اتفـــــــــرج يـاســــــــــــــــلام !“الأهالى “ فى جولة بدور العرض السينمائى

41

تحقيق عبير سرى ونورهان عادل :

تصوير خالد سلامة :

تخيل أنك نزلت الشارع فى يوم ما لتجد أفيش فيلم اشاعة حب- حبيبى دائما أو الشموع السوداء كيف سيكون احساسك ؟ وبدلا من ان تجد افيش فيلم “القشاش “ او “8% “ وجدت نفسك امام عمالقة الفن الجميل والحياة هادئة والسينما تفتح ابوابها فى انتظارك لتشاهد ابطالا مثل مريم فخرالدين وفاتن حمامة أو رشدى اباظه واستيفان روستى ويوسف شاهين وغيرهم من المبدعين ممن أدوا أهم الادوار فى تاريخ السينما المصرية وبالطبع يخطر ببالك ذلك الجمهور المصطف فى طوابير لا ترى عيناك اخرها أمام شباك تذاكر السينمات جمهور أيضا يحمل أناقة نفس الزمن…ولكن هل بعودة هذه الأفلام وهؤلاء النجوم سيعود الجمهور لذلك المشهد الذى طالما اعتادناه؟ هل حقا الازمة تكمن فى نوعية الأفلام الرديئة مثل تلك التى تطالعنا بها السينما منذ فترة أو أن تردى حالة العديد من دور العرض وكذلك الحالة الأمنية والاقتصادية بعد الثورة ساهما بشكل كبير فى حالة الخراب التى حلت على السينما المصرية؟ من الممكن ايضا أن تكون سرقة الأفلام وعرضها على الانترنت وكذلك سيطرة شركات انتاج بعينها على السوق السينمائى أدى الى ما آلت إليه حالة السينما. هذا ما أردنا أن نوضحه بعد أن كان “للأهالى” جولة بين دور العرض المختلفة لتحاور من هم أقرب للأزمة. على كل حاولنا هنا فتح جزء من الموضوع وصناعة الازمة …ذهبنا الى دور العرض السينمائى أخر مشهد فى الصناعة لنعلم حالتها هل هى رديئة ؟ ام جيدة وكيف تستقبل المشهد ؟

الأفلام عرض وطلب

انتشر فى السوق السينمائى منذ فترة ليست قصيرة أفلام يطلق عليها أفلام الايرادات أو “أفلام بير السلم” كما يصفها العديد من النقاد وأكد معظم مديرى السينمات أن هذا الامر جعل السينما ترفع شعار”للشباب فقط” فالعائلات لم تعد تذهب الى السينما بشكل كبير بسبب نوعية الأفلام التى لم يعتادوا عليها فى ظل سيطرة شركات انتاج بعينها على السوق السينمائى مثل السبكى وهو لديه معيار مختلف وواضح للحالة السينمائية تعتمد على مبدأ المكسب والخسارة فأصبحت نوعية أفلامه معروفة ولكننا لا يمكن أن ننكر أن مثل تلك الأفلام لها جمهورها تحت شعار “الجمهور عاوز كده” ودور العرض ايضا تقبل على عرض تلك الأفلام تحت نفس الشعار ويبتعدون عن أفلام المهرجانات كما يسمونها .

فى هذا السياق تحدث المهندس هانى عبد الغفور رئيس قطاع بدور عرض وأكد أن المال أصبح هو الحاكم لدى المنتجين فى ظل أن هناك شركات انتاج تغلق ابوابها بسبب الخسائر التى تتعرض لها “بصراحة “ أصحاب دور العرض الأن يبحثون عن الأفلام التى تنعش ايرادات السينما بغض النظر عن نوعيتها وان الجمهور هو الذي يقرر نوع الأفلام وعن اهم السبل للارتقاء بالسينما قال : جهود كبيرة تتطلبها عملية النهوض بهذا الواقع المتردي قد يكون عن طريق تخفيف الضرائب أو الحرص علي عدالة الرقابة فى عدم تقبلها الرشاوى والمحسوبيات، وتخصيص قطع اراضى ومجمعات لدور العرض.

المهرجانات وأفلامها

اما المهرجانات السينمائية بأفلامها تتحدث بلغات العالم وشعوبها ولكن فى مصر الأمر مختلف فالمهرجانات ضعيفة جدا ودائما ما تعانى من سوء تنظيم كبير وغياب النجوم فالمهرجانات السينمائية فى مصر تدل على حال السينما ومعظمها ليست مصنفة عربيا حتى فلدينا المهرجان القومى للسينما مهرجان إسكندرية السينمائى والقاهرة السينمائى مهرجان جمعية الفيلم و مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما ولكن ليس هناك ثمة مقارنة بمثيلاتها العربية مثل مهرجان أبو ظبى السينمائى نفس الامر بالنسبة للأفلام المصرية اذ يفضل المنتجون المشاركة بأفلامهم فى مهرجانات عربية وهو ماحدث مؤخرا فى مهرجان أبو ظبى السينمائى الذى شارك فيه فيلمان مصريان هما “فيلا 96”و “فرش وغطا” وعندما نزل فيلم “فرش وغطا” بدور العرض المصرية لم يستمر لأكثر من أسبوع الامر الذى يطرح علامة استفهام . ولكن بعض المنتجين ابدوا تفاؤلهم فالمنتج هانى فوزى جرجس وهو أحد اكبر المنتجين أكد ان السينما الان فى مرحلة تعافى وأنه متفائل بقرار رفع حظر التجوال مؤكدا ان الجمهور سيقبل علي شباك التذاكر … وقد اوضح ايضا ان فيلمة الجديد اسرار عائلية سيعرض قريبا بدور العرض وهو حاليا منتظر خروجه من الرقابة مؤكدا ان الجمهور المصري علي دراية كافية تجعلة يقبل علي فيلم ذي كفاءة ولا يقبل علي فيلم اخر مبتذل.

سينمات وسط البلد

كانت بداية رحلتنا من وسط البلد المعروفة بسينماتها الشهيرة حيث أكد يوسف سلام المدير الاداري بسينما “كوزموس ، لـ”الاهالي”، أن الإقبال على السينما أصبح ضعيفا جدا فسينما كوزموس تملك أربع صالات عرض يصل عدد المقاعد بها من 150 250 كرسيا من الممكن ألا يفتح منها الا واحدة على مدار اليوم  حتى الاعياد التى كانت تبعث دور العرض بعد موتها أصبحت لاتفرق كثيرا عن الايام العادية مثل عيد الأضحى الماضي طبقا لكلامه، مشيراً إلى أنهم كانوا ملتزمين بقرار الحظر والانتهاء فى الحادية عشرة مساء، وهو ما كان يدفعهم لعدم إقامة حفلات منتصف الليل ولكن حتى بعد انتهاء الحظر والاقبال محدود للغاية ويقتصر فقط على الشباب واذا كانت هناك مشكلة بآلة عرض الأفلام تؤثر على جودة الفيلم أكد أن سينما كوزموس تتبع لشركة خاصة أى أن يتم تزويد القاعات بأحدث الأساليب التقنية الحديثة من تركيب آلات عرض وتحديث النظام الصوتي وتطوير نظام الدفاع المدني والحريق والأعمال الكهروميكانيكية واستخدام آلات عرض حديثة ومتطورة وهناك مهندسون لكل تلك المشاكل التى من الممكن أن تواجههم ولكن المشكلة أكبر بكثير من تلك المسائل.

ففى ذات السياق تحدث “هانى عبد الرحيم” مدير سينما “مترو” وايضا “أحمد مدحت” مدير سينما “ميامى” وأكدا أن السينما أصبحت للشباب فقط وأن الحالة الأمنية والاقتصادية منذ ثورة 25 يناير وايضا 30 يونيو اثرت بشكل كبير للغاية على حالة السينما كذلك وأن الايرادات أصبحت غير كافية لتجديد السينمات لعمل عنصر جذب للجمهور أو تخفيض سعر تذكرة الدخول للسينما فهم فى عرض تذكرة واحدة حسب كلامهما.

سينما المولات تكسب

مثلما اختلفت سينمات القطاع الخاص عن العام هكذا كان هناك فرق ايضا بين دور العرض فى المولات عنها فى الشوارع وهذا ما اتضح من خلال جولتنا فسينما المولات تتمتع بوجود عنصر جذب لدى الجمهور بالاضافة أن الاجواء داخل صالة العرض جيدة علاوة على ذلك أن هناك أمنا كاملا على ابواب تلك المولات ولكن “كله بتمنه “ فجمهور سينما المولات من نوع خاص فالتذكرة تتراوح بين اربعين وخمسين جنيها فيما أكثر بفارق كبير عن سينما الشارع. لجأت الكثير من سينمات وسط البلد الى إطفاء انوارها لعدة اسباب أولها قلة الايرادات التى يحصل عليها أصحاب تلك السينمات فى حين حولت بعضها نشاطها الى أشكال أخرى وهذا ما أكده أحد أصحاب المحلات المجاورة لسينما” ليدو” بتقاطع شارع أبو العلا بمنطقة وسط البلد وهى سينما تابعة لشركة مصر للصوت والضوء والتى تعرضت لحريق منذ سنوات والى الآن لم تستطع أن تعود مرة اخرى ولآن مشروع تطويرها يحتاج الى تكلفة كبيرة غير متكافئة لما ينتج عنها من ايرادات كذلك تم اغلاق سينما “ريتس” وسينما “محمد على” بوسط البلد التى تحولت من مكان لعرض الأفلام الى محلات لعرض الملابس المستعملة. . فوسط البلد تمتلك الان حوالى عشر سينمات هي “سينما ديانا –وكوزموس -كايرو بلاس-اديون ومترو –اوليمبيا –هيلتون رمسيس–ميامى – فيكتوريا- قصرالنيل-ديانا-داون تاون”. تبين أيضا أن إجمالى عدد قاعات العرض داخل السينمات العشر المفتوحة فى وسط البلد، يبلغ 32 قاعة عرض، بينما إجمالى عدد المقاعد فيها جميعا يبلغ 11664 مقعدا، بمتوسط 1166 مقعدا فى السينما الواحدة، و364 مقعدا فى قاعة العرض الواحدة. أما أسعار التذاكر تراوحت بين عشرة جنيهات كحد أدنى، وثلاثين جنيها كحد أقصى حسب احصائية جريد”منطقتى”. اذا كانت هناك العديد من السينمات التى أغلق ابوابها فهناك ايضا سينمات لاتصلح ففى سينما “ماجدة” و”مروة”بحلوان الأفلام على الارصفة بين الباعة الجائلين وزبائنهم وليست داخل السينما فمشهد الباعة الجائلين لا يمكن وصفه فمدخل السينما ضيق جدا يكاد لايرى فبعد أن تترك الباعة لتدخل الى السينما من الداخل تتمنى أن تعود مرة اخرى للخارج فأول ماتقع عيناك عليه هى تلك الكافتيريا البدائية جدا فى مكوناتها الاشبه “بالغرزة “ فهى خانقة ولا تهوية بها وتحت الارض الامر الذى يجعلك تراجع نفسك مرة اخرى قبل شراء تذكرة والدخول الى صالة العرض ثم بعد ذلك بعد أن يأتى ميعاد العرض يفتح لك بابين خشبيين وبعد خطوات قليلة تصبح داخل القاعة الرئيسية لسينما ماجدة ليعود بك الزمن الى منتصف السبعينات وبعد أن يسدل الستار على الفيلم تخرج بقرار انك لن تذهب إلى سينمات مرة اخرة . فى حين اكد “محمد أبو العلا” مدير سينما ماجدة أنهم ارسلوا شكاوى للحي بسبب الباعة الجائلين المنتشرين حول السينما ولكن دون جدوى و السينما لا تأتى بايرادات تمكنها من اعادة تجديدها ليعود الجمهور إليها فايرادات السينما أصبحت قليلة للغاية طبقا لكلامه.

الآمر لم يختلف كثيرا داخل سينما جاردن سيتى بقصر السينما فأجهزة العرض متهالكة الصوت يبدو متقطع جدا واحيانا يختفى تماما . ورغم أن جمهور الأحياء الشعبية هو الجمهور الحقيقي للسينما “ الا أن من خلال البحث نما الى علمنا أن منطقة روض الفرج يوجد بها العديد من السينمات التي اغلقت ولم يعد لها اثر، منها سينما الصيفي وألف ليلة وليلة، والتي هدمت ويوجد مكانها برج سكني الآن وكذلك سينما “فونتانا”بالمعادى كما يوجد فى منطقة شبرا من 8 الى 9 دور سينما، منها مسرة ودوللي وشبرا بالاس.

السينما VS الإنترنت

يعيد البعض أسباب تراجع السينما وشبه اختفاء جمهورها بهذا الشكل إلى قرصنة الأفلام وسرقتها عن طريق الانترنت وتسريبها على “اليوتيوب” من دون الرجوع للمنتج ويجعل

الذهاب للسينما أمرا غير مرغوب فيه فى ظل وجود الأفلام على الانترنت مما كبد منتجي الأفلام خسائر مالية فادحة وبالتالى توقفهم عن الانتاج لفترات طويلة مما يضر بالسوق السينمائى وكل العاملين به . كذلك يتم قرصنة الأفلام من قبل العديد من القنوات التلفزيونية فطبقا لكلام “سيد فتحى”رئيس غرفة صناعة السينما” فى الاجتماع الاخير الذى جاء تحت عنوان “انقاذ صناعة السينما” برئاسة زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الى جانب اعضاء الغرفة أنه يوجد أكثر من 10 قنوات، تم فتحها عقب ثورة 25 يناير الى جانب وجود أكثر من عشر قنوات اخرين ، تخصصت فى قرصنة الأفلام السينمائية وأفلام دور العرض و أكد أنه سيتم التصدى لها بكل قوة وحزم ووضع رقابة شديدة على مثل تلك الأفعال.

التعليقات متوقفه