حكايــــــة باســــــــــــم يوســــــــــف

42

تحقيق: عبير سري

مازالت جدران الفراعنة مليئة بالرسومات التي عبرت عن سخرية المصريين القدماء من الحاكم فقد اعتادوا علي تغليف الحدث الجلل بالنكتة ، خاصة ايام الهكسوس ،ويذكر ان أول رسم للكاريكاتير للقط والفار كان علي تلك الجدران منذ آلاف السنين تحديدا عام 1300 قبل الميلاد حين رمز المصريون القدماء للصراع بين الملك والشعب بالصراع بين القط والفأر فكان القط هو الملك والفأر هو الشعب ، كما سجل الجبرتي في كتاباته سخرية العامة من نابليون بونابرت وجيشه بنفس الطريقه

ومازالت السخرية تفرض نفسها وبشدة داخل مجتمعنا المصري وكانت البرامج التهكمية السياسية التي ظهرت مؤخرا  بعد ثورة 25 يناير أكبر دليل فهي  تثير الجدل بين مؤيد ومعارض ولعل من اكثر البرامج التي اثارت جدلا في الايام القليلة السابقة  هو برنامج البرنامج الذي يقدمة الاعلامي الساخر باسم يوسف والذي  قدم “نوع من الجراحة للمجتمع “ومعروف أن باسم يوسف ضيف علي الاعلام فمهنته الاساسية جراحة القلب . ويذكر أن النقلة الحقيقية لباسم يوسف كانت عندما قام برفع حلقاته علي موقع يوتيوب وشاهدها أكثر من خمسة ملايين في أشهرها الاولي مما شجعه علي تلفزة برنامجه  .وقد جاء علي لسان بطله ايضا  ان برنامج “البرنامج””  ليس طازج الفكرة فقد سبقته بعض البرامج من نفس النوع  اشهرها “”the daily show للامريكي جون ستيوارت صديق باسم المفضل الذي يقدم ايضا  نقدا لاذعا للنظام الامريكي بما فيه الرئيس اوباما وقد استضافه باسم في احدي حلقات برنامجه وكذلك استضافه الآخر في برنامجه.

مليون مشترك

والجدير بالذكر ان برنامج البرنامج لقي اعجابا شديدا فموقع البرنامج تجاوز مليون مشترك وبلغت مشاهدات الحلقات لاكثر من 15 مليون مشاهدة. بالاضافة الي مليونين وسبعمائة ألف مشاهد قاموا بتحميل الحلقات  من موقع يوتيوب، وكذلك كان عدد المعجبين بالحلقة الاولي من الموسم الثاني لبرنامج البرنامج 4 مرات أكثر من غير المعجبين بها.

 وأمام سينما راديو بميدان طلعت حرب وفي موعد تسجيل ثاني حلقات برنامج باسم  كان المشهد أجدر من الكلمات  فقد تجمع عدد من معارضي البرنامج لمدة 4ساعات اعتراضا علي تسجيل الحلقة رافعين لافتات :” إلا السيسي ياباسم ده سيدك” وكذلك عدد من المؤيدين للبرنامج لكي يحموا تسجيل الحلقة علي حد قولهم”الحلقة هتتصور هتتصور” “مصر أغلي من دولارات أمريكا ياعميل”

 منال هشام احدي المعارضات تقول : باسم يوسف فقد شعبيته مؤكدة انها كانت من معجبيه الموسم الاول ولكنها غيرت رأيها تجاهه بعد اولي حلقات الموسم الثاني وكذلك انتقد “محمود يوسف” الحلقة بسبب كثرة الايحاءات الجنسية التي لاتتناسب مع طبيعة الشعب المصري علي حد قوله.    بينما قال “استاذ عبد الرحمن” ان شاء الله البرنامج هيتوقف فشيء غير معقول أن يشوه صورة مصر بهذا الشكل   ومن جهة اخري عبرت “مني “ عن اعجابها بالبرنامج وقالت لماذا يريدون وقفه؟ فهو يقدم الحقيقة وفهم اعلامي جرئ ووصل الامر بين المؤيديين والمعارضين الي الاشتباكات بالايدي وتبادل الالفاظ البذيئة ولعل ما زاد الامر سخونة وجود”أحمد سبايدر” في صفوف المعارضيين كل هذا  وسط حالة من الاستياء للمارة في الشارع مما يجعلك تظن أن الامر أكبر من مجرد حلقة في برنامج وهو ما دعا قوات الجيش للفصل بين الطرفين بمدرعة  وإغلاق طريق طلعت حرب من جهة ميدان التحرير حتي تم تسجيل الحلقة التي تم وقف اذاعتها في النهاية  .

نبض الشارع

أما عن بعض تعليقات بعض المتابعين علي مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر فقال

 يحيي جمعة “ انا احترامي لباسم زاد بعد هذه الحلقة وبجد اثبت انه حيادي ويعبر عن نبض الشارع …برافو باسم “

وكتبت سحر تقول “كنت متوقعة  ردود الافعال علي حلقة باسم..تأكدوا إن أكتر الناس التي تبالغ في حرية التعبير عن الرأي تصبح  أكتر الناس فاشية لو عارضتها”.

 فيما علق هاني  محمود قائلا :”واضح ان كل الفصائل زعلت من حلقة باسم يوسف إلا فصيل واحد!! بدون تباهي أنا من الفصيل ده”، بينما علقت مها محسن :ان باسم لم ينتقد الفريق السيسي بل الشعب الذي يحبه دون النظر الي اي اخطاء وكأنة مقدس” وعلقت اسراء : “لو انت سيسي , الحلقة مش هتعجبك .. لو انت رابعة برده الحلقة مش هتعجبك .. لو انت “حر” , الحلقة عبقرية”

جماليات السخرية

ما عن الفكرة بشكل ادبي فكتب عنها د .”حسن يوسف طه” مقالا  في “مجلة أدب ونقد “ عدد مايو 2013 بعنوان”الواقع .. وجماليات السخريةعند باسم يوسف” وأكد فيه أن السعادة والسخرية بينهما علاقة فالسخرية هي التنفيس عما بداخل الذات والسخرية تعد أرقي أنواع الفكاهة فهي تجعل الذات تثير الاسئلة تجاه الواقع المعاش وهكذا كان باسم يوسف يسخر بشكل بناء فيسعد الناس فهو يعبر عما  بداخلهم بأسلوب قريب منهم  وفي الوقت نفسه تعليقاته تشكل نقدا عميقا وقويا ولاذعا للواقع السياسي . واوضح أن النجاح الذي وصفه بالساحق لباسم يوسف سببه ان نوعا جديدا من النقد الهادف البناء الذي يكشف و يجرح ولايسيل الدماء كما انه يغطي نقصا هائلا في الاعلام المصري.

سعة الصدر

من ناحية اخري اهتمت وسائل الاعلام الخارجية بعودة برنامج باسم يوسف فنشرت واشنطن بوست بتاريخ 26 أكتوبر تقريرا بعنوان “إن العودة التي انتظرها معجبو باسم يوسف  كانت بمثابة اختبار لسعة صدر العسكريين” . من ناحيتها أشارت  رويترز الي منع اذاعة ثاني حلقات برنامج “البرنامج” هذا بعد أن تمت الغاء الحلقة الثانية من البرنامج رغم تسجيلها وهو الامر الذي اثار حفيظة متابعي البرنامج وبشدة واحدث حالة من الفرح و “الشماتة” لدي منتقضي ومعارضي باسم يوسف وبرنامجه. وايضا   فقد نشرت مجلة ‘الأيكونومست’ البريطانية يوم 29 اكتوبر مقالا بعنوان “عودة باسم … السخرية السياسية في مصر” وجاء فيه أن باسم غير قابل للانحناء لانه ذراع الدولة الذي لايمكن اسكاته.

فقرة غير مقبولة

وعن رأيه في الموضوع اكد الخبير الاعلامي سيد الغضبان  انة مع النقد الساخر مؤكدا انه ليس هناك من يعلو علي النقد بشرط ان يكون بعيدا عن الاسفاف وبعيدا عن الايحاءات الجنسية  وعن رأية في حلقة باسم يوسف الموسم الثاني اكد انه من معجبي البرنامج لكنه رأي ان الحلقة احتوت علي فقرة غير مقبولة علي الاطلاق فهي مليئة بالايحاءات الجنسية واضاف انه  من الواجب وجود رقابة ذاتية من باسم يوسف نفسة فيجب ان يكون علي دراية بان المجتمع المصري له قيمة التي تختلف عن قيم المجتمع الغربي موضحا انه لا توجد اي مشكلة من تقليد برنامج باسم يوسف للبرنامج الامريكي ذا ديلي شو ولكن بقيم المجتمع المصري.

في حين  علي العكس اكد  باسم شرف الكاتب الساخر المتميز انه ابدي غضبه الشديد تجاه منع الحلقة مدافعا عن البرامج  الساخرة عامة وبرنامج باسم خاصة  واضاف ان باسم يوسف  استخدم ببرنامجه مصطلحات دارجة بالشارع المصري كما اكد انه يساعد علي فهم الواقع السياسي بشكل كبير فهو احد دعائم فضح الاخوان واختتم حديثة قائلا:  ان باسم يوسف اعلامي محترم يعبر عن رأيه  ورأي الشارع المصري بطريقة مختلفة و”نحن مستمرون ولن نغير من طريقنا لنرضي احدا.

وعما دار في الحلقة التي تم منعها رفض مدير سينما راديو ذكر تفاصيل الا أنه قال ان باسم يوسف اثناء التصوير داعبهم مؤكدا “ ان حلمه حاليا ألا يدخل السجن” وقال المدير ان باسم يوسف سافر أبو ظبي ويعود بعد ثلاثة أيام علي الاكثر لتصوير الحلقة الجديدة دون أي مشكلة والبرنامج سيستمر حتي ولو علي قناة اخري ووصف البرنامج بأنه يناقش الواقع لذلك تتم مهاجمته.

التعليقات متوقفه