عبدالستار حتيتة يكتب بمناسبة مرور 44 عاما على تأسيس حزب التجمع :يسار.. من أجل غد أفضل

319

*بقلم عبد الستار حتيتة:في العيد الرابع والأربعين لتأسيس حزب التجمع لا بد من التذكير بأن السياسة هي فن التعامل مع الشارع.. أي مع الشعب.

لهذا أعتقد أنه ينبغي مراجعة كل شئ. لا يمكن أن يتخيل أي من أصدقائنا الاشتراكيين أن هذا قد يغضب البعض! إن التغيير جوهر الحياة. بل جوهر الفكر التقدمي نفسه.

لقد تأسس الحزب في ظروف فارقة ومهمة في 1976. كان الرئيس الراحل أنور السادات يمسك في يده عصا غليظة، لإرهاب معارضيه، وفي القلب منهم اليساريون.

مع ذلك كان الرئيس، ذو البشرة السمراء، يراهن على إخلاص سادة البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية، لطريقة حكمه. إلا أنه لم يجنِ من وراء هذا كله إلا التآمر الذي أودى بحياته.

كان لابد للاشتراكيين من أن يستفيضوا في مراجعة الطريقة التي حكم بها السادات بلدا ذا مكانة على خريطة “العالم المتوسطي” مثل مصر.. بلدا كان كثيرٌ من أبنائه يعمل في بعض دول الخليج المتزمتة دينيا. ماذا سيحدث حين يعود هؤلاء العمال والموظفون لقراهم بأموال كثيرة، وأزياء مثيرة للريبة؟ كارثة بالطبع!

إن أبناء كثير من مثل هذه العائلات انتهى بهم المطاف إلى “الجهاد” في أفغانستان، لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، لإسقاط الدولة الاشتراكية الأم.

بطبيعة الحال استغرق هذا الأمر ألوف الندوات والمحاضرات. تمت كتابته على يد مفكري اليسار (وبعض المفكرين المستقلين أيضا) في مئات الكتب. لكن، في رأيي، لم يكن هناك وعي شعبي بخطر مثل هذه المتغيرات على المجتمع المصري المنفتح على العالم، بطبيعته.

لهذا أقول اليوم إنه ينبغي تغيير الطريقة التي تفكر بها عقول كثير من السياسيين الاشتراكيين تجاه عامة الشعب. لا أتحدث عن الكتب بطبيعة الحال، ولكن أتحدث عن اللقاءات المباشرة مع الناس. هذا أمر سياسي مهم. وهو مهمل إلى حد بعيد. ومع ذلك.. إذا أردت أن تفتح هذا الموضوع بشكل واقعي، سوف تصطدم بقصة حدود علاقة اليسار عموما مع رجال الحكم، لا محالة!

وضع الرئيس الراحل حسني مبارك، مع بدء توليه السلطة، شروطا غير مكتوبة من أجل تحديد العلاقة بين اليسار (بإعلامه الانتقادي) والقصر الرئاسي. من هذه الشروط: عدم المساس بأدوات الحكم.

حسنا.. لكن التعامل المباشر لليساريين مع الشارع.. مع الشعب، لم يكن يخضع لأي اتفاق، ومع ذلك، أفسد مخبرو مبارك كل محاولات التفاعل بين اليساريين وعامة الناس. خذ القيادي الثوري الراحل، ابن الطبقة العاملة بمدينة الإسكندرية، أبو العز الحريري، مثالا على ذلك.

الحريري، التجمعي، أصرَّ مرارا وتكرارا، منذ عهد السادات، ثم مبارك، على أن يكون نبضا حقيقيا للشعب، ليس في الإسكندرية وحسب، ولكن في عموم مصر. لقد قابلت سلطة مبارك المعني الحقيقي للسياسة، هنا، بتزوير واسع للانتخابات البرلمانية ضد الحريري، وضد قيادات تجمعية أخرى، مثل البدري فرغلي في بورسعيد، وغيرهم.

هل تصدق أن هذا ما قامت به جماعة الإخوان أيضا بعد انتفاضة “الربيع العربي” في 2011؟ كأن الجماعة كانت امتدادا لحكم السادات ومبارك!

اليوم.. لا بد من السؤال التالي: أتوجد ضرورة للوقوف ضد الأفكار الرجعية، الواردة أساسا من الماضي الاقتصادي المرتبط بالخليج؟ لقد كانت نتيجة تلك السلوكيات، المعادية للحياة (والمستمرة بصور مختلفة حتى اليوم)، وبالا على المجتمع المصري “المتوسطي”.

لابد لأصدقائنا الاشتراكيين أن يبحثوا عن طريق للمستقبل، بعيدا عن القمع المتشابه والموروث من سلسلة الحكام الرجعيين. عليهم أن يراجعوا كل شئ، من أجل غد أفضل للجميع.

 

التعليقات متوقفه