د.رفعت السعيد يكتب: عن الاخوان وجهازهم السري (2)

202

ظل الإخوان يراوغون ويواصلون المراوغة حول موضوع جهازهم السري. وكذلك حول دور هذا الجهاز في محاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية. وفي كتابه «قال الناس ولم أقل في حكم عبد الناصر» كتب الأستاذ عمر التلمساني نفيا قاطعا لوجود الجهاز السري، ونافيا اي علاقة للإخوان بالإرهاب ومؤكدا أن حادث المنشية هو مجرد اختراع اخترعه خبير أمني أمريكي. (ص186). وفي أول سبتمبر 1989 كتبت مجلة لواء الإسلام (وكان الإخوان قد سيطروا عليها) مؤكدة أن حادث المنشية مفبرك وأن عبد الناصر هو مدبره. واعادت التأكيد علي نفي صلة الإخوان بأي عمل إرهابي».

ولكي نقطع الشك باليقين، لن نرد عليهم بأدلة من عندنا، وإنما سنرد عليهم بما كتبه واحد من قادة العمل الإرهابي الإخوان هو عبد المنعم عبد الرؤوف الضابط الإخواني الذي كان عضوا في الضباط الأحرار ثم كشف عن وجهه الإخواني فقبض عليه وهرب من السجن، وبعد فترة من العمل السري هرب خارج مصر. ويروي عبد المنعم عبد الرؤوف في مذكراته المعنونة «أرغمت فاروق علي التنازل عن العرش الحكاية بأكملها.. وننقل عنه حرفيا والعهدة عليه بالطبع. وعلي الإخوان الذين لم يتحرك أي منهم بإعلان كذب ما رواه.. ونبدأ.

«فور هروبي من السجن التقيت بشخصية إخوانية مسئولة أبلغتني أن الإخوان يطلبون مني وضع خطة لعمل انقلاب إسلامي، فطلبت موافاتي بالمعلومات التالية :

– عدد أفراد النظام الخاص المدربين- كشف مفصل به جميع الأسلحة الصغيرة الصالحة للاستعمال مثل : رشاشات -بنادق – طبنجات- قنابل يدوية- خناجر- ذخائر..إلخ. ويمضي الضابط الإخواني في حديث تفصيلي استغرق صفحات عديدة من كتابه متحدثا عن استعداداته في هذه الأثناء (1953) لتجهيز القوي اللازمة لتنفيذ الانقلاب الإسلامي. ويحكي تفصيلا عن علاقته بإبراهيم الطيب وهنداوي دوير وهما من القادة البارزين بالجهاز السري الإخواني، ويحكي كيف أنه اختبأ لفترة في منزل بسيط لشاب من إخوان امبابة اسمه عبد اللطيف (قال فيما بعد أنه محمود عبد اللطيف).. ونلاحظ أن هذه الأسماء الثلاثة كانت محور قضية محاولة اغتيال عبد الناصر. الطيب وهنداوي دبرا وجهزا واحضرا السلاح والإخواني الذي سيقوم بإطلاق الرصاص.. ومحمود عبد اللطيف الذي كلف بالقيام بالمهمة. ويروي الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف عديدا من التفاصيل حول عملية الاعداد لاغتيال عبد الناصر ويقول حرفيا «كان الأخ هنداوي دوير متحمسا لإطلاق النار علي عبد الناصر وكان يكرر «أقسم بالله العظيم أن جميع العسكريين «سيتفركشون» عند سماع أول طلقة موجهة إلي عبد الناصر» (ص176).

ويواصل عبد المنعم عبد الرؤوف اعترافاته قائلا إنه نظم معسكرا للتدريب علي السلاح في كرداسة وأن الذي نظم المعسكر إبراهيم الطيب (وهو أحد المتهمين في قضية محاولة الاغتيال. ويمضي عبد الرؤوف في وصف تفاصيل محاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية ثم يختتمها قائلا «ثم سلم الشهيد هنداوي نفسه وأدلي بكثير من الاعترافات والخطط التي لم تكن في الحسبان» (ص194). وبعد ذلك يروي الضابط الإخواني وبشكل تفصيلي خطة تنفيذ «الانقلاب الإسلامي».

وتبدأ الخطة بتجميع أسلحة تكفي فصيلتين وملابس خاصة بالشرطة العسكرية تكفي فصيلتين أيضا، ثم بدأ في تدريب أعضاء الفصيلتين في معسكر اخواني سري بكرداسة وتكون الخطوة الأولي في الانقلاب هي انتظار عقد اجتماع للرئيس عبد الناصر مع مجلس الوزراء وكان ذلك يتكرر كثيرا ثم اقتحام مبني رئاسة مجلس الوزراء واعتقال جميع الموجودين فيه، بحيث تتم العملية بسرعة وقبل أن تدرك الحراسات الرسمية وباقي القوات المسلحة أن هناك انقلابا إذ يتصورون أن ما يجري هوتحرك جزء من الجيش ضد عبد الناصر.

وبعد ذلك لدينا شهادة أخري أوردها اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق، وضابط الأمن الذي تدرج في سلم الأمن السياسي لسنوات عديدة..ويبدأ الرحلة شهادته قائلا «تشير وقائع التاريخ الحديث إلي أن العنف باسم الدين قد ظهر بعد سنوات قلائل من نشأة جماعة الإخوان المسلمين» (حسن أبو باشا – مذكرات في الأمن والسياسة – جريدة الحياة- لندن – 20 اغسطس 1990) ثم تأتي شهادته عن حادث المنشية فيقول «اختفت قيادات الاخوان وعلي رأسهم المرشد قبل محاولة الاغتيال . وتقرر القبض علي عدد من قيادات التنظيم السري للجماعة. واسند إلي القبض علي طالب بكلية الآداب يقيم في بين السرايات وأثناء تفتيش غرفته عثرت علي مظروفين في طيات أحد الكتب بداخل كل منهما مسودة خطاب. أولهما موجه لإبراهيم الطيب يطلب فيه أن يعمل علي تسليم الخطاب المرفق للمرشد العام للجماعة علي وجه السرعة. وكان جوهر الخطاب المرسل للمرشد بعد الديباجة «أن المرسل يذكر المرشد بالقرارات السرية التي اتخذت في المؤتمر العاشر للجماعة والتي كان من بينها أن الجماعة يجب ألا تسعي للقيام بأي عمل انقلابي إلا بعد أن تتحقق لها قاعدة قوية في الجيش والشرطة وأن الجماعة لم تحقق مثل هذه القاعدة حتي الآن وأن أي عمل يقوم به الإخوان الآن لن تكون نتيجته إلا بحور من الدماء يغرق فيها الإخوان» ويمضي اللواء أبو باشا «تبين فيما بعد أن إبراهيم الطيب كان المسئول عن الخلية التي أسند إليها القيام بعملية الاغتيال. وأن الراسل كان أحد قادة الجهاز السري ومسئول التسليح فيه علي مستوي الجمهورية» (أبو باشا- المرجع).

وبعد ذلك كله يواصل الاخوان الإنكار ويحاولون عبثا أن نصدقهم. فهل هذا ممكن؟


التعليقات متوقفه