أمينة النقاش تكتب : نحو هيكلة الداخلية

146

لايزال محفورا في الذاكرة، ذلك المشهد التاريخي، الذي مر كلمح البصر، لكنه جاء بردا وسلاما علي كل القلقين علي مستقبل بلدنا الحبيب. كان الفريق “السيسي” وزير الدفاع آنذاك يحضر في مناسبة يلقي فيها الرئيس الأسبق “محمد مرسي” خطابا، لعله كان الخطاب الذي أعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا ولوح بدعم ما اسماهم المجاهدين فيها. وضع الفريق “السيسي” يده علي خده وهو يستمع إلي الخطاب باندهاش، وبدا مفاجئا بقرارات تعد من صميم أعمال وزارته، وحين انتهي الخطاب، سارع “السيسي” بالانصراف، لكنه حرص قبل ذلك أن يصافح وزير الداخلية اللواء “محمد إبراهيم” بحرارة بدت مقصودة، وأن يتأبط ذراعه ليسيرا جنبا إلي جنب، في مشهد رمزي طمأن مشاهديه، لأنه ينطوي علي رسالة بليغة، تقول في أصعب الأوقات وأحرجها: لا تخشوا شيئا مما سمعتم، طالما الشرطة والجيش يدا واحدة.

ومنذ ثورة 25 يناير وما بعدها، وجماعة الإخوان وأنصارها، داخل دوائر حكمها، وخارجه، تتحدث عن ضرورة إعادة هيكلة الشرطة، بعد أن نجحت في بث روح الكراهية بينها وبين المواطنين، وهدمت وحرقت أقسام الشرطة والسجون، واستولت علي وثائق وسجلات مباحث أمن الدولة، كما اخرجت من الخدمة أعدادا كبيرة من الخبرات الشرطية المدربة، ليسهل لها زرع عناصرها داخل الوزارة، قبل أن تنتقل هي وأجنحتها الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو، لقتل كوادر شرطية أخري في محاولة لطمس الجرائم التي ارتكبتها أثناء عام من الخزي والعار من حكمها البائس والفاشل.

ويأتي القرار بقانون الذي أصدره الرئيس “السيسي” أمس الأول بتعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة، ضمن إجراءات أخري اتخذتها وزارة الداخلية، كي يعيد تأهيل وزارة الداخلية طبقا للمصلحة العامة، وفي سياق الحفاظ علي مصالح الشعب والوطن. فهذا القانون يقضي باستحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة تسمي “معاون أمن” من حملة الشهادة الاعدادية ممن يتمتعون بقدرات صحية ورياضية ونفسية تؤهلهم لعمل رجل الشرطة، ومن ذوي السمعة الطيبة هم وأسرهم وأقاربهم.

ويلتحق معاون الأمن بمعهد خاص لمدة 18 شهرا، لدراسة مبادئ اللغة الإنجليزية والقانون وحقوق الإنسان، ثم يدرس سنة أخري العلوم الشرطية لتعزيز قدراته في مواجهة تطور الجريمة، مع منحه الضبطية القضائية وتعيينه في الهيئة وترقيته وظيفيا بها.

ويكتسب هذا القانون أهميته، لأن التجارب السابقة التي اعتمدت علي الاستعانة بالمجندين في أعمال شرطية، قد أدت إلي خلل أمني خطير. لأنهم يعملون لفترة مؤقتة مدة ثلاث سنوات، بلا ضمانات ولا حقوق، مما أدي لعدم الاستقرار في أداء العمل، وساهم في التمرد الشهير الذي جري في عام 1986 للأمن المركزي.

القانون الجديد، يأتي في وقته تماما، لأنه يبشر بمستوي معيشة لائق، وبضمانات اجتماعية ومعاشات للجنود، تساهم علي مر الزمن، في ضبط الأمن، وخلق جهاز شرطة عصري وحديث، ويشكل جزءا من إعادة هيكلة الشرطة بالمفهوم الصحيح والعلمي، وهو البناء من أول الدرجات.

التعليقات متوقفه