وزير التربية والتعليم يحقق حلم الإخوان بالسيطرة علي العقل المصري

139

 خياران إما بناء جامعـات جديدة أو تشجيع الجامعات الخاصة وفقا لمنهج الإخوان

كتبت: لبيبة النجار

جاءت الحكومة الأولي بعد تقلد الدكتور محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية مفاجئة للبعض ومخيبة للآمال عند البعض، فقد كانت ولادتها عسيرة، وشكلها عصي علي الانسجام، فلا هي وزارة ائتلافية، ولا وزارة سياسية، ولا هي وزارة كفاءات، بل هي الوزارة الأولي التي شهدت ظاهرة جديدة، هي ظاهرة وزراء اللحظات الأخيرة، لكنها الوزارة التي احتفظ فيها الإخوان لأنفسهم بمواقع السيطرة علي عقل الأمة، وخاصة مواقع التعليم والإعلام والشباب والعمال، وهي مواقع التأثير الفكري والجماهيري، فهل هي مقدمة لأخونة هذه الأجهزة المنوط بها تكوين العقل وتكوين المستقبل وتشكيل الرأي العام وما يرتبط بها من قوي اجتماعية فاعلة كأساتذة الجامعات والمعلمين والطلاب والشباب والعمال وحركتهم النقابية؟

في هذا السياق جاء اختيار هشام قنديل لكل من وزارة التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم المدعوم من الإخوان في الانتخابات الأخيرة لتقلد منصب نائب رئيس جامعة قناة السويس، وكذلك مسئول ملف التعليم في حملة د. مرسي لانتخابات الرئاسة والعضو القيادي بالحرية والعدالة ليصبح وزيرا للتعليم العالي، لتتم السيطرة الإخوانية علي ملف التعليم كاملا، من التعليم قبل الجامعي إلي التعليم العالي، فهل حانت لحظة أخونة التعليم عن طريق استبعاد كل الخبرات المصرية القادرة علي تطوير التعليم في القرن الواحد والعشرين؟ وهل تنجح وزارة هشام قنديل في تغيير المناهج الدراسية وإعادة تقديم تاريخ مصر بما يخدم أهداف الجماعة؟ أم أن الدولة المصرية وأجهزتها التربوية والعلمية ستكون عصية علي الاختراق الإخواني؟

الدكتور كمال مغيث الأستاذ بمركز البحوث التربوية يري أن القضية تبدأ من الرأس لأن د. محمد مرسي استخدم الثورة لكي يصل إلي ما هو فيه، وهو لا يمت للثورة بصلة وكلامه عن الثورة والشهداء.. إلخ كان لمجرد الوصول إلي الكرسي، وكذلك الوزارة ليست وزارة الثورة ولا تمت لها بصلة ولن تحقق أهداف أو مطالب الثورة، وهي ليست وزارة تكنوقراط، بل هم وزراء بمكتب الإرشاد، فوزير التربية والتعليم أستاذ تعليم صناعي غير معروف، ولم نسمع له صوتا أو نقرأ له مقالا يهتم بالتعليم وفلسفة التعليم وأهدافه، ولم يكن من اهتماماته وضع استراتيجية للتعليم لتطوير المناهج والرؤي والأهداف المستقبلية لكي يواكب تعليمنا التطور العلمي.

مخاطر علي العقل المصري

ويضيف مغيث أن الاهتمام الأول لوزير التربية والتعليم هو تحقيق حلم الإخوان بالسيطرة علي وزارة التربية والتعليم باعتباره معبرا لتملك العقل المصري، وسوف تكون أهم أولويات الوزير هي الاهتمام بالفصل بين البنات والبنين في المدارس، وإقامة الأنشطة الدينية وجعل مواعيد الدراسة تراعي مواقيت الصلاة، إلي جانب المهم والأخطر وهو محاولة تديين المناهج، ولن يكون علي رأس أولوياته تطوير منظومة التعليم من مناهج وطرق تدريس وتطوير الأبنية التعليمية وممارسة الأنشطة، أي أن يكون تعليما يقوم علي الفكر والابتكار والإبداع والمهارات.. إلخ، لأنه لن يكون إلا وزيرا ينفذ ما يقوله مكتب الإرشاد بالمقطم، وينفذ أيديولوجية الإخوان في النفاذ إلي عقل الأمة المصرية.

أما الدكتور هاني مصطفي الحسيني – الأستاذ بجامعة القاهرة – فيري أن اختيار الدكتور مصطفي مسعد للتعليم العالي من أفضل الاختيارات، لأنه أفضل من الوزراء السابقين إلي حد كبير، وعلي حسب هاني مصطفي فوزير التعليم العالي مع حق الأساتذة في تحسين أوضاعهم المالية ومع استقلال الجامعات وضد اعتقال الأساتذة، ونحن لا نحدد مواقف مسبقة، ونحن في انتظار سياساته حتي نحكم عليه، وطبيعي إذا كان الإخوان يحكمون فبالتالي ستكون الحكومة إخوانية وهذا أمر طبيعي.

الخطر علي التعليم قبل الجامعي

ويشير الدكتور فايد غالب – رئيس نادي أعضاء هيئات التدريس جامعة عين شمس – أن اختيار وزير للتعليم العالي من الإخوان لا يمثل أي مشكلة لأن الوزير ليس له علاقة بالمناهج فهي تخص مجالس الأقسام بالكليات، ولكن المشكلة في وزير التربية والتعليم، لأن وزير التربية والتعليم يضع بصمته علي المناهج وهو الشيء الخطير، لأن كل وزراء التربية والتعليم وزراء ترانزيت، كل وزير يلغي ما قبله من سياسات ويضع أخري جديدة، ومن الممكن أن يتدخل فعلا لتديين المناهج، ولكننا في انتظار أن يضع كل منهما برنامجه لتطوير التعليم حتي نتمكن من الحكم عليه.

أصحاب مدارس خاصة

الدكتور شبل بدران الأستاذ بكلية التربية جامعة الإسكندرية يقول: وزيرا التعليم إخوان لأن الحكومة تتشكل من المؤمنين بفكر الإخوان، ويتساءل بدران ماهي رؤية وزيري التعليم لتطوير التعليم فنحن لم نسمع عنها من قبل؟، وهل هما مع حق إتاحة الفرص للجميع فقراء وأغنياء، وما هي رؤيتهم للجامعات الخاصة والأقسام المميزة، والمدارس الخاصة، وفي مجانية التعليم وفي توفير ميزانية تحقق النهضة التعليمية، لأن جماعة الإخوان المسلمين مع فكر وآليات السوق، والمشروع الإسلامي مشروع رأسمالي مع الاقتصاد الحر والخصخصة، خاصة أن وزير التعليم العالي ونقيب المعلمين الإخواني أحمد الحلواني وغيرهم من الإخوان أصحاب مدارس خاصة، فهل يؤمن وزراء التعليم الإخوان بالدولة الراعية للتعليم أم ماذا؟، وماذا سيفعل مصطفي مسعد لمواجهة مشكلات التعليم العالي بعد أن وصل حد القبول في الجامعات بمكاتب التنسيق إلي 100%؟، هل سيعمل علي بناء جامعات حكومة جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة للطلاب، أم سيشجع الجامعات الخاصة والتعليم الخاص.

التعليم لمن يملك المال

ويري بدران أن المشروع الإسلامي يؤمن بالتمايز والفردية، فهم مع سياسة العرض والطلب التي تميز بين الناس علي أساس القدرة المالية والاقتصادية، وليس الذكاء والعلم والمعرفة، فالذي يملك المال هو الذي يتبوأ المكانة العالية، وهناك إصرار من الإخوان علي السيطرة علي وزارة التربية والتعليم باختيار وزير غير معروف وليس له أي إسهامات في التربية لمجرد أنه يحمل فكر الإخوان، لكي ينفذ برنامجهم في التعليم في تديين المناهج ونشر أيديولوجيتهم بين الطلاب سواء في المناهج أو الأنشطة، ولن يكون غريبا أن يترك الوزير أي اجتماع لإقامة الصلاة، وكذلك كل المسئولين في الوزارة، وبالتالي سوف يترك كل العاملين في الوزارة عملهم لإقامة الصلاة اقتداء بالسيد الوزير، وعلي حسب بدران فإن إدارة الوطن تدار من المقطم وليس قصر الرئاسة، ولكن التخوف الأكبر مع إيمان الجماعة بالمشروع الرأسمالي والخصخصة، هو أن يتم التلاعب بمجانية التعليم، وخاصة مع هجومهم علي الفترة الناصرية التي أتاحت الفرص للجميع علي قدم المساواة بحيث لم يكن الحائل المادي أو الطبقي مانعا لأي فرد تؤهله قدراته من الحرمان من التعليم ومن الترقي العلمي والوظيفي، ولولا ثورة يوليو ما تعلم الفقراء وأصبحوا رؤساء جمهورية.

التعليم في وضع كارثي

الدكتور محمد سكران – الأستاذ بجامعة الفيوم – يقول: كنا نتمني أن يطرح كل وزير من خلال وسائل الإعلام سيرته الذاتية وخبراته وكفاءاته وما قام به من أعمال في مجال تخصصه، وهنا يفرض التساؤل نفسه حول ما يعانيه التعليم المصري من وضع كارثي علي اختلاف مراحله ومدخلاته ومخرجاته، فهل بإمكان وزيري التعليم والتعليم العالي أن يقدما خطة أو استراتيجية قادرة علي علاج هذا الوضع الكارثي؟!!، وتحقيق تعليم قادر علي بناء الإنسان المصري، علي أساس من المواطنة وحقوق الإنسان وعدم التمييز، بناء الإنسان ذي العقلية المبدعة القادر علي النهوض بالمجتمع، أم أننا سنواجه فكرا أو رؤي لا علاقة لها بهذا الوضع، وهل سيتم إخراج التعليم المصري من هذا الوضع الكارثي الذي وصل إليه؟، وهل عندهم رؤية وفكرة لكي نبني تعليما متميزا يحقق أهداف التنمية والتنوير والحداثة أم ماذا؟

التعليقات متوقفه