فى المؤتمر الأدبى لإقليم القاهرة وشمال الصعيد ..الثقافة المصرية فى مواجهة التطرف

32

متابعة:  عيد عبدالحليم

 تحت عنوان “الثقافة المصرية والمستقبل” أقام إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد مؤتمره الثقافى الرابع عشر بمحافظة الفيوم والذى افتتحه د. حازم عطية الله محافظ الفيوم والشاعر سعد عبدالرحمن – رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومنيرة صبرى – رئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، ود. مدحت الجيار نائبا عن د. محمد عبدالمطلب رئيس المؤتمر، والأديب أحمد قرنى أمين عام المؤتمر.

وتضمن المؤتمر عدة جلسات بحثية: جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان “الثقافة المصرية والمستقبل” وأدارها الشاعر محمد بغدادى وشارك فيها كل من الكاتب الصحفى نبيل زكى والناقد د. مدحت الجيار والناقد ربيع مفتاح، بالإضافة إلى بحث مقدم من الناقدة فريدة النقاش تحت عنوان “مستقبل الثقافة فى مصر والتى لم تحضر المؤتمر لظروف صحية.

وأشارت النقاش فى بحثها إلى أن مستقبل الثقافة فى مصر يرتبط ارتباطا وثيقا بالعدالة الاجتماعية الشاملة كصيرورة تتطور وتتجدد بانبثاق احتياجات جديدة للمجتمع ويظل تطوير التعليم كما نادى به “طه حسين” وتعميمه ومجانيته عاملا مؤسسا لتذويب الفوارق بين الطبقات، كما طالبت “الناصرية” مع تغيير جذرى فى مناهج التعليم لتتخلص من التلقين وتعتمد المنهج النقدى أساسا لها، وتعلم التلاميذ كيف يطرحون الأسئلة ويرفضون الإجابات الجاهزة وكيف يستفيدون من الثورة المعرفية فى العالم.

ما بعد العولمة

 وفى بحثه المعنون بـ “الثقافة العربية فى المرحلة الثانية من العولمة” أكد د. مدحت الجيار أنه لا يمكن للثقافة العربية أن تعيش فى معزل عن العالم، وعلى الرغم من توجهها عبر التاريخ اتجاه الشمال واتجاه الشرق، فإنها تحاول الوقوف بثبات أمام موجات فقد الهوية، باستدعاء العناصر الحية النامية من قوتها العقلية والعلمية والروحية، تاركة عوامل الجمود، لتصاغ الثقافة العربية الحالية بصياغة تستوعب مرحلة العولمة الثانية التى تجتاح العالم، كما استوعبت الأجيال السابقة الموجة الأولى من العولمة، أما التقدم التكنولوجى الذى يجتاح العالم الآن فالثقافة العربية تستوعبه وتتمالك قوتها.

وأضاف الجيار قائلا: تقوم الحداثة الثقافية والعلمية والروحية على لحظة إدراك مكثف للماضى والحاضر وتنبع الحداثة من حساسية جديدة، ومن إدراك مغاير لعناصر تشكيل الوعي.

وفى بحثه المعنون بـ “الهوية والتنوع الثقافي” أشار نبيل زكى إلى أن الثقافة المصرية، على مر الأزمنة، ظلت تعنى بالبحث والتنقيب والظفر بمعانى الحق والخير والجمال والعدل، وكل القيم التى من شأنها إصلاح وترقية الوجود الإنساني، ونحن فى عصر صارت فيه الثقافة فى كل مكان، ولم تعد ملكية خاصة بالمثقفين أو الأدباء، ولسنا فى حاجة إلى التذكير بأن التنوع الثقافى لا يتعارض مع احترام خصوصية ثقافة المجتمعات.

وأضاف زكى قائلا: إذا كانت الهوية هى مجموع الملامح والمقومات والخصائص التى تمنح الأمة تفردها واختلافها عن غيرها من الأمم، وتحدد استجابتها ومواقفها وسلوكها إزاء ما تتعرض له من أحداث، وطريقة تعبيرها عن نفسها فى الفنون وجميع أنشطة التغيير الحضاري، فإننا نجد – رغم ذلك – من يتعلق بأوهام دولة الخلافة التى تمتلك الحلول لكل شيء وحتى لو كانت على حساب الهوية المصرية، وأصبحت مهمة المثقفين الآن هى تحقيق التحرر الثقافى والفكرى فى مواجهة شيوع أفكار غيبية وعقائدية تحت مظلة توجه سياسى بالإضافة إلى غزو ثقافى يسعى إلى طمس الهوية المصرية وإسقاط الدولة الوطنية وإلغاء فكرة الوطن والوطنية.

وتحدث ربيع مفتاح عن “الثقافة المصرية.. رؤية مستقبلية” مشيرا إلى الدور الذى يجب أن تلعبه المؤسسات الثقافية الرسمية لمواجهة التيارات الظلامية، خاصة الدور المنوط بالهيئة العامة لقصور الثقافة التى كان الهدف منها منذ إنشائها هو وصول الثقافة بكل عناصرها إلى كل الجماهير.

رؤى متعددة

وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان “تعدد الرؤى فى الثقافة المصرية” وأدارها الشاعر عيد عبدالحليم وتحدث فيها د. رمضان بسطاويسى والباحث رضا عطية فأكد د. بسطاويسى فى بحثه “تعدد الرؤى الثقافية فى النص الأدبي” على أن تعدد الرؤى الثقافية مرتبط بفكرة الحرية، فإذا كانت الحرية متداخلة فى الإبداع فإن الحديث عن الإبداع هو حديث عن الحرية.

وأضاف د. بسطاويسى أن الثقافة المصرية فيما بعد الثورة أمامها رسالة مهمة وهى إقامة مجتمع حديث يقوم على مفهوم المواطنة التى تضمن المساواة بين جميع المواطنين، خاصة أن الحالة الثقافية فى مصر شهدت فى السنوات الأخيرة صحوة قوية تتجلى ليس فقط فى أعداد الكتب المنشورة وتكاثر المكتبات، ولكن أيضا فى ازدياد أعداد الجماعات الثقافية المستقلة ومنتديات الكتب والمدونات.

وتحدث رضا عطية عن “ضرورة تحطيم تابوهات الماضى وإصلاح التعليم”.

أما الجلسة الثالثة فأدارها د. محمد السيد إسماعيل وشارك فيها د. أحمد تمام وخالد الصاوى وعمر شهريار، فأشار خالد الصاوى فى بحثه “الهوية المصرية والحراك الثقافي.. فى مواجهة الأصولية الاستبدادية” مؤكدا أن الهوية المصرية لا تقبل الفرض القسرى على أنماط تفكيرها لذلك رفضت الأصولية الاستبدادية، ورفضت كذلك عصر التبعية الثقافية والفكرية للعولمة، وفى الثورة المصرية ثارت الهوية المصرية على الفكر الأصولي.

أما الجلسة المخصصة للشخصية المكرمة وهى الأديب الكبير سليمان فياض فتحدث فيه الكاتبة سمر إبراهيم والروائى محمد إبراهيم طه ود. نبيل الشاهد وأدارها الشاعر شعبان يوسف – والذى أشرف على إعداد الكتاب الخاص بتكريم فياض – حيث قال شعبان: “إن فياض اختصرته الحياة الأدبية فى روايته الجميلة “أصوات” ولكنه صاحب إبداعات عديدة أخرى فهو صاحب “عطشان يا صبايا” و”بعد الطوفان” و”أحزان حزيران” و”القرين” و”وفاة عامل مطبعة” وغيرها من الإبداعات الكثيرة اللافتة والمؤثرة والفاعلة.

وقد خرجت عن المؤتمر عدة توصيات منها إعلانه التمسك بالتوصية الدائمة فى المؤتمرات الثقافية وهى الرفض لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، كما أوصى المؤتمر بالإسراع فى تنفيذ خارطة الطريق والعودة إلى الحياة الدستورية، وطالب بضرورة اختيار أعضاء لجان المجلس الأعلى للثقافة بالانتخاب.

كما أعلن المؤتمر رفضه لكل أشكال الملاحقة والمصادرة للكتاب والمبدعين وفرض أى رقابة مسبقة على الإبداع.

كما أدان المؤتمر كل أشكال العنف فى المجتمع، وحث المؤتمر وزارة التعليم والثقافة والشباب والتعليم العالى بالتعاون الحقيقى فيما بينها لإثراء الحياة الثقافية فى ربوع مصر.

بقى أن نشير إلى الجهد الذى قام به العاملون فى الهيئة العامة لقصور الثقافة من إدارة الشئون الثقافية برئاسة الشاعر محمد أبوالمجد والإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة الروائى فؤاد مرسي، وإدارة الثقافة العامة بإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد برئاسة محمد سعيد.

التعليقات متوقفه