بعد قرار إعتبارها جماعة إرهابية مصير مدارس الإخوان فى يد وزير التعليم .. أسرار وخبايا حول أساليب الإدارة الإخوانية للصروح التعليمية

69

بقلم : لبيبة النجار

بعد صدور قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وخضوعها للمادة 86 من قانون العقوبات ، وصدر حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر أنشطة تنظيم الإخوان، أصبح مصير مدارس الإخوان فى يد قرار واضح وصريح وعاجل من وزارة التربية والتعليم ، حيث لم تعد هناك أي حجة للتأخر فى وضع مدارس الإخوان تحت الإشراف الكامل الإداري والمالي والتربوي لوزارة التربية والتعليم ، ويحتاج الرأي العام وأولياء الأمور إلى معرفة الحقائق أولاً بأول حول حقيقة أوضاع هذه المدارس ومصيرها بعد صدور القرارات الأخيرة .

فمنذ نشأت جماعة الإخوان فى عام 1928 وضعت الجماعة التعليم على قائمة أولوياتها، وبدأت فى إنشاء رياض الأطفال والمدارس ، ومنذ توليهم مقاليد الحكم فى 30 يونيو 2012 بدأوا فى دعم عملية انشاء المدارس الجديدة والإعلان عما لديهم من مجموعات مدارس قديمة.

وتبين الإحصائيات المختلفة أن لدينا ما يقرب من 61 مدرسة إخوانية فى بعض الأقوال، بينما يحددها البعض بما يزيد علي 100 مدرسة ، ويؤكد آخرون أن عدد مدارس الإخوان فى مصر لا يقل عن 137 مدرسة ، منها 20 مدرسة بالقاهرة و14 بالجيزة، أما باقي المدارس فهى موزعة على مختلف محافظات مصر، وتخطى عدد المدرسين بها 50 ألف مدرس أغلبهم بعقود مؤقتة ، ومن أشهر المدارس الاخوانية مدرسة «المقطم الدولية» التي يملكها القيادي الاخواني عدلي القزاز، و«جني دان» المملوكة لخيرت الشاطر، و«الجيل المسلم» المملوكة لمحمد السروجي، و«الروضة» ويملكها القيادي أحمد الحلو، ومدرسة «أمجاد» المملوكة لكاميليا العربي، ومدارس «فضل الحديثة» المملوكة لزوجة عصام العريان، ومدرسة «تاجان» بالتجمع الخامس ، ومدارس ابن لقمان والبشاير التابعة لقيادات من الجماعة، فضلاً عن المدارس الاخرى الموجودة فى المحافظات .

مدارس ابنة الشاطر :

وبعد أن تداولت الصحف ووسائل الإعلام الحديث عن مدارس الإخوان سارع أغلب أصحاب هذه المدارس وأغلب مديريها بالتصريح بأنهم ((ليسوا من الإخوان)) ، وأجرى زوج ابنة الشاطر صاحب مدارس«جني دان» الدولية اتصالاً بوزارة التربية للقاء الدكتور محمود أبو النصر ، وخرجت وسائل إعلام الإخوان تهلل بأن الوزير قد تراجع عن قراره بالإشراف على هذه المدارس الإخوانية بعد اقتناعه بأنها ليست مخالفة ، بينما كشفت مصادر مسئولة بوزارة التربية والتعليم عن تفاصيل هذا اللقاء الذي تم فى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر الماضي بين وزير التعليم وزوج ابنة القيادى الإخواني خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة، حول مدارس جني دان الدولية ،

وأكدت مصادر بالوزارة أن اللقاء لم ينتهِ باستبعاد تلك المدارس ومدارس مستشار وزير التعليم السابق المنتمي للإخوان، عدلي القزاز، من وضعها تحت إشراف الوزارة، وأن اتهام الوزير باتخاذ تلك الخطوة غير صحيح.وقالت المصادر إن زوج ابنة خيرت الشاطر كان قد أجرى اتصالاً بالوزارة لتحديد موعد للقاء وزير التعليم لأمر مهم، فوافق الوزير، حيث حضر زوج ابنة الشاطر بصحبة قياديين سابقين بإحدى الجهات الأمنية بالمعاش، وقال: «لست إخوانيًّا، والمدارس التابعة لي تسير وفقًا لتوجيهات الوزارة».

وأوضحت المصادر أن وزير التعليم عقب سماعه تلك الجملة طلب من أفراد مكتبه إحضار «سي دي» خاص بالطابور المدرسي للمدارس التابعة له، حيث يبدأ بجملة «جهادي جهادي»، الأمر الذي يثبت مخالفة المدرسة بالصوت والصورة، فضلاً عن تجاهل تحية العلم، واستبدال النشيد الوطني ، ولفتت المصادر إلى أن وزير التعليم أنهى هذا اللقاء بقوله: «لا يوجد دليل أكبر من ذلك لإثبات وجود مخالفات بالمدارس»، ليغادر زوج ابنة الشاطر ومن معه مكتب الوزير فى صمت.من جانبه، أكد الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، التزامه بتنفيذ حكم المحكمة الخاص بالتحفظ على المدارس التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، موضحًا أنه لم يتأخر فى تنفيذ القرار، وأوضح «أبوالنصر» أن اللجنة المشكّلة لحصر قائمة بأسماء المدارس التابعة لـ«الإخوان» لم تنتهِ من عملها بعد، مشددًا على أنه سيتم وضع كل مدرسة خاصة مخالفة للقواعد تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة، وذلك بغض النظر عن كونها تابعة لـ«المحظورة» أم لا.

ونوه الوزير إلى أن لجان التفتيش التي تم تشكيلها منذ بداية العام الدراسي، أفادت بوجود نحو 90 مدرسة مخالفة، تنوعت ما بين إغفال لقواعد الأمن والسلامة، أو عدم الالتزام بتحية العلم وترديد النشيد الوطني، وكذلك عدم تجديد التراخيص للمبانٍي التعليمية، وقبول طلاب فوق الكثافة المسموح بها فى الفصول، والتعاقد مع معلمين غير متخصصين ،وكشف مصدر بالوزارة أن من بين المدارس الـمخالفة 76 مدرسة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن الوزارة بدأت بالتفتيش على مدارس جماعة «الإخوان» أولاً، حسب قوله. ومن بين هذه المدارس، تأتي مدارس «جني دان» التابعة لخديجة، نجلة خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، ومدارس «المقطم»، التابعة للمهندس عدلي القزاز، أحد أعضاء الجماعة، مستشار وزير التعليم السابق للتطوير، ومدارس «بن لقمان» و«البشاير» المتكاملة المملوكة لقيادات بالجماعة.

مدرسة إخوانية أمريكية :

ويحرص المسئولون فى مدرسة جني دان الدولة على تكرار عبارة ذات دلالة تقول : (إحنا صحيح مدرسة أمريكية لكننا فى نفس الوقت مدرسة إسلامية، لا نستقبل طلبة أو مدرسين أقباطاً).

على طريق مدينة نصر – المعادى بالهضبة الوسطى بمنطقة القطامية، يظهر مبنى كبير تتوسطه كلمات محفورة باللغتين العربية والإنجليزية، تشير إلى «مدارس جنى دان الدولية» المملوكة لأسرة خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان التي صدر حكم قضائي بحظر نشاطها ، وصدر قرار وزاري باعتبارها جماعة إرهابية ، حيث يوجد سور حديدى مرتفع يحيط بالمدرسة الدولية، يشتمل على عدة بوابات، جميعها مغلقة، فيما عدا بوابة صغيرة جانبية لاستقبال الزوار، خلف البوابة يستقبلك فرد من الأمن لا يسمح لك بالمرور إلا بعد تسليم بطاقتك الشخصية «نظرا للدواعى الأمنية» – على حد قوله.

وتحرص مدرسة جنى دان الدولية على تخصيص زى موحد للمعلمات بها، فجميعهن يرتدين عباءة لونها زيتى وحجاب أبيض، حتى المعلمات الأجانب يرتدين نفس الملابس وجميعهن مسلمات، وتفصل المدرسة بين الطلبة والطالبات داخل الفصول بعد مرحلة رياض الأطفال، والمدرسة المملوكة للقيادى الإخوانى تبدأ مصاريفها من 31 ألف جنيه فى المرحلة الابتدائية، وتزيد 800 جنيه كل عام.  أما عن المناهج الدراسية بالمدرسة يقول أحد الموظفين العاملين بالمدرسة: (جنى دان) لا تختلف عن المدارس الدولية، فيما عدا حفظ القرآن، لأن المدرسة تلتزم بتحفيظ القرآن يوميا للطلبة، إلى جانب بناء الشخصية، وينقسم إلى شقين: دينى يتمثل فى علوم الشريعة مثل الأزهر الشريف، والآخر دنيوى ويتمثل فى تهيئة التلميذ للتنمية البشرية مثل التخطيط للمستقبل وكيفية استثمار الوقت.

مدرسة أمجاد الدولية :

حرصت إدارة «مدرسة أمجاد»، التى تملكها كاميليا العربى على تعليق ثلاث لافتات على واجهات المدرسة تنفى انتماءها لأى تيار سياسى، مؤكدة حرصها على مصلحة مصر، وأن المدرسة تتبع جمعية أحباب الله لتنمية المجتمع، وهى إحدى الجمعيات الخيرية.

وعندما تولى محمد مرسى رئاسة الجمهورية ظهرت نقطة التحول الرئيسية فى تاريخ مدرسة أمجاد، فالمدرسة استقبلت «نجلاء على بشر» زوجة الرئيس المعزول ثلاث مرات أثناء حكمه، وقامت خلال الزيارات بتكريم العاملين بالمدرسة، وفى الأخرى بتكريم الطالبات، أما الثالثة فكانت زيارة شخصية لكاميليا العربى والتى تربطها علاقة صداقة بزوجة الرئيس المعزول، حسب قول بعض الموظفين بالمدرسة ، وهي نفس المدرسة التي شهدت عملية تفتيش بها بعد وجود بلاغ يفيد بوجود أسلحة فى المدرسة ، إلا أنه لم يثبت صحة البلاغ. وتتبع مدرسة «أمجاد الدولية» نظاما خاصا بها، فهى تمنع اختلاط المعلمين والمعلمات داخل المدرسة، فالمعلمات لهن مبنى خاص منفصل عن مبنى المعلمين، بالإضافة إلى فصل التلاميذ بعد مرحلة رياض الأطفال، وتلزم المدرسة المعلمات بارتداء عباءة سوداء وحجاب لونه مرتبط بالمرحلة الدراسية التى يدرسونها، ولا تستقبل المدرسة تلاميذا أو معلمين أقباطا، ومصاريف المدرسة تصل إلى 14 ألف جنيه فى العام، واستمارة إلحاق التلاميذ بالمدرسة تصل رسومها إلى 250 جنيها.  ورغم تأكيد كاميليا العربى انقطاع الصلة بينها وبين شقيقها الممثل وجدى العربى، أحد أنصار الرئيس المعزول وأحد رموز منصة رابعة العدوية.. حسبما نقل بعض أولياء أمور الطلاب فإن ذلك لم يكن مبررا كافيا من وجهة نظرهم كى يدفعهم للإبقاء على أطفالهم فى المدرسة.

مدرسة فضل الخاصة :

وتختلف أقوال الموظفين فى مدرسة فضل حول علاقتها بعصام العريان والإخوان ، فمنهم من يقول أن عصام العريان على صلة قرابة بصاحب المدرسة إلا أن زوجته لا تمتلك أسهما بها، ومنهم من ينفى ذلك مؤكدا أن زوجة عصام العريان تمتلك أسهما بالمدرسة، ولكنها ليس لها مكتب خاص. وتقع مدرسة فضل الخاصة فى أحد الشوارع الجانبية بمنطقة الطالبية بحى الهرم، وقد حرصت إدارة المدرسة على تعليق لافتة فى صالة الاستقبال تنفى انتماءها لأى فصيل سياسي ، لكن العاملين حيث يريدون نفى الحقيقة يعترفون بها ، حيث يرى بعضهم أنه ليس عيباً أن المهندس عمرو صاحب المدرسة كان يذهب إلى رابعة لمناصرة الدكتور مرسى، فكل واحد حر فى رأيه، وليس معنى ذلك أن المدرسة تابعة للإخوان المسلمين ، لكن آخرين يؤكدون أن مدرسة فضل تقبل التلاميذ الأقباط، ويشتغل بها معلمون أقباط منذ افتتاحها منذ ما يزيد على الثلاثين عاما، وأن هذا يؤكد ، فى رأيهم، أن المدرسة لا تنتمى إلى جماعة الإخوان التى لا تستقبل التلاميذ الأقباط فى مدارسها ، لكن هذا لم يمنع بعض أولياء الأمور من سحب ملفات أبنائهم من المدرسة بعد ظهور أحاديث عن امتلاك زوجة القيادى الإخوانى عصام العريان أسهما فى المدرسة.

مدارس الإخوان تربوياً :

قبل وصول الإخوان للحكم فى عام 2012 كان الإخوان يخافون من الإعلان عن المدارس التابعة لهم، إلا أنهم بعد توليهم الحكم أفصحوا عنها وكانوا يتباهون بها، مؤكدين أنها لا تقل كفاءة عن مدارس الكاثوليك، خاصة بعد سيطرتهم على وزارة التربية والتعليم، من خلال تعيين أغلب مستشارى الوزير مثل: عدلى قزاز مستشار الوزير وصاحب مدرسة «المقطم الدولية»، ومحمد السروجى المستشار الإعلامى للوزير السابق وصاحب مدارس (الجيل المسلم). ويحذر العديد من خبراء التربية من مدارس الإخوان المسلمين على العملية التربوية، حيث إن وظيفة المدرسة الأولى هي صناعة مواطن فى ظل مجتمع مصرى تختلف أطيافه على المستوى الدينى والاقتصادى والاجتماعي والثقافى والعمرانى، فالمدرسة يجب أن تجمع كل هذه المكونات فى جذع واحد لشجرة ضخمة، أما الإخوان فلا يغرسون مبدأ المواطنة فى عقول التلاميذ بمدارسهم، بل يحرصون على نمو جذر واحد إخواني فى الشجرة لتتحول إلى مجموعة من الأعشاب والحشائش وليس شعبا حقيقيا ، والدليل الواضح والمباشر هو استبعاد الأقباط من مدارسهم، والبدء فى تغيير المناهج، وإن كانت سنة واحدة فى الحكم لم تكن كافية لتنفيذ ذلك، لكنهم استطاعوا وضع مصطلح (أهل الذمة) فى كتاب المواطنة وحقوق الإنسان بالصف الثانى الثانوى، وكتاب المطالعة بالصف السادس الابتدائى، ولو كانوا استمروا فى الحكم أكثر من ذلك كانوا سيغيرون المناهج بما يخدم أهداف الجماعة. وقد بدأت ظاهرة المدارس الإخوانية تتزايد منذ ما يقرب من 20 عاماً، حيث تشترط المدارس التابعة للإخوان أن يكون المدرس إخوانياً، والمدرسات محجبات، ويتم استبعاد غير المحجبات والمسيحيات والمسيحيين أيضاً، وفى حالة إرسال الوزارة لمدرسة غير محجبة يتم رفضها بأي حجة، بادعاء أنها غير منتظمة أو لا تقوم بعملها كما ينبغي حتى يتم استبعادها، وتتراوح مصروفات تلك المدارس خاصة التي يملكها عدلي القزاز وخيرت الشاطر، من 20 – 32 ألف جنيه سنوياً.

الإخوان والإرهاب :

ويقول خبراء التربية إن خطورة هذه المدارس ذات الميول الإخوانية تكمن فى أنها تتعامل مع الأطفال منذ الصغر، ومرحلة الطفولة هذه يتم فيها تشكيل شخصية الطفل، والتعليم فى الصغر كالنقش على الحجر ، فإذا تربي الطفل منذ الصغر علي قيم ومفاهيم معينة تظل راسخة فى ذهنه، ويصعب تغييرها بعد ذلك، وفى هذه المدارس قد يتم زرع مبادئ التطرف والتشدد، فيصبح الطفل بعد ذلك قاسي القلب، تمت تربيته علي السمع والطاعة والتعصب، ومن هنا ينشأ الإرهاب.

وعلى الدولة أن تحسم هذه المسألة، بأن يتم تفويض وزارة التربية والتعليم فى إدارة تلك المدارس وتحويلها إلي مدارس تجريبية، تقوم على مبادئ المواطنة ، وتفتح أبوابها للأطفال من جميع الفئات والأطياف والأديان، وتقوم مناهجها الدراسية على قواعد الوطنية والهوية المصرية متعددة المصادر متنوعة الثقافة والمصادر المعرفية،  مع التأكيد علي أن يكون مدرس الدين من خريجي الأزهر، كما أن المناهج كلها خاصة مادة التربية الدينية يجب أن تتم مراجعتها وتخليصها من كل أشكال وعناصر الفكر المتطرف والطائفى ، باختصار يجب أن تحكم الدولة سيطرتها علي تلك المدارس حتي لا يتم استغلالها بطريقة خاطئة، وحتى لا تكون منبعاً للتشدد والتطرف والتعصب والإرهاب فيما بعد.

التعليقات متوقفه