عرض الآثار المصرية بالخارج.. هل يخدم السياحة أم يضر بتراثنا

205

من المسئول عن تعذيب توت عنخ آمون؟

زاهي حواس: الشخص الذي يدعي أن غطاء تمثال الملك الذهبي مزيف لابد أن يدخل مستشفي الأمراض العقلية

 

الملك الذهبي هذا هو الاسم الذي أطلقته وسائل الإعلام علي توت عنخ آمون منذ أن تم  اكتشاف المقدرات الذهبية والقيمة الحقيقية له كأثر لا يقدر بكنوز الدنيا ولقد  قدر ايضا لهذا الملك الطفل العذاب في حياته علي يد الكاهن القائم علي تربيته ونشأته، وقدر له العذاب مرة أخري بعد اكتشاف مقبرته وذلك بسبب جولاته في الخارج التي يعود منها منهك القوي . وأخير يثير الملك الصغير سنا والكبير قيمة  جدلا واسعا بعد ما تعرضت ذقنه لعملية ترميم فاشلة . كما وصل الأمر الي أن صرح البعض بأن الغطاء الذهبي قد تم استبداله بآخر مزيف.

يؤكد دكتور زاهي حواس وزير الآثار السابق ان الشخص الذي يدعي  ان غطاء تمثال توت عنخ آمون مزيف لابد أن يدخل مستشفي الأمراض العقلية .  لانه يعاني من خلل عقلي . حيث إن هناك أكثر من 20 ألف عالم آثار مصرية في الخارج , وأي عالم اثار يستطيع ان يكتشف زيف الغطاء من عدمه , وهذا لم يحدث حتي الآن. فهذا القناع حقيقي والكلام الذي يقال يحدث فقط في بلاد الواق الواق , وللاسف الشديد انا أعاتب  الصحافة المصرية التي تكتب عن لسان شخص غير مؤهل علميا ما يثير زوبعة بين الرأي العام بإدعائه أن  القناع تقليد.

 

ترميم كارثي لأثر عظيم

ويستطرد د. حواس قائلا فيما يتعلق بالترميم الخاطيء للذقن بالطبع الذي حدث كارثة بكل المقاييس ,لان اعمال الترميم لا تتم من خلال مرمم فقط , بل يجب  ان تتم من خلال كيماوي واثري ومرمم , وارجو ان تتم اعمال الترميم  بايدي مصرية لان لدينا مرممين علي مستوي عالٍ افضل من المرمم الألماني القائم الآن بعملية ترميم القناع , كما أن علم الترميم وصل حاليا  إلي أنه مهما حدث من اخطاء في عمليات ترميم سابقة فيمكن ان تعود حالة القناع الي ما كانت عليه .

ويؤكد حواس أنه مع فكرة اقامة معارض خارجية لآثارنا قائلا نحن لدينا ملايين القطع الاثرية وهذه المعارض الخارجية توفر لنا دعاية سياحية وثقافية واعلامية وسياسية ضخمة جدا ,بالإضافة الي عائد مادي . فما هي الفائدة من تكديس  أكثر من 100 الف قطعة أثرية معروضة في المتحف المصري دون أن يشاهدها أحد , الاثار عندما تسافر للخارج ترمم والعالم يشاهدها وتدر دخلا, الدولة  في احتياج لاعتمادات مادية , كما أن الاثر عندما يظل بالمتحف يتأثر أكثر من سفره للخارج  , كما ان امتناعنا عن إقامة معارض لآثارنا بالخارج سيؤدي إلي أن العالم كله سيقيم  معارضه دون الاستعانة بمصر .

تأمين المعارض بالخارج

ويستطرد حواس قائلا أي معرض لآثارنا بالخارج يتم  تأمينه علي أعلي مستوي . ويحظى بتعبئة علي أعلي مستوي كما يسافر معه ضابط شرطة ومرمم واثري .و يرافق المعرض بصفة دائمة أثري مصري ولا يلمس الاثار غير الاثري المصري. وما يقال عن هذا الموضوع من أشخاص لديهم جهل بتجهيز المعارض .  فمعرض توت عنخ آمون الذي سفرنا فيه 50 قطعة من 4500 قطعة در دخل 140 مليون دولار لمصر فهل هذا قليل ؟ بالإضافة للدعاية الضخمة التي حدثت لمصر , وهنا أقول لا يردد هذا الكلام سوي الأشخاص الذين لا يريدون لمصر ان تستفيد وتقف علي قدمها فيقول لا للمعارض, لكن لابد من اقامة  المعارض لآثار مصر الفرعونية والاسلامية والقبطية من أجل تحقيق عائد نرمم به هذه الآثار . ونحن لدينا ملايين القطع الموجودة في المتاحف والمخازن والعالم كله يعمل معارض: الصين واليابان والسعودية وسوريا والعراق كل العالم يعمل عرض لآثاره في الخارج .

وفيما يتعلق بالمتحف الجديد والذي كان من المفترض افتتاحه في هذا العام يقول حواس لقد قمنا ببناء قاعات الترميم وقاعات التخزين بأيدي مصرية واخذنا منحة من اليابان 300 مليون دولار لتكملة باقي البناء وقد كنا نعتزم الانتهاء من بناء المتحف وافتتاحه في عام 2015 ولكن  للأسف الشديد بسبب الظروف التي مرت بها مصر تأجل افتتاح المتحف .  ولقد قمت بإجراءات عندما كنت وزيرا للاثار أن يكون هذا المتحف قائما بذاته مثل مكتبة الأسكندرية ويتبع مجلس الوزراء لان هذا المتحف لا يمكن ان يدار بالطريقة الحكومية. فعلي سبيل المثال  مدير المتحف المصري اذا حرق لديه  مصباح لن يستطيع ان يشتري بدلا منه  لان الروتين  الحكومي يمنع هذا. فلابد ان يكون هذا المتحف ذا طبيعة خاصة وان يكون له  مجلس أمناء من رجال الاعمال في الداخل والخارج  يستطيعوا ان يجمعوا له التبرعات من أجل الأنتهاء من بنائه  لكن أنا لا أعتقد إن هذا المتحف يمكن أن يفتتح بهذه  ولا حتي في  2024 .

 

الفرق بين النشر والتسجيل

وتتفق دكتورة دينا صادق أستاذ الآثار بجامعة عين شمس مع رأي دكتور زاهي حواس قائلة ان اقامة معارض لآثارنا بالخارج شيء مفيد جدا لمصر لأنه بيدر عائدا ماديا في نفس الوقت يحقق دعاية لجذب السياح والمسئول عن هذه المعارض هو المجلس الاعلي للآثار,  ولكن هناك كلام حول طرق ووسائل حماية هذه الآثار فالإجراءات المتبعة لابد أن تكون صارمة جدا لأن هذه الآثار قيمتها لا تقدر بثمن، كذلك يجب تحديد من الذي سيصاحب هذه الآثار في الخارج وعلي من ستقع مسئولية ما يحدث لها.

وتستطرد د. دينا قائلة امكانية التبديل بنسخ تقليد  أمر وارد , ولهذه المعارض بالخارج جانب سلبي وآخر إيجابي ولكن الشق السلبي اخطر . حيث توجد بالخارج متاحف بها كثير من الآثار المسروقة مثل متحف برلين واللوفر ,واعتقد اننا لا نحتاج دعاية أكثر من هذا ,فلا داعي لتسفير آثارنا الأصلية للخارج .

وعن سهولة سرقة الآثار المكدسة بالمخازن تقول: إن مشكلة هذه الآثار رغم أنها كلها مسجلة ” في الدفاتر المصرية ” بمعني أن لها رقم ومذكور مكان اكتشافها في سجلات هيئة الاثار وهذا اجراء يمنع ويحد من سرقتها, ولكن هناك كثير من هذه القطع غير منشورة . بمعني نشر دوريات أو كتب علمية تصف القطعة الآثرية وتفسرها وتشرحها بشكل مفصل . او تفسر الأسس  التي وجدت فيها. وهذا هو الفرق بين النشر والتسجيل. فالبعثات الموجودة في مصر تأخذ حق نشر القطع التي تكتشفها  وهذا  مقابل  رسوم تدفع سنويا لهيئة الآثار وعلي هذا الأساس يكون لها حق نشر القطع الأثرية .

وتضيف دينا قائلة كذلك فيما يتعلق بعمل البعثات في الاكتشافات لابد ان يكون في كل بعثة عدد من الأثريين المصريين فلايجب ان يكون كلهم اجانب .كما أن تكديس القطع الآثرية  في المخازن  مصيبة لانه يمكن سرقتها .كما سبق وسرق  من المتحف المصري ايام الثورة قطع آثرية مهمة تم تكسيرها وتكسير الفتارين التي كانت بداخلها ,فما بالك بمخازن موجودة في مناطق أثرية نائية يقوم بحراستها خفير بسيط  قد  لا يكون في حوزته  سلاح .

وفي النهاية تطالب بعدم خروج قطع أثرية للخارج حتي لانقع مرة اخري في هذه المصيبة , أو يتم تقليد القطع مثلما حدث مع قناع نفرتيتي الذي هرب للخارج . وبالفعل المتاحف بالخارج مكدسة بالقطع المسروقة منذ زمن ونحن لا نحتاج دعاية أكثر من هذا . فالقطع الاصلية والوحيدة من  يريد رؤيتها فليأت ويراها داخل مصر . واذا اردنا ان نسفر بعض الاثار للخارج وخاصة القطع غير المكررة يمكن عمل نسخ طبق الاصل منها وتسفيرها.

 

محاسبة المسئولين

وفي نفس السياق يضيف دكتور نادر عبد الدايم أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة عين شمس قائلا هناك قاعدة  تقول البينة علي من أدعي وأنا لن ادافع عن مسئولي وزارة الآثار ولكن من يقول ان الغطاء استبدل يتفضل يقدم الدليل فليس من المعقول أن كلما تخطر فكرة لشخص او تنتابه  الشكوك  يتهم الناس دون دليل ,لقد  كنت ضمن لجنة منذ فترة خاصة بالمتحف الإسلامي . عندما قالوا ان هناك قطعا سرقت وتم بيعها وعرضها في قطر! أنا أحترم من تقدم بالبلاغ لأنه رجل حريص علي ثروات البلد ولكن عليه ان  يقدم الدليل علي السرقة بذكر رقم المسروقة من  المتحف ورقمها في السجلات. وبناء عليه من يدعي استبدال القناع عليه أن يقدم الدليل للنيابة حتي تتم محاكمة ومعاقبة الجاني بالقانون . و لكننا نعيش فترة تبادل  الاتهامات في كل شيء بدون دليل .

ويستطرد عبد الدايم قائلا عن الترميم البشع لذقن الملك أنه أمر وارد ان يحدث  في الترميم وحدث منذ عشرات السنين عند ترميم تمثال ابو الهول ,وعلينا ان نحاسب المسئول عن هذا الخطأ , ثانيا يجب تدريب كوادرنا بشكل علمي متخصص  علي الترميم الصحيح وتوفير أفضل الإمكانيات والخامات اللازمة ,و حاليا هناك إدارة مصرية للترميم انشئت بوزارة الآثار مسئولة ولديها كوادر ممتازة ,ولكن أحيانا يسند الترميم لأشخاص غير مؤهلين .

ويضيف عبد الدايم قائلا انا ضد مبدأ سفر الاثار للخارج فقد تأتي بعائد مادي جيد جدا ولكن الخطورة الواقعة عليها قائمة سواء اثناء السفر أو في البلاد التي تذهب إليها ومسألة التزييف والتقليد والتبديل واردة جدا . نحن لدينا كنوز ممكن ان نعمل منها نسخاً ونرسلها والسائح يأتي ليري ما لدينا .

,يمكن ارسال القطع المكررة انما القطع النادرة والنسخ الوحيدة علي مستوي العالم انا لست مع مبدأ اخراجها من مصر .اي ان كانت المكاسب المادية .

ويضيف عبد الدايم التخزين اذا كان علمي في وجود أجهزة لمعالجة الرطوبة ودرجات الحرارة المؤثرة وتخزين مؤقت لا مانع اما في ظل عدم وجود امكانيات وفي ظل المخازن المتهالكة وفي ظل حالة امنية غير مستقرة وتأمين غير كامل لهذه المخازن تصبح هناك مشكلة . والمشكلة الأهم نحن لدينا  كم من الآثار إذا اردنا أن نفرده في متاحف سنحتاج مساحة تساوي المساحة التي يشغلها السكان نحن لدينا كم آثار غير عادي يعمل 50 ألف متحف، المشكلة من سيقدم مساحة وامكانات وتأمين لكل هذا والادارة احيانا تكون مضطرة انها تخزن في اماكن قريبة وآمنة.

الحقيقة نحن لانعرف العرض بالخارج له محاذيره والتخزين له محاذيره كما ان العرض يحتاج إمكانات عالية جدا والتخزين ايضا يحتاج إمكانات مع خطورة انه يسهل سرقة القطع فهي معادلة صعبة وأي مسئول لا يعرف كيف سيحلها وهو ليس لديه امكانات مادية .

التعليقات متوقفه