اقبال بركة تكتب: لا ينتحر آخرون

193

فتاة جميلة ذكية مثقفة تنتحر و هى فى عمر الزهور ، بدلا من أن تستعد لزفاف أو استقبال وليد تفرغت لقضية بلدها و للعمل السياسى فكانت النتيجة إصابتها بإحباط شديد دفعها للتخلص من حياتها . إنها الناشطة زينب المهدى التى لخصت مشكلتها فى عبارة تنضح يأسا و مرارة نشرتها فى صفحتها على الفيس بوك :” مفيش قانون خالص هيجيب حق حد .. مفيش عدل وأنا مدركة ده، ومفيش أى نصر جاى، بس بنضحك على نفسنا عشان نعرف نعيش”. .. بهذه الكلمات اختتمت زينب مهدي حياتها في رسالة لأحد أصدقائها بعدها اغلقت حسابها وانتحرت شنقًا ! نتيجة مؤلمة لسلسلة الإحباطات و الصدمات التى يمر بها شباب مصر منذ أربع سنوات . زينب مثل مئات الآلاف من الشباب ضحية الآمال الوهمية و الاختيارات الخطأ و أنانية السياسيين وتخبط المفتيين و تقاعس المثقفين و إهمال الأحزاب و تخبط سياسات الدولة . لم تجد قشة تتعلق بها حتى لا تغرق رغم أنها حددت طريقها منذ البداية فالتحقت بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر كى تتعرف الى دينها و لكن الدراسة لم ترو تعطشها للمعرفة فراحت تتردد على الدروس الدينية و تسأل أصدقاءها عن إجابات لما يجول بخاطرها من تساؤلات و لم تجد لديهم ما يشفى غليلها . انضمت لجماعة الإخوان المسلمين ، و شاركت في كل أنشطتهم ، وفي أيام الانتخابات شاركت مع زميلاتها فى الدعاية الانتخابية بين النساء لمرشحى الإخوان . ونتيجة لروحها الوثابة و نشاطها الجم اكتشفت الأفق الضيق لرجال الجماعة و تعصبهم ضد الإناث الذين يعتبرونهن مجرد توابع ليس عليهن سوى السمع و الطاعة فكان من الطبيعى أن تنشق عن الجماعة بعد ثلاثة أعوام فقط . التحقت بحزب مصر القوية و ساهمت فى حملة أبو الفتوح للانتخابات الرئاسية ثم تركته بعد أن شعرت بأنه لا يعبر عما تحلم به، وعقب تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الرئاسة خلعت الحجاب وعانت كثيرا من اضطهاد زملائها و زميلاتها الذين نبذوها و قاطعوها و كانوا يصفونها بالكافرة مع كل صورة تنشرها على صفحتها على الفيس بوك بدون حجاب . و رغم ذلك نشرت لنفسها صورة و هى تشير بعلامة رابعة ونزلت اعتصام رابعة قبل الفض بـ3 أيام، رغم اعترافها بعدم اقتناعها بالاعتصام ولا بمطالبه . وبعد أن تم الاعتداء على زميلاتها فى الميدان و حوادث الاغتصابات بذلت جهدا كبيرا لتخلص زميلاتها المعتقلات فى السجون ثم ان ضمت لملف البنات المعتقلات وطالبت أصدقاءها أن يكتبوا عنهن و ينشروا قضاياهن، و طبقت ما تعلمته فى الجماعة من جمع المعلومات و الحصول على الأخبار و نشرها على الصفحات المهتمة و التى يمكن أن تتفاعل معهم و أرقام الهيئات الحقوقية و كانت تتابع عملهم ثم اختفت فجأة ! مأساة زينب تصف الارتباك و التخبط و الاحباطات المتوالية لشباب استسلم للحلم و أصيب بصدمة ،ولم يجد من ينتشله من الضياع . ما حدث لفتاة مثقفة واعدة كان من الممكن أن تخدم مصر فى موقع مفيد يمكن أن يتكرر . فهل يستمع المسئولون لهذه الصرخة و ينتهجون سياسة جديدة تحتضن الشباب بدلا من أن تتركه فريسة لمن يزرعون اليأس فى نفوسهم بعد أن منيوا بهزائم متلاحقة .

التعليقات متوقفه