محمد فهمي يكتب: موظف.. كامل الأوصاف!

93

أريد أن أشد على يد كل موظف فى بلدنا وأقول له: مبروك عليك القانون الجديد الذى وضعته السيدة جيهان عبدالرحمن وزيرة القوى العاملة والهجرة.. ويتضمن أداء كل موظف للقسم.. أسوة بالسيد رئيس الجمهورية والسادة الوزراء.. وكبار المسئولين فى البلد.. وبالتالى سيكون أداء اليمين شرطا لتقلد مهام الوظيفة.

ينص القسم على الآتي:

“أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور والقانون، وأن أخدم الدولة المصرية، وأن أحافظ على المال العالم (!!) وأن أؤدى واجباتى الوظيفية بنزاهة وشفافية وبروح فريق العمل، وعلى الوجه الأكمل لخدمة الشعب”.

انتهى القسم وبصراحة شديدة.. فإننى لا أعرف ما هو الجديد فى أداء الموظف لليمين قبل استلامه وظيفته وجلوسه خلف مكتبه من أجل المحافظة على المال العام وأن يؤدى واجباته الوظيفية بنزاهة.. إلخ.. ونحن نعلم أن موظف الحكومة هو المؤدى للصلوات فى مواعيدها.. فى مكتبه.. وهو الذى يحافظ على الوضوء وإهدار كميات مهولة من مياه النيل فى بلاليع المجارى التى تصب فى النيل.. وهو العارف بالله وهو الذى يقف أمام المواطنين وقفة الإجلال والاحترام والتوقير.. ويقضى لهم حاجتهم فى سكون وخشوع.. أشبه بدخول التقاة للصلاة.. وينسخ من كل طلب آلاف النسخ كى يوقعها الواحدة تلو الأخري.. ويرثى لحال المساكين الذين يتكبدون مشقة صعود السلالم بعد تعطل المصاعد، وهو الذى لا يعرف من النقود إلا مرتبه.. ويرد الرشوة لأصحابها.. حتى لو اضطر لرهن أطيانه!

وبالتالى فإن الموظف فى بلدنا ليس فى حاجة لأداء اليمين قبل أن يتسلم عمله.. ليس فقط لأنه يؤدى الصلوات فى مواعيدها أثناء العمل.. ولا لأنه ينصرف.. قبل مواعيد الانصراف تفاديا لازدحام المواصلات بأمثاله من المصلين الذين تهتز السبحة بين أصابعهم اهتزاز الطفل فوق المرجيحة.. ولكن لأن طائفة الموظفين هى أكثر طوائف البلد.. متابعة لمباريات كرة القدم.

وتضمن مشروع القانون الجديد الذى أعدته الوزيرة جيهان عبدالرحمن.. سلسلة طويلة من الشروط العجيبة لمن يشغل وظيفة فى الحكومة ومن بينها ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو عقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.. حتى لا يضم الجهاز الإدارى للدولة من هو ليس أهلا لتحمل المسئوليات.. بما يضمن تحقيق الانضباط اللازم داخل الجهاز الإداري!

ولا أود فى هذه العجالة الإشارة.. لمزيد من المواد العجيبة التى تضمنها مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد.. والتى استهدفت الارتفاع بالمستوى الأخلاقى لموظف الدولة.. ولكن المشكلة التى غابت عن بال السيدة الوزيرة.. أن بلدنا لا تنقصها القوانين والقواعد واللوائح وأداء اليمين قبل مد الأيدى باليسار.. وإنما تفتقد التربية المجتمعية السليمة.. والعقوبات الرادعة التى تحول كل مواطن فى بلدنا.. إلى موظف.. كامل الأوصاف!

التعليقات متوقفه