ماذا يريد المثقفون من الدستور الجديد ؟

40

كتبت: أمل خليفة

يعلم الجميع قدر الاستياء والغضب الذي أثاره دستور 2012 لدي جميع فئات الشعب المصري بوجه عام . و المثقفين بوجه خاص حيث ذيلت بعض المواد بعبارات تعطي للمشرع القانوني القدرة علي نسج مواد قانونية تقيد المادة الدستورية بتفاصيل تجعلها غير فعالة بالمرة . لذلك كان لابد من معرفة المواد الدستورية التي يجب وجودها في الدستور الجديد . أو العبارات التي يجب ويلزم محوها من الدستور السابق .

يري الروائي إبراهيم عبد المجيد في فكرة رعاية الدستور للفئات المختلفة فكرة تقليدية لأن الدستور المفروض أن يفعل هذا من تلقاء نفسه دون مطالبة الفئات بذلك . فهذه مهمة الدستور . فالدستور هو عبارة عن مجموعة مبادئ عامة لمستقبل البلاد تصلح لجميع البشر علي اختلاف فئاتهم . ويجب ألا أخص فئة بمادة عن فئة أخري . فمثلا عندما نقول إن الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية حق لجميع البشر فهنا يكون اعطي المثقفين والعمال والفلاحين والجميع حقهم . وتترجم معني الحرية تفصيلا في القانون خارج الدستور . ” بالنسبة لحرية الإبداع بالنسبة لحرية النقابات بالنسبة لحرية نقابات العمال والفلاحين وهكذا ” فالدستور مبادئ عامة وليس قوانين .

أشبه بقوانين

وما حدث في دستور 2012 إنه كان أشبه بالقوانين وليس بالمواد الدستورية . لدرجة ان إحدي المواد الدستورية ذيلت بعبارة ” وهذا ينظمه القانون ” وهذه عبارة سخيفة جدا لأن المفترض إن القانون ينظم كل شيء دون كتابة هذه العبارة . لكنها كتبت في المادة الدستورية حتي تشل المادة الدستورية . حتي يستطيع من يضع القانون أن يضع قانونا مخالفا للمادة الدستورية . وكان المفروض الا تكتب حتي يستطيع من يضع القانون أن يضع مادة موازية للمادة الدستورية . أوتستقي من المادة الدستورية فهذه من الأشياء التي أريد ازالتها من مواد الدستور . ولا توضع في الدستور الجديد اطلاقا . وفي هذه الحالة يكون الدستور لكل الناس .

ويستطرد عبد المجيد قائلا عندما تكون هناك عبارة ” حرية الإبداع مكفولة للجميع ” فهذا يعني انه لا داعي لقانون الحسبة الذي ألغي لأن حرية الابداع تعني عدم التدخل في عمل المبدع . ولكن عندما اضع عبارة حرية الابداع ثم اذيلها بعبارة ” وهذا ينظمه القانون فهنا ” يمكن اصدار قانون حسبة .

كما إن هناك فكرة مهمة جدا عندما يوضع في الدستور هذه الجملة السخيفة والتي يعتقدون انها قمة في العبقرية وهي” بما يحافظ علي القيم والعادات والتقاليد والهوية ” هذا كلام فارغ لأن القيم والعادات والتقاليد والهوية تتغير من عصر لعصر ونسبية وليست خاصة بأشخاص بعينهم لا توضع عبارة مثل هذه لان هذا الامر تنظمه الحياة نفسها فعندما يسير شخص عار في الشارع فالناس تلقائيا اما أن يتصلوا بالبوليس أو بمستشفي الامراض العقلية . هذا لا يحتاج لقانون . فلا يجب ان توضع عبارات علي هذه الشاكلة ، فهذه عبارات يقصد بها ضرب الحريات ” فعندما توضع عبارة ” الحريات مكفولة لكل الناس ” تنتهي كل القوانين الأخري وانا اريد من الاشخاص الذين سيقومون بوضع الدستور أن يفهموا اولا ما ذا يعني الدستور . فالدستور هو مواد عامة تصلح لجميع العصور . فالدستور لا يوضع علي ما نحن عليه ولكن يوضع علي ما يجب أن نكون عليه . وما يجب ان نكون عليه في العصر الحديث هو ان تكون الحريات مكفولة للجميع والفصل بين السلطات والديمقراطية وكل هذا الكلام العظيم هذا هو الدستور . إنما عندما يوضع الدستور علي ما نحن عليه كل شخص سيتساءل اين حقي ؟كيف يوضع الدستور من مائتي مادة فهذا أمر مثير للضحك فأي دستور لا يزيد علي 30 أو 40 مادة إذا توسعوا فيه لانها مواد عامة تكفل حق الانسانية في مصر .

الذين وضعوا دستور 23 كانت مصر وقتها اكثر فقرا واكثر جهلا وامية لكن من وضعوا الدستور كانوا اساتذة قانون عظماء جدا فوضعوه للمستقبل فكفل الحريات , و الرقابة علي الحكم و” الملك يملك ولا يحكم ” طول عمر المثقفون يطالبون بالحريات مثل العقاد وطه حسين وسلامة موسي وغيرهم . وأتقدمت في السينما والمسرح .

فدستور 2012 وضعته جماعة لاتري سوي افكارهما الرجعية المتخلفة هذه المرة لا نريد ان نضع دستورا ضد احد ولكن نضع دستورا يخدم الانسانية بشكل عام . فدستور 2012 كان ينقصه ان يحدد مواعيد النوم والاستيقاظ للمواطنين .

حرية الصحافة

ويقول د. أحمد الخميسي ما يريده المثقفون من الدستور الجديد أو الذي سيتم تعديله هو أولا حذف كل المواد التي تقيد حرية التعبير. وفي مقدمتها المادة 48 التي تنص علي ” حظر وقف أو غلق أو مصادرة الصحف إلا بحكم قضائي”، لأن المادة في واقع الأمر تسمح بالحظر والغلق والمصادرة تحت شكل قضائي. والنص علي حرية الصحافة بشكل قاطع ووقف التعرض لها. وثمة أحكام قضائية واضحة في ذلك المجال أصدرها القضاة المصريون وجاء في بعضها بالنص” إن حرية الصحافة لا يجوز تقييدها بالأغلال”. كان ذلك عند النظر في دعوي مقامة لإغلاق نحو خمسين موقعا الكترونيا. ذلك أن حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من معركة الثقافة وغياب الصحافة الحرة يعني غياب حرية التعبير حتي علي المستوي الأدبي. أيضا حذف المادتين 52 ، و 53 اللتين تمثلان سيفا مسلطا علي الحركة النقابية العمالية والمهنية.ولذلك نريد نصوصا صريحة وقاطعة تمنع مصادرة الكتب تحت أي مسمي ، وتنص علي أن الجمهور المتلقي هو الحكم، هو الذي ” يصادر” الكتاب الردئ بتجاهله وعدم شرائه وهو الذي يشجع العمل الجيد بالإقبال عليه. هذا ينطبق أيضا علي مختلف المجالات الفنية : في السينما والمسرح و أعمال الفنون التشكيلية والموسيقية وغيرها. كما نتمني أن تكون هناك نصوص صريحة تكف يد الجهات الدينية والرسمية عن توصيف الأعمال الثقافية، وتحجيمها، ومصادرتها. لقد وقف الأزهر الشريف ضد نشر أولاد حارتنا، وهو جهة دينية وليست ثقافية. والأمثلة كثيرة. نريد في الدستور الجديد حرية واضحة وساطعة للتعبير والثقافة.

الدستور الثقافي

ويطرح عز الدين نجيب أربعة اقتراحات محددة سبق أن قدمها من خلال الدستور الثقافي حتي تكون ضمن مواد الدستور وهي : أولا الهوية المصرية مركبة ومتعددة الابعاد تتضمن الحضارات المصرية القديمة والقبطية والعربية الإسلامية والثقافات الفرعية والثقافة الشعبية ومكتسبات الثقافات العالمية فيما تحتل الثقافة العربية الإسلامية مكانة خاصة في قلب الهوية المصرية كواقع موضوعي. المادة الثانية الحرية هي الأصل ولابد من ضمان الحرية الكاملة للفكر والاعتقاد وحرية ممارساتها بمختلف الأشكال وأي اعتداء مادي أو معنوي علي تلك الحريات أو التحريض عليها بأي شكل من أي جهة أو طرف اعتباري أو طبيعي هو جريمة تستوجب معاقبة مرتكبها وفقا للإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير، ثالثا الثقافة ابداعا وتلقيا حق أصيل للمواطنين كالخبز والتعليم والمؤسسات الثقافية أحد ممتلكات الشعب المصري ومسئوليتها ومهمتها تكمن في أن تكون ساحة مفتوحة لتحقق الإبداعات الثقافية المختلفة بلا رقابة أو توجيه أو قصر أو بيروقراطية .

رابعا التنظيمات النقابية المستقلة للمثقفين بجميع تخصصاتهم وكذلك الجمعيات الأهلية تمثل أداة وسندا ودعما قويا للمثقف وحركته الفاعلة مما يستدعي تشجيعها والدفاع عنها . هذه هي النقاط الاربع التي نقترح أن نضمها للدستور وقمنا بتقديمها بالفعل ومادامت اللجنة مازالت منعقدة فلابد من النظر في المقترحات كافة .

لا لترقيع الدستور

ويتفق مع هذا الرأي الشاعر حزين عمر قائلا الأمر المبدئي بالنسبة لي هو ان نعد دستورا جديدا كاملا لأن الدستور الذي يتم ترقيعه الآن شابت مسألة التصويت عليه وقائع تزوير كثيرة وظني الشخصي ان الاغلبية كانت قد رفضت هذا الدستور لكن عصابة الإخوان زورت نتيجة التصويت وبالتالي من الأفضل أن نعد دستورا جديدا ولكن إذا سلمنا بترقيعات الدستور الحالي بناء علي خريطة الطريق التي وضعها الفريق أول عبد الفتاح السيسي فانني أظن ان كل المواد التي تعطي سلطة واسعة لرئيس الجمهورية ينبغي تقليصها ووضع مواد بديلة تدفع باتجاه النظام البرلماني في الحكم وليس النظام الرئاسي كما ينبغي أن تعود المادة التي تنص علي ان الصحافة هي سلطة الرقابة الشعبية علي السلطات الثلاث الأخري ” هذا هو نص المادة القديمة ” وان يتم التركيز علي ان اللغة القومية بصفتها مرجعا للهوية المصرية العربية قبل أي شيء آخر ويترتب علي هذه المرجعية كذلك النص علي قيمة الثقافة العربية تحديدا وضرورة ترسيخها ولابد من وضع نص واضح لحماية الآثار المصرية والوثائق المصرية الموجودة في دار الكتب ودار المحفوظات وغيرهما من الأماكن خاصة بعد تسرب وثائق كثيرة حول ما يدعي بأنه ملكية لليهود في بعض العقارات في مصر ويقال إن هذا التسريب كان من دار الكتب علي يد أحد المسئولين الذين لم يغيبوا عن المشهد حتي الآن .

الارتقاء بالتعليم

وتضيف الكاتبة منال القاضي قائلة يجب أن يحتوي الدستور الجديد علي عدد من القيم التي تكفل حرية الإبداع والتعبير وعدم مصادرة الكتب المنشورة وعدم ملاحقة المبدعين قضائيا، كما حدث مع الفنان عادل إمام، ويجب أن يجرم أي نوع من أنواع الارهاب الفكري علي الثقافة ويجب أن ينص علي أن الثقافة حق من حقوق الإنسان وليست مكملا ترفيهيا ويجب أن يحتوي الدستور الجديد علي المبادئ التي تكفل كرامة الإنسان وحريته وليس بالضرورة تكديس المواد الدستورية المختلفة فالدستور الأمريكي علي سبيل المثال مكون من سبع مواد فقط وهناك قضايا أخري مرتبطة بالثقافة مثل عدم إنشاء أحزاب علي أساس ديني تبني نشاط قومي لمحو الأمية والارتقاء بالتعليم .

التعليقات متوقفه