المواطن ضحية نقص الدواء والفشل يلاحق الجميع

108

“المليجي” : غياب دور وزارة الصحة وفشلها هو السبب في النقص

كتب : خالد عبد الراضي

لم يكن إختفاء الأدوية رخيصة الثمن وألبان الأطفال من الصيدليات أمراً مفاجئاً, خاصة أننا نستورد قرابة 90% من المواد الخام اللازمة لتصنيع الدواء, ونتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد, يتأخر وصول شحنات المواد الخام اللازمة لتصنيع الدواء, كما أن مورديها يشترطون سداد الأموال نقداً, فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج, مع ثبات سعر بيع المنتج, الأمر الذي ألحق خسائر كبيرة بالمصانع, إلي جانب تراجع القدرة الإنتاجية لمصانع الدواء, نتيجة إهمالها وعدم تطويرها والخسائر السنوية التى تحققها,و تقليص العمل بالمصانع الحكومية إلي نظام الوردية الواحدة بدلا من ثلاث ورديات, لتتراجع بذلك معدلات الإنتاج.

 كان مطلب الصيادلة منذ سنوات, وحتى إضرابهم الأخير هو إنشاء هيئة عليا للصيدلة والدواء في مصر، من أجل إصلاح منظومة الدواء وضبط السوق الدوائي وإحكام الرقابة عليه، لما يشهده من تدهور وفشل وزارة الصحة فى إدارة ملف الدواء, فى الوقت الذي يمكن فيه مضاعفة واستثمار حجم سوق الدواء ليصل الى 100 مليار جنيه ويصبح أحد أكبر دعائم الاقتصاد المصري .

ويرى محمود المليجي, رئيس مجلس إدارة تحالف العاملين بقطاع الدواء, أن دور وزارة الصحة الغائب وفشلها فى إدارة ملف الدواء فى مصر هو السبب الرئيس فيما يعانيه سوق الدواء من تدهور, حيث إن دورها الأول مراقبة صناعة الدواء منذ استيراد المواد الخام وحتى تصنيعها وخروجها بالصورة النهائية بعد اختبار فعالية الدواء وجودته, مضيفاً أن دورها لا يقتصر على صناعة الدواء فقط بل يمتد الى متابعة سوق الدواء بصورة دورية عبر أجهزتها الرقابية عن طريق المرور الدوري على الصيدليات لمراقبة صلاحية الادوية, وضبط الادوية المغشوشة والمهربة ومجهولة المصدر التى تم تصنيعها بعيدا عن وزارة الصحة .

يرى المليجي, أن هناك قصورا تشريعيا فيما يتعلق بالمخالفات فى سوق الدواء المصري, حيث ان القانون يتعامل مع الصيدليات التى يتم ضبطها وبها هذا النوع من المخالفات يعتبرها تجارة فى مواد مجهولة المصدر, وهذا غير كاف لمواجهة بيع الادوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية, ويجب تغليظ العقوبة على مثل هذة الجرائم التى تهدد حياة وصحة المصريين .

وفى زيارة لإحدى الصيدليات يقول الدكتور محمود خميس, صاحب صيدلية بمحافظة الجيزة,  إن هناك أزمة حقيقية في سوق الدواء, حيث اختفي الأنسولين, ومراهم العين, وأدوية القلب, كما اختفت أدوية الضغط الرخيصة, وإن كان هناك بدائل لها, ولم يقتصر الأمر علي الدواء أيضا, فقد اختفي لبن الأطفال, بينما انتعشت صناعة منتجات التجميل والمنشطات الجنسية .

 وفي محاولة للبحث عن أسباب اختفاء مئات الأنواع من الأدوية, يرى يحيي ميلم دكتور صيدلي,  أنها أزمة متعددة الجوانب, ويأتي فى مقدمتها عدم وجود سياسة دوائية واضحة في مصر, إلي جانب مشكلات استيراد المواد الخام اللازمة لتصنيع الدواء, بالاضافة الى ما يشهده السوق من نقص في الأدوية المستوردة نتيجة عدم توافر العملة الصعبة ووقف استيراد بعض الاصناف.

 وأضاف ميلم, أن قيام الشركات الأجنبية والمستوردين بتخفيض نسبة الخصم الممنوحة للصيدليات, ادى الى انخفاض ارباح الدواء, وهو الأمر الذي أدى الى عزوف العديد من الصيدليات عن توفير بعض الأدوية لانخفاض هامش ربحها, مشيراً إلي أن معظم الصيدليات تلجأ الآن إلى التعامل مع مخازن الأدوية لتوفير الأصناف الناقصة, ومن ثم أصبحت هذه المخازن باباً خلفياً للأدوية المغشوشة والمهربة من الخارج, أو من المصانع, والقطاع العام, وغيرها من قطاعات الدولة, داعياً الى إغلاق هذه المخازن لمنع التلاعب في الدواء .

وبشكل عام, فإن نقص الدواء في رأي علاء محمد دكتور صيدلي ,  يرجع إلى أسباب كثيرة, منها ما يتعلق بسوق الدواء العالمي, مثل أزمات نقص المواد الخام اللازمة لصناعة الدواء, وهي تتكرر من وقت لآخر, ولا ذنب للمستورد فيها, لأن الكميات المعروضة تكون أقل بكثير من الطلب فتنشأ الأزمة, وقد تكون المادة الخام متوافرة عالمياً, ولا أحد يستوردها لارتفاع سعرها, في المقابل لابد أن يلتزم الصيدلي بسعر الدواء المقرر من جانب لجنة التسعير, ومن ثم تكون سياسة تسعير الدواء في مصر سبباً في نقص بعض الأنواع من الأدوية, لان أسعار المواد الخام المستوردة ترتفع عالمياً بينما تظل أسعار الدواء في مصر ثابتة, في حين تقوم الدول الكبرى بالتدخل إما بتحريك السعر علي المريض, فيشتريه بسعر أعلي مما كان عليه, أو تقوم بتحريك السعر وتقوم الدولة المستوردة بدفع فارق السعر- لكي يحصل عليه المريض بالسعر القديم, وبذلك يتجنبون أزمات نقص الأدوية. وقد تكون المادة الخام متوافرة بأسعار مناسبة, لكن هناك أزمة في العملة الصعبة, مما يعطل عملية الاستيراد .

التعليقات متوقفه