محمد فهمي يكتب: شومان.. فى الفاتيكان!

96

فى الوقت الذى تندلع فيه المعارك بين أكثر من مائة فصيل من فصائل الإرهاب التى ترفع الأعلام والسيوف وتتحدث باسم الإسلام.. وتردد ما جاء فى كتب التراث.. التى تبيح العنف وسفك الدماء وممارسة كل ألوان الموبقات. وفى الوقت الذى لم نسمع فيه لصوت إسلامى واحد.. يدعو لإعمال العقل والحكمة والموعظة الحسنة بالحوار بين أصحاب المذاهب من أجل الخروج للعالم بدين إسلامى واحد.. يلم الشمل ويوحد الصفوف.. خرج علينا الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر الشريف من جديد.. داعيا لاستئناف الحوار بين الأزهر.. ودولة الفاتيكان فى شهر فبراير المقبل.. وداعيا الفاتيكان باتخاذ موقف رسمي.. باحترام الإسلام! وهى دعوة تعيدنا لمحاولة وزير الأوقاف بإقحام وزارته فى “بيزنس” استيراد اللحوم من الخارج.. وإرسال الوفود من أرباب العمائم للتفتيش على المجازر الكبرى فى الدول التى نستورد منها اللحوم من أجل التأكد من سلامة الذبح على الطريقة الإسلامية التى كانت سائدة فى عصور ما قبل اختراع الكهرباء.. وقبل أن تصدر فى الدول الراقية القوانين التى تحمى حقوق الحيوان.. وتضع القواعد الصارمة التى يتعين اتخاذها عند نقل الحيوان من مكان لمكان.. والتى تنص على توقف السيارات التى تنقل الحيوان.. كل نصف ساعة.. من أجل راحة الحيوانات المسافرة من مشقة الاهتزاز. وهى القوانين التى ألزمت الدول الراقية بعدم تصدير الماشية إلى مصر.. بسبب انتهاك أبسط حقوق الحيوان فى مجازرنا.. ووفقا للقواعد المتبعة فى هذه الدول.. والتى تقضى بأن مسئولية الدول المصدرة للماشية الحية.. لا تنتهى عند حد التصدير.. وإنما تمتد إلى مراقبة الأساليب المتبعة فى التعامل مع هذه الماشية فى الدول التى تستورد اللحوم.. وتقوم حسناوات هذه الدول فى القاهرة بمتابعة مدعى تطبيقنا لقواعد حقوق الإنسان.. وليس من قبيل الأسرار أن تقول إن البرلمان الاسترالى عقد جلسة خاصة لمناقشة موضوع تصدير الماشية الحية إلى مصر.. وقرر بالإجماع.. وقف تصديرها.. بسبب سلسلة الانتهاكات التى ترتكب ضد حقوق الحيوان فى بلدنا. القضية إذن ليست جديدة.. ومعها انتهاك حقوق أطفال الشوارع.. وسكان العشوائيات.. والتعامل مع المرضى من البشر فى المستشفيات.. علاوة على المدارس التى تتكدس فصولها بالتلاميذ.. ومذابح الختان للفتيات فى سن الطفولة.. ومعها اختلاف المذاهب الإسلامية فى تحديد سن الزواج الذى يصل فى البعض منها إلى ست سنوات.. وفق ثقافة الصحراء التى كانت سائدة فى عصور الرعى وندرة الماء والغذاء وسبى النساء وبيعهن فى أسواق النخاسة.. إلخ. نحن إذن أمام قضايا شائكة تعرقل تقدم الدول الإسلامية وتحول دون مواكبتها لثقافة العصر.. وهى لا تتوقف عند حد كونها ثقافة بحرية.. لا تمت بأدنى صلة لثقافة الصحراء.. وإنما تتجاوزها إلى حد استخدام منجزات العلم والتكنولوجيا فى تطوير أساليب الحياة.. ووصول البعض منها إلى القمر وابتداع الطائرات وسفن الفضاء.. واختفاء الطوابير التى تمتد أمام كل طابونة للحصول على رغيف الحكومة.. الذى تدعمه الدولة بالمعونات الخارجية والمساعدات الإنسانية. وبالتالى فإن مشاكلنا فى علاقاتنا الدولية.. وفى مقدمتها الفاتيكان.. بالطبع.. لا تكمن فى إجراء حوار بين الأزهر الشريف ودولة الفاتيكان.. ولكنها تكمن فى قضايا الداخل.. ليس فقط فى مصر.. حيث يقع الأزهر الشريف.. وإنما فى كل الدول التى تهددها الجماعات الإرهابية والإتجار بالبشر.. ابتداء من بوكوحرام فى نيجيريا إلى جماعة داعش فى العراق وسوريا وتقف الآن على أبواب ليبيا.. والتى تتحدث كلها باسم الإسلام. ولذلك يبقى السؤال. عن أى إسلام.. سوف يتحدث الشيخ شومان مع المسئولين فى الفاتيكان؟.. وعن أى حوار سوف يجرى فى أروقة الفاتيكان يؤدى لاتخاذ موقف رسمى باحترام الإسلام؟ احترام الإسلام.. يبدأ من الداخل.. يا شيخ شومان.. لأن من الداخل.. بدأت كل البلاوي!

التعليقات متوقفه