الكنيسة تناقض نفسها.. تطالب بمدنية الدولة وترفض باب الزاوج المدني للمسيحيين في نفس الوقت!!!

31

كمال زاخر : الزواج المدني يصطدم مع الذهنية التقليدية

فادي كريم : الكنيسة زعمت أن الزواج طقس مقدس بعد 11 قرنا للمسيحية!

رفعت فكري : لا يوجد اتساق بين مواد الدستور الدينية والمدنية

هاني عزت : الكنيسة الأرثوذكسية مارست ضغوطا على الإنجيلية لرفض الزاوج المدني

انضمت الكنيسة الإنجيلية، للكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والأسقفية والروم الأرثوذكس في رفض باب الزواج المدني في القانون الموحد للأحوال الشخصية للأقباط والمذكور في (المواد من 127 وحتى 138)، والذي أرسلته وزارة العدالة الانتقالية للكنائس الأسبوع الماضي لوضع التصورات والمقترحات النهائية للاستعداد لطرح المشروع أمام البرلمان القادم وسنه بعد ذلك.

وقد أثار موقف الكنيسة الإنجيلية المفاجئ تساؤلاً حول السبب الذي دفعها للتراجع عن موقفها وتقديم تنازل أمام الكنيسة الأرثوذكسية. ضف إلى ذلك أن رفض قانون مدني للزواج يعد تضارباً بين مطالب بتفعيل دولة مدنية حقيقية في أعقاب ثورتي 25 و30 يونيو، أيضاَ موقف الكنائس الرافض للمدنية، هو في حد ذاته مخالفة للحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون لكل المواطنين.

وكان ممثلو الكنائس المصرية الخمسة من أعضاء مجلس كنائس مصر؛ اجتمعوا في وقتا سابق بالكاتدرائية لمناقشة مسودة القانون، وشهد الاجتماع نوعاً من الاختلاف حول بعض بنود القانون بخصوص الأمور المتعلقة بالزواج المدني والطلاق، وكانت الكنيسة الإنجيلية لديها إصرار علي وجود نص الزواج المدني بالقانون، فيما رفضت ذلك الكنائس الأخرى. إلا أن الموقف تغير مرة ثانية، حيث اعتبرت الكنائس الزواج المدني زواجًا غير شرعي، طبقاً لما قدمته الكنائس في الورقة الموحدة التي قدمتها لوزارة العدالة الانتقالية، لعرضه على لجنة الإصلاح التشريعي ليجري إقراره فيما بعد.

البطلان والطلاق يكفي

من جانبه قال القس الدكتور صفوت البياضي، رئيس الكنيسة الإنجيلية، إن الكنيسة تراجعت عن موافقتها على الزواج المدني على الرغم من اقتناعها به، لأنه يحل مشاكل كثيرة للأقباط، إلا أن القانون الجديد يحل هذا الأمر بالتوسع في بطلان الزواج ومنح الطلاق للأقباط ما يفي بالغرض منه، دون مخالفة للإنجيل، بحسب تعبيره. وأشار إلى أن الكنائس أرسلت ورقة موحدة لوزارة العدالة الانتقالية، تضمن نصًا للقانون يضمن لكل كنيسة خصوصيتها في تطبيق لوائحها الخاصة ببطلان الزواج، وأسباب الطلاق، ولفت “البياضي” إلى أن الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة الروم الأرثوذكس أرفقت ورقتين خاصتين بهما، تضمنت اللوائح الخاصة المنظمة للأحوال الشخصية للأقباط؛ حيث تعترف الكنيسة الكاثوليكية بالتفريق وليس بالطلاق. فيما تعترف كنيسة الروم الأرثوذكس بـ16 سببًا يسمح بالطلاق والزواج الثاني.

جدل القراءة الكنسية

كمال زاخر، منسق التيار العلماني القبطي؛ قال إننا أمام مشروع أكثر اقتراباً من احتياجات المخاطبين به، فهل تجيزه الكنائس؟ وقال إن الجزء الخاص بالزاوج المدني، سيكون محل جدل فى القراءة الكنسية الأخيرة؛ لأنه يصطدم مع الذهنية التقليدية الحاضرة بقوة حول مائدة النقاش، رغم أنه يعود بنا إلى أصل الزواج باعتباره فعلاً مجتمعياً أزلياً قبل الأديان التى أقرته وباركته ولم تنشئه. مشيراً أن المشروع أكد أنه “لا إلزام على الكنائس المسيحية في مصر بالاعتراف بالزواج المدني غير الكنسي ولا بإجراء مراسم زواج ديني مسيحي صحيح على زواج مدني غير كنسي” مادة 128، فيما أقر مشروعيته في مواجهة المجتمع (حفاظاً على استقرار العلاقات الاجتماعية داخل الدولة، مادة 129)، يلجأ إليه من حكم بتطليقه بحكم نهائي بات وامتنعت الكنيسة عن تمكينه من الزواج الديني. ورغم ذلك فللكنيسة في الحالات التي تراها موافقة لقواعدها أن تسمح بتحويله إلى زواج ديني (مادة 136 فقرة 5) ويعد هنا زواجاً دينياً مسيحياً صحيحاً من تاريخ إتمام المراسم الدينية اللازمة له.

ضوابط وشروط

ويرى “زاخر” أنه فى كل الأحوال لا ينعقد الزواج المدنى إلا بتوافر شروط وضوابط أوردها مشروع القانون، بين رجل واحد وامرأة واحدة، ولا يجوز لكليهما أن يتزوج زواجاً مدنياً غير كنسى دون انحلال علاقته الزوجية الدينية السابقة انحلالاً دينياً وفقاً للقواعد التى أقرها هذا القانون. ويخضع هذا الزواج لقواعد محددة فى انحلاله (مادة 136)، هى فى مجملها وردت بلائحة 38، ومن إيجابياته الاعتراف بشرعية الأولاد الذين ينتجهم، وحقهم فى انضمامهم للكنيسة دون والديهم (مادة 135)، حتى لا نطبق قاعدة “الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون”. وحذر قائلاً؛ يجب أن تنتبه الدولة إلى دورها دور الكنيسة ليس التشريع القانوني، ربما تبدي رؤيتها أما التشريع والحفاظ على حقوق المواطنين هو دور الدولة، والكنيسة ليست دولة داخل الدولة ولم تكن، وقال “أتمنى أن يتم تمرير هذا المشروع بهذا الشكل”.

سلطوية الكهنة

وقال فادي كريم مؤسس حركة “الحق في الحياة”، إن الوقوف على أرضية كهنوتية لاهوتية مع الكنيسة أمر خطير، لأنه يحول قضية حقوقية لجدل فقهي ديني، ويرسخ قاعدة قانونية بأن الحقوق والحرية ننالها من الكهنة وهو اعتراف ضمني بسلطوية الكهنة. وأضاف “كريم” أن الكنيسة زعمت أن الزواج أحد الأسرار السبعة وطقس مقدس، موضحا أن الزواج بدأ في الكنيسة في القرن الـ11، وأن الكنيسة قطعت الزواج من سياقه الاجتماعي، ووضعته وفق العقيدة، وتمارس دور سلطوي. وبلغ الاستبداد أن تمنع الكنيسة الزواج في مخالفة صارخة لمواثيق حقوق الإنسان. وأشار إلى أن الكنيسة تمارس استبدادا على رعاياها، بقاعدة “لا طلاق إلا لعلة الزني”.

350 ألف عالقة

وأوضح أنا أقف على قاعدة حقوق الإنسان، وتساءل: هل “لا طلاق إلا لعلة الزنا” حلت المشاكل؟ مشيراً أن هناك 5 حالات قتل خلال 3 سنوات مضت، و350 ألف قضية أمام المحاكم، وقال إن صاحب قرار القتل هو الكنيسة بسبب التعنت والاستبداد، مشيرا إلى أن الشأن الاجتماعي القبطي ليس بمعزل عن الشأن العام. وقال رأينا بوادر فتن طائفية لأشخاص استغلوا تغيير الدين للهروب من الزواج، وأن قضايا العائدين للمسيحية أصبحت بالآلاف، وكلها تغذي الفتنة الطائفية، وتابع؛ القاعدة القانونية التي اتخذتها الكنيسة أصبحت عبئا على الدولة والمجتمع وليس الأقباط فقط.

تفعيل مدنية الدولة

عزة سليمان مديرة مركز قضايا المرأة المصرية، قالت إن الكنائس الثلاث تتكلم على مدنية الدولة لكن عند هذا الموضوع، لا نجد أي فعالية، وانتقدت “سليمان” تصريحات بعض رجال الدين ممن يقولون إن الزواج المدني “زني”، موضحة أن الزواج المدني يتحول لحق سيء السمعة مثل الخلع، موضحة أن مادة 219 طالبنا بإلغائها لأجل مدنية الدولة، ولرفع شعار المواطنة، وتساءلت فأين هذا الشعار؟.

ورطة ومأزق

القس رفعت فكري مسئول لجنة الإعلام والنشر بسنودس النيل الإنجيلي قال؛ “نحن دولة حائرة بين ما هو ديني وما هو مدني”. مضيفا نحن في ورطة ومأزق، والدستور جزء من هذه الورطة، فلا يوجد اتساق بين مواد الدستور، فهناك جزء مدني وجزء ديني. وأوضح أن التعامل مع النص الديني مهم جدا، وأن اليهود كان الطلاق عندهم سهل، فسألوا السيد المسيح هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لأجل كل سبب؟ والسيد المسيح كان يتحدث عن الإرادة المنفردة السائدة بين اليهود في ذلك الوقت. وأشار إلى أن المسيحية ليست ديانة شرائع، والسيد المسيح وضع قيما ومبادئ وإطارا عاما يصلح لكل زمن، وأن مشروع القانون جيد، وهناك استفاضة في بطلان الزواج، وهناك كلام حول الزنا الحكمي، لكن هناك توسيع واجتهاد في التعامل مع النص. ولفت إلى أن الطائفة الإنجيلية تقدمت ببند بأنه يجوز للزوجين أن يتزوجا مدنيا دون طلب من الكنيسة أن تتمم المراسم الدينية، وقال لابد أن يكون لدينا دستور مدني كامل.

ضغوط الأرثوذكسية

اعتبر هاني عزت منسق مجموعة “منكوبي الأحوال الشخصية” أن موقف الإنجيلية غريب جدا لان رئيس الطائفة حارب مستميتا منذ سنوات واصطدم بالبابا شنودة لإقرار فقرة للقانون المدني والتبني، ولكن تنازله فجأة وبدون مقدمات بهذا الاستخفاف المروع بمشاكل المعلقين أعتقد انه يشتبه في وجود ضغوط معينة من الطائفة الأرثوذكسية. وأشار “عزت” إلى أن تصريحات الأنبا دانيال الرئيس الجديد للمجلس الإكليريكي سيبدأ عمله بعد 6 شهور تصريح “مستفز” لأنه أشار أيضا إلى أن الأنبا بولا سيظل أيضا رئيسا للمجلس هذه المدة؛ وبالتالي نحن مازلنا تحت سطوة المتسبب الرئيسي في مشاكل هذا الملف. مما يطرح تساؤلاً هل القيادة الكنسية ضعيفة أمام من يدعى الرجل الحديدى وهو الأنبا بولا.؟! أو أن البابا لا يعلم حجم الكارثة التي نعيشها.

وحذر منسق المجموعة؛ أنه في حالة استمرار هذا المشهد المضطرب، فإنهم مضطرون إلى مخاطبة الدولة ورئيسها وإظهار بعض الملفات التي يشوبها شبهات فساد وتدليس ليجد لنا مخرجا فنحن مواطنون مصريون ولنا حق في الحياة طبقا للمواثيق للدولية لحقوق الإنسان الموقعة عليها مصر.

التعليقات متوقفه