إذا گان ما فيش حگومة.. أحنا الحگومة

48

تحقيق: أمل خليفة

تقول دكتورة هدي زكريا أستاذ علم الاجتماع لا توجد قرية في الشرقية يظهر فيها بلطجي الا ويصبر عليه شباب القرية يوم أو اثنين ثم يهبوا لقتله ووصل عدد هذه الحالات من بعد الثورة حتي الآن الي 13 حالة لأن القانون يسقط هيبته يوما بعد اليوم والدولة التي يجب عليها أن تطبق القانون علي المواطنين غائبة فماذا يفعل الناس هل يستسلمون للسرقة والنهب والبلطجة والقتل والاغتصاب بسبب الانفلات الامني أم يأخذون حقهم بنفسهم.

تضيف د. هدي ويرجع السبب في عدم تسليم المجرمين للشرطة لعدم وجود ثقة والشك في وجود تواطؤ بين رجال الشرطة والبلطجية وهذا أمر طبيعي حيث يجدون البلطجي بعدما يتم القبض عليه بيوم أو أثنين يعيث في الارض فسادا . وهذا الأمر لن يستمر طويلا حيث انه يحدث فقط في فترات الانفلات الأمني . كما ان المجتمع لا يفترض له أن يقوم علي الانفلات ” ألم نقم من قبل بحماية بيوتنا وأموالنا من خلال اللجان الشعبية عندما تخلت الدولة عن مهامها وتركت المواطنين يحمون أنفسهم ؟ ولكن يجب ألا يستمر هذا علي المدي البعيد فالهدف من القانون هو تحقيق ” العدالة والنظام والحرية ” الآن لم يتبق من الدولة شيء من هذا . فالدولة كانت مفككة في عهد مبارك ولكنها أصبحت متضعضعة حاليا.. وتستطرد قائلة الدولة تكون موجودة عندما تطول أطراف البلاد ولذلك عندما يحدث انفلات تغيب يد الدولة عن الأطراف المتمثلة في القري والنجوع . ولذلك علي المسئولين في الدولة ان لم يكونوا علي قدر المسئولية أن يتنحوا فورا وعلي كل متراخ أن يترك مكانه فورا لأن هذه دولة كبيرة تعداد سكانها يساوي تعداد جميع سكان الدول العربية.

فالمواطن لم يتغير ويصبح شريرا فجأة من فراغ فهو نفسه الذي كان يمتثل لرجل الامن في الماضي ولكن الذي تغير هو انفلات الامن وغياب الدولة فحاليا البلطجي يملك احدث الاسلحة ورجل الشرطة لدية طبنجة أكل عليها الدهر وشرب . لذلك الحل هو استعادة الامن لدوره والاسراع بوضع خطط طويلة المدي وقوية لعودة هيبة القانون.

يؤكد دكتور أحمد يحيي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس أن ما يحدث شيء طبيعي ولا يمكن أن نطلق عليه ظاهرة، ولكنها حالات فردية تعبر عن غياب الدولة وغياب الحكومة وعدم وجود رادع رسمي يتمثل في الشرطة مما أدي الي حالة من الانفلات الأمني والسلوكي والأخلاقي كل هذا أتاح فرصة كبيرة للبلطجة السياسية والاجتماعية داخل المجتمع دون أن نحصل علي مواقف ايجابية رادعة من قبل السلطة الحاكمة وتمثلها الشرطة.

واستطرد وفي ظل هذا الجو المفعم بالسلبية والصراع وعدم التوافق المجتمعي، وفي ظل غياب الضبط الرسمي فنلجأ دائما الي ما يعرف بالضبط المرتبط بالأعراف الاجتماعية من هنا يصبح الانسان قادرا علي أن يمارس سلطة الدولة نتيجة غياب الدولة، وهكذا حدث في الغربية وفي الشرقية وفي بعض الأماكن الأخري مما يشير الي خطورة هذا التصرف وهذا الاجراء اذا استمر وانتشر في باقي محافظات الجمهورية.

وأضاف د. يحيي المطلوب أن تكون هنالك دولة تملك القدرة علي الردع وتملك القدرة علي فرض القانون وتملك النفوذ السياسي والاجتماعي والامني لتحقيق الأمن واخضاع الجميع لسلطة القانون وليس لسلطة فردية . ويرتبط هذا الأمر بغياب القيم السياسية لدي هؤلاء الأفراد لأن الانسان عندما يفقد احترامه لسلطة الدولة وعندما تغيب الدولة عن ممارسة هذا الحق يصبح المجتمع في حالة تنازع فردي وتضيع المسئولية الاجتماعية وتنتشر المسئولية الفردية وأخطر ما في هذا التصرف هو انعكاسه علي حالة الولاء والانتماء لهذا الوطن، ويصبح الانسان يعيش لذاته ولمصالحه وليس لوطنه أو مستقبله .

ويقول دكتور سمير عبد الفتاح استاذ علم النفس السياسي بجامعة المنيا ان ما يحدث من انفلات امني ادي الي هدم البناء النفسي للمجتمع لأن التنظيم النفسي للمجتمع قائم علي تنظيم في اساسه وبالتالي عندما يتعارض البناء النفسي مع المجتمع هنا يحدث هدم للبناء النفسي والتفكير في القبض علي المجرمين من قبل المواطنين العاديين والقصاص منهم بعيدا عن مؤسسات الدولة القضائية والتنفيذية يكونون بذلك قد اعطوا انفسهم شرعية ليست من حقهم فالمجتمع لم يفوضهم بفعل ذلك فهذا حق لرجال الشرطة ومن ثم رجال القضاء الذين يصدرون الاحكام ولكن عندما يقومون هم بالقبض ومن ثم المحاكمة والقتل بذلك يكونون قاموا بعمل القاضي والجلاد معا وهذا هدم للبناء الاجتماعي والنفسي الذي يقوم عليه المجتمع وبالتالي لا شرعية لهذا التصرف لانه لم يأخذ الحق الشرعي من المجتمع فالمجتمع هناك دستور وقوانين تحكمه.

ويضيف عبد الفتاح هناك دوافع بيولوجية يشترك فيها كل البشر ودوافع نفسية واجتماعية مثل الدافع الي ارتكاب الجرائم والتلذذ بالقتل وجلد الضحية وهؤلاء المواطنون أنه من حقهم القيام بهذا الفعل وبالتالي لديهم هوس داخلي بالقتل ولديهم سلوك مناهض للمجتمع فهؤلاء «سيكوباتيين» لديهم دوافع داخلية لا شعورية تريد تحقيق ذاته ولو بالقتل والقبض علي أي شخص والخوف من ان يقوموهم هؤلاء بالقبض علي كل من يتعارضون معهم في الفكر والمصلحة . فهم حاليا يقبضون علي مجرمين فعليين ولكن قد يتمادون وتغريهم كثرتهم في التنكيل بأعدائهم ومعارضيهم فيما بعد وسيعاملونهم معاملة المجرمين وهذه خطورة ما يحدث علي المدي البعيد فهم يقبضون حاليا علي مجرمين امام الناس من اجل ان يسلم الجميع ان العمل الذي يقومون به هو عمل صحيح وشرعي ولكنه تحقيق للذة داخلية لا شعورية عند هؤلاء الافراد.

وفي نفس السياق يقول دكتور رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع ونائب رئيس جامعة حلوان السابق هذا اسلوب غير كريم ولكن السبب فيه. تقاعس الدولة في الاجراءات الجنائية وبطء اجراءات التقاضي و حجب العدالة جعلت الاهالي يقولون نحن لا نريد حكم دولة، نحن نريد التخلص من هؤلاء المجرمين حتي يصيروا عبرة لغيرهم . سلوك غير كريم ولكنه في نفس الوقت قد يردع المجرمين من ارتكاب جرائم عنف مثل جرائم الثأر في الصعيد يأخذون الثأر بأيديهم لا ينتظرون القصاص القانوني حيث يري الاهالي أن طول مدة المحاكمات وعدم الوصول الي حكم عادل ووجود الضحية حيا يرزق امام من اعتدي عليه جعل نسبة الاجرام والتشفي تزيد ما بين المواطنين وقد يكون في هذا السلوك ردعا للمجرمين والبلطجية حيث يجدون الاهالي تكتلو واصبحوا هم اليد الاولي في عقابهم فيفكرون الف مرة قبل الاعتداء عليهم ولكن رأي الشخصي كمتخصص في الخدمة الاجتماعية اري ان هذا السلوك الذي يقوم به الناس بضرب هؤلاء البلطجية قد يشجع علي تزايد الجريمة ويلجأ الناس الي استخدام هذا الاسلوب مع أي شخص سواء كان مجرما أو غير مجرم وبالتالي تضيع الحقوق وتضيع العدالة بين افراد المجتمع . ولكن عليهم حين القبض علي المجرم ان يسلموه الي أقرب جهة شرطة أو تحقيق ويتركوا الأمر للقضاء يتصرف فيه وفق نوعية الجرم فهناك جرائم يمكن أن تكون عقوبتها الاعدام مثل هتك العرض والقتل مع سبق الاصرار والترصد وهناك جرائم عقوبتها الحبس مثل السرقة وبالتالي لا نزهق ارواحا قد يكون الجرم لا يتساوي معها.

ويقول دكتور هاشم بحري استاذ علم النفس جامعة الأزهر هذه مسألة قديمة من ايام فيلم كتيبة اعدام لنور الشريف عندما اخذوا حقهم بايديهم . فكل ما تكون الحكومة فيها داخلية وهذه الداخلية تتربص ببعض الناس عن ناس أخري فيشعر الناس بعدم الامان.

التعليقات متوقفه