الوجه الاخر..قصة قصيرة ..بقلم ابراهيم راشد الدوسري

يسر جريدة الأهالي أن تقدم لقرائها صفحة إبداعات تواكب الحركة الأدبية المعاصرة في مصر و العالم العربي و الترجمات العالمية ..وترحب بأعمال المبدعين و المفكرين لإثراء المشهد الأدبي و الانفتاح على تجاربهم الابداعية..يشرف على الصفحة الكاتبة و الشاعرة/ أمل جمال . تستقبل الجريدة الأعمال الابداعية على الايميل التالي: Ahalylitrature@Gmail.Com

175

قصة قصيرة

الوجه الاخر

بقلم ابراهيم راشد الدوسري

(1)

نظر في المرآة، صعق.

كان الذي رآه وجه حمار، اكفهر وجه الحمار، ارتفعت أذناه، جحظت عيناه، كشر عن أسنانه، صار فمه واسعاً ومظلماً كالمغارة، أخذ يضحك بشدة، ثم صمت فجأة، واشتعل الغضب في عينيه، فتح فمه مرة أخرى، اخترق المرأة وانقض على رقبته وقبل أن تلامس أنيابه جلد رقبته صرخ مذعوراً، فاستيقظ من نومه فزعاً، وراح يتحسس وجهه وهو يرتجف من الخوف.

ابتلع حبة منوم واستلقى على السرير ولكن وجه الحمار عاد إلى الظهور من جديد يطل عليه من سقف الغرفة ، وهو يضحك ساخراً ، وظلت الضحكات يتردد صداها في تجاويف عقله، حتى دخل في كهف ظلام المخدر.

(2)

– أريدك أن تجلده حتى يعترف.

– حاضر سيدي.

– ضع السم في طعامه فلقد انتهت صلاحيته فوجوده خطر، مفهوم.

– احضروا زوجته واغتصبوها أمامه، أريد إذلاله.

– حاضر سيدي.

– ضعوا المخدرات في سيارته لتكون دليلاً على إدانته.

– حاضرسيدي

( 3 )

بعد منتصف الليل دخل بيته، يترنح مجهداً من التعب والإرهاق والسهر ، صُعق حينما رأى الحمار نفسه مستلقياً على الكنبة في الصالة يشاهد التلفزيون، تسمر في مكانه، نظر الحمار إليه، وابتسم، ثم انفجر ضاحكاً وهو يبحلق فيه، فكر أن يهرب من أمام الحمار الذي كان يتلوى من شدة الضحك، استدار نحو الباب، حاول فتحه ولكنه لم ينفتح ، انطلق يركض في الممر المؤدى إلى غرفة نومه، انطلق الحمار خلفه وهو مستمر في الضحك ، حاول أن يفتح باب غرفة النوم ولكنه لم ينفتح هو أيضاً، صار الحمار خلف ظهره، توقف الحمار عن الضحك، نظر إليه، فتح فمه حتى برزت أنيابه، انقض عليه، وقبل أن يصل إلى ظهره صرخ مذعوراً فاستيقظ من نومه، تلفت حوله، تحسس ظهره ورقبته اللذين غمرهما العرق، تناول ثلاث حبات من المنوم، واستلقى على السرير حتى غاب في الظلام.

(4)

أريد أن يكون مكان السهرة رائعاً ومبهراً، مفهوم.

– حاضر سيدي.

لا تنس أن تحضر كل مستلزمات السهرة من طعام وخمور وحشيش .

– حاضر سيدي.

– أريد أن تنتقي أجمل المومسات للسهرة وبأي ثمن، مفهوم.

– حاضر سيدي.

– اتصل بالمطرب وأبلغه أن لا يتأخر هو وفرقته أريد أن نفتتح السهرة بمقطوعة موسيقية راقصة، ستكون هذه مفاجئة لعملائنا الكبار.

– حاضر سيدي.

(5)

في الطريق كان يقود السيارة، فجأة برز حافران، بجانب كتفه الأيمن، نظر إلى الخلف من مرآة السيارة الأمامية، رأى الحمار نفسه يجلس في استرخاء في المقعد الخلفي، يطالع جريدة بين يديه، شعر بالفزع، ارتبك، فقد سيطرته على القيادة ، ارتفعت أصوات أبواق السيارات في الشارع ، كاد أن يصطدم بالرصيف والسيارات التي أمامه وبجانبه، نحى الحمار الجريدة عن وجهه وأخذ يضحك بشدة، فامتزجت ضحكاته بأصوات أبواق السيارات وشتائم السواقين والمارة. مد الحمار وجهه خلف رقبته، وهو يواصل الضحك، اصطكت أسنانه من شدة الذعر والخوف، بال في سرواله، اقترب وجه الحمار من خلف رأسه، شعر بحرارة أنفاسه تلهب رقبته، دلفت رائحة فم الحمار النتنة مخترقة فتحتي أنفه وراحت تتسلل إلى رئتيه، شعر بالاختناق، صرخ والخوف يعصر قلبه، فاستيقظ من نومه فزعاً، جلس على السرير وأنفاسه تتصاعد، تحسس رقبته، تناول خمس حبات من المنوم، واستلقى على السرير يترقب أن يطفئ المخدر نيران عقله المتأججة بجمرات الخوف والذعر والقلق والتوتر حتى غاب عن الوعي.

(6)

أذهب إليه وهدده بالقتل إذا لم يوافق على توقيع الصفقة.

– حاضر سيدي.

– أريدك أمامي أن تغتصب تلك المغرورة حتى لا ترفض لي طلباً مرة أخرى وألا ترفع صوتها في وجهي ثانية.

– حاضر سيدي.

(7)

دخل الحمام لكي يستحم، وجد الحمار مستلقياً في الحوض والمياه تغمر جسده حتى رقبته، تخشب في مكانه، أخذ يرتعد من الخوف واستدار نحو الباب يريد الهرب حاول أن يفتحه ولكنه لم ينفتح، انفجر الحمار في الضحك، وراح يطرطش الماء بحوافره من حوله، أعاد محاولاته أن يفتح الباب فلم ينفتح، خرج الحمار من الحوض، انقض عليه، ودفعه باتجاه الحوض حتى سقط فيه، راح الحمار يضغط على رأسه، غاص رأسه في الماء، شعر بالاختناق، جحظت عيناه وهو تحت الماء، مد بصره إلى أعلى وهو يصارع الموت، رأى وجهه هو يتداخل مع ملامح وجه الحمار، صرخ، فاستيقظ من نومه يرتجف من شدة الخوف. رأى الغرفة تمتلئ بالحمير ملامحها تشبه ملامحه، وجميعها تضحك وهي تتجه نحوه فاغرة أفواهها ، كانت وجوه الحمير تطل من جدران وسقف وارضية الغرفة ، ومن تحت السرير ، تناول علبة أقراص المنوم فابتلع كل ما فيها دفعة واحدة.

 

التعليقات متوقفه