صفحة من تاريخ مصر: أحمد لطفي السيد.. لغز ديمقراطية الأعيان (9)

368

ويخصص احمد لطفي السيد الفصل السابع من مذكراته لإبداء رأيه في عدد من شخصيات عصره فيقول..

  • مصطفي كامل باشا: لا أريد أن أطيل في مصطفي كامل لكن كان شعاره الوطنية، ووسيلته الوطنية، وغرضه الوطنية، وكلماته الوطنية، وكتابته الوطنية وحياته الوطنية حتي لبسها ولبسته فصار بينهما تلازم فإذا ذكرته بخير فإنما تمتدح الوطنية وإذا قلت الوطنية فإن أول ما يتمثل في خيالك مصطفي كامل، كأنما هو والوطنية شيء واحد.. ولقد دعوت في اليوم التالي لوفاته علي صفحات الجريدة إلي إقامة تمثال له يشهد بالاعتداد بفضله وتخليدا لذكره واعترافا بفضله، وشاعت هذه الفكرة بين جميع الطبقات، وفتحنا الاكتتاب علي صفحات الجريدة وتكفلنا بالقيام بهذا العمل ولو أننا لم نكن من حزبه السياسي لأن مصطفي كان مصريا لجميع المصريين” (ص59) وإذا جاز لي أن أعلق علي هذا الموقف أقول انه أحد علامات الفكر الليبرالي الذي يتعامل مع الخصوم السياسيين بديمقراطية، فمصطفي كامل هاجم حزب الامة والجريدة واحمد لطفي السيد هجوما عنيفا وحتي الشعار الذي لم يزل يتألق علي قاعدة تمثاله يعبر عن رفضه لهؤلاء الذين اسهموا في إقامة تمثاله ولعلهم تقبلوا ذلك برضاء ديمقراطي وليبرالي والعبارة التي يقرأها ملايين المصريين باستمرار علي قاعدة تمثاله تقول “إن من يتسامح في حقوق بلاده ولو مرة واحدة يبقي ابد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان”.. وكثيرا جدا.. ما تسامح حزب الامة ورجاله في حقوق البلاد.
  • قاسم أمين بك: قاسم امين من اصل كردي، وجده أمير من امراء الاكراد، وأخذ ابنه رهينة في الاستانة لخلاف بين الاكراد والدولة العثمانية وكان الرهينة هو أمين بك والد قاسم أمين فجئ به إلي مصر في زمن اسماعيل باشا وانضم للجيش المصري حتي رقي إلي رتبة أمير آلاي، وتزوج بكريمة احمد بك خطاب وكان قاسم اكبر الابناء. وامتاز في المدارس بحدة الذكاء فلما أتم دراسته ارسل في بعثة إلي فرنسا واتم دراسة الحقوق وفي 1858 عين وكيلا للنائب العام في محكمة مصر المختلطه وتدرج حتي اصبح مستشارا في الاستئناف، وأدرك قاسم ان المرأة هي أساس العائلة وسعي ليفك اسر المرأة التي اوقعوها فيه باسم الدين وما هو من الدين في شئ فكتب كتاب “تحرير المرأة” ثم “المرأة الجريدة” ولم يخش منتقدا ولا لائما. وعندما كتب الدوق داركو كتابا هجا فيه المصريين وهاجم دينهم، فرد عليه بكتاب بالفرنسية دافع فيه عن الإسلام والمسلمين”.
  • أحمد عرابي باشا: في عام 1911 توفي احمد عرابي قائد الثورة العرابية (1882) وقد حاول أن يقود مصر إلي السعادة لكنه تعجل ولم يتدبر وإنقاد لشهواته أو شهوات زملائه فوقعت مصر في التعاسة. ومن حسناته قبل الثورة الدستور الذي من صنع يديه ومن آثار جرأته ولعرابي سيئات منها خروجه ضد خديوي هادئ، في غير مصلحة الأمة. لا أنكر أن عرابي اساء إلي وطنه وأمته ولكن اسارع فأقول انه اساء من حيث أراد أن يحسن وأضر من حيث اراد أن ينفع فله ثواب النية وعليه مسئولية النتيجة. وعرابي لا يصح أن يتحمل وحدة مسئولية العوامل التي أتت بالثورة وأدت إلي النتيجة السوداء وإنما هناك البرلمان الذي ايده والاعيان ورجال الدين وكل من أيدوه. ونواصل.

 

 

التعليقات متوقفه