د.جودة عبد الخالق يكتب : اقتصادنا والحلول خارج الصندوق

222

بعثة صندوق النقد ستصل خلال أيام.. بعثة الصندوق وصلت.. البعثة عقدت لقاءات مع المسئولين.. البعثة غادرت دون الوصول لاتفاق، تكررت حكاياتنا مع بعثة الصندوق عدة مرات خلال السنتين الماضيتين، والنتيجة: لا شيء، قرض الصندوق بمبلغ 30.2 مليار دولار، لا، هو بمبلغ 8.4 مليار دولار.. يمكن يكون 4/3 مليار دولار، مبلغ القرض لا هذا ولا ذاك، لأنه لم يتحدد بعد بشكل نهائي.

هذه هي التصريحات التي تواترت خلال سنتين من عمر هذا البلد، وإن دلت علي شيء، فإنما تدل علي حالة من التخبط الشديد وفقدان الإرادة الوطنية.

عنوان «اللقطة» قد يعني البحث عن حلول لمشكلة اقتصادنا بعيدا عن صندوق النقد الدولي، وهذا ما يطالب به البعض، وقد يعني العنوان البحث عن حلول مبتكرة وإبداعية خارج صندوق الأفكار التقليدية، وذلك ما يدعو إليه البعض أيضا، وأنا هنا أقصد المعنيين معا: أي البحث عن حلول مبتكرة وإبداعية بعيدا عن صندوق النقد الدولي، علينا أن نقر أن هناك ثورة انطلقت شرارتها في هذا البلد في 25 يناير 2011.

وهذه الثورة رفعت شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وعلينا أن ندرك أن هذا الشعار لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة الحصاد المر لسياسات الليبرالية الجديدة – نفس السياسات التي يروج لها صندوق النقد الدولي.

من منطلق التفكير «خارج الصندوق» بحثا عن حلول لمشكلات الاقتصاد المصري لابد لنا من البداية الصحيحة، وهذه البداية في مجال السياسة. أي أننا في حالة مصر الراهنة يجب أن نبدأ بالسياسة وصولا للاقتصاد. لدينا انقسام سياسي حاد بين الحكومة وجماعتها وحزبها وباقي القوي السياسية، هذا الانقسام يخلق حالة من التوتر الاجتماعي والسياسي تحول دون أي تحسن في الاقتصاد، بل أكثر من ذلك، حالة الانقسام السياسي وما يرتبط بها من عنف وفوضي لها تكلفة اقتصادية واضحة في شكل تخريب للمنشآت والأموال وقتل للناس وتعطيل للأعمال، وتكرر هذا ما أكدناه مرارا.. علي الرئيس مرسي والمعارضة الاجتماع علي كلمة سواء، مطلوب من الطرفين إعلاء مصلحة الوطن علي المصالح الضيقة للفرقاء السياسيين.

إذا تحقق ذلك، سيقلب المعادلة الاقتصادية رأسا علي عقب، فلا إنتاج ولا إعمار ولا استثمار إلا في ظروف الاستقرار، وهنا يمكن الحديث عن أفكار خارج الصندوق لمداواة جراح مصر الاقتصادية بعد وقف النزيف. فصندوق الأفكار الحالي ينظر دائما إلي الخارج بحثا عن حلول لمشكلاتنا، وهذا خطأ فادح وشر مستطير، فالمثل يقول «ما حك جلدك مثل ظفرك» هو خطأ فادح لأنه يهمل مسألة إعادة ترتيب البيت، ويركز علي طلب المعونة من الجيران، وهو شر مستطير لأن ما يأتي من الخارج هو ترجمة لأولويات الخارج ولخدمة مصالحه، وهذا يعني تسخير الداخل لخدمة مصالح الخارج، وبالتالي علينا البحث داخل مجتمعنا عن حلول لمشكلاتنا والمسألة الأخري في التفكير خارج الصندوق هو التركيز علي البشر بدلا من الحجر.. وللحديث بقية.

التعليقات متوقفه