطية من قوى غير ديمقراطية، تشكل فى الواقع الجناح المدنى لجماعة الإخوان، وتقدم بنواحها مساندة لرؤية حركة النهضة، ودعما لتحريضات رئيسها “راشد الغنوشى «للدول الغربية على بلاده، وإخافتها من فوضى وعنف يقودان للهجرة التونسية إلى قارتهم المصونة. لم يتوقف النائحون أمام تهديداته الصريحة، بمقاومة ما يزعم أنه إنقلاب دستورى، بإدخال تونس فى فوضى العنف والإرهاب، باعتبار أن ذلك هو السلوك الديمقراطى الحق!!.
اعترض رئيس التحرير الزميل العزيز «حسين البطراوى» على الكلمات الواردة فى المقال، وحذفها، وقال لى إن الإبقاء عليها، يتعارض مع آداب المهنة، ويخالف ميثاق الشرف الصحفى. مع أن المترحمين على الديمقراطية، التى اعتدى على شرفها الرئيس التونسى، لامواثيق شرف لديهم. فهم يكذبون ويزورون الحقائق، ويتلاعبون بالألفاظ و يفرغون المصطلحات من معناها الحقيقى، للدفاع عن الفوضى التى أشاعتها حركة النهضة الإخوانية خلال عقد كامل، للاستحواذ بآليات ديمقراطية شكلية، على سلطة القرار فى تونس فى الحكومة والبرلمان، وادخال البلاد فى دائرة جهنمية تقودها من فشل إلى آخر، ليقبع 40 % من سكانها تحت خط الفقر فى35 % من شبابها فى دوامات البطالة، ولتغرق مؤسسات الدولة والحكم بالموالين والأنصار بغض النظر عن الكفاءة والجدارة!.
المشترك بين تلك القوى النائحة وبين النهضة، هو العداء للدولة والوطنية ومؤسساتها، الأمنية والقضائية على وجه الخصوص. فمشروع الإسلام السياسى بمجمله، كما يعلم القاصى والدانى، هو مشروع خارجى مصنوع ومدعوم من الدول الغربية التى تروج لإعتداله وأهليته للحكم، برغم الفشل الذريع الذى أثبتته تجربة جماعة الإخوان فى حكم مصر والسودان، وربما بسبب ذلك، لأجل البحث عن أدوات طيعة ،تقود بنفسها من داخل بلادها مهمة تمزيقها!.
الطريق إلى الديمقراطية، لا يمر أبدا عبر الدفاع عن جماعة الإخوان الإرهابية، والتحريض ضد ما جرى فى تونس، بزعم الدفاع عن الديمقراطية، هو كلمة حق يراد بها باطل. والاجراءات التى اتخذها الرئيس «قيس سعيد» حتى لوكانت مخالفة للدستور، جنبت تونس حربا أهلية، كانت تلوح فى الأفق، بعد أن تجمدت سلطات الحكم فى صراع مفتعل حول الاختصاصات الرئاسية والتنفيذية والبرلمانية، وأصبح البرلمان ساحة حرب بفعل التحالف المالى والسياسى الفاسد العاجز، الذى كان يقوده الغنوشى.
اجراءات تونسية مخالفة للدستور، ماشى، لكنها تحظى بدعم شعبى جارف يتوق فيه التونسيون للتحرر من حكم االنهضة والتصدى لخرابها وسعيها لتغيير هويتهم، فضلا عن دعم الجيش الوطنى. ومستقبل النهضة نفسه بات فى مهب الريح، بعد الانقاسامات فى صفوفها، ومطالبة شباب الحركة الغنوشى بالاستقالة. وفتح الدولة ملفات فساد تطول نوابها وبعض حلفائها، وإقصاء قضاة تواطأوا معها، وتصاعد المطالب الاجتماعية بحل الحركة وحظر نشاطها، وإدراجها فى مصاف المنظمات الإرهابية، وتقديم قادتها للمحاكمة بتهم الفساد والقتل والإرهاب.
فليواصل النائحون نواحهم عن الديمقراطية المغدورة فهم لا يتعلمون أبدا من خيباتهم. والشعب التونسى يقظ بما يكفى، للدفاع عن مكتسباته التاريخية، وإعادة وطنه إلى مساره الصحيح، والمساهمة مع جيشه ورئيسه، فى بناء دولته الوطنية الحديثة الديموقراطية والعلمانية، ولو كره النائحون.

التعليقات متوقفه