فـــي ظــــل اللحظـــــة الثــــــــورية هل تستعيد الثقافة المصرية دورها التنويري؟

25

تحقيق: أمل خليفة

عندما نقول إن المثقفين هم طليعة ثورة تصحيح المسار في ” 30 يونيو 2013 ” فهذا ليس إدعاء حيث أستمر اعتصامهم بسبب احتجاجهم علي تعيين وزير ثقافة موال للإخوان أكثرمن 27 يوما وذلك حتي يوم 30 يونيو ففي هذا اليوم قاموا بمسيرة من وزارة الثقافة ليلتحموا مع الشعب متضامنين ومؤيدين لثورة التصحيح وهذا يحيلنا لسؤال مهم وهو بعد نجاح الثورة كيف يري المثقفون مستقبل الثقافة في مصر؟ يري الناقد الأدبي الكبير دكتور عبد المنعم تليمة ان مستقبل الثقافة في مصر لا ينفصل عن مستقبل مصر . ويقول كلي أمال في مستقبل مزدهر جدا للشعب والمجتمع المصري . وأننا سنصع شعبا ووطنا وثقافة ستكون نموذجا جديدا في الحضارة الإنسانية القادمة وفي غضون سنوات قليلة لا تتعدي 2020 سيكون النموذج المصري متألقا في عالم الغد والمستقبل ومن هنا فأنني أقول إن مصر علي خريطة البشرية منذ بدء التاريخ الإنساني علي ظهر هذا الكوكب . فهي مبدعة ثقافة ودورها بين البشر إبداع الثقافة , والفن , والدين والحكمة والعلم حملت رسالتها وبشارتها ثورة 25 يناير 2011 القائمة الدائمة المتواصلة في ثورة 30 يونيو ستكون هاديا لكل البشر .

دور المخزون الإبداعي

وتؤكد الكاتبة مايسة زكي أن مستقبل الثقافة في مصر يتلخص من منظور الأمل في زيادة اطلاق طاقات الإبداع المصرية لأن الثورة أثبتت أنها ثورة ثقافية بجميع المعايير في مرحلتيها الأولي والثانية حيث كانت الوجه السلمي للثقافة في المرحلة الأولي مطعم بالمخزون الإبداعي المصري من الأعمال الفنية مثل الأغنيات والأفلام والمسرحيات وغيرها وكذلك من الأعمال الأدبية من كتابات شعرية وروائية إضافة إلي أنه قبل الثورة مباشرة وخلالها كان دور الإبداع المستقل في الموسيقي والأغاني والسينما المستقلة والمسرح أكثر حضورا ووعيا . ويلاحظ أنه كان هناك نوع من الأغاني جديد تماما من حيث الكلمة والتناول الموسيقي حتي التصوير فإذا تابعنا الأغنيات علي القنوات الفضائية الخاصة فسنجد أنها قدمت نوعا من التصوير والعناصر الفنية المبتكرة والجديدة

وتستطرد مايسة قائلة وفي نفس هذا السياق نجد ايضا أن المسرح المستقل قدم خلال العامين الماضيين أعمالا أكثر وعيا وتضمنت المسرحيات التي قدمها محتوي لقراءات مسبقة وطرح للمخاوف والانحرافات التي قد تحدث لمسار الثورة .فالثورة الثقافية في المرحلة الثانية واضحة في أنها ضد التخلف والظلامية والجهل واستخدام الدين في السياسة وأحد عناصرها الفعالة اعتصام المثقفين . الذي استمر 27 يوما حتي يوم 30 يونيو .وبناء عليه فمستقبل الثقافة في مصر بعد الثورة يكمن في إطلاق الطاقات من أغلال البيروقراطية والانتهازية وانتصار الفن والحقوق الابداعية وانتشارها في كل ربوع مصر . أي العودة لفاعلية جهاز الثقافة الجماهيرية فلابد أن تكون الثقافة هي الملهم , وتعود الثقافة المصرية لتكون رأس الحربة للنظام ويعود للوعي المصري اليقين بأن الثقافة هي جوهر عملية التقدم وفي الحالة المصرية تحديدا قوة مصر في تغلل الثقافة التنويرية في أعماق الوطن

روح التسامح

وتحدث الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة قائلا إن إنتصار ثورة 30 يونيو 2013 سيقودنا بكل تأكيد إلي مرحلة جديدة من الازدهار والنمو الإقتصادي والإنطلاق السياسي . وفيما يتعلق بوزير الثقافة القادم نأمل أن يتم اختيار شخصية ثقافية تمتلك رؤية مستقبلية إيجابية وحديثة وتمتلك ايضا الخبرة والقدرة علي التواصل مع المثقفين المصريين والعرب والتواصل مع الابعاد الثقافية العالمية . لأن هذا الأختيار هو الذي سيحدد مستقبل الثقافة علي المدي القصير وأرجو أن يكون الوزير القادم مستعدا للتجاوب مع مطالب المثقفين في مجالات المسرح والسينما والفنون التشكيلية والأدب والشعر والرواية وكذلك العمل علي توسيع قاعدة النشاط الثقافي من خلال هيئة قصور الثقافة ويعد حركة النشر من خلال إختيار أفضل العناصر لقيادة العمل الثقافي في المؤسسات والهيئات التابعة لوزارة الثقافة وأطالب بقوة رحياء العمل في المجلس الأعلي للثقافة وأعادة تشكيل اللجان المتخصصة من جديد ووضع لوائح مرنة واتمني أن يتسع صدر الحكومة الجديدة من خلال رصد ميزانيات كريمة لتمويل العمل الثقافي . وأطالب من جديد بإشاعة روح التسامح والبعد عن فلسفة الإقصاء والتوقف نهائيا عن فكرة اليمين واليسار لأحتضان كل التيارات الثقافية الجادة وأحتضان كل المبدعين من الفنانين والمثقفين .

الإقصاء الثقافي

ويؤكد دكتور عاصم دسوقي أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان إن مستقبل الثقافة في مصر مرتبط بالتشكيل الوزاري الجديد القادم سواء كان مؤقتا أو دائما من حيث اختيار وزراء الثقافة والإعلام والتعليم العالي , والتربية والتعليم فالشخص الذي سوف يرشح للوزارة سوف يتبين منه المثقفون من خلال تاريخه وخبراته مستقبل الثقافة في مصر .

ولابد من الإستفادة من الدروس السابقة التي تعلمناها من دولة الإخوان وجماعتهم التي يتدرج اعضاؤها فمنهم من هو عضو فاعل وعضو منتسب وعضو عامل وعضو محب للإخوان . فإذا كانت هذه الثورة ضد حكم الإخوان فلا ينبغي أن يسمح الحكم الجديد بدخول الإخوان إلي أي مستوي من مستويات الحكم والإدارة في مصر ولا علاقة بهذا فيما تردده بعض القوي السياسية من حيث ” التحذير ” من الإقصاء السياسي . فالسياسة تقوم علي المصالح والذي يحكم الأمر لمن تحقق هذه المصالح . ويبقي السؤال أي مصالح يمثلها الحكم الجديد هل يمثل مصالح أغلبية الشعب المصري من الطبقة الوسطي من العمال والفلاحين والعاطلين . أم إنهم يمثلون صفوة رأس المال وعائلاته .

لمنع والمصادرة

وفي نفس السياق يقول الفنان التشكيلي الدكتور عادل السيوي ليس لدي تصور واضح في الوقت الراهن لما سيكون عليه مستقبل الثقافة في مصر ولكن اتمني أن تنهض الثقافة المصرية وخاصة في القطاعات والهيئات والمجالس الرسمية التي تشرف عليها الدولة وأن يلعب دورا أكثر إيجابية حيث إنه ممول من المال العام . ولكن كل هذا مؤجل لحين إكتشاف التوازنات الجديدة ونوع القوي التي ستحكم الموقف وتوجهاتها وانحيازتها .

ويستطرد السيوي قائلا لايجوز بعد نجاح الثورة إستمرار المنع والمصادرة وملاحقة المبدعين فهذا سيكون أمرا غير مقبول فمن يقع في مشاكل قانونية القانون يأخذ مجراه ولا يكون المنع من الاصل والتوقف عن التصريحات السابقة علي الإبداع .

التعليقات متوقفه