أول هتافات الثورة: «عيش.. عيش.. عيش».. وصناعة الخبز مهددة بالانهيار

44

معاناة الحصول علي الرغيف المدعوم مستمرة والإخوان فشلوا في حل الأزمة

تحقيق:نجوي إبراهيم

راحت فين شعارات الثورة؟.. كان «العيش» أول هتاف للشباب الذين خرجوا يحققون التغيير فإذا بمصر تسير من سيئ إلي أسوأ. قضية رغيف الخبز المدعم تمثل أزمة يومية يعيشها المواطن المصري.. ورغم تصريحات الرئيس «مرسي» بالقضاء عليها نهائيا خلال الـ 100 يوم الأولي من ولايته وفضلا عن مرور أكثر من 9 أشهر علي توليه السلطة إلا أن شيئا لم يحدث في طريق حل الأزمة بل علي العكس فأزمة الخبز في تفاقم مستمر الأمر الذي وصل إلي حد تهديد أصحاب المخابز بالإضراب والتوقف نهائيا عن إنتاج الخبز البلدي مما ينذر بكارثة حقيقية.

«الأهالي» في جولة بين المخابز ومع المواطنين لمعرفة أسباب تفاقم أزمة الخبز..أولي المشكلات التي تواجه صناعة الخبز البلدي هي نقص السولار واختفاؤه من محافظات الجمهورية ولأنه عصب الحياة ويستخدم كوقود للمخابز البلدية فتوقع عدد من الخبراء بتأثير أزمة السولار الحالية علي أسعار الخبز المدعم.

ورغم تأكيد المسئولين بوزارة التموين والتجارة الداخلية أن السولار، المخصص للمخابز متواجد بمحطات البنزين وأن الأزمة الحالية لم تؤثر علي المخابز البلدية فضلا عن وجود تنسيق بين وزارة البترول لتوفير احتياجات المخابز إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك حيث أكد عدد من أصحاب المخابز بمنطقة الوايلي والظاهر أن كمية السولار المخصصة لهم لا تأتي بانتظام مما يهدد بتوقفهم عن العمل، كما اضطرت بعض المخابز إلي غلق أبوابها أمام المواطنين في الساعة الواحدة ظهرا بدلا من استمرارها في العمل حتي الرابعة مساء.

وسبق وتقدم عدد من أصحاب المخابز بشكاوي إلي وزارة التموين والتجارة الداخلية بسبب ارتفاع السولار لأكثر من 300 جنيه في الطن ليصل إلي 1300 جنيه بدلا من ألف جنيه سعر الطن الرسمي وتم تحرير عدد من المحاضر لأصحاب ومحطات البنزين إلا أن وزارة التموين لاتزال تنفيذ بتأثر الأزمة علي المخابز مؤكدة أن التشريعات التموينية تلزم أصحاب المخابز بالاحتفاظ برصيد من السولار.

وأكد الحاج صالح «صاحب فرن بالوايلي» أن سعر صفيحة السولار وصل إلي 45 جنيها وأحيانا لا نجده وتعجز مديريات التموين عن توفيره للمخابز ولذلك نلجأ لشرائه من السوق السوداء بأي ثمن وتحمل ارتفاع سعره وللأسف لم نتقاض فروق السولار من وزارة التموين كما كان يحدث في عهد النظام السابق.

وأوضح أنه يضطر لإنهاء العمل مبكرا نظرا لعدم وجود السولار وأكد أصحاب المخابز أن تأثير أزمة نقص السولار انتقل إلي المواطن البسيط الذي عاد مرة أخري للطوابير أمام الأفران والأكشاك.

وتعليقا علي ذلك أكد «عطية حماد» – نائب رئيس الشعبة العامة للمخابز – أن الاحتياطي الخاص بالمخابز من السولار يكفي لمدة 5 أيام والمشكلة هي عدم وصول السولار للمخابز بانتظام فضلا عن ارتفاع الأسعار علي أصحاب المخابز.

إضراب أصحاب المخابز

المشكلة الأخري التي تواجه الخبز هي تهديد أصحاب المخابز في القاهرة وباقي محافظات الجمهورية بالإضراب عن العمل احتجاجا علي بنود العقد الجديد الصادر من وزارة التموين، اعترض أصحاب المخابز علي لائحة التكلفة التي حددت سعر تصنيع جوال الدقيق للرغيف البلدي بحوالي 80 جنيها في الوقت الذي تتعدي فيه التكلفة الأصلية كما أكد أصحاب الشأن 140 جنيها.

وأكدوا أن اللائحة أغفلت أن أصحاب المخابز يحصلون علي السولار بسعر 45 جنيها للصفيحة في ظل الأزمة الحالية وليس كما قدرته الوزارة في اللائحة بـ 15 جنيها.

وأشار الحاج «صالح المنياوي» أن العقد الجديد خراب بيوت بالنسبة لنا فهو يحملنا كامل سعر الدقيق بدون دعم بمبلغ 300 جنيه للجوال بدلا من 16 جنيها في النظام القديم.

واشتكي «عبدالنبي محمد» – صاحب فرن بالزاوية – من ارتفاع أجور الصنايعية مشيرا إلي أن الفرن الواحد به حوالي 12 أو 15 عاملا ويومية العامل تصل إلي 100 جنيه يوميا هذا بخلاف ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء والمياه.

واحتج أصحاب المخابز علي لائحة الجزاءات التي أقرها العقد الجديد والتي تنص علي إذا تم عمل محضرين نقص وزن في العام الواحد لصاحب المخبز سوف يتم خصم حصته.

وأكد «إبراهيم فودة» – صاحب مخبز بالظاهر – أن يخسر يوميا 200 جنيه نظرا لارتفاع تكاليف إنتاج الخبز خاصة السولار والوزارة لا تدفع لنا فروق السولار.

وتم تقديم مذكرة رسمية أعدتها الشعبة العامة للمخابز الأربعاء الماضي تتضمن التوصل إلي تفاهمات وحلول وسط حول النقاط الخلافية بين الوزارة وأصحاب المخابز تم الاقتراح فيها بتعديل 8 بنود في العقود التي عقدتها الوزارة لتنظيم العلاقة بينها وبين أصحاب المخابز أبرزها ما يتعلق بتكلفة إنتاج الخبز المدعم وجودته فضلا عن ضرورة إلغاء الغرامات التي تم توقيعها علي أصحاب المخابز وسداد المستحقات المتأخرة لأصحاب المخابز لدي الحكومة علي دفعات.

وطالب «عطية حماد» بضرورة الاستجابة لمطالب أصحاب المخابز وعدم تجاهل الأزمة وحلها بشكل سريع ومشيرا إلي صعوبة العمل في ظل العقد الجديد الذي أقرته الوزارة منفردة.

هذا وقد قام بالفعل عدد من أصحاب المخابز بالمعادي وحلوان بالدخول في إضراب منذ أسبوعين وهو الأمر الذي دفع جماعة الإخوان المسلمين باستغلال تلك الأزمة في الدعاية الانتخابية لنوابهم السابقين حيث قام حزب الحرية والعدالة في حلوان والمعصرة بتوزيع الخبز علي الأكشاك بعد أن حصلوا عليه من أفران القوات المسلحة بمعاونة وزير التموين.

عذاب المواطنين

أما المواطنون الغلابة فهم يلاقون شتي ألوان العذاب في سبيل الحصول علي العيش المدعم ويكفي أن يذهب الفرد إلي أحد أفران العيش البلدي لمشاهدة طوابير البشر الملتوية بالإضافة إلي السباب والشتائم للعيشة واللي عايشنها.. كل هذا من أجل الحصول علي رغيف العيش ففي حي الوايلي أكدت لنا بعض السيدات أن الحصول علي رغيف العيش أصبح أمرا مستحيلا خاصة وأن الأفران تشطب الساعة الواحدة والنصف.

والباعة يرفضون إعطاءنا أكثر من 20 رغيفا في اليوم وهو لا يكفي احتياج بعض الأسر التي تعتمد علي العيش كمصدر رئيسي للغذاء.. وأضاف المواطنون أن الحكاية لا تقتصر علي الزحمة فحسب ولكن الرغيف حالته سيئة جدا لا تسر عدوا ولا حبيبا ولونه غامق جدا وحجمه صغير.

وفي حي الظاهر الذي يعمل بنظام فصل الإنتاج عن التوزيع حيث يتم بيع الخبز عن طريق الأكشاك التي تتكرر فيها ظاهرة الطوابير التي تمتد لأكثر من عشرة أمتار.

وأكد «محمود الخطير» أحد العاملين في هذه الأكشاك أن سبب الزحام هو أن عملية نقل العيش من المخبز إلي الكشك تستغرق أكثر من نصف ساعة لأن تسلم العيش وتسليمه بكوبون وفقا لعدد العيش ولابد أن نتأكد من الحصة الإنتاجية التي نتسلمها قبل بيعها.

وأكد أن تعليمات الوزارة ألا نبيع للفرد الواحد أكثر من جنيه وأحيانا تأتي السيدة وأبناؤها ثلاثة وكل فرد يأخذ بجنيه عيش 20 رغيفا.

ومن ناحية أخري اعترض المواطنون علي المنظومة الجديدة التي طرحها د. باسم عودة – وزير التموين – لتوزيع الخبز من خلال البطاقات الذكية حيث سيتم تخصيص 3 أرغفة لكل مواطن.

وأكدوا أن أزمة العيش لا يمكن أن يتم حلها بين يوم وليلة كما يعتقد الإخوان المسلمون وحذروا من ثورة الجياع القادمة إذا تم المساس برغيف العيش الذي يمثل الغذاء الرئيسي للشعب المصري.

التعليقات متوقفه