مصر في مفترق طرق: إهمال «المواجهة الواعية» للمعتصمين أدي لتفاقم الأزمة

17

التقاعس عن فضح الإخوان وكشف الأكاذيب وراء تزايد الفوضي

حظر النشر في الاتهامات الموجهة لمرسي تستر علي جرائمه

كبت: سامي فهمي

التراخي والإهمال وعدم الجدية في التعامل مع الاحتجاجات والاعتصامات التي تطالب بعودة مرسي للحكم أدي بلا شك لتزايد تمسك المعتصمين برابعة العدوية ونهضة مصر بمطالبهم بعودة الشرعية التي أسقطتها الجماهير الحاشدة في 30 يونيو الماضي، بل إن عدم المواجهة الواعية للمؤيدين لمرسي منذ اليوم الأول لعزله أدي لاتساع نطاق الاحتجاجات وتزايد حدة المحتجين وتمدد المظاهرات بالمسيرات الليلية وقطع الطرق والاشتباكات الدامية في أكثر من موقع بالقاهرة والمحافظة، استمرار التظاهرات والاعتصامات لأكثر من 35 يوما لا يصب بالتأكيد في مصلحة الانتصار الذي حققه الشعب ودعمه الجيش في 30 يونيو بالتخلص من الحكم الغاشم والفاشل لجماعة الإخوان المسلمين.

بل إن ترك تنظيم الإخوان يحرك المعتصمين ويخدع البسطاء من أبناء الشعب المصري يخصم من رصيد ثورة 30 يونيو، ويجعل الزهو بالانتصار علي جحافل الغدر يتآكل.

يساعد علي ذلك استعانة الإخوان بالإعلام الغربي الذي اتخذ موقفا مضادا لإرادة المصريين للترويج لعودة مرسي، وتسخير قناة الجزيرة لخدمة أهداف جماعة الإخوان المسلمين، ظهير إعلامي خارجي مع موقف غير واضح للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يتأرجح بين الرفض والتأييد والاستماتة لضمان بقاء التيارات الدينية شوكة في قلب الوطن، كل هذا يجعل ثورة المصريين في 30 يونيو في خطر مما يقتضي البحث عن الوسائل والحلول المناسبة لفض الاعتصامات.

أزمة النخب والقيادات

في اليوم التالي لثورة المصريين في 30 يونيو، جاء رد الفعل من القوات المسلحة بتوجيه إنذار للرئيس المعزول لحل الأزمة والاستجابة لمطالب الشعب، حدد بيان القوات المسلحة مهلة 48 ساعة أمام الرئيس لاتخاذ القرار الصحيح بالإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

تحرك القوات المسلحة كان سريعا عقب 30 يونيو، خلال ثلاثة أيام تم عزل مرسي، منذ 3 يوليو وحتي الآن تركت القوات المسلحة والأحزاب والقوي السياسية والثورية وحتي وسائل الإعلام الساحة خالية أمام تحركات جماعات الإسلام السياسي لتنطلق لتنظيم الاعتصامات والمسيرات والاشتباكات وإثارة الفوضي والقتل في مواقع وأماكن عديدة، انشغل الجميع بتشكيل الحكومة وتكليف رئيس الوزراء ولجنة إعداد الدستور بينما الاحتجاجات والمظاهرات تتصاعد وتنمو دون مواجهة عاقلة ومحاصرة واعية لاجتثاث الأفكار التي جعلت عودة مرسي بمثابة انتصار للإسلام، انشغل الجميع بتقسيم وتوزيع الحقائب الوزارية بينما عدة ميادين تشتعل بالاحتجاجات، المشكلة المزمنة التي يتكرر ظهورها أن سلوكيات وتصرفات وتعامل النخب السياسية والقيادات لا يرتقي أبدا لمستوي أداء وطموحات الشعب المصري، إنه الشعب الذي يسبق دائما «النخب» التي غالبا ما تتقاعس عن تحقيق مطالب الجماهير، لقد عبرت الجماهير عن إرادة الشعب في إزاحة الإسلام السياسي من حياة المصريين، ولم تتمكن النخب والقيادات من ترجمة هذه الإرادة إلي آليات ووسائل محددة لمواجهة تغول القلة المنظمة التي تحاول اختطاف الوطن.

تقاعس عن المواجهة

الأمر كان يقتضي منذ اليوم الأول لعزل مرسي تبني جميع القوي والتيارات السياسية ووسائل الإعلام لخطاب سياسي ثقافي موجه أساسا للمعتصمين يؤكد أن المواجهة ليست ضد الإسلام وكشف ألاعيب وأكاذيب قيادات الإخوان الذين يرددون الأكاذيب من علي منصة رابعة العدوية وكأنها حقائق لا تقبل النقاش، وفضح الاعتداءات وعمليات القتل والتعذيب داخل رابعة العدوية، وأيضا استغلال الأطفال والأيتام علي نحو يتنافي مع المواثيق الدولية لحقوق الطفل ويخترق القوانين المصرية لحماية الأطفال، خطاب كهذا يشارك فيه رجال الدين المستنيرون والقيادات السياسية والقوي الثورية يمثل حائط صد أمام تزايد أعداد المعتصمين بل وانصراف بعض المتعاطفين والمؤيدين للإخوان من بؤر التجمعات خاصة في رابعة العدوية والنهضة، كما يلعب دورا في توضيح حقيقة وأبعاد ما يحدث أمام الإعلام الخارجي الذي لا يريد أن يصدق أن ما حدث ثورة ضد الفاشية الدينية.

يتناغم ويتوازي مع هذا الخطاب عدة إجراءات قانونية حاسمة لبتر رءوس وقيادات الإخوان، وكشف الاتهامات والجرائم التي ارتكبوها في حق المصريين، لذلك كان غريبا أن يقرر المستشار سمير حسن قاضي التحقيق في الاتهامات الموجهة لمرسي حظر النشر للتحقيقات وكأن ما اقترفه مرسي طوال عام كامل من انحرافات وتجاوزات تعتبر أسرارا لا يجوز إطلاع الرأي العام عليها.

أما وقد نفد الوقت، فلم يعد أمام أجهزة الدولة سوي التحرك لفض الاعتصامات بكل السبل والوسائل القانونية مع تجنب إراقة الدماء.

التعليقات متوقفه