قاسم مسعد عليوة صاحب كتاب المدينة الإستثناء.. الإخوان لا يجيدون قراءة الشخصية البورسعيدية

163

حوار: أمل خليفة

الكاتب البورسعيدي قاسم مسعد عليوة هو عضو اتحاد الكتاب حاصل علي درجة الماجستير في إدارة الأعمال . له العديد من الكتابات المسرحية والقصص القصيرة ومن أبرز أعماله ” المدينة الأستثناء “وهو كتاب في هويات المدن يتحدث عن شخصية مدينة بورسعيد، وقد صدر له مؤخرا كتاب «تأريخ ما يستوجب التاريخ» عن أحداث الثورة في مدينة بورسعيد.

ما الكتابات التي يدخل فيها علم المورفولوجيا ؟

معروف إن علم المورفولوجيا متداخل في سائر العلوم الأخري يصلح للادبيات الإنسانية كما يصلح للطب كما يصلح عندما نتكلم عن شخصيات المدن ونشأتها وتشكلها . فكتاب ” المدينة الاستثناء ” نموذج لهذا العلم فهو يأصل لتاريخ مدينة بورسعيد ويتناول ظروف نشأتها وتشكلها سواء من الزاوية التاريخية أو السياسية أو الثقافية أوالبيئية وتكون شخصيات أهالي وشعوب المدينة وصولا إلي ما وصلت إليه الآن .فهو كتاب يمكن أن يصنف ديموجرافية أو تاريخ أو ثقافات المدن .

كيف تقيم ما تمر به بورسعيد الآن ؟

السلطة السياسية الحالية أي ” الإخوان “هم لا يجيدون عن قراءة الشخصية البورسعيدية. فما يحدث في بور سعيد الآن من قلاقل وإضطربات كان مقصود فنشأة المشكلة كانت فلولية من بقايا الحزب الوطني المنحل لكن استثماره «كان إخواني». فنشأة المشكلة وتوقيتها في 1 فبراير 2011 يوضح اهدافها وهي ضرب ثورة 25 يناير 2011 وتشتيت الانظار بعيدا عن أهداف الثورة وبث الإضطراب في المجتمع البورسعيدي والمصري عموما بالإضافة لتشويه سمعة مدينة بورسعيد رمز البطولة والفداء والنضال.

هل كتبت عن هذه الاحداث ؟

سجلت كل ماحدث منذ قيام ثورة يناير 2011 حتي اليوم التالي لمحاكمة حسني مبارك واتباعه في كتاب ضخم بعنوان تأريخ ما يستوجب التأريخ يوميات ثورة الغضب ببورسعيد ” منذ إندلاع الشرارة الأولي حتي بدايات المحاكمة ” وهي يوميات متصلة وليست منفصلة ولم تقف عند يوم تنحي مبارك يوم 11 فبراير 2011 فأغلب الكتابات التي كتبت أقتصرت علي الثمانية عشر يوم الاولي من الثورة . وبسبب طول المحاكمة لم يشتمل عليها الكتاب .ولكن الكتاب به توثيق لما كان يمور في مصر كلها وليس في بورسعيد فقط والكتاب عبارة عن مستويات متداخلة مع بعض وهي المستوي الشخصي ومستوي المدينة ومستوي جمهورية مصر العربية ومايمور في مدينة بور سعيد والقاهرة والمدن التي زرتها في خلال هذه الفترة فترة الاشتعال والتوهج

من وجهة نظرك ما الذي يميز هذا الكتاب ؟

المقدمة الوافية التي تعرف اليوميات ومكانها ولماذا اليوميات كما تعرف الكتابات الأدبية والكتابات عموما وفيها تحدثت عن أسباب الثورة وأرهاصتها وحصادها وتكلمت عن المصابين والشهداء و عن الإعلاميين المحليين في مدينة بور سعيد والعنت ومظاهر وأشكال العنف الذي تعرضوا له .

هل تري أن الأحدات الجارية ستؤثر في الثقافة بشكل عام والكتابة بشكل خاص ؟

هناك لبس فالثورة حركت اشكالا ابداعية متنوعة في مختلف المجالات سواء كانت أدبية أو فنية . أدبية قصصية روائية شعرية سواء كانت عامية أو فصحي وايضا الفنون التشكيلية بدور كبير في ميادين الثورة أبرزها رسوم الجرافيتي والابتكار التشكيلي بالحجارة التي كانت تلقي علي المتظاهرين يوم 4 فبراير في موقعة الجمل والتي تحولت إلي أشكال و شعارات مجسدة علي الأسفلت في الميدان بأشكال مختلفة وكذلك حينما يوقع المارة بالميدان علي علم مصر بالأقلام الفلوماستر وعندما تمشي السلحفاة ببطء شديد جدا دليل علي الاحتجاج علي بطء التحول بعد الثورة والغناء والعروض المسرحية التي قدمت في قلب الميادين وظهور صور فنية جديدة مثلما حدث في بورسعيد حيث نشأت فرقة اسمها ” في الميدان ” كانت تغني أغاني ثورية بطريقة السمسمية الشعبية. ولكن يعيبها التعجل ورغبة في المبدع أو الكاتب أن يثبت أنه مواكب للثورة وهنا ظهرت إشكالية تسببت في ظهور اللبس الذي حدث . فهل كل ما يكتب الآن أو ما كتب أو ما ابدع بالنسبة للفن التشكيلي منذ 25 يناير حتي الآن يمكن أن نعده كله فن وأدب ثورة ؟ . الإجابة لا .

لماذا ؟

لأن الأدب الثوري ليس هو المواكب للثورة ولكنه يسبقها ويحض عليها ويؤدي إليها فهو يحرك الشعب ليثور وهناك أدباء و فنانون تشكيليون و موسيقي وغناء أدوا هذا الدور بجدارة وهناك كتابات وفنون كانت تحض علي الثورة وهي الي أدت إليها أي إن كان موقف بعض النقاد من هذا الكلام ولدينا كتاب تحريضون معروفون كما أنه ليس وقفا علي مرحلة زمنية معينة من الثورة . كما أن الادب والابداع الثوري لابد أن يواكب الثورة اثناء فاعلياتها ليزكي نيران الثورة ويكون له وجود مع الثوار في الشوارع وفي الميادين ليأكد أن الثورة ستنتصر . كما يجب أن يلي الثورة بمعني أن يتأملها ويستوعبها . وأدب الثورة مثل أدب الحرب فالذي يكتب عن ادب الحرب هو من تحمم بنيران الحرب ومن يكتب عن ادب الثورة هو المتحمم او المتشبع بنيران الثورة . ولكنه ايضا قد يقع في منزلق وهو أن يكون ادب مناسبات فأنا اخشي أن يأتي وقت نقول أين كتابات 25 يناير 2011. فأدب الثورة ليس أدب مناسبات بل أدب إنساني مثل ادب الحرب وعوامل الثورة وان كانت تفور وتمور في فترات وتهدأ في فترات أخري إلا إن بذرة الثورة لا تخمد أبدا في اي مجتمع انساني وبالتالي ادب الثورة دائم ومستمر .

متي سيظهر الأدب الذي سيعبر عن احداث الثورة بنضج ؟

عندما نتمثل التجربة بعد اكتمالها من الممكن ان تظهر النظرة الموضوعية في اعمال وروايات وافلام عظيمة وابداع العظيم ، ولكن لا نريد أن تتكرر مأساة حرب أكتوبر مع أحداث ثورة 25 يناير فتضيع التفاصيل التي تؤرخ في كتب التاريخ من احساس ووجدان واضطراب وهناك من يقول إن تولوستوي كتب روايته الحرب والسلام بعد عدد من العقود ، ولكن هذه مسألة فردية . فالمجتمع الأدبي يمور بالكثير من الكتابات ، ولكن كم من أديب ظاهر ؟ قلائل جدا وهذا أمر طبيعي . ولهذا اخاف إن تصدأ الذاكرة ، وتضيع التفاصيل ، ومع ذلك ألوم علي الكتابات والأعمال الابداعية المتسرعة التي تتسم بالسطحية .

في رأيك ماهو النمط الفني الأقدر علي تخليد الاحداث مثل الحروب والثورات ؟

الجماعة الشعبية هي التي استطاعت تخليد الحروب في مصر ، وهم أيضا الأقدر علي تخليد أحداث الثورة ، فالقريحة الشعبية متجددة باستمرار وكثيرة العطاء . فإذا تفقدنا الكتابات الأدبية عن حرب 56 التي كتبت في الأدب الرسمي، نجد أن الأدب الشعبي المتثمل مثلا في غناء السمسمية قد تفوق عليه . كذلك في ثورة 25 يناير لو شاهدنا الأشكال التعبيرية الشعبية المختلفة ولعل أهمها الشعارات الموقعة المنغمة الرائعة التي تعيش ” فالشعار الثوري نمط من أنماط الإبداع الأدبي ومن هنا نجد أن القريحة الشعبية دائما تسبق الأعمال الأدبية .

هل تتفق معي أن التفاصيل أحيانا تصيب العمل الادبي بالجمود ويصبح اقرب للتأريخ ؟

الاساس في العمل الأدبي هو المعالجة فكثير من الروايات الضخمة تكون مزدحمة بالتفاصيل مثل رواية “الحرب والسلام ورواية “نهر الدون الهاديء العظيم ” ورواية “كل شيء هاديء في الميدان الغربي ” ومع ذلك تتسم رواية إبراهيم أصلان “مالك الحزين ” علي قصرها وصغر حجمها بإنها مزدحمة بالتفاصيل والشخصيات .

فالتفاصيل في الأدب تكون مطلوبة احيانا وغير مطلوبة احايين والأهم هو طريقة معالجة التفاصيل في كليتها أو في جزئيتها و علاقتها بعضها داخل العمل الفني وهنا يظهر الفرق في المعالجة والطريقة الفنية.

التفاصيل في الأدب لا تعامل معاملة التفاصيل في كتب التاريخ أو الاجتماع أو السياسة

كيف تعرف أدب الحرب ؟

أدب الحرب إنساني بالضرورة وليس هو أدب مناسبات .وانا مقتنع أنه لا يكتب عن الحرب إلا من تحمم بنيران الحرب ولكنني اكتشفت بعد سنوات من إنتهاء الحرب أن كثير من الشباب كتبوا عن الحرب بجودة وإبداع .وهذا اعطاني إحساسا آخر غير مفهومي وأن هناك خبرة مشتركة تتناقل ما بين الأفراد بعضهم وبعض في المجتمع الواحد في الزمن الواحد وتتناقل أيضا بين المجتمعات بعضها البعض عبر الأزمان المتتالية مادامت الخبرة نفسها قابلة للنقل والتعايش مع كل الظروف .

من أهم من كتب عن أدب الحرب ولم يشارك فيها أديبة أسمها لمياء علام . وأديب كان شاعرا ثم أصبح ساردا اسمه سمير الفيل من دمياط ومن أسوان الشاب أحمد ربيع الأسواني وغيرهم

ما آخر أعمالك الأدبية ؟

حاليا أكتب مجموعة قصص من قبيل “الايبجرامات ” قصص الومضة لايوجد بها تفاصيل تاريخية ولا ثرثرة ولا حشو ولا أسباب ومسببات فهي عبارة عن إنفعال مرتبط بأفكار ادبية فلايمكن فصل الفكر عن العاطفة والادب الحقيقي هو ما يثير الذهن والوجدان . وتتميز قصص الومضة أنها في بعض الأحيان لا تتجاوز مساحتها الكلية النصف السطر وقد تصل إلي صفحة ونصف علي أقصي تقدير وهنا العبرة ليست بالتفاصيل ولكن بفن المعالجة .

التعليقات متوقفه