الزراعة التعاقدية تخدم المزارعين ونجاحها مشروط بتحديث السياسات الزراعية

الربط بين المزارع والمصنع ضرورة لتوفر المواد الخام وضمان التسويق

455

شريف فياض: تساهم فى تأمين وحماية المزارعين من مخاطر التقلبات السعرية

سعد نصار: تقدم بعض الدعم من الجهات المتعاقدة للفلاح مثل الإرشاد والتقاوي

محمد القرش: مصر مطالبة بوضع خطة لإنتاج تقاوى تكفى المحاصيل الاستراتيجية

كانت تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية دافعا قويا ومحفزا جديدا للدولة لإعادة النظر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجة والاهتمام بالزراعة واتخاذ خطوات جادة نحو تطويرها.

وتعد الزراعات التعاقد أحد أهم آليات تنمية وتطوير الزراعة وتعزيز قدراتها حيث تضمن للمزارع عملية تسويق مضمونة لمنتجاتهم وسعر توافقي قبل عملية الزراعة، كما تضمن له بعض الامتيازات أثناء عملية الزراعة مثل تقديم بعض المساعدات المالية مثل الحصول علي قروض من جهات التعاقد، وضمان وسائل النقل والإرشاد الزراعي والتقاوي.

وتستند التعاقدات الزراعية إلى عقد بين المنتج والمشتري يلتزم بموجبه المنتج بالتوريد طبقاً للكميات والأصناف والجودة والسعر وغيرها من الشروط التي يتضمنها العقد.

وعلي الرغم من صدور قانون الزراعات التعاقدية رقم 14 لعام 2015 والذي ينص علي مركز يسمى مركز الزراعات التعاقدية يُنشأ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، يختص المركز في المادة الثانية من هذا القانون بتسجيل عقود الزراعة التعاقدية متى طلب أي من الطرفين ذلك، التوعية والإرشاد والترويج للزراعات التعاقدية.

كما ينص القانون علي وضع نماذج استرشادية للعقود المشار إليها، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات وإتاحتها لمن يطلبها من المنتجين أو غيرهم من المتعاملين في السوق، ويختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تفسير أو تنفيذ عقود الزراعة التعاقدية أو بسببها عن طريق التحكيم متى تضمنت تلك العقود شرط اللجوء إلى التحكيم لدى المركز، ويكون القرار الصادر في التحكيم ملزماً للطرفين، وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وتطبق هذه القواعد والإجراءات على أي تحكيم يلجأ فيه المحتكمون إلى المركز اختيارياً.

لكن هذه النصوص رغم وجاهتها لكنها لا تطبق علي أرض الواقع لعدم وجود ضامن لها يلزم أحد الطرفين بالتنفيذ حال عدم التزامه بالعقد، حيث لا تتجاوز حجم مساحات الزراعات التعاقدية في مصر ما بين 1,2 إلى 1,3 مليون فدان تمثل تقريبا من 5% إلى 6% من جملة المساحات المحصولية وفقا للدكتور محمد يوسف أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق.

اختصاصات

يهدف المركز إلى زيادة مستويات دخول المزارعين، وزيادة كفاءة استثمار المـوارد الزراعية المتاحة وزيادة معدلات التصدير، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجـات الزراعيـة في الأسواق المحلية والدولية وسرعة الفصل في النزاعات الناشئة عـن عقـود الزراعـة التعاقدية أو بسببها، عن طريق مكتب التحكيم بالمركز، وذلك بمراعاة أحكام القوانين المصرية المنظمة للتحكيم وتسوية المنازعات.

الدكتور سعد نصار خبير القتصاد الزراعي ومستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي قال إن الدولة بدأت حاليا في إضافة بعض المحاصيل الاستراتيجية ضمن المحاصيل التعاقدية مثل فول الصويا وعباد الشمس والتوسع فيها بالتعاون مع وزارة الزراعة والتموين والذرة الصفراء لأهميتهم في صناعة الأعلاف واخيرا تمت إضافة القمح إليها.

ولفت إلى أن إلغاء الدورة الزراعية منذ التسعينيات أدت إلى قلة المساحة المزروعة من المحاصيل الزيتية والبقولية بشكل عام، وكذلك أثر كل ذلك على الإنتاجية الفدانية وقد زادت كمية الاستيراد من الزيوت من الخارج قائلا أن تفعيل دور الزراعات التعاقدية سينشط المراكز البحثية وجهاز الإرشاد الزراعى، بين المزارع والجهات المعنية فى الدولة التى تتعاقد مع المزارعين لشراء هذين المحصولين.

ودعا لتحديث السياسات الزراعية العقيمة والعمل على وضع سياسات زراعية حديثة لها القدرة على زيادة الإنتاج الزراعي وكذلك العمل على زيادة المساحة المحصولية والتوسع الافقى والرأسى فى الزراعة المصرية، وكذلك العمل على إزالة العوائق أمام الفلاح المصرى وتوفير الأسمدة المناسبة فى الجمعيات الزراعية بأسعار مناسبة.

وذكر أن المحاصيل الصيفية ممكن التوسع فيها حال تعاقدت وزارة التموين الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتجارة الداخلية مع المزارعين لتحفيزهم بالإضافة التي المحاصيل التعاقدية القديمة مثل القصب وبنجر السكر وقطن الاكثار مع وزارة الزراعة التي يأخذ منها التقاوي للعام القادم، ولفت إلي أهمية التنسيق بين الشركات والمزارعين لشراء المحاصيل الاستراتيجية لضمان استمرارها مثل محصول القطن التجاري الذي يواجه العديد من المشاكل في عملة التسويق مع الشركة القابضة للغزل والنسيج كما تتعاقد شركات السكر مع مزارعي البنجر والقصب.

كما دعا الدكتور نصار وزارة التموين والهيئة العامة للسلع التموينة إلى التعاقد مع المزارعين علي شراء القمح والفول البلدي، وهي محاصيل شتوية ودعا الاتحاد العام لمنتجي الدواجن للتعاقد علي شراء الذرة الصفراء، ويمكن أيضا لشركات الصناعات الغذائية أن تعمل بعض التعاقدات علي محصول الطماطم من منتجي الطماطم والألبان التوسع في التعاقد مفيد للمزارع والمنتج.

وعن مميزات الزراعة التعاقدية قال نصار هو نوع من التحفيز علي زراعة المحصول لان المزارع يكون ضامن السعر قبل الزراعة، كما أن الزراعة التعاقدية تقدم بعض الدعم من الجهات المتعاقدة للفلاح مثل تقديم الإرشاد والتقاوي.

أزمة التسويق

وأكد الدكتور شريف فياض أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة أن الزراعة المصرية تواجه أزمة في عملية تسويق المنتجات الزراعية التي لا يستهلكها المواطن بشكل مباشر، واعتبرها أحد المعوقات الرئيسية التي تهدد الزراعة، وتؤدي الي عزوف الفلاحين عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي تمثل الأمن الغذائي مثل القمح ، الأرز والذرة بأنواعها، والمحاصيل التي تتميز فيها مصر عن الخارج كالقطن.

وقال فياض إن الزراعة التعاقدية تساهم فى تأمين وحماية المزارعين من مخاطر التقلبات السعرية لأنها هي حجر الأساس لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي ولضمان تسويق المحصول للمزارعين بأعلى هامش ربح مؤكدا ضرورة أن تكون السياسة السعرية للمحاصيل وفقا لمدخلات الزراعة وتكلفة الإنتاج لحماية صغار المزارعين وتشجيعهم، لان كثيرا من المحاصيل التي تتعرض لهذه المشاكل مثل محصول القطن علي مدار الخمس أعوام الماضية أدت لانخفاض المساحة المزروعة من 380 ألف فدان إلي 100 ألف فدان تقريبا.

وأكد أن عملية الربط بين المزارع والمصانع ضرورية للطرفين حيث توفر وتضمن المواد الخام للمصانع ويستفيد المزارع بالتسويق وبعض أنواع الدعم، كما تحمي الزراعة التعاقدية أصحاب الحيازات الصغيرة والذين لا يجدون جهة تفاوض نيابة عنهم مع التجار ولفت إلي ضرورة إحداث تجميع زراعي وهو ما يتطلب دورا فاعلا ونشطا لاتحاد منتجي المحاصيل.

وتفعيل دور الجمعيات التعاونية، لتكون حلقة ربط بين المزارع والمصنع، بداية من تحديد السعر أولا  للمصانع التى تتعاقد على المحصول الذى سوف يتم زراعته حتى يتم تشجيع المزارعين.

والتي يجب أن تسعى لتوفير مستلزمات الإنتاج للمزارعين، مشيرا الى ان التعاونيات لم تقم بدورها  حتى الآن فى إيجاد جهة لتسويق المحاصيل حيث إن التعاونيات لديها القاعدة العريضة من المزارعين من خلال الجمعيات الزراعية، ولديها المشروعات التنموية والقانون الذى يتيح لها إنشاء المصانع.

المصنع يستفيد من النظام التعاقدي في أنه يأخذ مواده من المزارع مباشرة بدون وسيط فيحصل علية بسعر اقل ويضمن إنتاج الكمية التي يحتاجها سنويا بحصة ثابتة وكبيرة وبأسعار ملائمة.

أزمة القصب

ويري اللواء مختار فكار رئيس رابطة مزارعي قصب السكر بقنا أن التعاقدات تضمن تنوع المحاصيل لكن لابد أن يكون السعر مناسبا للمزارع وتحديد هامش ربح جيد خاصة في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي من الأسمدة خاصة في محصولي القمح والقصب، حيث يحتاج فدان القصب من السكر من 7 الى 10 شكاير من الأسمدة، مشيرا إلي أن المزارعين لم يحصلوا علي حصصهم من الجمعيات الزراعية حتي الآن رغم بدء موسم التوريد   منذ شهر 12 الماضي حتي شهر مايو القادم.

مضيفا إلى أعباء نقل المحصول مكلفة يتحملها المزارع علي نفقته رغم ان عقود التوريد تلزم الشركة بتوفير وسائل نقل فقد تم وقف خطوط النقل بالقطارات التابعة للشركة في مركز أبوتشت والواحات ويتكبد المزارعون مصاريف النقل وحدهم مما يزيد من تكلفة الإنتاج مع إلزامهم بسعر توريد لا يوازي مصاريف الإنتاج.

وطالب فكار وزارة الزراعة بالتكاتف مع مراكز البحوث الزراعية بتفعيل دور الزراعة التعاقدية لهذيا المحصول، وذلك لأهميتهم النسبية بتغيير سلالة القصب المزروعة حالية (س9 ) والتي يتم زراعتها منذ 60 عاما حسب قوله مما أدي إلي ضعفها قائلا: إن 90% من المحصول يتعرض للتسوس ولا تجدي معها المبيدات وطالب باستحداث سلالة جديدة لضمان إنتاج واستمرا زراعة القصب السكر والحفاظ علي المساحة لأنه محصول استراتيجي في الدولة.

وذكر فكار أن هذه المشكل تؤدي إلي خفض أوزان القصب وفقدان نسبة كبيرة من حلاوته وقال فكار أن مزارعي القصب يعيشون في عزلة تامة عن منتجي القصب ولا تستجب وزارة الزراعة لمطالبهم في تغيير السلالة وزيادة الإنتاج.

من جانبه قال الدكتور محمد القرش مساعد وزير الزراعة والمتحدث باسم الوزارة أن الوزارة تتوسع حاليا في سياسة الزراعات التعاقدية خاصة بعد صدور قانون الزراعات التعاقدية، وقد وأدخلت أنواعا جديدة للتوسع فيها مثل زهرة العباد وفول الصويا.

مشيرا إلي أن وزارة الزراعة دورها تنسيقي بين المنتجين والفلاح حيث تقوم بالربط بين مزارعي البنجر والقصب وغيرها، وتتعاقد بنفسها عن بعض المحاصيل مثل القطن الاقسار مع جمعية منتجي القطن والمزارعين هناك مجموعة من المحاصيل نقوم بعمل زراعة تعاقدية لها ومحصول القمح يعتمد على هذا الأمر.

وأكد القرش ان هناك توجيها من الدولة بوضع  حزمة حوافز إضافية، وتزويد نقط التجميع، لتحفيز الجمعيات للدخول معنا، وتم اتخاذ إجراءات هدفها زيادة إنتاجية الفدان وتطوير إنتاجية الأقماح خلال الفترة القادمة .

مضيفا أن مصر مطالبة بوضع خطة لإنتاج تقاوى تكفى المحاصيل الاستراتيجية تبدأ بضع خطة لإنتاج التقاوى تبدأ بالمربى وتنمو عن طريق التوزيع على الشركات والإدارة المركزية، وأيضا تقاوى الأساس التى توزع على المزارعين، وتحتاج إلى 3 سنوات.

التعليقات متوقفه