بعد تعديلات الكسب غير المشروع: المصالحة مع رموز الأنظمة السابقة تثير الجدل …

212

مطلوب ضوابط صارمة للتصالح حتى لا نفتح الباب للفساد والتربح

تحت شعار استرداد اموال البلاد المنهوبة  ودعم الاقتصاد المصرى عادت قضية التصالح مع رجال الاعمال الهاربين ورموز  الانظمة السابقة للظهور مرة اخرى حيث تم ادخال تعديلات على مشروع قانون الكسب غير المشروع وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء على  مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون لتعديل بعض احكام القانون رقم 62 لسنة 1975فى شأن الكسب غير المشروع ومن أهم ما أتت به تلك التعديلات هو إمكانية أن تقبل الجهات القضائية المختصة عرض المتهم بالتصالح عن جريمته، شريطة بأن يرد فعلياً كل ما تكسبه من أموال غير مشروعة، فضلاً عن نصف أو مثل أو مثلى قيمتها، بحسب الأحوال.

الحفاظ على هيبة الدولة

وقد روعى فى هذا التعديل التوفيق بين اعتبارات الحفاظ على هيبة الدولة وتحقيق الردع بشقيه العام والخاص من ناحية، وضمان حصول الدولة على كامل مالها المسلوب بالمخالفة للقانون فى آجال مناسبة، من ناحية أخرى، وذلك على النحو التالى: 1.تضمنت التعديلات إيجاد طريق قانونى يسمح لهيئات الفحص والتحقيق باستغلال الأموال المتحفظ عليها منعاً من تدهور قيمتها السوقية، مع إضافة العائد لحساب المتهم، لحين الفصل فى الدعوى الجنائية. 2. تضمن مشروع التعديل إضافة فقرة جديدة للمادة العاشرة لتواجه ما أفرزه الواقع العملى من أن هيئات الفحص والتحقيق تصدر العديد من القرارات بمنع المتهمين من التصرف فى أموالهم العقارية والمنقولة، وقد يستمر هذا الوضع لفترة ليست قليلة من الزمن بسبب استمرار إجراءات الفحص والتحقيق والحصر والجرد لأموال المتهم، كما أوجبت الفقرة المضافة اتخاذ الإجراءات الكفيلة باستغلال الأصول المتحفظ عليها بما يكفل الحفاظ على قيمتها من ناحية بتعيين من يدير تلك الأموال، وأن يستمر فى إدرار عائدها الذى يضاف لحساب المتهم نفسه. 3. كما أدخلت المادة 14 مكرر فكراً جديداً فى قانون الكسب غير المشروع، بأن أتاحت قيام المتهم أو وكيله الخاص أو ورثته أو وكيلهم الخاص بإبداء رغبته فى التصالح أثناء سير إجراءات التحقيق وقبل الإحالة للمحاكمة، ونظمت المادة طريقة إثبات هذا الصلح وتوثيقه بأن اشترطت تفريغه فى محضر إجراءات يوقع من رئيس هيئة الفحص والتحقيق، والمتهم أو وكيله الخاص، ثم يعتمد من مدير إدارة الكسب غير المشروع. 4. أن المادة 14 مكرر (أ) تواجه حالة ما إذا أبدى المتهم أو وكيله الخاص أو ورثته أو وكيلهم الخاص، الرغبة فى التصالح عقب إحالته إلى محكمة الجنايات، وقد راعى المشرع فى هذه المادة بالإضافة إلى سداد ما تحصل من كسب غير مشروع، أن يضاعف قيمة المبلغ الذى يتعين على المتهم رده، ليقبل منه طلب التصالح أمام المحكمة، بجعله معادلاً لقيمة ما تحصل عليه من كسب، بدلاً من نصف القيمة فى حال أبدى الطلب قبل الإحالة للمحكمة. 5. وأوضحت المادة أن سبيل البدء فى إجراءات التصالح بعد الإحالة للمحاكمة يكون بأن يبدى أمامها المتهم، أو وكيله الخاص، رغبته فى التصالح، فتمنحه أجلاً لإتمام الإجراءات على النحو المبين بالمادة 14 مكرر. 6. كما أتت المادة 14 مكرر (ب) لتواجه حالة ما إذا أبدى المتهم أو وكيله الخاص أو ورثته أو وكيلهم الخاص، الرغبة فى التصالح عقب صدور حكم بالإدانة، وقبل صدور حكم بات فى الدعوى المتخذ بها إجراء التحفظ، وقد راعى المشرع فى هذه المادة، بالإضافة إلى سداد ما تحصل عليه من كسب غير مشروع أن يضاعف قيمة المبلغ الذى يتعين على المتهم رده، ليقبل منه طلب التصالح أمام المحكمة، بجعله معادلاً لمثلى قيمة ما تحصل عليه من كسب، بدلاً من مثل القيمة فى حال أبدى الطلب أثناء المحاكمة. 7. وأرست المادة 14 مكرراً (ج) مبدأ تقييم المال موضوع الكسب غير المشروع، وصولاً إلى تحديد مقدار المبلغ الذى يقوم المتهم بسداده كشرط للتصالح، فنصت المادة على أن هذا التقييم إنما يكون بحساب القيمة السوقية لهذا المال وقت تقديم طلب التصالح، أو وقت أن حصل المتهم عليه بالمخالفة للقانون، أى القيمتين أكبر.

وقدأجرى قسم التشريع بوزارة العدل، برئاسة المستشار حسن بدراوي، بعض التعديلات على قانون الكسب غير المشروع تتيح التصالح مع الدولة في قضايا الكسب فقط، أما في مرحلة التحقيق فيقوم المتهم بسداد الأموال التي تربحها مرة ونصف المرة، أو في مرحلة الإحالة إلى المحاكمة فيسددها مضافا إليها مثلها، أو عقب صدور أحكام فيسددها مضافا إليها ضعف قيمتها.

ووفقا لهده التعديلات والتى وافق عليها قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتى مؤخرا, يحق لاي رمز من رموز نظامي مبارك ومرسي أن يتقدم بطلب تصالح ويقوم بتسديد المبلغ والغرامة الموقعة عليه.

وفى الوقت الذى رحب فيه عدد من خبراء الاقتصاد بهده التعديلات مؤكدين ان التصالح سيعزز من فرص نجاح مؤتمر القمة الاقتصادى وسيعمل على مضاعفة حجم الاستثمارات ورفع معدل نمو الاقتصاد كما انه يعكس قوة الدولة ويحمى اموالها ,الا ان هده التعديلات اثارت العديد من المخاوف لدى عدد من السياسيين وخبراء القانون من ان تفتح باب  الفساد على مصراعيه للتربح بطريقة غير مشروعة لعدم وجود عقوبة بعد رد المبالغ التى تم الحصول عليه الى الدولة .

ضوابط للمصالحة.

وتعليقا على هده التعديلات اكد عصام الاسلامبولى الفقيه القانونى، انها السبيل الوحيد امامنا الان لاسترداد اموال مصر المنهوبة، مشيرا الى انه يوافق على هده التعديلات بشرط وضع عدة ضوابط للمصالحة منها ان يتم دفع الاموال التى تم الحصول عليها بطريق غير مشروع بالفوائد حتى تكون معادلة لقيمتها وقت الحصول عليها, مضيفا أنه لابد أن تكون هناك شفافية في تطبيق التعديلات الجديدة على قانون الكسب غير المشروع الخاصة بالتصالح مع رموز الأنظمة السابقة، على أن يتم التعامل عند التطبيق مع المكسب الحقيقي العائد على المتهمين طوال هذه الفترة وتتم محاسبتهم بسعر السوق ,ومن لم يعيد اموال الدوالة كاملة يقدم لمحاكمة سريعة.

وتابع الاسلامبولى :وفيما يخص اعفاء المتهم من العقوبة المقيدة للحريات اكد الاسلامبولى، لابد ان يقترن اعفائه من العقوبة بحرمانه من الترشح للمجالس النيابية وتولى الوظائف القيادية فى الدولة لضمان عدم تكرار هده الجرائم.

بابا للفساد

اما محمود عبدالله المحامى فاشار الى ان انقضاء الدعوى بالتصالح منصوص عليه فى قانون الاجراءات الجنائية وهى كجرائم عديدة يتم التصالح فيها مع الجهات القضائية والدولة واكد ضرورة ان تتضمن اللائحة التنفيدية للقانون ضوابط معينه حتى لا نفتح الباب للفساد والتربح مادام لا توجد عقوبة بان يتم نشر واقعة التصالح فى الصحف وعرضها على الراى العام حتى تظل سمعة المتهم كما هى حتى بعد انقضاء الدعوى الجنائية واشتراط دفع الاموال المنهوبة بالكامل ,وفى حالة وجود شبهة جنائية مقترنة بكسب الاموال غير المشروع لابد من محاكمة المتهم عليها حتى بعد التصالح.

المصادرة بدلا من المصالحة

فيما رفض جمال زهران النائب السابق بمجلس الشعب واستاد العلوم السياسية محاولات الحكومة اجراء مصالحات مع رجال الاعمال الهاربين ورموز الانظمة السابقة مؤكدا ان تعديلات الكسب غير المشروع التى تسمح برد الاموال المنهوبة مرفوضة من حيث المبدأ لانها تجور على حق الشعب فى محاسبة من سرقوا امواله وسوف تشجع هده التعديلات رجال الاعمال الفاسدين على الاستمرار فى نهب ثروات البلاد .

وطالب بمصادرة اموال هؤلاء الفاسدين بدلا من المصالحة معهم وعزلهم لانهم تاجروا بالشعب المصرى وبامواله .

مبدأ قانونى

اما د”فرج عبد الفتاح “استاد الاقتصاد، فأكد ان التصالح مبدأقانونى معروف يحدث فى قضايا التهرب الضريبى والبنوك مقابل تعويضات عن الفعل المجرم,وبالتالى فان وجود قانون للتصالح بسهم فى استرداد اموال الدولة امر مهم خاصة أن الحالة الاقتصادية متدهورة، واسترجاع هذه الأموال يساهم فى إنعاش الاقتصاد المصرى فاهلا بهدا التشريع شريطة وجود عقوبات مالية مقابل ما تم الحصول عليه بطريقة الغش والتدليس او اى طريقة غير مشروعة.

إقرار الثروة

ومن جانبه اكد هانى الحسينى الخبير الاقتصادى ان مبدأ التصالح فى القضايا المالية مبدأمتعارف عليه دوليا ولكن لابد من التفرقة أولا بين القضايا الجنائية التى لا يمكن التصالح فيها، وغيرها من القضايا المالية التى من الممكن إيجاد حلول لها بالتصالح، وخاصة إذا كانت تتوافر فيها عدم التعمد، وبناء على هذا الأساس يمكن وضع خريطة واضحة للتصالح مع رجال الأعمال.

ويرى أن التصالح مع رجال الأعمال يجب أن يعتمد على عدة معايير، ومنها أن يكون مبدأ التصالح متاحا أمام رجال الأعمال ممن لم تثبت عليهم تهمة الفساد المالى أو الجنائى، وهو ما يترتب عليه خلق بيئة استثمارية جيدة قوامها إعمال القانون وتطبيقه على الجميع. وتابع أن رجال الأعمال الذين تثبت ضدهم تهم الفساد المالى والجنائى، خاصة قضايا المال العام لا يمكن التصالح معهم، بل يجب أن يطبق عليهم صحيح القانون،حتى لا يعتبر التصالح معهم تسترا على الفساد.

واضاف الحسينى، ان استرداد اموال البلاد المنهوبة سوف  يساهم فى إنعاش الحالة الاقتصادية بل سيساعد مصر فى ان تقلل من عملية الاقتراض من الخارجج وتعليقا على من يطالب بمصادرة اموال رجال الاعمال الهاربين قال الحسينى  نحن لانعلم حجم اموالهم اوأماكن اختبائها، وفى هذه الأحوال فان هؤلاء الفاسدين يمكن أن يقدموا جزءا من ثرواتهم ثم يدعون أنها كل ما يمتلكونه من أرصدة,مشيرا الى ان المصادرة اسلوب سلبى فى ادارة الدولة للاقتصاد وسوف تساهم فى هروب المستثمريين الاجانب من مصر وهناك طرق اخرى بدلا من المصادرة مثلا يمكن سن قانون استثنائى يتيح اخد ضرائب عالية ممن حققوا ثروات طائلة ولا يبررون مصادرها ,وهدا الاجراء كان موجودا قديما فى قانون الضرائب المصرى حيث يقدم الممول اقرار الثروة كل 5 سنوات ومن لا يستطيع ايضاح مصادر تضخم ثروته يحال الى التهرب الضريبى ويتم ربط ضريبة عليه توافق ما حصل عليه من ارباح, وطالب الحسينى بضرورة ان يكون هناك مراجعة دورية للثروات وتضخمها .

التعليقات متوقفه