الثقافة فى مواجهة التطرف

105

 د. أحمد مجاهد: عودة الجمهور إلى معرض الكتاب دليل على وعى المصريين

 

شهد معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته السادسة والأربعين والتى تختتم فعالياتها اليوم الأربعاء عدة ظواهر لافتة من أهمها الإقبال الجماهيرى على حضور المعرض من مختلف الفئات العمرية، وإن كان أغلب الحضور من جيل الشباب الذين توافدوا بأعداد غفيرة ليس لمجرد الترفيه ولكن لحضور الندوات وشراء الإصدارات الجديدة من الكتب.

وأكد د. أحمد مجاهد – رئيس الهيئة المصرية العامة – أن هناك ظاهرة أخرى ساعدت على توزيع الكتب ومنها حملة “الكتاب هديتك” والتى تهدف إلى تغيير مفهوم المواطن المصرى وتشجيعه على إهداء الكتاب فى المناسبات المختلفة بدلا من الهدايا الأخري، وهناك فكرة “الكتاب الدليفري” بالتعاون بين هيئة الكتاب ودار أخبار اليوم، لتوصيل الكتاب لكل أنحاء الجمهورية مجانا.

وكل هذا يهدف لتنمية عادة القراءة لدى المواطن، وهناك قاعدة بيانات بأسماء المؤلفين والكتب.

كما أن هناك “سور الأزبكية” الخاص بوزارة الثقافة عبر مخيم ضخم يضم إصدارات الوزارة بهيئاتها المختلفة وبأسعار زهيدة حيث يصل التخفيض أحيانا إلى 75% من السعر الأصلى وهذا أحد أهداف الوزارة بأن يصل الكتاب إلى الجمهور.

 

تنوع ثقافي

وأشار د. مجاهد إلى التنوع الذى شهده المعرض هذا العام من خلال تعدد الأنشطة فقد كان هناك يوميا 26 حدثا ثقافيا وفنيا، بالإضافة إلى وجود 9 مواقع لمناقشة القضايا الثقافية والأدبية.

وأن عودة الجمهور إلى المعرض بالآلاف دليل على وعى المصريين على تجاوز الصعاب، خاصة فى ظل اللحظة الراهنة، وهذا رهان حقيقي.

وقد شهد المعرض هذا العام عودة بعض كبار المثقفين العرب وعلى رأسهم الشاعر السورى الكبير “أدونيس” والذى التقى بجمهور المعرض فى حوار مفتوح، حيث أكد أدونيس أن عنوان المعرض هذا العام عنوان مهم وهو “الثقافة والتجديد” أن الحداثة مفهوم عربى تدل عليها الحضارة السابقة، وأننا لا نجد تجربة فذة مثل تجربة المتصوفين، ولا نجد تاريخا عظيما كما نجد عند “ابن خلدون” فى مقدمته الشهيرة فى كل ما يتعلق بعلم الاجتماع.

وتساءل أدونيس كيف حدثت هذه المنجزات الكبرى فى الماضى ولم تحدث فى الحاضر؟ فلا يمكن التجديد والانتقال من مرحلة إلى أخرى إلا بإحداث قطائع معرفية وقطائع جمالية، وهذه القطائع حدثت فى العصر العباسى على وجه خاص لكنها لم تحدث عندنا حتى اليوم بالشكل الذى تريده الحداثة العربية.

وأشار أدونيس إلى أن هناك إمكانية للتجديد والتأويل فى الدين، لكن هناك مئات الفقهاء الذين ليس لديهم أى تجديد ولا ابتكار فهم فقط يقلدون أسلافهم تقليدا أعمى دون وعى أو فكر.

وأضاف “أدونيس” قائلا: لا يوجد تجديد إلا بمقاطعة التقليد، فأبونواس جدد حينما قاطع لغة البادية، وكذلك حدث مع “أبوتمام” و”المعري” فكل واحد منهم استطاع أن يصنع عالما جديدا قائما على الإبداع والابتكار لا على التقليد.

 

الشخصية العربية

وأضاف “أدونيس”: هل تتصورون – مثلا – أن التراث المعبر عن الشخصية العربية وهو “الشعر” لا يوجد كتاب واحد يدرس جمالياته على مدار 14 قرناً من الزمان، أما ما كتبه علماء البلاغة أمثال “الجرجاني” وغيره فليس عن جماليات الشعر بل عن جماليات الأسلوب القرآني، فى حين أننى أرى الشعر العربى من أفضل الأشعار على مستوى العالم.

وأكد أدونيس أن التجديد يتطلب منا أن ننشئ “جبهة علمانية” على مستوى الوطن العربى تعمل على إعادة قراءة الموروث وتأسيس مجتمع جديد قائم على الفكر المتجدد والمعرفة الوثابة.

وضمن احتفائه برموز الفكر المصرى والعربى أقيمت ندوة بمناسبة صدور الأعمال الكاملة للمفكر الراحل محمود أمين العالم شارك فيها حلمى شعراوى ونبيل عبدالفتاح والذى أشار إلى الدور الذى قام به “العالم” فى اكتشاف كثير من المبدعين، كما أنه زاوج بين الإنتاج الأدبى والنقدى والإبداع الفكرى والعمل السياسى وخبرات رجل الدولة حين أدار عددا من المؤسسات الصحفية.

وأضاف عبدالفتاح أن شخصية العالم كانت شخصية مركبة فهو فيلسوف وشاعر وناقد ومناضل سياسي، أما عن تكوينه الفلسفى فقد حمته الفلسفة من الشطح الأيديولوجي.

وأكد حلمى النمنم أن “العالم” كان ظاهرة فكرية وثقافية، فكانت رسالته الأكاديمية تحت عنوان “فلسفة المصادفة” التى لم تكن موجودة فى الثقافة المصرية، كما أنه ناقش قضايا التراث العربى فى كتابه “الأصالة والمعاصرة”.

وأشار حلمى شعراوى إلى أن “العالم” كان رائدا فى كل مجال عمل فيه، فقد كان يعرف قيمة العلم.

وقد مارس النقد قبل كتابة “الأدب” فقد كان كتابه مشترك مع عبدالعظيم أنيس “فى الثقافة المصرية”.

أول قنبلة ثقافية بعد ثورة يوليو وقد أثار كثيرا من الجدل، وقد كان “العالم” مثقفا سياسيا ومناضلا وله تاريخ فى إنشاء المؤسسات الثقافية والفكرية.

 

التعليقات متوقفه