محمود دوير يكتب :دلال عبدالعزيز ..الفنان كما يجب أن يكون

164

دلال عبد العزيز …. الفنان كما يجب أن يكون

محمود دوير

ثلاثة أشهر تقريبا هي المسافة بين رحيل ” سمير غانم ” ووفاة دلال عبد العزيز .. إنه الرحيل الميلودرامي المُفجع لكل عشاق “دلال ” وكل محبي سمير

تمثل الفنانة الراحلة حالة خاصة جدا فقد استطاعت أن تخطف القلوب بمحبة صافية واحترام شديد ولعل نموذج “دلال ” قد ساهم في ترسيخ صورة ذهنية إيجابية جدا عن الوسط الفني وأنقذ ما تبقى لدى الوعي الجمعي للملايين حول دور الفنان الاجتماعي وقدرته على كسب التقدير والاحترام من خلال أعمال فنية جيدة بجانب حياة أسرية وعائلية مستقرة وناجحة بالإضافة إلى دور إيجابي يتسم بالنبل والعطاء مع كل من حولها لدرجة دفعت المتابعين إلى وصفها بلقب “سيدة الواجب “

هي – الفلاحة -التي لم تُبهرها أضواء المدنية .. اتت من قريتها التابعة لمدينة الزقازيق تبحث عن فرصة تَحقُق ونجاح في عالم يسوده الضجيج والضوضاء وتتعثر خطاها بالكثير من التحديات لكنها تحتفظ دائما بصفائها النفس وتصالحها مع ذاتها .. تنشر الحب والصدق أينما حلت ومع كل من عرفتهم.

كانت البداية في عام 1977 بعد أن أنهت دراستها بكلية الزراعة جامعة الزقازيق وقدمها أبو الدراما المصرية المخرج ” نور الدمرداش ” في دور صغير بمسلسل “بنت الأيام ” لتبدأ مسيرة حافلة من الأعمال المميزة

في عام 1981 وأثناء كواليس مسرحية ” أهلا يا دكتور ” تبدأ واحدة من أشهر قصص الحب وأنجحها في الوسط الفني حين تعرفت على سمير غانم.

لم تنكر “دلال ” يوما أنها أحبت سمير أولا وأنها بادرت بالإعلان عن حبها رغم زحام المعجبات المحيط به لكنها تمسكت بحقها في الحب ودافعت عنه وحافظت عليه لأكثر من 30 سنة وكان حصاده “دنيا ” و” إيمى “

رغم هذا الزحام ما بين العمل والأسرة تمكنت دلال من الحصول على ليسانس الآداب جامعة القاهرة كما درست الإعلام وخطت في مسيرة البحث العلمي كل ذلك وهى تحفر لنفسها مكانة فنية مميزة وتتابع أسرتها الصغيرة التي عبرت بها عواصف ومتاعب متسلحة بابتسامة صافية وروح نقية محبة للجميع .

ظلت “دلال ” حبيسة للأدوار التقليدية التي لم تكشف عن موهبة كبيرة تتميز بالتلقائية الشديدة في الآداء وكانت محصورة في أدوار الفتاة الجميلة حتى جاءت المخرج إسماعيل عبد الحافظ ويقدمها في دور نجاة بمسلسل ” ليالي الحلمية ” عام 1987 لتكشف عن قدرات كبيرة في الآداء ثم تأتى المرحلة الأهم في مسيرتها التي تبدا بدورها العظيم مع المخرجة “ساندرا نشأت ” في فيلم “مبروك وبلبل ” عام 1998

وكانت على موعد مع مرحلة النضج الفني الاستثنائي وخلال تلك الفترة قدمت أعمال مميزة مثل “حديث الصباح والمساء ” ومسلسل ” سابع جار ” الذى تفوقت فيه على نفسها ومن أهم محطات “دلال ” الفنية كان دورها المميز في فيلم “عصافير النيل ” للمخرج مجدى أحمد على عام 2010

وواصلت نضجها الفني الذي سار جنب إلى جنب مع رقى إنساني وإحساس كبير بالدروب الاجتماعي للفنان وأهمية أن يكون قدوة ونموذجا إيجابيا

خلال مسيرتها الفنية لم نقرأ عن دلال أو أسرتها أمور خارج حدود عملهم أو بمعنى أدق لم تكن يوما طرفا في ما يسئ إليها أو إلى أسرتها ولم تكن طرفا في صراعات ساذجة أو مبتذلة بل كانت دائما نموذج للعطاء ونشر قيمة المحبة

نشعر أنها واحدة من أفراد الأسرة تشبهنا تماما تعيش بلا تكلف أو مبالغة وحرصت أن تبدو على طبيعتها متخلية عن مساحيق الشهرة والانتشار متعينة فقط بصدق المشاعر وعفوية الروح وتوهجها الدائم بالمحبة والبساطة.

لهذا كان الحزن على قدر المحبة والاحترام وكانت دعوات المصريين خلال مرضها مخلصة صادقة وظل محبيها يتابعون أخبارها الصحية لحظة بلحظة ليس فقط لأنها فنانة شهيرة أسعدت الملايين بأعمالها بل الأهم أنها إنسانة شديدة النبل راقية المشاعر والخصال.

تلقي الملايين خبر وفاتها بدموع لا تتوقف وحزن لا حدود له ورجفة قلب لن تنسى

كل ذلك لأنها قدمت خلال مسيرتها نموذج للفنان كما يجب أن يكون .

التعليقات متوقفه