السلطة تطارد الإعلاميين في المحاگم..الإعلام المصري متهم بقلب نظام الحكم والغرب يسخر من الإخوان

42

دراسة توصي باستقلال المؤسسات الإعلامية عن هيمنة الدولة

تحقيق: نسمة تليمة

الكثير من التصريحات المعادية للإعلام والإعلاميين والصحافة والقليل من الهدوء، وآخر هذه التصريحات منذ يومين فقط تصريحات وزير الإعلام الإخواني صلاح عبدالمقصود «أننا نسعي لمحاسبة الإعلاميين بعيدا عن المحاكم» لأنه كما يقول لا يريد للإعلاميين الذهاب إلي النيابات أو المحاكم وبالطبع هذا الحديث قاله سيادة الوزير في برنامج «ملفات مصرية» علي قناة 25 التابعة لجماعة الإخوان.

بتصريحات الوزير نبدأ موضوعنا عن ملاحقة الإعلاميين بعد القضايا المرفوعة علي رموز إعلامية والتحقيقات الكثيرة التي تلاحق صحفيين ومذيعين ومعدين برامج يوميا، ولأن القضية أصبحت أشبه «بعاركة في حارة» خاصة بعد تهديدات هيئة الاستثمار بإغلاق قناة cbc بسبب برنامج «باسم يوسف» وبعد تحقيق النيابة معه وخروجه بكفالة 15 ألف جنيه وبعد رفض الدعوي القضائية التي تم رفعها علي نفس القناة لوقف البرنامج حيث أكدت المحكمة في حيثياتها في الحكم الذي صدر برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة أن مقيم الدعوي لم يقدم ما يفيد بأن له مصلحة شخصية قانونية مباشرة في إقامة الدعوي وليس وكيلا أو نائبا عن أي ممن يدعي أن باسم يوسف يستهزئ بهم، بعد كل هذا مازال الإعلام في رأس السلطة الإعلام من يمتلك الحقيقة والإخوان من يمتلكون السلطة كلاهما لا يتفقا، الكثير من القضايا ضد محمود سعد، إبراهيم عيسي، ريم ماجد، جابر القرموطي، بلاغات تنوعت التهم الخاصة بهم ما بين «إهانة رئيس الجمهورية، ونشر الأكاذيب وازدراء الإسلام وتهديد السلم العام» رغم وعود رئيس الجمهورية الحالي محمد مرسي بأنه «لن يقصف قلم» مازالت النيابة تستدعي الكثيرين من أجل التحقيق معهم حتي الضيوف هذا بالاضافة إلي التهديدات للإعلامية لميس الحديدي..

يبدأ المشوار د. محمد بسيوني – أستاذ الإعلام والقانون – مؤكدا أن بداية الهجوم علي الإعلام بدأ منذ الخبر الذي نشرته جريدة «فيتو» في 24 مارس 2012 والذي كشف تفاصيل زيارة محمد بديع مرشد الإخوان للرئيس المخلوع مبارك في المسشتفي وطمأنته له علي مستقبله بعدها خرج المرشد يسب الصحافة ويصف الصحفيين «بسحرة فرعون» في 27 مارس 2012، إضافة إلي التابعين للجماعة الذين خرجوا هم أيضا لمهاجمة الصحفيين منهم محمد البلتاجي وأحمد بركة، ويضيف «بسيوني» أن هذه الفترة هي الأسوأ في تاريخ الإعلام في مصر منذ اختراع المطبعة لما يتعرض له الإعلاميون من مطاردات.

خاصة وأنها مطاردات مباشرة بخلاف النظام السابق مع الإعلاميين وتزوير وقائع ومعاقبتهم عليها، 37 نائبا لمجلس شعب الإخوان المنحل سبوا الإعلام، في حين أنهم يستخدمون طريقة التعميم فيصفون الإعلام بـ «المزور، الكاذب» ولا يحددون أي صحيفة أو أي واقعة كل هذا أدي استخدام مصادر إسلام سياسي علي الشاشة تستخدم هي الأخري ألفاظ ومفردات من قبيل المكايدة السياسية خلقت ما وصفه «بسيوني» بلغة حوار مجتمعي ردئ، في حين حاول الإخوان بهذه التصريحات إسقاط الهيبة عن المهنة وإطلاق أكاذيب باطلة، كما هاجم 7 وزراء الإعلام في 2012 وهاجم رئيس الجمهورية نفسه الإعلاميين.

كما قاموا بتغيير 14 قيادة من قيادات ماسبيرو وحل محلهم قيادات من قناة 25 كما استطرد بسيوني مؤكدا أن هناك طابورا طويلا من المتهمين بسب رئيس الجمهورية وهناك 100 قضية موجهة للصحفيين بذلك فيما رأي أن الحل هو استلهام ما حدث في 1995 عندما قادت نقابة الصحفيين معركة طويلة ضد قانون 93 عندما لوحت سلطة مبارك بأن الصحافة ليس علي رأسها ريشة ويمكن معاقبتها ولذا طالب النقابة بالوقوف ضد هذه الهجمة كما طالب بإخراج نقابة الإعلاميين للنور.. في حين رأي جمال فهمي وكيل أول نقابة الصحفيين أن ما يحدث هو عدوان وملاحقة وحصار للإعلام المصري علي نحو غير مسبوق في التاريخ الحديث كله، ووصف جماعة الإخوان بالفاشية السرية التي تحكمنا وتعادي الأفكار والحضارة الإنسانية.. وأكد أن الإعلام يفزعهم لأنه يكشف حقيقتهم وأنهم حتي إن استطاعوا إسكاته فهذا لن يجعلهم يفلتوا بجرائمهم وممارساتهم.. في حين علق الخبير الإعلامي سيد الغضبان علي ما يحدث بأنها مطاردة غير صريحة للإعلاميين من قبل السلطة تأخذ شكل الدفع ببعض الأفراد لإثارة قضايا ضد الإعلاميين ورفض «الغضبان» هذا لأن الإعلام في الأساس ناقد لما يحدث في المجتمع وأن الدولة عليها تطوير قنواتها لتجذب المشاهد المصري بدلا من مطاردة الإعلاميين والمذيعين وتوقع «الغضبان» زيادة المطاردات خلال الأيام القادمة لزيادة أخطاء الإخوان.. من ناحية أخري تناولت الصحف الأجنبية ما يحدث للإعلاميين في مصر في شكل سخرية لاذعة لأداء الإخوان خاصة في قضية باسم يوسف.

من ناحية أخري أوصت مؤسسة حرية الفكر والإعلام في دراسة حديثة لها بعنوان «حرية الإعلام في مصر وبلدان أخري» بتعديل البنية التشريعية بما يتوافق مع المعايير الدولية لحرية الإعلام خاصة ما يتعلق منها باستقلال المؤسسات الإعلامية عن هيمنة السلطة التنفيذية وإتاحة المعلومات وتحقيق التنوع في المحتوي الذي يتم تقديمه للجمهور، كما أوصت بإلغاء الهيمنة الحكومية علي الإعلام الخاص من خلال تقليل الصلاحيات الممنوحة للهيئة العامة للاستثمار والمنطقة الحرة الإعلامية، وأوصت أيضا بتعديل نصوص قانون العقوبات التي تشكل قيودا علي حرية الإعلام انطلاقا من مبدأ عدم وجوب أن يذهب الكلام إلي المحكمة ورأت الدراسة ضرورة إلغاء وزارة الإعلام نظرا لما تمثله من قيامها بدور جهاز الشئون المعنوية لخدمة النظام وأهدافه وليس كجهة إدارية تسهل عمل وسائل الإعلام في علاقتها بالمؤسسات والهيئة العامة للدولة، وأوصت بتحويل مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة إلي مؤسسات خدمية عامة خاضعة لنظام إداري ذاتي وتحت رقابة وإشراف أجهزة مستقلة عن هيمنة السلطة التنفيذية واعتبرت الدراسة أن وضع مجموعة من الأسئلة التي تتضمن المعايير المختلفة للتعيينات والترقيات وتقسيم العمل داخل منظومة الإعلام المملوكة للدولة من الأهمية القصوي لنجاح الإعلام في مصر ووضعت مجموعة من الأدلة التي تحدد معايير الرسالة الإعلامية التي تقدمها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة والتي يجب أن تسترشد بها كل القنوات والإذاعات فيما تقدمه من محتوي إعلامي.

اتحاد الإذاعة والتليفزيون

انقسمت الدراسة إلي سنة فصول تحدثت خلالها الدراسة عن الإدارة السلطوية لإعلام الدولة وتنظيم الإعلام الخاص والرقابة الجنائية علي حرية الإعلام في مصر والإطار الدستوري لحرية الإعلام والمعايير الدولية وتجارب أخري في التنظيم والرقابة وتناولت الدراسة معايير الرسالة الإعلامية التي يقدمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون والذي تكشف الدراسة أن القانون حددها في أغراض الاتحاد ولكنها لا تمت بصلة لمعايير الإعلام المهني الحر المتمثلة في إتاحة المعرفة والتنوع في المحتوي كما أضعفت هذه التوجهات قدرة الاتحاد علي المنافسة في مواجهة انتشار القنوات الفضائية الخاصة، فمثلا جاء بالقانون رقم 13 لسنة 1979 أن الاتحاد يجب أن يؤدي الخدمة الإذاعية المسموعة والمرئية بالكفاءة المطلوبة في إطار القيم والتقاليد الأصيلة للشعب المصري وهو لا يمت لمعايير الإعلام بصلة لأن ما يسمي «قيم وتقاليد» لا يتماشي مع ما هو مفترض من إتاحة المعلومات بشفافية وتنوع بعيدا عن أي قيم أو تقاليد.

كما ينص القانون علي ما يفرض توجه محافظ علي المحتوي الذي يجب أن يقدمه اتحاد الإذاعة والتليفزيون.

كما أشارت الدراسة وزارة الإعلام تهيمن علي كل مناحي الإعلام في مصر خاصة المملوكة للدولة كما تناول السياسة الحكومية تجاه اتحاد الإذاعة والتليفزيون والانتقادات الموجهة له ومنها سيطرة قنوات الإرسال المصرية للأجهزة الحكومية وسيطرتها عليها سيطرة كاملة وعدم وجود أي نوع من التنوع في البرامج الإعلامية ومحدودية هامش الحرية وتسييس المحتوي الإعلامي كما أشارت الدراسة إلي تورط الاتحاد في التحريض علي العنف وكان أبرزها أحداث ماسبيرو 2011 أثناء تظاهر عدد من الأقباط أمام مبني الاتحاد وكانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير قد أصدرت بيان وقتها بعنوان «ماسبيرو مجرما بين التحريض السياسي علي العنف والطائفية وتضليل الرأي العام»، كما كان هناك قصور في التغطية الإعلامية لأحداث محمد محمود 2011.

الهيئة

كما رصدت الدراسة مهام الهيئة العامة للاستثمار والتي اعتبرتها الجهة الإدارية الأهم في إدارة وتنظيم الإعلام الخاص في مصر حيث تتولي الهيئة وفقا لنص المادة 55 من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار إصدار الترخيص النهائي للقنوات الفضائية وذلك في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ استصدار جميع التراخيص والموافقات المطلوبة، وتملك الهيئة العامة للاستثمار إيقاف نشاط أي قناة فضائية في حالة مخالفة مشروعها لأحكام القانون أو القرارات أو اللوائح كما تكشف الدراسة عن نص المادة 88 من اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 علي أن «يجوز للهيئة العامة للاستثمار في حالة مخالفة المشروع «القناة الفضائية» لأحكام القانون أو هذه اللائحة أو شروط الترخيص وقف نشاط المشروع لمدة محددة أو إلغاء الترخيص الصادر للمشروع بحسب جسامة المخالفة».. في فصل آخر يقترن بما سبق ترصد الدراسة نماذج الرقابة علي الإعلام الخاص وتصاعد موجة مقاضاة القنوات الفضائية التي تبث علي القمر الصناعي المصري «نايل سات» تحت دعاوي إثارة الفتنة أو مخالفة الآداب العامة أو تهديد السلم العام أو الإخلال بهيبة الدولة واستعرضت الدراسة نماذج من هذه الدعاوي منها تأييد قرارات إيقاف أنشطة قنوات «الناس والخليجية والصحة والجمال» وهي الدعوي التي أقامها يوسف البدري أمام محكمة القضاء الإداري، أيضا الحكم بوقف تنفيذ قرار بث قناة «البدر» الفضائية والدعوي القضائية الخاصة بوقف بث قناة «الفراعين» الفضائية في الوقت المحدد لبرنامج «مصر اليوم».. كما استعرضت الدراسة نماذج أخري للإعلام في السعودية والهند ولبنان والولايات المتحدة.

التعليقات متوقفه