137 مليون جنيه حصيلة الأوقاف من صناديق النذور ..وصراع بين الأئمة والعمال على العمل بمساجد الأضرحة

325

137 مليون جنيه حصيلة الأوقاف من صناديق النذور

*صراع بين الأئمة والعمال على العمل بمساجد الأضرحة

 

تظل أموال صناديق النذور واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الأوقاف، رغم الأموال الطائلة التي تحققها شهريًا من ورائها، والتي جعلت مساجدها مطمعا الذين يسعون للتعيين بها من أجل حصولهم على حصة من أموال النذور بخلاف الهدايا التى ترد إليهم من المريدوين ومحبى آل البيت.
حيث يتسارعون إليها من كل المحافظات لاجتياز المسابقة التي تطلقها الأوقاف بشكل دوري بعنوان “مسابقة المساجد الكبرى والنذور”، ويتقدم إليها عدد كبير منهم، إلى وظيفة ” شيخ مسجد، إمام مسجد، مقيم شعائر، مدير إدارى، أمين مكتبة، مؤذن مسجد، كاتب نذور، عامل مسجد”.
والتحدي الآخر يتعلق بصناديق النذور الوهمية، وهي تعود إلى مثل شعبي قديم، بالمعروف باسم “احنا دافنينه سوا”، وهو قصة تتحدث عن اثنين من العاطلين مات حمارهما، وهما في الطريق لأحد الموالد والحفلات الدينية، فانفتق ذهنهما على دفنه وبناء ضريح عليه، ومن يومها، أصبح هذا المكان مزاراً مشهوراً له بصندوق لجمع أموال النذور، ويعرف بأبو النصر، وتشير هذه القصة إلى أن هناك الكثير من الأضرحة تم بناؤها بأسماء وهمية، وادعاء أنها لأولياء الله، عز وجل، أو لنسل آل البيت، حتى أصبحت وسيلة للعاطلين عن العمل، فهم إما يسيطرون بالقوة على الضريح، ويحتكرون أموال النذور، أو يقومون ببناء مساجد وأضرحة ليجمعوا من خلالها الأموال.
الصوفية وحق النذور
صناديق النذور،لم تقتصر حصيلتها على الأوقاف فحسب، بل تعد أيضًا الوسيلة الأنجع لتمويل الطرق الصوفية، إذ تحصل على 10% من هذه الأموال، حسب ما يتم فتحه أسبوعيًا أو شهريًا، من المساجد والأضرحة غير المسجّلة بالوزارة، وهي الصناديق التي تظل خارج نطاق المسجد، وتشرف عليها الأوقاف، ويقسم عائدها إلى: الأوقاف، والأزهر، ووزارة التنمية المحلية، ووزارة الثقافة، ووزارة الداخلية، إضافة إلى جهة غير حكومية هي “المجلس الأعلى للطرق الصوفية”؛ عكس الصناديق الموجودة داخل المساجد.
حيث أكدت وزارة الأوقاف، في تقرير لها، أنها خلال الـ 7 سنوات الماضية وهى تعمل على تعظيم الموارد الذاتية، إلى جانب الإنفاق على عمارة المساجد وأعمال البر وخدمة المجتمع.
وينص “قرار وزارة الأوقاف رقم 225 لسنة 2015 ، على أن توضع حصيلة النذور بعد خصم النسب المقررة فى المادتين 3 و4، فى بعض الأمور، وهناك نسبة 10% تخصص من صناديق النذور فى المسجد والضريح للعاملين فى المسجد، منها سهم ونصف للإمام لا يتجاوز 300 جنيه، وأن 80% من أموال صناديق النذور تذهب للحساب المخصص للنذور، وبحسب الأوقاف، توجه هذه الأموال لصالح إحلال وتجديد ونظافة وفرش وصيانة المساجد، والصرف على الاحتفالات والمسابقات الدينية التى تقيمها الوزارة، والصرف على القوافل الدينية والندوات والدروس التى تقام فى المساجد.
صناديق محكمة الغلق
وكشف مصدر بوزارة الأوقاف، أن عدد المساجد التى توجد بها صناديق النذور تبلغ 201 مسجد على مستوى الجمهورية، منها 30 مسجدا فى القاهرة، وتعد أكثر المحافظات التى بها مساجد للنذور، و26 مسجدا بمحافظة الغربية و19 مسجدا بمحافظة سوهاج و12 مسجدا بالإسكندرية وكفر الشيخ والدقهلية، و11 مسجدا بمحافظة الجيزة و10 مساجد بمحافظة قنا و8 مساجد فى أسيوط، و9 مساجد بمحافظة القليوبية، و3 مساجد فى المنوفية و3 مساجد فى الأقصر والسويس، و4 مساجد فى محافظة البحيرة والبحر الأحمر والفيوم، فيما لا توجد مساجد للنذور فى محافظات الإسماعيلية وبورسعيد وجنوب سيناء.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك ضوابط لفتح الصناديق، حيث تشكل لها لجنة تكون من وكيل وزارة ومفتش عام منها، و عدادين وأمين شرطة يكون موجودا وقت الفتح، ومندوب مالى ومندوب مركز معلومات، ولا يجوز فتح صندوق النذر إلا بتواجدهم، وكل صندوق له قفلين، واحد فى الوزارة ونسخة فى المديرية التابع لها المسجد، والصناديق محكمة الغلق جيدا ويصعب فتحها”.
السرقة والنهب لأموال ال البيت
وفي دراسة للدكتور عادل عامر،استاذ القانون العام، اجراها في عام 2016 ، أكد من خلالها أن السرقات التي تتعرض لها صناديق النذور في مصر لا يستطيع أحد إحصاءها”، مضيفًا أن هناك تحقيقات موسعة تجريها مباحث الأموال العامة، والنيابة العامة، والجهات الرقابية حول سرقة أموال النذور؛ منها البلاغ رقم (592) لعام 2010، الخاص بسرقة صناديق النذور بمسجد الحلوجى بالإسكندرية، والبلاغ رقم (13213) جنح قسم أول طنطا لعام 2016، الخاص بسرقة صناديق النذور الخاصة بالسيد البدوي، والمأساة نفسها في صندوق نذور الحسين والسيدة زينب والسيدة نفسية والمرسي أبو العباس بمدينة الإسكندرية.
وفي السابق طالب عدد من نواب البرلمان التصدى لظاهرة التعدى على أموال صناديق النذور، وذلك من خلال تشديد الرقابة عليها من قبل الجهات المعنية، وتركيب كاميرات مراقبة، ووضع لائحة جزاءات جديدة من شأنها احالة المتعدين على هذه الأموال لمحاكمات جنائية وليست عقوبات تأديبية.
وفى هذا الإطار،قال النائب فايز بركات نائب أشمون وعضو لجنة التعليم، إن صناديق النذور شهدت عبر السنوات الماضية العديد من المخالفات وعمليات السرقة لغياب الشفافية والمصداقية، رغم الإجراءات المشددة التي تفرضها وزارة الأوقاف على الصناديق الموجودة بمساجد الأولياء، إلا أنَّها لم تمنع نهب الأموال التى يتبرع بها الناس، بينما طالب نواب آخرون بضرورة وضع تلك الأموال للخزانة العامة للدولة، بهدف تخفيف الأعباء عليها فى ظل عجز الموازنة والديون عليها، والاستفادة منها، حتى لا تضيع بين الفاسدين واللصوص بعد تعرض الكثير من السرقة.
الرقابة والأضرحة الوهمية
وفي هذا الصدد قال الباحث في شئون الإسلام السياسي، خالد الزعفراني، إن هناك فوضى كبيرة وغير عادية في صناديق النذور، من سرقة ونهب أموال دون وجه حق، ومحاولة فتح الصناديق، مشددًا على ضرورة تشديد الرقابة على تلك الصناديق من قبل وزارة الأوقاف، ولا يتم وضع صندوق واحد للنذر أو للتبرعات إلا من خلال الوزارة والإشراف عليه، ولا يتم فتحه الا بمعرفتها، ومنع وضع صناديق في أي مكان غير الذي تحدده الأوقاف خاصة في ظل تزايد أعداد الأضرحة والنذور الوهمية وغير المسجلة.
إلى جانب تصنيع صناديق حديدية بأرقام سرية تتبع الوزارة وبأكواد معينة، مع ضرورة تشديد الرقابة على الأئمة والعاملين التي يثبت تورطهم بالاختلاس او التقصير أو الفساد، على أن تكون العقوبات رادعة.
وطالب بضرورة تقسيم الأموال تقسيمًا عادلًا، بالإنفاق على الفقراء والمساكين والمساجد، مع تقليل النسبة المحددة للعاملين في المساجد والأئمة، خاصة في ظل تزايد الشجار والمقاتلة بين الأئمة والعمال على العمل بمساجد ال البيت.
وأضاف أن الذي يضع أموالًا في صناديق النذور يعني جيدًا أنها نذر أو للإنفاق على الفقراء والمساكين، ولكن إذا علم أنها ستعود للدولة لم يتبرع بها، لافتًا إلى أن من يريد أن يتبرع للدولة فعليه بصندوق تحيا مصر وغيره.
التبرعات وثقة المواطنين
وفي السياق ذاته أكد عمرو عبد المنعم الباحث في شئون الإسلام السياسي، أن المواطنين لديها ثقة كبيرة في مساجد النذور غير المسجلة “الوهمية”، ظنًا منهم أن القائمين عليها سيوصلون الأمانة إلى المسار الصحيح “الفقراء والمساكيين”، مضيفًا كلما كان المسجد رسميًا كلما يفقد كثيرا من تبرعاته، قائلا : “انعكاس ثقة المواطنين على التبرعات كبير جدًا”.
وتابع: إذا سن تشريع يحكم مسألة النذور يمتنع المواطنون عن التبرعات، لأنها في الأساس عملية قلبية روحية وعبادة، فالشخص ينذر لله نذرا ومن ثم يضع الأموال في الصناديق.

التعليقات متوقفه