هواء نقى: مصر.. والعودة إلى الصندوق

212

لاتزال عملية الإصلاح الاقتصادى فى مصر تحتاج إلى المزيد من الإجراءات، خاصة مع استمرار انهيار الطبقة الوسطى وانخفاض مستويات المعيشة نتيجة القرارات الاقتصادية الأخيرة، والاتجاه إلى رفع الدعم عن الفئات الضعيفة، خاصة فى ظل تدنى مستويات الأجور، وارتفاع معدلات البطالة.
ولعبت السياسات الحكومية دورًا كبيرًا فى رفع الأسعار على جميع المستويات، خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف، وما أعقبه من قرارات اقتصادية، وارتفعت الأسعار بشكل جنونى، خاصة فى مجالات حيوية مثل الأدوية والغذاء والإسكان والمواصلات، والتى أصبحت تفوق قدرة المواطن.
فالإجراءات الحكومية تركز على المؤشرات المالية من خفض لعجز الموازنة من خلال خفض الدعم، خاصة دعم المحروقات، وفرض رسوم جديدة على الخدمات، دون المساس بالأغنياء، بل والانحياز للأغنياء على حساب الفقراء. وترفض الحكومة تطبيق الضريبة التصاعدية، وزيادة عدد الشرائح وسعر الضريبة للأغنياء، كما أجلت ضريبة البورصة، وترفض فرض ضريبة الثروة، لكن ترفع الدعم عن الفقراء.
فالبرنامج الذي تطبقه مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، قائم على أساس تحسين المؤشرات المالية، والعمل على حماية الطبقات الفقيرة المتضررة من البرنامج، لكن مصر تطبق فقط الجزء الأول فقط، لتنهار الطبقة الوسطى بشكل كبير.
وتأتى ملاحظات صندوق النقد الدولى، بعد المراجعة الثالثة، لتؤكد أن مصر بحاجة سريعة لـ «وضع نموذج للنمو الأكثر احتواء للجميع ويقوده القطاع الخاص لاستيعاب الزيادة الكبيرة المتوقعة فى القوة العاملة على مدار الأعوام الخمسة القادمة». و«معالجة المعوقات الأساسية أمام تنمية القطاع الخاص، بما فيها اتخاذ إجراءات لزيادة درجة الشفافية فى تخصيص الأراضي الصناعية، وتعزيز المنافسة والمشتريات الحكومية، وتحسين مستوى الشفافية والمساءلة فى المؤسسات المملوكة للدولة، ومعالجة الفساد».
الأمر الأخر أن البرنامج يهمل إعادة هيكلة الاقتصاد، ويهمل بشكل كبير قضية الإنتاج سواء الصناعى أو الزراعى، وهو ما يمثل خطورة على استمرار تحسن المؤشرات المالية، عقب الانتهاء من البرنامج، خاصة فى ظل سياسة التوسع فى الاقتراض سواء الداخلى أو الخارجى، الأمر الذي يعيد الاقتصاد إلى نقطة الصفر بعد سنوات قليلة، وتراجع المؤشرات المالية مرة أخري، كما حدث عندما طبقت مصر برنامج إصلاح اقتصادي بالاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدوليين فى تسعينيات القرن الماضى.
فهل تستفيد مصر من درس التسعينيات، أم بعد سنوات ستذهب إلى الصندوق مرة أخرى لطلب المساعدة والحصول على قروض جديدة؟

التعليقات متوقفه