الثورات والنظم القديمة..التطرّف فى الرفض أو المغالاة فى القبول!

476

استعرض أليكسس دو توكفيل فى كتابه ” الثورة والنظام القديم”، مكونات جوهرية حول فكرة تأصيل صعود قوى الإسلام السياسى فى الدول العربية, ومنبعها وماهيتها وكيفية إدراجها وتنفيذها.

وبعد قراءات تحليلية نقدية لكتابات:(سيد قطب، عبد الرحمن الكواكبى، محمد عمارة، مصطفى كمال وصفى، محمد رشيد طه، محمد الغزالى، مصطفى محمود، فهمى هويدى، برنارد لويس، عبد الوهاب المسيرى، يوسف القرضاوى، أحمد حسين، رفعت السعيد، بهاء الأمير، محمد العوا، رشيد الخيون، عمار على حسن، على عبد الرازق، راشد الغنوشى، حيدر إبراهيم، مصطفى الطيب، فرانسوا بورغا، باقر النجار، عبد الله البرغوثى، أحمد شلبى، يوسف زيدان). تجد أن هناك فريق دار فى فلك واحد، وهو فكرة درء الإسلام السياسى باستبعاد فكرة الإسلام من المنظومة السياسية الدينية، رغم أن المنظومة السياسية المسيحية لم تفعل ذلك لكنها حجمته، حتى بعد الثورة الفرنسية وبعد الثورة الصناعية وبعد الولوج بمراحل العولمة (روسيا، ألمانيا، أسبانيا، فرنسا, ايطاليا، البرازيل، تشيلى)، عادت مرة أخرى إلى كنف الدينية وأصبح اليمين القومى يصعد نحو مأربه بشكل سريع على المستوى السياسى والمجتمعى، وأصبح الرهان على من يستطيع مجاراة الشعوب، اليمين المتطرف أم المعتدل، وهذا ما نراه الآن.

ورغم أن المنظومة السياسية اليهودية لم تفعل ذلك أيضاً، بل المشهد فى كيان الاحتلال الاسرائيلى يبرز قوة اليمين القومى وتطرفه، والتزامه بالمواثيق العامة لانتخابه، وحتى الأنظمة الشيوعية (الصين على سبيل المثال تتمسك بقدسية كونفوشيوس من باب الإلهام الروحانى) لم تفعل ذلك، إذن ما الحل؟! ربما أدى تصادم فكرة الدرء السياسى الإسلامى الكامل مع معتقدات وثقافة الشعوب العربية التى يُطمئنها رداء الدين، لذا لم تتفق أفكار أغلب هؤلاء المفكرين مع عموم الشعوب العربية.

على الجانب الآخر نجد أن المُنظّرين والداعمين لفكرة تأصيل الإسلام فى الإدارة السياسية والمنظومة العسكرية، لاقت استحسان أكبر فى حقبة زمنية ماضية، وكان لابد على المعسكر الأول إيجاد مساحة تملئها مرونة أكثر اتساعاً للوصول للعامة، وإمكانية التوغل داخل عقولهم، ومن ثم كسب ثقتهم.

الحل،، ربما وفقاً لبعض كتابات الكتاب والمفكرين العرب وغير العرب من المسلمين وغير المسلمين، حول مفهوم “الإسلام الروحى”، وأن هذا المصطلح وتأصيله لدى الشعوب العربية، يمكن أن يخلق انسجاماً ما بين الساسة ورجال الدين والشعب، ويوؤد الصراع الأبدى بين الثلاث فرق.

يُذكر فى هذا السياق، أن ” الإسلام الروحى” لا يُقصد به التشيّع أو المذهب الإسلامى الشيعى تماماً، فمنذ أيام استضافت قناة فرانس ٢٤ الفرنسية المُوجّهة بالعربية أحد الكتاب الفرنسيين المسلميين من أصل إيرانى، وهو سنّى المذهب، لديه كتاب صادر بعنوان ” هل الإسلام الصوفى،، هو الحل؟!”. كانت مناقشة لأفكار الكتاب أكثر من رائعة، وتدل على أن الجنسية ليس لها علاقة بالدين, وأن الدين ليس له علاقة بالمذهب, وأن المذهب ليس له علاقة بالسياسة، إلا عند رجال السياسة فقط فى النظام العالمى الذين يحسنون استغلاله واستخدامه وتوظيفه، وبناء عليه يمكننا عقد مراجعات لأدبيات الإسلام السياسى وتجديدها, وفقاً لأخطاء سابقة وقع فيها بعض أو أغلب الأسلاف, تتلائم مع روح العصر وبنيته الاجتماعية الشعبية, فلا مغالاة فى الرفض ولا تطرّف فى الفرض.

التعليقات متوقفه