فى الذكرى الثالثة لاندلاعها :هل هناك إبداع لثورة 25 يناير؟

25

تحقيق : نورهان عادل

ففى الذكرى الثالثة للثورةووسط مشهد لا يزال شائكا فى شتى الجوانب ، كان لافتا ظهور كثير من الأعمال الإبداعية بداية من رسوم الجرافيتى  بين الكتابة التسجيلية والروائية والقصصية وقصائد الفصحى والعامية  مرارا بمذاكرات ومعارض للفن التشكيلي، وصولا للموسيقى والغناء والمسرح فهل حقا افرزت الثورة حالة من الابداع  بعد أن ساهم هو فى التحريض على الثورة؟  وهل تم بلورة ابداع الثورة أم انه لايزال فى مرحلة النضج؟وهل تغير مضمون الفن والابداع بعد الثورة؟ هذ ه الاسئلة طرحتها “الاهالى” على الشخصيات الثقافية الفاعلة في المشهد الإبداعي والفكري المصرى.

يقول الكاتب والروائى دكتور”زين عبد الهادى” انه ليس من الممكن الحكم على الإبداع الآن، لأن احداث الثورة لم تعد مؤكدة على الإطلاق انتهاؤها بشكل كامل، بمعنى أن الثورة أصبحت الآن على المحك، الشعب ينتظر أن تتحقق آماله وطموحاته، وهناك كثير من الأحداث المربكة للناس عامة والمبدعين بشكل خاص ، أي أن فكرة الأمة المصرية والقومية المصرية والروح المصرية كان يمكن أن تذوب وتنتهي تحت أقدام من يبحثون عن مجد قديم انتهي منذ أكثر من ألف عام، هذا هو الخطير جدا في الموضوع.

واضاف عبد الهادى انه على الإبداع أن يهتم بقضيتين القضية الأولى هي قضية “الموضوع” بمعنى أن تشغله فكرة تعزيز الهوية المصرية، وكيف يمكن أن نعيد تشكيل العقل المصري ليستوعب أن جذوره متعددة ومترامية الأطراف ولا يحكمها فصيل ديني أو سياسي، وإنما تاريخ هذه الشخصية هو الذي يحكمها، والقضية الثانية هي قضية الشكل إذ أن على الإبداع أن يبتعد عن المباشرة الفجة ويلجأ إلى أشكال جديدة للتعبير عن قلب الثورة ونبضها.

وأعتقد أن الإبداع الآن في مرحلة هضم ماحدث ويحدث، أما تأثير ذلك فإنه يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل حتى يمكن القول بأن الثورة وصلت إلى الإبداع، لأن الإبداع ينتظر التحولات السياسية والاقتصادية العظيمة – المأمولة- حتى يمكنه التعبير عن الثورة، وإن لم يحدث ذلك، فإن الإبداع سينتظر طويلا.

الثورة والفن التشكيلى

الفن التشكيلى مثله مثل باقى الفنون ان لم يكن اكثرها ظهورا على خلفية الثورة فقد غصت المعارض والفنون بأعمال متنوعة عكست روح الثورة فقد فجرت ثورة 25 يناير الطاقات الفنية الكامنة لتتأكد مقولة أن الثورات تصنع فنانيها.

يقول الكاتب والفنان التشكيلى “عز الدين نجيب” أن اول مطالب الثورة كان التغيير وبالفعل بدأ الابداع الفكرى من أن فكر الشباب فى الثورة على نظام طالما شوه إبداعه ومن هنا بدأ التغيير والابداع ويؤكد نجيب انه رغم تنامى الحالة الابداعية مع والثورة وفيما بعدها ورغم ظهور مواهب شابة على الساحة خاصة بعد أن قاموا بالتعبير عن آرائهم من خلال مواهبهم الإبداعية من الشعر والاغانى الوطنية التى تعبر عن روح ثورة 25 يناير الا أن “الثقافة التحتية “للمصريين لا تزال راسخة وهى  تشمل أيضا جوانب سلبية تقاوم عملية التغيير وخصوصا فى ظل ارتفاع الأمية الهجائية فى مصر والتى “لا تزال من أعلى نسب الأمية فى العالم”، وتضاف إليها الأمية الثقافية والجمالية وكلها عوامل تحث على الاستكانة وتحول دون الثورة ويجب أن تقع تحت طائل المثقفين والدولة. وأكد نجيب أن الفن التشكيلى  ظهر بوضوح بعد الثورة بعد كان يعانى شيئا من الركود فأصبحت  هناك أعمال مرتبطة مباشرة بالثورة أى أنها من قلب الحدث وحوله، أو كانت أعمالا مصرية مقدمة تحية للثورة..

تقول “هند حسن” فنانة  تشكيلية و مدرس مساعد بقسم الجرافيك كلية فنون جميلة جامعة حلوان أن الفن التشكيلى حقا رفع شعار التغيير بعد الثورة وأصبح له محبوه بعد أن الهمت الثورة مبدعيه حتى أن القاعات الفنية أصبحت تتنافس على أعمال من وحى ثورة 25 يناير ومثال على ذلك فقد  حصلت على جائزة صالون الشباب هذا العام لأن عملى كان من وحى الثورة فقد رسمت لوحة وترمز لها بامرأة تنتقل من واقع الركود إلى واقع جديد، حيث تخرج من كمونها نحو انطلاقة جديدة، وتتحرك إلى الأمام وهي مستمسكة بجذورها الحضارية والفكرية.

الادب والتحريض على الثورة

من جهته، يؤكد دكتور عماد عبد اللطيف، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة، أن الأدب ساهم فى صنع ثورة 25 يناير، فقد شكل ارضا راسخة حرضت الشعب على الثورة. يقول عبد اللطيف: «إن الروايات التي تناولت حياة المهمشين في العشوائيات، والتي كانت تصف الواقع الذي تعيشه مصر، قامت بالتحريض على التغيير  يضيف عبد اللطيف: «الأدباء بهذا المعنى شاركوا قبل الثورة، وشاركوا أيضا من الميدان، بل كانت أعمالهم تلهب حماس الثوار، مثل قصيدة في الميدان لعبد الرحمن الأبنودي”.

يقول عبد اللطيف: «هناك أعمال بدأت مع الثورة مثل قصائد كريم عبد السلام، أو اليوميات التي كتبها الروائي إبراهيم عبد المجيد (لكل أرض ميلاد). وهناك أعمال جيدة أيضا كُتبت بعد الثورة كل عمل له جماله وطزاجته. فأنا ضد من ينتقدون هذه الكتابات ويعتبرونها سطحية، وخالية من العمق. فأنا أتعامل معها من الناحية المجتمعية، وأرى أن الكتابة تنضج بالكتابة، ولا أرفض مفهوم أدب ما بعد الثورة فكل ما تتم كتابته جيد، ولنترك التاريخ يحكم عليه.

الابداع والجيل الجديد

الشاعر”سيد حجاب”   أكد أن ثورة يناير من الاساس ماهى الا ثورة ثقافية ولكنها لم تنشئ حركة ابداع لأن الشعب المصرى مبدع بطبعه ولكنها فجرت القوى الخلاقةوتوقع أننا على مشارف  ثورة إبداعية  تشهدها المجالات الفنية الثقافية المصرية المعاصرة وأضاف انه فى التحرير ولدت روح فنية جديدة، ربَّما غلب عليها العفوية ، لكن اكتشف المصريون قدرة هائلة على الإبداع ,اكد”حجاب” أن مرحلة مابعد الثورة مازالت تحتاج الى حالة من الاختمار حتى يستطع التعبير عن الثورة رغم ظهور العديد من المبدعين الصغار الذين اثبتوا أن الشعب المصرى حين يملك المقومات يستطيع التعبير عن هويته بمنتهى الرقى.

وأكد الأديب”ابراهيم عبد المجيد” أن التحدث عن  جيل  مابعد الثورة المبدع امر مازال مبكرا فمن  المؤكد ان هناك كتابات كثيرة ومتنوعة في القصة والشعر والرواية والمسرح والسينما لكن الحديث عن جيل مازال يحتاج بعض الوقت واكد ان فترة مابعد الثورة شهدت تركيزا على موضوع الثورة واحداثها ولكنها الان بدأت  تلتقط فكرة الثورة وتمسك بروح الاحداث بشكل اعمق لأن ثورة 25 يناير حقا اشعلت الابداع  .

روح الجرافيتى

يؤكد المخرج المسرحى “عمرو عابد” أنه بعد الثورة ظهرت حقا مواهب وتفحت افاق جديدة على واقع مغاير ومن أجمل ما حققت ثورة يناير أن هناك حالة من اليقين عند الشباب من ضرورة توظيف الموهبة ايا كانت بشكل صحيح  واضاف أن رغم تعدد اشكال الابداع والشباب الموهوب فى مصر أن الدولة  وحتى بعد الثورتين لاتزال جامدة فى التعامل مع الموهبة الحقيقية .واضاف أن الابداع بدأ من الشارع وعلى الجدران بفن الجرافيتى الذى نشأ مع الثورة وتطور بعدها ليواكب الاحداث فى محمد محمود ومجلس والوزراء فقد خلد الشباب صور الشهداء على الجدران. فى نفس السياق أكد “ناصر عبد المنعم” المخرج ورئيس المركز القومي للمسرح أن الموهبة ولدت وعبرت عن نفسها فى الميدان واضاف أن الجرافيتى من اجمل اشكال الابداع واكثرها عفوية  فالجرافيتى يتضمن سجلا فنيا من الاعتراض بالالوان واكد ان هذه الروح الابداعية لم تظهر فقط فى الفنون المعروفة ولكن من شعر رواية ولكن ظهرت فى الموسيقى وظهرت العديد من الفرق الموسيقية التى حملت روح الثورة واشار “عبد المنعم”الى الدور الذى لعبته قصور الثقافة بعد الثورة من تسجيل للاحداث وتأريخها.

التعليقات متوقفه