الملف ..فى يوم عيدهم…الفلاحون منسيون

399

ثورة 23 يوليو منحتهم 5 فدادين والحكومات المتعاقبة أهدرت حقوقهم
السياسات الخاطئة وراء تدهور أحوال صغار المزارعين
“إدّتني الثورة 5 فدادين 5 فدادين و الله هنيّالي بأرضي يا عين أنا أرضي الغالية بقت مِلكي بقى خيرها ليّا و لولادي من يومها خلاص ما بقيتش أشكي من غاصب واحد في بلادي واللي نَصفني ربّنا يِحمِيه و يخلّي ولادُه و يخليّه و الله هنيّالي بأرضى يا عين..”..كلمات أطلقها فلاحو ومزارعو مصر مصحوبة بالزغاريد والفرحة مع اقرار قانون الإصلاح الزراعي ‏ في ‏9‏ سبتمبر ‏1952، ، ليرسي قواعد العدالة الاقتصادية، ويعيد رسم خريطة الملكية الزراعية، ويزيل التناقضات الاجتماعية التي عانى منها المجتمع طويلا.
وقد صاحب القانون، تغييرات اجتماعية عديدة، أسهمت في النهوض بأحوال الفلاحين والريف المصرى، حيث نجح القانون فى العلاقة بين المالك والمستأجر وتقدير أجر عادل للعامل الزراعي.
ونظرا للأثار الايجابية العديدة التى انعكست على حياة الفلاح المصرى بعد صدور هذا القانون، تم اعتبار هذا اليوم عيدا للفلاح المصرى يتم الاحتفال به سنويا.
وتطبيقا لأحكام قوانين الإصلاح الزراعى عاد إلى الدولة ملكية ‏1.2 ‏مليون فدان، في أقل من خمس سنوات، فقامت هيئة الإصلاح الزراعي المسئولة عن إدارة الأراضي والإشراف عليها بتوزيع حوالي‏838‏ ألف فدان في صورة ملكيات صغيرة‏، وقد استفاد من ملكيتها ‏368‏ ألف أسرة، يبلغ عدد أفرادها حوالي مليوني فرد‏، أما الباقي فقد كان حصيلة أراضي لطرح النيل.
وفى ظل تنفيذ القانون الجديد، أنشئت جمعيات الإصلاح الزراعى لتتولى تسلم الأرض من الملاك بعد ترك نسبتهم القانونية، وتوزيع باقى المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين، ليتحولوا إلى ملاك، ويكون الفلاح صاحب الأرض التى حرم منها لسنوات طويلة، ليجني ثمار عرقه ويرتقي بمستواه ويعلم أبناءه
فرض قانون الإصلاح الأول على الفلاحين الذين انتفعوا بملكية الأرض التى وزعت، أن ينضموا إلى الجمعيات الزراعية التى حدد دورها بتنظيم زراعة الأرض واستغلالها بأفضل شكل عبر قيامها بتوفير مستلزمات الإنتاج والآلات الزراعية والإشراف على تحسين عمليات الرى والصرف ومقاومة الآفات الزراعية وتنظيم التسويق وممارسة الإرشاد الزراعى.
بدأ نظام التسويق التعاونى في حدود الجمعيات التعاونية التى نشأت على الأرض التى وزعت طبقاً لقانون الإصلاح، ثم أخذ فى التطور وبسط مظلته على الريف المصرى، ولم يمر أربع سنوات على الثورة حتى كان كل محصول القطن فى مصر يسوق تعاونياً، وبدأ التسويق لمحاصيل الأرز والبصل والفول السوداني والبطاطس وبذلك أصبح التسويق التعاونى يغطى حاصلات التصدير الرئيسية فى مصر.
وكانت تهدف الدولة بتطبيقه إزاحة طبقة السماسرة من مختلف مراحل التسويق، وحماية الفلاحين من استغلال الوسطاء
وللتغلب على تفتت الملكيات الزراعية، تم تبني نظام الدورة الزراعية لمحاولة الاستفادة من ميزات الإنتاج الكبير مع عدم المساس بالملكيات الخاصة القزمية للأرض، فساهمت الدورة الزراعية فى توحيد المحصول ووقت زراعته وحصاده فى كل زمام من الزمامات التابعة لقرية ما والتابعة بالضرورة لجمعية تعاونية زراعية، مما أتاح إمكانية استخدام الآلات فى عمليات الزراعة ورش المبيدات والحصاد.

بأى حال عدت يا عيد
أزمات الفلاحين ..إلى أين؟!
غياب الإرشاد الزراعى وتدنى الأسعار وراء تدهور زراعة المحاصيل الاستراتيجية

تحقيق:نجوى ابراهيم
ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية وتدنى أسعار المحاصيل وصعوبة تسويق المنتجات …أزمات ومشكلات أزلية يعانى منها الفلاح المصرى يعد تجاهل الحكومات المتعاقبة له, ولم تلتفت الى الاهتمام به باعتباره العمود الفقرى للزراعة وعنصر أساسى للتنمية ..
لا تزال أزمة تدنى أسعار المحاصيل الإستراتيجية، أحد المعوقات الرئيسية التى تهدد الزراعة، مما يؤدى إلى عزوف الفلاحين عن زراعتها، والتى تمثل الأمن الغذائى، كالقمح والأرز والذرة بأنواعها، والمحاصيل التى تتميز فيها مصر عن الخارج كالقطن، بسبب عدم التزام الحكومة، بتنفيذ الدستور والنظر فى أسعار المحاصيل بشكل دوري، بزيادة مناسبة فى أسعارها، حتى يحقق الفلاحون هامش ربح عادل.
تحرير الزراعة
من جانبه أوضح د”جمال صيام “استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة- أن القطاع الزراعى يعانى منذ ثلاث عقود من فراغ مؤسسى كبير فى ظل ضعف وتقادم وعشوائية المؤسسات الزراعية ,والمزارع هو الذى تحمل عواقب هذا الفراغ باعتباره الجزء الأضعف فى حلقات سلاسل القيمة الزراعية .
وأوضح أنه خلال العقود الثلاثة الاخيرة اتخذ التحيز ضد الزرعة شكلا آخر حيث تميزت هذه الفترة بتحرير الزراعة وتحولها الى اقتصاد السوق فى اطار برنامج الاصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى تم من خلاله الغاء القرارات الادارية فيما يتعلق بالتركيب المحصولى والدورة الزراعية واسعار المحاصيل والتوريد الاجبارى وتحرير العلاقة الايجارية للاراضى الزراعية, فضلا عن الغاء الدعم عن مستلزمات الانتاج, مشير الى أن التحول الى اقتصاد السوق كان هدفه الاصلاح المالى ولم يتطرق الى الاصلاحات الهيكلية, فضلا عن تراجع نصيب الزراعة فى الاستثمار العام من 6% الى 2%.
وأشار د”صيام”الى أن الجمعيات التعاونية القائمة يصل عددها الى 7 آلاف جمعية الا انها ليس لها دور حقيقى سواء فى مجال تنظيم الانتاج الزراعى, أو توريد المستلزمات أو التسويق, وذلك بالرغم من تحديث قانون التعاون الزراعى منذ عدة سنوات,والامر الاخر هو محدودية الموارد اللازمة لتطوير القدرة على الابتكار فى ظل المشكلات الى يواجهها القطاع ومنها تناقص الرقعة الزراعية وندرة المياه .
أسعار متدنية
وأكد د”جمال صيام” أن الفلاحين فى مصر يعانون بشدة من فشل تسويق محاصيلهم، وخاصة المحاصيل الاستراتيجية كالقطن والقمح وأيضا تدنى اسعار هذه المحاصيل لافتا الى أن زراعة القطن مثلا وهو محصول مجهد تستغرق أكثر من 6 أشهر,ونجد أن الفلاح يزرع الأرض بتكاليف عالية وفى المقابل تحدد الحكومة أسعارًا غير مناسبة, فكان سعر القنطار الفى جنيه وهذا سعر متدن بالنسبة للتكلفة مما يؤدى إلى ترك الفلاح زراعة ذلك المحصول والاتجاه إلى زراعة محصول آخر، أو استمراره فى زراعة نفس المحصول وبالتالى تتراكم عليه الديون ,ولذلك نجد إن عزوف الفلاحين عن زراعة المحاصيل الأساسية، تحول إلى ظاهرة واضحة، تكمن خلفها سياسة موجهة، مبينًا أن أحد أسباب خسارة صغار المزارعين، هو ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، مع بيع المحصول بأثمان رخيصة جدا، لعدم وجود جمعيات وتكتلات تحميهم .
وأوضح، أن إهمال زراعة المحاصيل الاستراتيجية خلال الفترة الأخيرة، يرجع إلى السياسات الزراعية بصفة عامة، فلا يوجد سياسة واضحة للزراعة بالنسبة للأسعار ودعم الفلاح، بالإضافة إلى غياب الإرشاد الزراعي، من خلال عدم وجود خدمات مقدمة من وزارة الزراعة للفلاح، فالدولة توقفت عن تعيين المرشدين الزراعيين منذ عام 1986 ,وبالتالى فالفلاح لا يجد الناصح الذى يرشده, فى مقاومة الآفات الزراعية او فى ظل التغيرات المناخية التى يعانى منها المزراعون حاليا وأيضا عدم ربط البحوث الزراعية بالواقع العملي، لزيادة الإنتاجية والحد من المشاكل، التى تواجه المزارعين .
الارشاد الزراعى
وأضاف- استاذ الاقتصاد الزراعى – أنه لابد من عودة الإرشاد الزراعي، لأنه حجر الزاوية فى إصلاح المنظومة الزراعية، وغيابه يؤدى إلى تدهور الزراعة، مشيرا إلى تراجع الإنتاج المحلى لمحصول القمح، على سبيل المثال، بسبب غياب الاستراتيجية الخاصة بزراعة القمح، مما يهدد مستقبل الأمن الغذائي، وذلك بسبب أن الحكومة تخلت عن الدورة الزراعية الاجبارية
وأوضح أن تفتيت الرقعة الزراعية، ساهم فى تفاقم المشكلات الزراعية، وأن تجميع المساحات الصغيرة فى مساحة كبيرة من شأنه زيادة الإنتاجية، وتقليل نسبة مياه الري، خاصة مع مواجهة مصر، لمشكلات تتعلق بمياه النيل، بالإضافة إلى ضرورة استنباط أنواع جديدة تتحمل الملوحة أو العطش، مشددًا على ضرورة إيجاد حل لمشكلة التعدى على الأراضى الزراعية.
وأكد أن المشكلة الحقيقية التى يعيشها صغار المزارعين ان المزارع لا يجد المحاصيل الصيفية التى يقوم بزراعتها خاصة بعد عزوف الكثيرين عن زراعة القطن نظرا لتدنى سعره, والارز عليه حاليا قيود ومن يزرع خارج التصريح يتعرض للمحاكمة,اما الذرة فالكثيرون يقومون بزراعتها كعلف,وهناك من يزرع البطيخ الكاوتش من أجل اللب,هذا بخلاف ترك المزارع الى محتكرى الاسمدة نتيجة لعدم وجود جمعيات تعاونية فاعلة تحمى صغار المزراعين, كما ان الدولة تدعم الفلاح بشيكارة او اثنين بسعر 150 جنيها للشيكارة,ويضطر لشراء باقى الاسمدة بسعر السوق الشيكارة تصل الى 300 او 400 جنيه.
روشتة علاج
ومن اجل اصلاح أوضاع الفلاحين طالب”جمال صيام” بضرورة إعادة نظام الزراعة “التعاقدية”التى تنظم العلاقة بين المزارع والتاجر بمعني الإتفاق بين الدولة أو من يمثلها كطرف أول والمزارع كطرف ثان بحيث توفر له الدولة أجود أنواع التقاوي والميكنة الزراعية، علي أن يقوم هو بالزراعة والرعاية ثم تقوم الدولة بشراء المحصول منه بسعر مجز بعد الحصاد, وشدد على أهمية توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة تكون فى متناول الفلاح، إذ ان أسعار الأسمدة تتجاوز حصيلة بيع المحاصيل
وأكد صيام، على أنه لا مفر من استخدام سياسات جديدة فى الزراعة عن طريق الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والبحوث الزراعية بشكل كبير لتحقيق أقصى استفادة من هذه الكميات المحدودة من المياه والرقعة الزراعية الصغيرة، كما يجب إنتاج أصناف تقاوى عالية الإنتاجية توفر المياه، وأشار إلى أنه لابد من حل مشاكل تسويق المحاصيل، لأن 30% تقريبا من الإنتاج الزراعى فى الخضراوات والفاكهة تفقده الدولة،و10% فى الحبوب بسبب التسويق السيئ للمحاصيل، ولذلك لابد من تحسين سلسلة التسويق، سواء التخزين والتبريد والنقل أو إنشاء الأسواق الجملة فى المحافظات، وطالب «صيام»، بضرورة عودة دور التعاونيات من جديد فى مسألة التعامل مع الفلاحين وخاصة الصغار منهم لتنظيم العمل بشكل أكبر.
وفيما يخص مبادرة حياة كريمة ودورها فى حل مشكلات المزارعين أكد “صيام” أن المبادرة تهتم بالبنية الاساسية للقرى ,ولا أعتقد انها تهتم بمشكلات القطاع الزراعى وصغار المزراعين ,لافتا الى أن الكارت الذكى الذى أعلن عنه المسئولون لم يتم تفعيله حتى الآن, والتخوف أنه يكون مجرد بديل عن الحيازة الورقية ولا يتم استغلاله بشكل جيد من اجل حل مشكلات الفلاحين وألا يقتصر على استلام الكيماوى فحسب,لافتا الى أهمية اعطاء ارشادات للمزارعين من خلال ارقام تليفوناتهم, وتوزيع التقاوى المنتقاه لضمان جودة الانتاج,وعمل التعداد الخاص بالمزارعين .
حياة يائسة
“محلاها عيشة الفلاح مطمن قلبه مرتاح” كان هذا وصف لحياة الفلاح عقب صدور قانون الاصلاح الزراعى فتحولت حياته من العبودية وسيطرة الاقطاع وحياة السخرة وعمال التراحيل إلى حياة كريمة تحت رعاية الدولة تحفظ له جميع حقوقه من رعاية اجتماعية وصحية كما قدمت المساندة والدعم لكل مستلزمات الإنتاج الزراعى عن طريق الجمعيات التعاونية الزراعية وجمعيات الإصلاح الزراعى …هذا ما أكده “عماد عبيد” امين الفلاحين بحزب التجمع موضحا أن نظرة الدولة للفلاح كانت نظرة احترام وتقدير على أنه منتج وكان الارشاد الزراعى خطوة بخطوة مع الفلاحين لارشادهم في مقاومة الأمراض والآفات من اجل النهوض بالانتاج الزراعى, وتطبيق السياسات التعاقدية بين الدولة والفلاح للرفع من الإنتاجية الزراعية خاصة في المحاصيل الاستيراتيجة ..الا أن المتغيرات التى مر بها الفلاح من قوانين وقرارات بعد الانفتاح وتبنى الدولة شعار تحرير الزراعة وإلغاء السياسات التعاقدية وغياب دور الدولة وترك الفلاح للسوق الحرة ..هذا كله جعلنا لا نتذكر سوى هموم الفلاحة وننسى هذا اليوم العظيم .
هناك مشكلات أخرى ظهرت مع بداية العام الحالى منها قانون الرى الجديد الذى تسبب فى حالة من الاستياء والقلق لدي جميع المزارعين، خاصة ان أغلب مواد القانون سعت لجمع أموال من الفلاحين تحت مسميات مختلفة.
كما قامت وزارة الاوقاف مؤخرا برفع إيجارات الأراضي الزراعية التابعة لها إلى 400 جنيه للقيراط الواحد بدلا من 300 جنيه، فى حين أن معظم الفلاحين الذين يستأجرون أراضى وزارة الأوقاف الزراعية ورثوا الإيجار عن أجدادهم وليس لهم مورد رزق غير هذه الأراضي،
ومن ضمن المشكلات ايضا عدم توريد كامل حصص الأسمدة المدعمة للفلاحين خلال الموسم الشتوي الماضي والتي تبلغ نحو 1.6 مليون طن سماد في معظم المحافظات، حيث تم صرف نحو 1.4 مليون طن تقريبا مما زاد الأعباء على الكثير من الفلاحين وضيع حقوقهم حيث تباع شيكارة اليوريا المدعمة للفلاح 164.5 جنيه وتباع بالسوق الحر بـ230 جنيها، وتباع شيكارة النترات المدعمه بـ159.5 فيما تباع بالسوق الحر بنحو 220 جنيها، وكانت معظم مديريات الزراعة تتذرع بعدم استخراح الفلاحين للكارت الذكي.

الفلاحة المصرية ..رحلة شقاء بلا أدنى حقوق

النساء فى الريف ضحايا الفقر وغياب الدولة

فى ظل الاحتفال بعيد الفلاح ومطالب الفلاحين والمدافعين عن حقوقهم يتناسى الجميع أن هناك آلاف النساء يعشن فى القرى بلا مياه شرب نظيفة, بلا صرف صحى, بلا أبسط الحقوق لحياة كريمة, تعمل هؤلاء النساء أعمالا لا تعترف بها الدولة ولا المجتمع ولا القانون, تعمل فى الحقل مع زوجها أو أرض الغير عملا يصل الى اكثر من 16 ساعة يوميا بلا راحة وبلا أجر عادل وبلا ظروف عمل ملائمة, هؤلاء هن النساء المصريات فى الريف أو كما نطلق عليهن “الفلاحات المصريات” أو “المرأة الريفية” وفقا لاتفاقية السيداو..

تعيش عاملات الزراعة اللائى استقر اسمهن فى الواقع بـ”عاملات التراحيل” أوضاعا متدنية ومتردية, وتزداد سوءا فى ظل غياب الدولة عن القيام بدورها تجاه مواطنيها, وفى ظل غياب الحماية القانونية, وفى ظل موروث اجتماعى وثقافى يتعامل مع المرأة عموما بصفتها كائنا أدنى من الرجل ويتضاعف القهر مع المرأة الريفية الفقيرة. فهى تعيش تحت قهر الفقر الذى يلقى بها الى سوق العمل بلا أدنى حقوق, سوق عمل لا يقدم لها سوى لقمة العيش لها ولأسرتها لا تسد الرمق ومعها المرض والاذلال فى رحلة تتعرض فيها للإهانة والتحرش وربما الاغتصاب, يتحكم فيها “مقاول الانفار”.

وبلغة الأرقام ..وفقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء وصل عدد العاملات الريفيات إلى 3,2 مليون امرأة, والرقم ليس دقيقا قد يرتفع عن ذلك خاصة بعد تزايد معدلات الفقر, ولصعوبة رصدها بدقة لأنها عمالة غير منتظمة, كما تسقط البيانات الرسمية من حسابها العاملات من سن”6-15 سنة”

وفى دراسة أجراها د”حسنين كشك” خبير بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية  بعنوان “نساء منسيات وحقوق مهدرة ” أكد أن عدد العاملات فى الزراعة بدون أجر ولدى الغير بأجر يصل الى ستة ملايين.

وأوضح د”كشك” أن المرأة الريفية تتعرض للاهمال من جانب التقديرات الاحصائية، حيث يتم وضع قسم كبير من عمل المرأة عموما والريفية على نحو خاص خارج بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء فى جداول ما يسمى بالحالة العملية ويتم وضعها تحت مسمى “متفرغات للمنزل”.

والفلاحة المصرية تشكل أكثر من 10%من المواطنين، وتمثل 30% من الطاقة العاملة بشكل عام و84% من جحم العمالة الزراعية, وتقوم بانتاج 40% من الحاصلات الزراعية, بالاضافة الى دورها فى الانتاج الحيوانى ويمثل نحو 40%.

وتجمع الدراسات على  أن 70% لا يحصلن على أجرهن و30% فقط يحصلن على 10% فقط من الأجر, وهذ الأجر ينفق فى الإعالة للأسرة فتعول 59% من العاملات الزراعيات أولادهن و25% يعلن آباءهن وأمهاتهن و14% يعلن أخواتهن.

رحلة الموت والعذاب

وتحصل العاملة الزراعية على أجر يتراوح بين 75و100 جنيه فى اليوم، وتصل ساعات العمل الى 12 ساعة فى اليوم, ويحصل مقاول الأنفار على نسبة من الأجر, يجمع مقاول الأنفار العاملات للعمل فى المزارع أما فى محيط القرية أو خارجها, وأحيانا تتعرض العاملة الزراعية (خاصة تلك التى تعمل فى المزارع الاستثمارية الى التحرش اللفظى والجنسى وأحيانا لاغتصاب والتهديد بالطرد فى حالة عدم الاستجابة, وتتعرض المرأة الريفية أحيانا للموت سحقا على الاسفلت أو غرقا في صندوق الموت، كما أطلقت عليه دراسة مركز الأرض المسمى بعربية الترحيلات التى تحملهن للمزارع، وهي عبارة عن نصف نقل، وليس بها أدنى شرط من شروط الأمان، ويشحن فيها مقاول الأنفار خمسين امرأة ويقودها بسرعة جنونية، وتتكرر الحوادث بشكل دورى، خاصة فى مواسم زرع المحصول وحصاده، وهناك حوادث عديدة فى العديد من المحافظات التى تلفظ بناتها ليعدن لها جثثا أو مصابات مبتورات الأرجل أو الأذرع او عاجزات عن الحركة ..

ولا الراحلة او المصابة لها أدنى حقوق تأمينية أو صحية لا من صاحب العمل ولا من الدولة  لأنهن غير خاضعات لمظلة التأمين الصحى ولا الاجتماعى.

كما تستبعد قوانين العمل  الفلاحة المصرية من الحماية القانونية بموجب قانون العمل الحالى الذى نص على استبعاد العاملين بالزراعة البحتة والعاملين بالمنازل من أحكام القانون, واوضح د”حسين كشك”ان عاملات الزراعة محرومات من الاحكام المنظمة لحماية النساء العاملات ورعاية الطفولة والامومة مثل حظر تشغليهن فى الاعمال الضارة وحق الام فى اجازة وضع وتخصيص وقت للرضاعة واجازة رعاية الطفولة.

 واقع المرأة الريفية يؤكد عدم التزام الحكومة بتعهداتها والتزاماتها الدولية تجاه المرأة الريفية، وتحديدا فيما يتعلق بالالتزام بنص المادة 14 من اتفاقية إلغاء جميع اشكال التمييز تجاه النساء “السيداو” والتى صدقت عليها الحكومة المصرية عام 1981.

وتنص المادة 14 من اتفاقية السيداو على أن “تضع الدول الأطراف في اعتبارها المشاكل الخاصة التى تواجهها المراة الريفية، والأدوار المهمة التى تؤديها في تأمين أسباب البقاء اقتصاديا لاسرتها، بما في ذلك عملها في قطاعات الاقتصاد غير النقدية”، كما نصت المادة على تدابير محددة لضمان تمكين المرأة الريفية من المشاركة في التنمية الريفية، وبناء قدراتها عبر مجموعة من التدريبات.

من جانبها أكدت د”هدى زكريا” أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق أن اغلب المنظمات النسائية لا تهتم الا بالصفوة النسائية وبعيدة تماما عن قضايا المرأة الفقيرة مشيرة الى ان هؤلاء الفلاحات الفقيرات يتعرضن لهمٍ مضاعف، الهمُ الأول: تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى يعيشها الفلاح المصرى عموما سواء رجلا أو امراة , اما الهم الثانى: المعاناة التى تعيشها الفلاحة المصرية كونها امرأة حيث تتعرض للاستغلال والقهر واقصاء الدولة لهن، فنجد أن الاحصاء العام وحتى المسوح العادية لسوق العمل الرسمية لا تحتسب الا العاملات مقابل اجر وعندما نسقط هذه الفئة يسقط الاعتراف بدورها في الاقتصاد الزراعى، وكذلك يسقط حقها على المجتمع .

وأوضحت “زكريا” أن هؤلاء السيدات لا يحتجن إلى سن تشريعات فحسب لأنهن غير قادرات على المطالبة بحقوقهن، ولكن يجب على منظمات المجتمع المدنى الذهاب لهن ومساندتهن وتذليل العقبات أمامهن لأنهن ملح الأرض ويحتجن الى دعم حقيقى وليس مجرد تشريعات يتم وضعها فى الأدراج دون تفعيل على أرض الواقع.

معاش مع إيقاف التنفيذ

عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات يحرم المزارعين من حقوقهم التأمينية

فى عيدهم الـ69 تتعالى أصوات صغار الفلاحين وعمال الزراعة مطالبة بضرورة تطبيق قانون التأمين الصحي للفلاح، وتحديد معاش مناسب لهم بدلا من معاش “كرامة” الذى لا تزيد قيمته على 470 جنيها شهريا, وإصدار قانون يخفض سن المعاش للفلاحين والمزارعين من 65 سنة إلى 60 سنة, خاصة انهم يعيشون مأساة حقيقية بعد ان بلغوا سن المعاش ووجدوا انفسهم فى صراع مع اعباء الحياة والمرض والشيخوخة, ورغم أن وزارتي الزراعة والتضامن، فى فترة حكومة المهندس إبراهيم محلب، قد أعدتا مشروع قانون بشأن معاش الفلاحين والعاملين بالزراعة، نص على استحقاق الفلاح معاشا تبلغ قيمته500 جنيه، بعد بلوغه مرحلة عدم القدرة على العمل أو إصابة الفلاح بالعجز أو فى حالة الوفاة أو بلوغه سن ال60 بدلا من 65 سنة,إلا إن هذا القانون مازال حبيس الادراج منذ عام 2014 حتى الآن…

ففى عام 2014، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على عزم الدولة على تحسين أحوال الفلاح والنهوض بأوضاعه المعيشية, وطالب الرئيس خلال لقائه بممثلى الفلاحين سرعة إصدار مشروع قانون معاش الفلاحين وكان المفترض أن يستفيد من مشروع القانون الجديد نحو 20 مليون أسرة ريفية ,وتم بالفعل الانتهاء من تعديلات المسودة النهائية للمشروع للمستفيدين والاحتياجات المالية اللازمة، ومصادر تدبيرها، وشروط استحقاق المعاش.

وتضمنت مسودة مشروع القانون 15 مادة تتناول المادتان الأولى والثانية ديباجة حول الغرض من القانون، وهو تأمين الشيخوخة والعجز ومعنى العجز والمقصود بسن الشيخوخة أى 60 عاما.

وتضمنت المادة الثالثة أنه يخضع لأحكام هذا القانون الفئات التالية : عمال الزراعة المؤقتون, فضلا عن أصحاب الحيازات الزراعية الذين تقل حيازاتهم عن ثلاثة أفدنة.

كما تتناول المادة الرابعة شروط الانتفاع بأحكام القانون وهى : ألا تقل سن المؤمن عليه عن 18 عاما، ولا تتجاوز سن الشيخوخة وألا يكون خاضعا لأى من قوانين التأمين الاجتماعى, والمادة الخامسة تتحدث عن الموارد التى يحتاجها القانون, والتى تتكون من : الاشتراكات والمبالغ التى يؤديها كل من المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال ..,وذكرت أنه من بين تلك الموارد أى مبالغ تسهم بها الخزانة العامة والإعانات والهبات والوصايا التى يقرر مجلس إدارة الهيئة قبولها، فضلا عن ريع استثمار أموال الحساب.

وتناولت المادة الثامنة تحديد الاشتراك المطلوب لتمويل التأمين بواقع 25 ٪ من أجر الاشتراك التأمينى عن كل مؤمن عليه، ويتم تمويل هذا الاشتراك من المصادر التالية :5٪ يلتزم بها المؤمن عليه، و10 ٪ من الخزانة العامة للدولة، و3٪ من صندوق الخدمات بوزارة الزراعة، و 7٪ من الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى والجمعيات التعاونية الزراعية.. ويستحق المعاش عند بلوغ المؤمن عليه سن الشيخوخة متى كانت مدة اشتراكه فى التأمين 120 شهرا على الأقل، وثبوت عجز المؤمن عليه أو وفاته، فضلا عن أنه إذا بلغ سن الشيخوخة، ولم يستكمل مدة الاشتراك المشار إليها استمر خضوعه لهذا القانون، حتى يستكمل مدة الاشتراك المنصوص عليها فى البند رقم 1 أو يثبت عجزه أو وفاته, ويبلغ الحد الأدنى للمعاش بواقع 65٪ ويربط المعاش بحد أقصى مقداره 80٪ .

ووقتها اعترض عدد كبير من ممثلى الفلاحين والمهتمين بقضيتهم على تحديد مبلغ 500 جنيه كمعاش لهم.. ,وأكدوا ان قيمة المعاش لا تتناسب مع سنوات التعب والمعاناة التى يعيشها الفلاح المصرى وخاصة صغار المزارعين .

وطالب البعض الحكومة بعدم اشتراط بطاقة الحيازة لاستحقاق المعاش حيث ان حيازة الاراضى الزراعية اصبحت الان فى ايدى كبار الملاك بعد ان تم طرد اغلب الفلاحين واصبحوا مزارعين فى اراضيهم .

ومن جانبه أكد”عبد الله ابو الفتوح “رئيس الاتحاد العام لاصحاب المعاشات , ان صغار الفلاحين ينضمون الى فئة العمالة غير المنتظمة ,وهؤلاء الآن تحت مظلة قانون التامينات والمعاشات الجديد رقم 148 لسنة 2019، والذي بدأ تطبيقه منذ يناير 2020،ورغم مرور عامين على صدور القانون الا أن اللائحة التنفيذية له التى تشرح وتفسر اجراءات وآليات التطبيق لم تصدر حتى الآن, وهو الامر الذى جعل موظفى هيئة التأمينات أنفسهم فى حالة ارتباك وتخبط وغير قادرين على تطبيق مواد القانون ,فلم يتم تطبيق سوى المادة الخاصة برفع اجر الاشتراك التأمينى ,أما فئة العاملين المؤقتين فى الزراعة والعاملين فى الصيد وعمال التراحيل وموزعى الصحف ومنادى السيارات وماسحى الاحذية..هذه الفئات تم تجميد قانون معاش العمالة غير المنتظمة القديم الذى كان يحقق الحماية التأمينية لهم وحل محله قانون التامينات الجديد,وهو الاخر متجمد لحين صدور اللائحة التنفيذية له لافتا الى ان القانون الجديد يتضمن العديد من المواد التى تتعارض مع الدستور.

وفى مارس من 2018 كلف الرئيس”عبد الفتاح السيسى”الحكومة بدراسة التأمين على هذه الفئات والتى يطلق عليهم العمالة غير المنتظمة.. واجتمع “السيسى” وقتها برئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ورئيس هيئة الرقابة الإدارية لمناقشة ملامح مشروع التأمين المقترح على الفقراء والمهمشين غير المؤمن عليهم لتوفير غطاء تأمينى يحمى حقوقهم التأمينية ويسهم فى تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية،وتم الاتفاق على إصدار البنوك الحكومية وشركة مصر لتأمينات الحياة شهادة استثمار باسم “أمان المصريين” تستهدف فئات المجتمع غير المشمولة بأى نظام تغطية تأمينية من سن 18 سنة حتى 59 سنة

الا أن قيادات أصحاب المعاشات أكدوا أن شهادات امان ليست تأمينات ولا تمثل حماية للعمال خاصة وانها تستحق للورثة بعد وفاة صاحب الشهادة ولا تهتم بالعامل وهو على قيد الحياة خاصة ان أهم مشكلات هذه الشريحة من العمال تتمثل فى أنهم يعانون بعد تقدم السن بهم لعدم وجود معاش يحميهم أو تأمين صحي أو أي نوع من الضمان الاجتماعي.

أزمة السماد تتجدد والنقص يهدد المحاصيل الصيفية

كتبت ألفت مدكور:
تجددت أزمة الأسمدة الزراعية بمحافظات الوجه البحري وطالت بعض المحافظات الاخري في الوجه القبلي، بسبب نقص الكمية المطروحة في الجمعيات الزراعية وتهدد الأزمة معظم المحاصيل الصيفية ووصل سعر شيكارة السماد خارج الجمعيات الزراعية إلي 350 جنيها.
وأكد عبد الفتاح شرار عضو اتحاد الفلاحين ورئيس صندوق الجمعية الزراعية المركزية بمحافظة الغربية وجود أزمة كبيرة في الأسمدة بالجمعيات لافتا أن الجمعيات الزراعية لم تتسلم شكارة سماد واحدة منذ شهر في الوجهين القبلي والبحري علي السواء .
وقال شرارة إن الأزمة تهدد محصولي الذرة والأرز اللذين يحتاجان لسماد النترات واليوريا وارجع شرارة أزمة الأسمدة إلي تعطل مصنع طلخا عن الإنتاج بسبب عملية التطوير التي يخضع لها الان.
لكن عباس الشناوي رئيس قطاع الخدمات التابع لوزارة الزراعة ارجع نقص الأسمدة بالجمعيات الي بعض العوامل التي أثرت على حصص وزارة الزراعة من الشركات المنتجة منها حدوث توقف تام لإنتاج الأسمدة خلال العالم الماضي في مصنع طلخا إضافة إلى حدوث عطل جسيم في شركة أخرى فضلا عن بعض المشكلات المتخصصة في المصانع الخاصة بإنتاج الأسمدة مما أثر على حصة وزارة الزراعة التي يتم توزيعها على الجمعيات الزراعية.
لافتا إلي انه تم رصد نقص الأسمدة في بعض المحافظات وانه تم وضع جدول زمني لحل هذه المشكلة.

التعليقات متوقفه