أمينة النقاش تكتب: الحرية لفاروق أبوعيسي ومكى مدني

167

فى السابع من ديسمبر الجاري، الذى ينهى اليوم الأربعاء عاما بأكمله ليبدأ غداً الخميس العام الجديد، اعتقلت السلطات السودانية اثنين من أبرز رموز الحركة الوطنية السودانية، والحركة الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان، هما “فاروق أبوعيسي” والدكتور “أمين مكى مدني” وكلاهما غنى عن التعريف بحكم وجودهما وحضورهما القوى فى المحافل الحقوقية العربية والدولية، ودورهما البارز فى صفوف المعارضة السودانية التى تعمل فى الداخل.

وفى سبتمبر 2009 تولى “فاروق أبوعيسي” موقعه كأمين عام لتحالف الإجماع الوطنى المعارض الذى ضم 17 حزبا معارضا وعددا من منظمات المجتمع المدنى والشخصيات العامة، بعد أن بات واضحا للقوى السياسية المعارضة، إصرار الحزب الحاكم على الاستئثار بالسلطة كاملة، وبسط أنصاره وأعضائه على كل مفاصل الدولة، كما هى عادة الإخوان فى كل مكان بنسبة 99.9% وتهميش الأحزاب، وفتح المجال لحوار وطني، لا يفضى إلى أى اتفاق، ويعتمد الطريقة الإسرائيلية فى التفاوض مع الفلسطينيين وفقا لمبدأ التفاوض من أجل التفاوض وليس من أجل التوصل لحلول لما يجرى التفاوض من أجله، وهى السياسة التى أفضت إلى انفصال الجنوب، وبقاء الحرب الأهلية مشتعلة فى دارفور والشرق، وفي ولايتين على الحدود الجنوبية مع الدولة الوليدة، فضلا عن تصاعد الأزمة الاقتصادية، التى قادت الحزب الحاكم لفرض مزيد من القيود على حريات الصحافة والإعلام والتعبير، وقمع وحشى لمظاهرات الطلبة السلمية، وللاحتجاجات الفئوية على تدهور مستوى المعيشة، وانتشار الفساد.

وكما هى عادة كل نظام استبدادي، قاد الحزب الحاكم مشاورات جانبية، لاستمالة بعض الأحزاب المعارضة سعيا لتقيمها ودفع بعضها لتكوين جبهة مناوئة لتحالف الإجماع الوطنى لإشغال الرأى العام بمعارك جانبية بين الأحزاب وبعضها البعض، ليواصل هو بقاءه فى السلطة بالقوة والعنف، والقمع، والمصادرة، والكذب والتدليس بعد نحو 25 عاما من استيلائه عليها، بانقلاب عسكرى على حكم ديمقراطى منتخب.

وقبل نحو أسبوعين عاد فاروق أبوعيسى ومكى مدنى من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، بعد أن وقعا على ميثاق “نداء السودان” الذى سبق أن وقعت عليه فى باريس عدد من الأحزاب والحركات الثورية المعارضة التى تحمل السلاح، فقامت السلطات السودانية باعتقالهما، وتم منع أسرتيهما من اللقاء بهما، أو مدهما بالأدوية اللازمة، أو الالتقاء بالمحامين عنهما.

ويوم الاثنين تم نقل “فاروق أبوعيسي” (81 عاما) إلى أحد المستشفيات بعد أن أصدرت أسرته بيانا حذرت فيه من المخاطر التى يتعرض لها نظرا لأوضاعه الصحية.

أما الدكتور أمين مكى مدنى (75 عاما) أحد التكنوقراط المشهود له بالكفاءة وأحد وزراء حكومة الانتفاضة التى أطاحت بالرئيس الأسبق “نميري” فقد أغلقت السلطات المرصد السودانى لحقوق الإنسان الذى يرأسه فور اعتقاله، وذكر المحامون عنهما أن النيابة وجهت إليهما عدة تهم بينها ارتكاب جرائم ضد الدولة، وإثارة الكراهية ضد مؤسساتها وتشجيع الحرب عليها وتقويض الدستور، وكلها تهم ملفقة كما هى العادة، لكن الخطورة تكمن فى أن القوانين التى شرعتها حكومة الإنقاذ لنفسها تقضى فى ثبوت الإدانة، بعقوبة الإعدام.

حياة فاروق أبوعيسى وأمين مكى مدنى فى خطر حقيقي، وعلى المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر، وغيره من المنظمات الحقوقية التى شارك الاثنان فى كثير من منتدياتها وندواتها ومؤتمراتها التحرك، لإنقاذ حياة رمزين كبيرين من رموز الحركة الوطنية السودانية التى تخطت شهرتهما الحدود الأقليمية الى الدولية، من براثن حكم متهور يعلق عوامل فشله على رفض معارضيه لسياساته، ويحكم شعبه بالحديد والنار ويتساءل الرئيس البشير بإستهانة من هما وما هى القبائل التى ينتمون اليها وينصح معارضية بأن يبلوا ميثاق نداء السودان فى المياه ويشربوه بدلا من الأستجابة لمطالبهم العادلة.

أمينة النقاش

التعليقات متوقفه