في الدورة الـ15 لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة

194

دعوة للحرية والثورة ضد القيود

تقرير: سهام العقاد

انتهت فعاليات مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الخامسة عشرة، وقد حمل شعار “الطريق إلي الآخر”، من أجل الارتقاء بالحوار، والثقافات المختلفة، وتشجيع صناع الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة والتحريك، علي مواصلة الإبداع في هذا المجال، ترأس المهرجان المخرج مجدي أحمد علي رئيس المركز القومي للسينما، وأداره الناقد السينمائي د.أمير العمري.

شاركت نحو أربعين دولة في فعاليات المهرجان، بعدد من الأفلام بلغت أكثر من مائة فيلم منها 56 فيلماً في المسابقة الرسمية التي ضمت أربع مسابقات وهي: مسابقة الأفلام الروائية القصيرة 20 فيلما، مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة15 فيلما، مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة 8 أفلام، مسابقة الرسوم المتحركة 13فيلما، و47 فيلماً خارج المسابقة.

أهدي المهرجان دورته الـ15 لاسم مهندس الديكور الفنان الراحل صلاح مرعي وهو أحد أعمدة المهرجان، وتم تكريمه في حفل الافتتاح، كما تضمن الافتتاح عرض ثلاثة أفلام تسجيلية من إخراج المخرج الكبير الراحل شادي عبد السلام، عرضت للمرة الأولي بعد أن استكمل العمل في المونتاج لها، والتي تحمل عنوان ” الطريق إلي الله “، بالإضافة لافتتاح معرض للفنان الراحل صلاح مرعي تناول أعماله وتاريخه خلال مسيرته الإبداعية الحافلة، وشاركت في المسابقات الأربع تسعة أفلام مصرية.

بدأ الحفل باستعراض راقص فرعوني، وأخر يروي الحروب التي خاضتها مصر حتي ثورة 25 يناير، شارك في تقديم الحفل الفنان خالد أبو النجا.

ضمت لجنة التحكيم الدولية كلا من : هانز كريستيان رئيس اللجنة ومدير مؤسسة أفريكا افنير للثقافة السمعية ـ البصرية بناميبيا، الكاتبة مارسيا كامارجوس مديرة مهرجان سينما الشرق الأوسط في ساوباولو بالبرازيل ، ونيجاتي سوناميز مخرج الأفلام التسجيلية ومدير مهرجان اسطنبول للسينما المستقلة بتركيا، والمخرج السينمائي محمود المساد من الأردن، والمخرج السينمائي إبراهيم البطوط من مصر.

رسالة فنية

حول فكرة إقامة هذا المهرجان واستمراره لخمس عشرة دورة متوالية قال د.صابر عرب إن كل دورة تقدم الجديد من الأعمال التي تعرض، والمهرجان له رسالة تؤكد أن مصر الدولة الرشيدة التي تحترم الفن والإبداع، قادرة علي أن تستعيد روحها من خلال وسائل كثيرة منها الموسيقي والندوات والشعر والثقافة والفن ، ولقد تم التوفيق بين الظروف العصيبة التي يمر بها هذا الوطن من القلق والخوف والاضطراب والفن، فالشعوب التي لا تحب الفن أو الأدب هي شعوب أشبه بالموتي ، مؤكدا أنه من الصعب علي هذا الوطن أن يحجم الفن والأدب والثقافة، ولا يمكن أن تكون هناك نهضة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو تعليمية في غيبة الفن والثقافة، وأشار إلي أننا لسنا دولة غنية في مواردها الطبيعية فحسب، وإنما غنية بهؤلاء الشباب الذين صنعوا هذه الثورة المجيدة والتي ستصنع ثقافة وسينما وأدبا، و بمجرد أن يستعيد المصريون روحهم ستحدث نقلة في جميع المجالات، فالسينما التسجيلية وثائق فنية في العالم المتقدم لأنها تحمل رسالة فنية واجتماعية ورؤية معبرة عن الواقع، واستطرد صابر قائلا: إنه ليس هناك ضامن قانوني تشريعي لحرية الإبداع واللقاء الفكري إلا الناس المصريون الذي يعيشون ويبدعون.

حوار المبدعين

أطلق المهرجان قسما جديدا لأول مرة بعنوان “نظرة إلي الماضي – نوستالجيا مصرية”، ويهدف هذا القسم إلي إعادة اكتشاف الأفلام القديمة التي قدمها كبار المخرجين في بداية مشوارهم السينمائي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي أمثال محمد خان، علي بدرخان، داود عبد السيد، وعاطف الطيب، بهدف تواصل الاجيال الشابة معهم، وقد عرض ضمن قسم “نظرة إلي الماضي”، الفيلم الروائي القصير “البطيخة” للمخرج محمد خان إنتاج عام 1969، إضافة إلي خمسة أفلام تسجيلية للمخرج داود عبد السيد، وفيلم “المقايضة” لعاطف الطيب، وفيلم “حياة جديدة” للمخرج أشرف فهمي وإنتاج رأفت الميهي، إضافة إلي فيلم “طبول” لسعيد مرزوق، وفيلم “معطف” لحسين كمال “، وفيلم “النيل أرزاق” لهاشم النحاس.

ظل رجل

كما احتفي المهرجان بالأعمال التي تناولت الثورة من خلال ثلاثة أقسام مختلفة ، أولها قسم يحمل عنوان “الثورة كما يراها الآخر”، ويعرض فيه 6 أفلام لمخرجين عبروا عن رؤيتهم للثورة المصرية، وهم من بريطانيا وفرنسا والنرويج وألمانيا والدنمارك واليونان، وضم قسما خاصا بالمرأة في الثورة، وعددا من الأفلام التي صنعتها نساء أو تتحدث عن نساء شاركن في أحداث الثورة، ويعرض ضمن هذا القسم 4 أفلام ، وهي فيلم “ظل راجل” للمخرجة حنان عبد الله، وفيلم “المستشفي الميداني” للمخرجة ساندرين صامويل وفيلم “الشارع لنا” للمخرجة نيفين شلبي وفيلم “موقعة الجمل” للمخرجة هبة الحسيني، ضم القسم الثالث الأفلام التي صنعها المصريون عن الثورة وفق رؤيتهم والتي تدخل في إطار مسابقات المهرجان.

العذراء والأقباط

فاز فيلم” الطريق لوسط البلد” للمخرج شريف البنداري بجائزة قناة الجزيرة الوثائقية، حيث تميز -حسب لجنة التحكيم- بالمجهود البصري، وأسلوب الطرح والمعالجة، حيث جسد حياة شريحة كبيرة من مواطني وسط البلد في مصر وتفاصيل حياتهم اليومية وما تحمله من تناقضات. كما حصل شريف البنداري علي جائزة لجنة التحكيم وقيمتها ثلاثة آلاف دولار.

أما جائزة لجنة التحكيم لجمعية السينمائيين التسجيليين فقد فاز بها الفيلم التسجيلي الطويل ” العذراء والأقباط وأنا ” للمخرج نمير عبد المسيح الحائز علي جائزة صلاح التهامي، حيث تميز بأسلوبه في رصد كثير من المشكلات في المجتمع المصري بشجاعة فائقة، حيث جسد قصة ظهور العذراء في مصر والتي يحتفي بها كل الأقباط سنويا، ويروي الفيلم التفاصيل المثيرة التي تدور حول تلك القصة. كما حصل أيضا فيلم ” العذراء والأقباط وأنا ” علي جائزة أحسن فيلم من جمعية نقاد السينما.

وحصل فيلم ” نصف ثورة ” للمخرج كريم الحكيم علي شهادة تقدير وهو يحكي تجربة ذاتية للمخرج عمر الشرقاوي وصديقه كريم الحكيم ومشاركتهما في مظاهرات ثورة يناير.

وحصل الفيلم اللبناني ”يامو”للمخرج رامي نهاوي علي جائزة حسام علي حيث تمكن صانعه من الخوض في صراعات عاشها في طفولته، ارتبطت بأحداث كبري انعكست علي صراعات الشرق أوسطي.

منحت لجنة تحكيم مركز وسائل الاتصال والملاءمة من أجل التنمية، جائزتها لفيلم”ظل رجل” للمخرجة حنان عبد الله، لأنه أهم الأفلام التي تناولت موضوع المرأة في المهرجان. كما نال ”ظل رجل” جائزة أفضل فيلم لعمل وثائقي يرصد بجرأة نادرة حال النساء.

في ختام المهرجان اعترف رئيسه المخرج مجدي أحمد علي بأن الشكوك قد داهمته حول اكتمال هذه الدورة من المهرجان أو انعقادها والإقبال علي فعالياتها في ظل الأجواء السياسية المشتعلة، معربا عن انبهاره لتعاون جميع الجهات لإنجاح المهرجان. مشيرا إلي أن الثقافة والاستمتاع بالفن الحقيقي، يعتبر عملا جادا لا يؤجل، خاصة أن الفن والثقافة هما التجسيد الحقيقي للحياة نفسها، ودونهما نحن كائنات تتحرك بلا قلب أو ضمير، أما كارهو الفن هم بالضرورة كارهون للحياة، وأضاف مجدي بأن وجودنا هو تجسيد لثورة شعب عظيم هب في 25 يناير، ولم تكن ثورته مجرد انفجار تحت ظروف مادية قاهرة، لكنها كانت إعلانا عظيما ونبيلا بالرغبة في العيش بكرامة وإنسانية وحرية غير منقوصة، المؤكد أن الفن والتطرف لا يلتقيان أبدا.

التعليقات متوقفه