حسين عبدالرازق بكتب: الحملة ضد "عمرو موسي"!

71

شنت إحدى الصحف الخاصة حملة عدائية ضد “عمرو موسي” رئيس لجنة الخمسين التى تولت صياغة مشروع دستور جمهورية مصر العربية، والأمين العام الأسبق للجامعة العربية، ووزير خارجية مصر الأسبق لمدة 10 سنوات.

فتحت عناوين مثيرة من نوع “عمرو موسي.. المشتاق لدائرة الضوء” و”يسعى لتحقيق أطماعه وليس توحيد الصف” و”يرتدى كل الألوان طمعا فى رئاسة البرلمان” و”أخطاء عمرو موسى تضع البرلمان المقبل فى دوامة تشريعات”.. توالت الاتهامات من نوع أن “عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين ارتكب أخطاء كبيرة تسببت فى وضع قيود أمام مجلس النواب والحكومة، منها تقليص سلطات الرئيس لصالح البرلمان، وإنتاج أطول دستور فى العالم”.. “به نصوص تفصيلية لا تهمنا، ستمثل عبئا على الحكومة والرئيس والبرلمان”، أو الادعاء بأنه “رسخ كل مجهوداته لتدشين تحالف انتخابى ليس لتوحيد القوى الوطنية، كما هو متداول، ولكن لخدمة أطماعه الشخصية فى تولى رئاسة البرلمان المقبل”، أو الزعم بأنه “يعتمد على الرصيد الذى جمعه من رئاسته للجنة الخمسين، الذى صنع حينها توافقا مصطنعا ترتبت عليه مشكلات حقيقية بعد ذلك للحصول على منفعة شخصية له”.

ورغم عدم تقديم أى دليل على صحة هذه الاتهامات، فقد كشف هؤلاء عن جهلهم، فعندما يقولون إن الدستور المصرى هو أطول دستور فى العالم لا يملك أى متابع للشأن العام إلا أن يتهمهم بالجهل أو الكذب، فمعروف لأى مهتم أن الدستور الهندى الصادر عام 1950 هو أطول دستور فى العالم يليه الدستور البرازيلي، ويتم تقسيم الدساتير عادة بين “دساتير مكتوبة وعرفية” و”دساتير مرنة وجامدة” و”دساتير مطولة وموجزة” ومن الدساتير الموجزة على المستوى العالمى الدستور الأمريكى (7 مواد) والدستور العراقى عام 1958 (14 مادة)، ومن الدساتير المطولة الدستور اليوغسلافى عام 1974 (502 مادة) والدستوران الهندى والبرازيلي، والدستور المصرى يقع فى الوسط بين الإيجاز والتطويل.

أما الذين انزعجوا من تقليص سلطات رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد مقارنة بدساتير الجمهورية المصرية السابقة، ففاتهم أن رئيس الجمهورية فى الدساتير السابقة، وخاصة دستورى 1971 و2012، كان هو صاحب القرار السياسى والتنفيذى والتشريعى والإدارى الوحيد، وتتمتع بالتالى بسلطات استبدادية، وأن الدستور الحالى – الذى وضعته لجنة الخمسين – أقام توازنا بين سلطات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، تأكيدا لديمقراطية نظام الحكم.. وأن الفقهاء الدستوريين الحقيقيين فى مصر أمثال “د. يحيى الجمل” و”د. محمد نور فرحات” والتى حرمت لجنة الخمسين من مساهمتهم، أشادوا بالدستور وانحازوا له تماما.

وبالمناسبة فعمرو موسى كان رئيسا للجنة الخمسين ولم يكن مسيطرا عليها، صحيح أنه لعب دورا مهما فى قيادة اللجنة وفى الوصول لحلول توفيقية محترمة للمشاكل التى صادفت اللجنة التى مثلت كل ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والطبقي، إلا أن قرارات اللجنة كانت تصدر بإجماع الآراء أو بأغلبية لا تقل عن 75%، ويتحمل كل أعضاء اللجنة المسئولية كاملة – إما سلبا أو إيجابا – عن كل مواد هذا الدستور، والقول بأن عمرو موسى هو المسئول وحده عن هذا الدستور إهانة لا تغتفر لعمرو موسى ولأعضاء لجنة الخمسين جميعا، ومن بينهم قمم مصرية من أمثال د. مجدى يعقوب ود. محمد غنيم ود. جابر جاد نصار والسفيرة ميرفت التلاوى ومنى ذوالفقار ود. هدى الصدة وسيد حجاب ود. شوقى علام والأنبا بولا ومحمد سلماوى وسامح عاشور وضياء رشوان وخالد يوسف.. إلخ، وكلهم يمثلون نقابات لاتحادات ومؤسسات وأحزاب ومنظمات اجتماعية وتم ترشيحهم من جانبها ولم يعينهم أحد، وهؤلاء انتخبوا عمرو موسى رئيسا للجنة فى انتخابات تنافسية محترمة.

وفى ظنى أن الذين اندفعوا للهجوم على “عمرو موسي” قد أدانوا أنفسهم، سواء كان هذا الهجوم لحسابهم أو لحساب آخرين يقفون وراءهم.

التعليقات متوقفه