في احتفالية قصور الثقافة لتكريمه “حلمي سالم” فارس زاده الشعر والحنين

72

 متابعة: أمل خليفة

أقامت الهيئة العامة لقصور الثقافة احتفالية ثقافية بقصر ثقافة الجيزة لتأبين فارس الشعر الراحل حلمي سالم برعاية كل من الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة والشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة باسم ” حلمي سالم مدينة الشعر ” وقد حضر الاحتفالية عدد من الشعراء والكتاب والفنانين من زملائه وتلاميذه كما حضرته زوجته إيمان بيضون وابنته حنين حلمي سالم التي قام الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بتسليمها درع الهيئة تكريما لمشوار أبيها الثقافي والأدبي . و قام القاص والروائي فؤاد مرسي مدير الثقافة العامة بالهيئة بإدارة الجزء الأول من الاحتفالية كما عبر فؤاد عن افتقاده العميق للأستاذ بقوله ” لسنا هنا في مقام البكاء علي رحيلك الذي أدمي قلوبنا ولكننا هنا لاحياء القيم الخلاقة والحب الحقيقي الفعال للوطن

وقال عنه الشاعر سعد عبد الرحمن إنه فارس من فرسان الشعر في مصر فأنا من جيل حلمي الذين يسمون بالسبعينيين ورغم صداقتي لحلمي ولكنه هو وزملاؤه بالنسبة لي كشاعر عاش معظم حياته في الأقاليم كانوا قدوة لنا نتعلم منهم ليس علي مستوي المواقف السياسية فقط وإنما في كل المجالات الإبداعية . فكان شاعر صاحب بصمة في الشعر المصري فإذا قرأنا شعره عرفناه من شعره وينطبق عليه مقولة العقاد الشهيرة ” الشاعر الذي لا يعرف من شعره لا يستحق أن يعرف “

ومن شعره نتعرف ايضا علي جوانب كثيرة لشخصيته الثرية فالاستاذ لا أستطيع أن أقول عنه إنه مات فالنابغون لا يموتون وكذلك الشعراء فهم حاضرون بأعمالهم .

الايقونة الثورية

وأكد الشاعر مسعود شومان أن حلمي سالم لم يكن الشاعر الثوري و المناضل فقط بل كان الأيقونة البارزة وسط جيله والتي كنا نستقي منها الشعر والثقافة والأدب فهو المعلم المتواضع في تشريفة لنا في جامعة عين شمس وكذلك في بلدتنا شبين القناطر بصحبة صديقه وزميله أمجد ريان .

ويضيف شومان أن أول من نشر لي قصيدة كان حلمي سالم في مجلة ” أدب ونقد ” ولم يفعل هذا معي وحدي ولكن فعله مع كثير من الزملاء . ولقد قدم حلمي مغامرات شعرية جريئة أسترعت الهجوم من بعض التيارات . كما كان شاعرا متفردا سواء كان هذا الشعر متفاعلا أو نثرا لم يكن شاعرا اعتياديا ولم يكن مثقفا تقليديا ولكنه يمثل علامة حقيقية في الثقافة المصرية بأكملها .

بعد ذلك بدأت الندوة النقدية والتي أدارها الشاعر عيد عبد الحليم رئيس تحرير مجلة ” أدب ونقد ” والتي شارك فيها الناقدة فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي والشاعر والناقد د. أمجد ريان والشاعر شعبان يوسف .

فتناولت فريدة النقاش ” التشابك الفني والسياسي في شعر حلمي سالم ” قائلة مازلت في غاية الاندهاش إني اتحدث عن حلمي بصيغة الغائب لأن تجربتنا المشتركة كانت طويلة و ثرية وعميقة سواء علي المستوي الشخصي أو علي مستوي العمل في مجلة “أدب ونقد ” و جريدة الأهالي و في حزب التجمع . فلا يمكن أن أنساها أو أن تصبح شيئا عابرا.

الحلم لا يهاجر

أضافت النقاش لقد غادرنا حلمي سالم وهو في أوج توهجه الثقافي وعطائه الانساني فنحن نري في حياتنا كثيرا من المثقفين تبقي المسافة شاسعة جدا بين أقوالهم وافعالهم . بين السلوك والموقف من الحياة والناس وبين ما يكتبونه أما حلمي كانت هذه المسافة تضيق باستمرار ليحدث شكل من اشكال التوافق بين أقواله وأفعاله فشعره هو حياته وقيمه الكتابية هي قيمة الإنسانية .فعندما عرض عليه العمل مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان علي أن يتقاضي أجر أربعة أضعاف أجره كمدير تحرير في مجلة أدب ونقد لم تؤثر فيه الماديات ووجدناه يعود بعد أقل من عام لأدب ونقد بنفس المرتب الذي كان يتقضاه بدون اي ادعاءات . وهناك تجربة أخري عندما تلقي دعوة لزيارة أمريكا من قبل عائلة زوجته السيدة إيمان بيضون ورغم أن الزيارة مكلفة جدا كما كانت الدعوة فرصة ليطل علي الولايات المتحدة الامريكية حيث إنه كان شغوفا بمظاهر مابعد الحداثة في الفن التشكيلي وخاصة في العمارة الحديثة وهناك تلقي عرضا مغريا جدا للعمل كرئيس تحرير في جريدة عربية يصدرها العرب في ولاية ميتشجن وهذه كانت فرصة حقيقية. ومع ذلك ترك كل هذا و عاد بعد عدة أشهر لينقذنا من الحيرة التي وقعنا فيها في مجلة أدب ونقد بسبب التفكير في من الذي يستطيع أن يكون مدير تحرير المجلة عوضا عن حلمي ” الذي رفض أن يكون مهاجرا ورفض تكوين الثروة وعاد إلي بيته الأصلي في مجلة ” أدب ونقد ” فحلمي سالم شاعر حقيقي وإنسان حقيقي وهي معادلة يصعب تحقيقها . وهذا أيضا ماتجلي في شعره فمن خصائص تجربته الشعرية أن الشخص جزء لا يتجزأ من السياسي وهي فكرة ما بعد حداثية بامتياز ، حيث تتناغم الذات مع الفضاءات الواسعة للعالم وهنا تبرز واحدة من خصائص شخصية حلمي سالم وهي نزعة إلي التحرر وتعرية الثبات الوهمي الزائف ممايجعله متجاوزا عبر الشعر والجمال النزيه

الندوة الأخيرة

وأشاد الشاعر عيد عبد الحليم بفكرة ان تسمي الدورة القادمة 2012- 2013 للمسابقة الادبية المركزية لهيئة قصور الثقافة بأسم الشاعر حلمي سالم تكريما له فهو كان يعيش الحياة بروح الشاعر وكانت القصيدة عنده هي الثراء والمجد فهو الذي علمني أنه لا فرق بين حجر ووردة المهم هو كيف أوظفها داخل النص الشعري .

ويضيف عبد الحليم لقد أحب الشعر وأحب الحياة فأعطته 20 ديوانا كل واحد منها عالم مختلف وتجربة جديدة وأظن انه أكثر الشعراء الحداثة المصرية انتاجا.

ويؤكد الناقد والشاعر أمجد ريان إن فارسنا كان أكثر الإضائيين حركة وموهبة وعن استلهام التجارب الحياتية في شعر حلمي سالم يقول إنه كان أكثر شعراء جيله موهبة وكان منفتح القدرات وشعره فيه من الايحاءات والدلالات أشياء كثيرة ومتعددة ومن الصعب عمل كتاب واحد عن حلمي يستوعب الجوانب والمناحي المتعددة للشاعر وقصائده فأستلهام تجارب الحياة في الشعر مسألة في غاية الأهمية ولابد ان يتكئ النص الشعري و يستمد من الواقع ومن الحياة وهذا موجود في تاريخ الشعر كله .فحلمي كان محبا للحياة وكان يمارس الحياة بحرفية وكان مشاركا وفعالا داخل بيته ووسط اسرته رغم ان زوجته كانت تدير وتقود شئون المنزل بكفاءة عالية جدا .

ويضيف ريان لقد أوغل فترة في المجاز الشعري والاستعارة وسريعا ماعاد للمعادلة الصحيحة وطرح الرؤي الواقعية من خلال قصائده المليئة بالدراما.

كما وصفه الشاعر شعبان يوسف الذي كان اول المبادرين في إقامة ندوة عن فارسنا حلمي سالم بقوله ” حلمي كان محبا للحياة وعاشقا ومقبلا بشكل جارف علي الشعر والثقافة والصحافة والنقد مرسلا ومتلقيا أيضا لكل صنوف الثقافة . ولذلك الحياة الثقافية علي مدي 40 عاما لا يمكن تخيلها أو تقيمها بدون حلمي الذي كان له في كل موقف طريق وعمل .

كما طالب شعبان يوسف بتفعيل الديموجرافيا حيث إنها ذاكرة الشعوب ورغم قيامه بإعداد وتقديم كتاب يتناول الجانب العملي من حياة حلمي بوصفه محاورا وناقدا فضلا عن كونه شاعرا .

التعليقات متوقفه