مؤتمر في الخرطوم يؤگد: ارتفاع نسبة البطالة في السوق العربية إلي 3%

22

الخرطوم من: عبدالوهاب خضر

قال أحمد محمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية أن الصورة الكلية لسوق العمل العربي تبدو أكثر ضبابية مما كانت عليه قبل التطورات التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنتين الماضيتين حيث تراوحت نسبة البطالة مابين 2% و 3% واقترب عدد العاطلين العرب من عشرين مليونا، 59% منهم من الشباب.

وأضاف”لقمان”:”هي فرصة مناسبة للحكومات لمراجعة السياسات والبرنامج “.جاء هذا التصريح للمدير العام “للأهالي” قبيل اطلاق التقرير الأول حول أسواق العمل العربية من الخرطوم والذي تحضر فعالياته التي بدأت هذا الاسبوع بحضور وفود من الدول العربية ،وبرعاية علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ويشارك عدد من الوزراء إضافة لقيادات الغرفة التجارية والصناعية والقيادات النقابية في السودان وعدد من قيادات الحركة النقابية العربية بالإضافة الي الخبراء..

التقرير الذي حصلت “الاهالي” علي نسخة كاملة منه وتجري مناقشته أوضح أن الاحصاءات الحديثة الصادرة في بداية عام 2013 في مصر اظهرت ارتفاع نسبة البطالة فيها إلي 13% مقارنة ب 9.8 % قبل 25 يناير، وزيادة أعداد المتعطلين إلي ما يزيد علي الـ 3.5 مليون متعطل مقارنة بحوالي 2.3 مليون متعطل قبل الثورة، كما كشفت أرقام نشرها المعهد الوطني للإحصاء في تونس أنّ نسبة البطالة قد بلغت خلال الربع الأول من سنة 2012 حوالي 18.1% من قوة العمل مقابل 13% في بيانات هذا التقرير، وقدر عدد المتعطلين عن العمل، حسب نتائج المسح الوطني حول السكّان والتّشغيل من سنة 2012، بـ710 آلاف شخص من مجموع سكان نشيطين يقدر عددهم ب3917 ألف شخص.

والتقرير الأول لسوق العمل العربي هو بداية جديدة لطرح قضايا التشغيل والبطالة في المنطقة استنادا إلي البيانات والمعلومات والتحليلات الموضوعية، وربما يكون التقرير الأول كاشفا لبعض الحقائق التي طالما دار النقاش حولها ، لكنه أيضا يطرح تساؤلات وتحديات حول المستقبل وكيف سيتم التعامل معه؟

9 ملاحظات

وبالرغم من نقص كثير من البيانات، وعدم اتساق الكثير مما وصل إلي خبراء منظمة العمل العربية من بيانات سواء بالنسبة للبعد الزمني المختلف أو التصنيف والتبويب المختلف ، فإن التقرير يكشف بوضوح أن قضية البطالة والتشغيل ستبقي ولمدة طويلة أحد أهم تحديات الاستقرار والتنمية في المنطقة ، ويضعنا أمام التحدي القائل إن مشكلة البطالة تدق أبواب كل دول المنطقة تقريبا ، والأوضاع السياسية التي تشهدها العديد من دولها تضع ضغوطا هائلة علي النمو الاقتصادي فيها وبالتالي علي قدرتها علي التصدي لمشكلة البطالة. واستمرار ارتفاع معدلات الزيادة السكانية في دول المنطقة وبمعدل نمو سكاني حوالي 2.4 % مقابل معدل عالمي أقل من 1.7 % وما ينتجه ذلك من ارتفاع معدلات الإعالة مقارنة بمعظم دول العالم ، وبالتالي استمرار كون الزيادة السكانية “تهديد” ، وصعوبة إن لم يكن استحالة تحويلها لـ “فرصة”.. وارتفاع معدل نمو قوة العمل العربية وبمعدل نمو يصل إلي 3.1 % مقابل معدل عالمي يقل عن 2.5% ، وما ينتجه ذلك من الحاجة لتوليد حوالي الملايين من فرص العمل سنويا ولمدة طويلة..

ويشير التقرير إلي أن معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي لمعظم دول المنطقة لا تستطيع أن تولد أعداد فرص العمل المطلوبة لاستيعاب الداخلين الجدد لهذه السوق ناهيك عن التصدي لمشكلة المتعطلين والذين يتزايد عددهم عاما بعد آخر. ويتضمن أن هيكل قوة العمل العربية 60% من الأميين وحملة المؤهلات دون المتوسطة ، مقابل 40% ممن يحملون مؤهلات متوسطة أو فوق متوسطة أو جامعية فأعلي. كما أن الزراعة مازالت النشاط الأكثر استيعابا للقوة العاملة في المنطقة بنسبة 22% ، يليها التشييد والبناء بنسبة 12.3% ، فتجارة الجملة والتجزئة بنسبة 10.8% ، فالنقل والمواصلات والاتصالات بنسبة 5.8% ، وتتوزع باقي النسب (40%) علي باقي الأنشطة الاقتصادية. وتتركز البطالة العربية وهي بطالة شباب في المقام الأول ( الفئة العمرية 15- 29) عاما وفي الفئة العمرية من 15- 19) ، وتزيد فيها نسبة الحاصلين علي مؤهلات لتتجاوز الـ 80% من جملة المتعطلين، بالإضافة إلي أن الهيكل الاقتصادي لمعظم الدول العربية لا يولد فرص عمالة تتناسب مع تركيبة نمو قوة العمل في المنطقة والتي تتميز بحصولها علي مؤهلات متوسطة وفوق متوسطة وجامعية( نسبتهم في قوة العمل 40% ، بينما نسبتهم في المتعطلين عن العمل تزيد علي الـ 80%) نتيجة ارتفاع نسب الالتحاق بالتعليم في جميع الدول العربية وارتفاع متوسط عدد سنوات التمدرس، حيث إن ما يولده من وظائف هي من نوع الوظائف والمهن الأولية والتي لا تحتاج لمستويات تعليمية تتناسب مع نوعية المنضمين الجدد لسوق العمل. فضلا عن أن فكرة “إحلال العمالة الوافدة الأجنبية” بعمالة وافدة عربية للتخفيف من ضغوط البطالة في الدول المصدرة للعمالة تواجه نفس التحديات السابقة من حيث الفجوة النوعية بين المتعطلين من ذوي المؤهلات (اكثر من 80% من المتعطلين) ونوعية العمالة الوافدة التي تستخدمها الدول المستوردة للعمالة والتي تبلغ فيها نسبة الأميين والملمين والحاصلين علي مؤهلات أقل من المتوسط حوالي 78% من جملة العمالة الوافدة بأكبر الدول المستوردة للعمالة.

التحديات

التقرير يقول ان الصورة الكلية للبطالة في معظم الدول العربية تبدو قاتمة ومليئة بالتحديات ، وبالرغم من كل الجهود الحكومية التي بذلت طوال العقود السابقة فإنها لم تستطع أن تتعامل مع هذه القضية بدرجة نجاح عالية نتيجة لتداخلات اجتماعية وثقافية معقدة كان نتاجها زيادة سكانية بمعدلات كبيرة تفوق معدلات النمو الاقتصادي التي يمكن أن تتحقق علي أرض الواقع ، وبما جعل تلك الزيادة السكانية تهديدا مستمرا لأي جهود مخلصة يمكن أن تتعامل مع قضية البطالة علي أسس علمية. تشابك مع الزيادة السكانية الكبيرة انفتاح علي إتاحة التعليم بأي شكل للجميع ( تعليم يهتم بالكم ولا يركز علي الجودة والكيف) وبما أدي إلي دخول الملايين إلي سوق العمل من حملة شهادات لا تعبر في معظمها عن مستويات تعليمية تتناسب مع تلك الشهادات أو في أحسن الأحوال لا ترتبط باحتياجات سوق العمل.

ويشير التقرير الي ان أرقام البطالة الرسمية الصادرة عن كثير من الدول العربية تبدو وكأنها قد خضعت لعمليات تجميل متعددة ومتنوعة سواء علي مستوي الشكل أو المضمون ويغلب عليها طابع مخاطبة الجماهير برسائل تطمين أكثر من كونها انعكاسا للواقع الحقيقي الذي تعيشه تلك الدول. الدراسات التي تقوم بها مؤسسات وطنية في العديد من الدول تشير إلي انحراف ليس بقليل بين البيانات الرسمية والبحوث الميدانية. اللافت للنظر أنه برغم كل تلك العمليات فإن نسبة البطالة في المنطقة وطبقا للبيانات الرسمية مازالت عالية وتمثل تهديدا للاستقرار والسلام الاجتماعي.

تباين الأرقام

وتشير أرقام البطالة الرسمية الواردة للمنظمة إلي وجود تباين كبير بين نسب البطالة في البلدان العربية ، ووجود تباين بين بطالة الذكور وبطالة الإناث وان البطالة في الدول يمكن تقسيمها إلي 4 مستويات ، المستوي الأول وهو الذي يشهد مستويات بطالة أقل من 6% ويضم تقريبا جميع دول مجلس التعاون الخليجي وهي أغلب الدول المستوردة للعمالة وهي بالترتيب: قطر، البحرين، الكويت ، الإمارات، السعودية ، عمان. المجموعة الثانية تشمل الدول ذات نسبة البطالة المتوسطة والتي تتراوح بين 6% و أقل من % 13 وهي تحتاج لوضع استراتيجيات للتعامل مع المشكلة علي المديين المتوسط والبعيد وهذه المجموعة تضم كلا من لبنان، المغرب ، فالعراق، الجزائر ، مصر ، الأردن. المجموعة الثالثة وتتضمن الدول ذات نسب البطالة المرتفعة والتي تتراوح نسبة البطالة فيها بين 13% و 20% وهي تحتاج لجهود سريعة للتعامل مع المشكلة وتضم هذه المجموعة كلا من تونس ، واليمن ، وسوريا ، والسودان ،وليبيا .

المجموعة الرابعة والأخيرة والتي تزيد فيها نسبة البطالة علي 20% وهذه تحتاج لتدخلات حاسمة وسريعة، وهذه المجموعة تتضمن كلا من فلسطين والصومال وجيبوتي. وحسب التقرير ايضا وعلي جانب أخر فإن المعلومات تشير إلي أن جانبا كبيرا من قضية البطالة “أنثوي” حيث تبلغ نسبة البطالة بين الإناث أكثر من ضعف نسبتها بين الذكور هذا علي الرغم من أن نسبة مشاركة الإناث في قوة العمل ما زالت أقل من النسب العالمية

توزيع البطالة

ويتطرق التقرير الي توزيع البطالة علي الفئات العمرية لبعض الدول العربية ويظهر وجود تركز شديد في نسب البطالة في الفئة العمرية 15- 19 عاما ، تليها الفئة العمرية من 20- 29 عاما ، وكما هو معلوم فإن مجموع الفئتين يعكس البطالة بين الشباب،وتختلف مصر عن باقي الدول حيث تزيد نسبة البطالة في الفئة العمرية 20- 29 عاما وقد يكون ذلك راجعا لارتفاع نسبة الالتحاق بالجامعات أو بسبب طول فترة البطالة. علي الجانب الأخر تظهر في السودان مشكلة البطالة في العمر المتوسط بصورة مختلفة عن باقي الدول العربية مما يتطلب دراسة خاصة لهذه الظاهرة..

ويوضح التقرير ان توزيع البطالة علي المستويات التعليمية في بعض البلدان العربية يظهر أنها في معظم الدول العربية تتركز في المستويات التعليمية الأعلي ، حيث تزداد النسبة كلما ارتفع المستوي التعليمي ، بينما تقل نسبة البطالة بين الأميين ،ذوي التعليم أقل من المتوسط.ونسبة البطالة بين الحاصلين علي مؤهلات جامعية فأعلي مقسوما علي نسبة البطالة بين الأميين ، وفيه نري أن معظم الدول العربية باستثناء العراق تشهد نسبا كبيرة للبطالة بين الجامعيين مقارنة بالبطالة بين الأميين تصل أقصاها في كل من السعودية وقطر والجزائر والبحرين ومع التسليم بأن هناك فروقا موضوعية في نوعي البطالة – حيث لا يملك الأميون رفاهية البطالة لذا فأنهم يقبلون بأي عمل سواء كان مناسبا أم لا ، علي العكس من الجامعيين الذين يملكون في الكثير من الأحوال رفاهية التعطل ، والبعض منهم قد لا يقبل ما يعرض عليه من وظائف غير مناسبة انتظارا لفرصة أفضل؟ إلا أن الصورة العامة تظهر أن البطالة العربية تتركز في حملة المؤهلات بكل أنواعها العالي منها وفوق المتوسط والمتوسط.

التعليقات متوقفه