فريدة النقاش تكتب : يكذبون ويكرهون مصر

26

في محاضرة له عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة بعد ثورة 25 يناير 2011 وموجتها الثانية في 30 يونيه 2013. تطرق الدكتور فرج عبد الفتاح للسمات الرئيسية التي تميز شخصية عضو الإخوان والتي وجدها بالتجربة شائعة جدا بينهم وهي الكذب وكراهية مصر. ولا ينسي المصريون صيحة المرشد السابق للإخوان «محمد مهدي عاكف» حين قال ردا علي سؤال صحفي.. «طظ في مصر» التي يمكن أن يحكمها ماليزي أو اندونيسي ما دام مسلما».

وفي تجربة كل منا في السنوات الأخيرة وخاصة في شهور ما بعد الثورتين واقعة أو أكثر تبين لنا حقيقة هاتين السمتين في معظم شخصيات الإخوان.

وفي برنامج تليفزيوني بإحدي القنوات العربية قال السياسي الإخواني «لم يحدث» وهو الذي جاء إلي البرنامج متحدثا باسم الجماعة ولجنتها الثقافية وجاء نفيه هذا ردا علي الوقائع التي سقتها أنا حول تاريخ تورط الجماعة منذ نشأتها في عمليات الاغتيال السياسي من قتل القاضي «الخازندار» الذي حكم في قضية تفجير سينما مترو وكان الإخوان متورطين فيها، ثم قتل محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر، ثم قتل أحمد ماهر رئيس الوزراء الذي خلفه ثم محاولة اغتيال جمال عبد الناصر ثم اغتيال المفكر الليبرالي «فرج فودة» ، وفي هذه الواقعة تحديدا برزت شهادة أحد رموزهم وهو الشيخ «محمد الغزالي» في المحكمة حين دافع عن عملية قتل من سماهم بالمرتدين، وقال إن الخطأ الوحيد الذي ارتكبه القاتل أنه افتأت علي حق الحكومة أو ولي الأمر الذي يتوجب عليه – باسم الإسلام- أن ينفذ قتل المرتد، ونحن نعرف جيدا أنه ما من وجود لما يسمي بحد الردة في القرآن الكريم. هذا فضلا عن أن «فرج فودة» قال في أكثر من مناسبة إنه مسلم مؤمن بالله ورسله وكتبه، وكان تكفير الإخوان «لفودة» سببا في قيام «السماك» الجاهل بقتله ثم كان أن افرج الرئيس السابق محمد مرسي عن القاتل قبل إنهآء مدة العقوبة.

وقبل ذلك بسنوات كان التقرير الذي كتبه الشيخ «محمد الغزالي» نفسه ضد رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» وسن بذلك سنة غير محمودة بالخلط بين الأدب والدين والدعوة للمقارنة بين العالم الخيالي للأول والعالم المقدس للثاني، ثم توالت المصادرات وقضايا الحسبة ضد المثقفين لتنتج مناخا معاديا لحرية الفكر والإبداع باسم الدين.

وكان التقرير الذي كتبه الشيخ محمد الغزالي سببا في مصادرة الرواية في مصر، والأهم أنه دفع أحد الجهلاء لمحاولة اغتيال «نجيب محفوظ» بعد سنوات من حصوله علي جائزة نوبل للآداب. وتسبب ذلك في اظهار الإسلام أمام العالم الذي احتفي بصاحب نوبل باعتباره معاديا لحرية الفكر والإبداع واخفاء وجهه المستنير.

أنكر المتحدث باسم الإخوان في البرنامج الذي تشاركنا فيه كل هذه الوقائع ببساطة شديدة رغم أنها من قبيل المعلومات الشائعة والموثقة تاريخيا، وأخذ بدلا من الاعتذار عنها للشعب المصري وهو المطلب البسيط الذي طلبته من الجماعة ممثلة في شخصه- أخذ يكيل الشتائم والإهانات لليبراليين واليساريين الذين فشلوا علي حد قوله في التواصل مع الشعب ثم أضاف – بجرأة يحسد عليها- أن الإخوان مازالوا يعيشون في وجدان الشعب المصري ردا علي قولي إن المواطنين العاديين هم من يتولون الآن بالتعاون مع الشرطة ملاحقة المسلحين من الإخوان الذين يروعون المصريين ويعطلون حياتهم.

يتناقض الكذب وكراهية الوطن الذي يعتبره الإخوان مقرا أو فرعا من فروعهم المنتشرة في أنحاء العالم تمهيدا لإقامة الخلافة الإسلامية التي يتغذون فكريا علي وهم استعادتها ويمارسون في سبيل هذه الاستعادة المستحيلة كل أنواع العنف والكذب ويقال التجارة غير المشروعة يتناقض كل ذلك مع القيم العليا لكل الديانات، وانهم يستثمرون فقر وجهل جمهور واسع من المواطنين ويقومون بخداعهم باسم الدين الذي يغرقون به السياسية لتقسيم الوطن علي أساس طائفي.

ويساعد الإخوان علي ترويج مشروعهم المعادي للإنسانية وللوطن والدين أننا نحن المسلمين مازلنا نعيش منذ ألف عام في ظل المحافظة الدينية، كما يقول المفكر «أبو يعرب المرزوقي» الذي يبين في كل دراساته حول الإسلام تاريخ عداء المحافظين للفكر الفلسفي وإذا كان الفكر الفلسفي يواجه تحديات العصر بالعلم، فإن الفكر الديني الذي يواجه هذه التحديات بالأخلاق لا يلتزم دعاته بالأخلاق، فإن الأخلاق ليست القول بالقيم بل هي العمل بها، والإخوان يقولون أحيانا بالقيم ولكنهم لا يعملون بها أبدا فهم يكذبون ويكرهون الوطن لأن الوطن بحضارته الضاربة في القدم والتي تغذت عليها الإنسانية كلها يشكل تحديا هائلا لكل أفكارهم السطحية والساذجة ويجعل منهم فئة خارج التاريخ شأنهم شأن كل الجماعات المتطرفة والتكفيرية في العالم التي هي خارج التاريخ رغم كل ما تملكه من مال وسلاح.

التعليقات متوقفه