عاطف مغاوري يكتب في ذكرى النكبة :إسرائيل تخشى من (النهاية)

505

فى ذكرى النكبة: إسرائيل تخشى من (النهاية)
(وباء الصهيونية أخطرمن كل وباء)
بقلم : عاطف المغاوري

مع اقتراب الذكرى(72) لإغتصاب العصابات الصهيونية فلسطين، والتي تصاحبها الاحتفالات والمراسم التي تقيمها دولة الاحتلال، بدعوى عيد الاستقلال!! الاستقلال من من، وعن من!!
ومن يومها والشعب الفلسطيني يعاني ما بين اللجوء والشتات، وسياسات القتل والتدمير والمصادرة والهدم والحصار، التي لم تتراجع عنها إسرائيل منذ أن كانت تشكيلات عصابية إجرامية، وحتى أصبحت دولة زوراً وغدراً ، بفعل التآمر الدولي، وبغفلة أو بالأدق صمتاً أو أحياناً رضاءً عربياً، وتم كل ذلك تحت المقولة الضالة والمضللة: (شعب بلا أرض لأرض بلا شعب).
في هذه الذكرى، قامت إسرائيل بالتعبير عن غضبها واعتراضها، ليس على تحريك جيوش عربية أو اتخاذ إجراءات من شأنها أن تخلق تهديداً لإسرائيل ووجودها، وذلك ردا على ما تقوم به و ترتكبه من جرائم فى حق الشعب الفلسطينى ودول الجوار العربي، ضاربة عرض الحائط بالبيانات والقرارات التى تصدر بموجب الشرعية الدولية، والتي سبق لها أن منحت إسرائيل شرعية الوجود الغاصب، أو غضبت وثارت لاكتشافها أن أحد الأطراف العربية قد امتلك سلاحا نوويا يمكن ان ينهى وجودها، أو أن إحدى الدول العربية التى قامت بإبرام اتفاقات تنهي حالة الحرب وتسلم بمطالبها، بما يكبل الجانب العربي ويطلق لها العنان في أن تفعل ما تريد وما يحقق مصالحها، ولكن قد تراجعت عن اتفاقاتها المبرمة، بل كانت المفاجأة أن اعتراض إسرائيل وغضبها جاء بسبب عرض مسلسل (النهاية) على إحدى القنوات الفضائية المصرية، والذي تقوم فكرته على تخيل فني مفاده أنه في عام 2120 ، أى بعد (مائة) عام من الآن، ستكون نهاية إسرائيل بعد حرب بينها وبين العرب، وعندها سيعود الصهاينة إلى بداياتهم، (إلى ما قبل الدولة) ، عصابات إرهابية تنفذ العمليات الإرهابية لترويع وتدمير ما حولهم، وتصبح القدس محور الصراع ، (لأن فلسطين هب القدس والقدس هي فلسطين).
لهذه الدرجة ينتاب الكيان الصهيوني كل هذا الرعب والغضب من مسلسل يقوم على الخيالؤ أم لأنه كان كاشفاً لحقيقة مستقبلية، ونتيجة حتمية مهما حاولوا طمسها أو إخفاءها، لقد جاء الغضب والاعتراض الإسرائيلي على المسلسل بصدور بيانات من المراكز الصهيونية مرددين حكاوي السلام، وكيف يتم ذلك بعد مرور (41)عاما على توقيع ما يسمى اتفاق السلام مع مصر، كما جاء هذا الموقف من قبل اسرائيل الغاصبة و المعتدية، و التي لا تعرف للسلام طريقا، لأنها كيان أقيم بالغصب والاعتداء والعنصرية.
في الذكرى(72) للنكبة والتي يسبقها بأيام الذكرى(75) لاندحار النازية، التي اجتاحت العالم بعنصريتها الفاشية، وأسقطت من الضحايا ما يفوق (50) مليون من البشر من كل الاجناس والاعراق، وما خلفته من دمار وبؤس لم تشهده البشرية من قبل، والذي توجته الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام السلاح النووي لأول مرة فى التاريخ، والذي سيظل عنوانا على الإجرام الأمريكي، الذى لم يتورع عن ارتكابه على مدار السنوات التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، في كل مواقع الصراع التي أدارتها الولايات المتحدة مع كل شعوب العالم، التي رفضت الانصياع للإرادة الأمريكية، وما آل له مصير النازية من اندحار، وأصبحت بموجبه سبة فى جبين من يروج لها، لعنصريتها، إنما هو يمثل حكم التاريخ في حركة تخرج عن السياق الانساني، مهما علا شأنها.
ومصير الصهيونية لن يكون بأفضل حالا من مصير النازية، ولا حكم الأبارتيد، والمعازل العنصرية في جنوب افريقيا، والحقبة الاستعمارية التي نهبت ودمرت الشعوب التي خضعت لها، واكتوت بنيرانها، ونهمها في امتصاص دماء شعوب المستعمرات، واعتصارها بدعوى العمل على الارتقاء بها، وبنظرة عنصرية بغيضة، هذا هو المصير الحتمي للصهيونية رغم ما تتجمل به من اضفاء المسحة الديمقراطية، والانسنة، وهو ما يشهد على كذب ادعاءاتها، بما ترتكبه من جرائم حرب وإبادة بحق الشعب الفلسطينى، وأعمال البلطجة والعربدة بحق دول الجوار العربى، ورغم نجاح الدوائر الاستعمارية وأذنابها في إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بمساواة الصهيونية بالعنصرية.
فرغم أنهم اغتصبوا وطن اسمه فلسطين، وسعوا إلى أن ينتهي به الأمر إلى أن يكون مجرد مخيم يطويه النسيان، وطمس هويته، بما امتلكوا من دعم القوى الاستعمارية من تصريح بلفور، وصك الانتداب لبريطانيا بهدف العمل والسهر من أجل إقامة وطن قومي لليهود، وقرار التقسيم1947عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وانتهاءًا بأغتصاب فلسطين 1948بعد اكتمال المؤامرة، بالتنسيق والتعاون بين القوى الاستعمارية ودولة الانتداب، التى نجحت فى إنجاز المهمة التي أوكلت لها و أتمتها على اكمل وجه، حيث وصف يوم إعلان الكيان الصهيونى بيوم الاستقلال، والذى يحتفى به في ١٥ مايو من كل عام، بالإضافة إلى الاحتفاء الذي يناله 7نوفمبر (تصريح بلفور) ، والذى تتفاخر به بريطانيا باعتبارها صاحبة الفضل والسبق، في إقامة الكيان الصهيونى.
وانتصرت اسرائيل فى حرب1948 على الجيوش العربية، التي انطلقت للحيلولة دون ضياع فلسطين، وكانت تحمل فى تكوينها عوامل الفشل فى المهمة التى أعلن عنها، وعقد اتفاق الهدنة 1949 والذى بموجبه تمكن الكيان الصهيوني من أن يثبت اوضاعه، ويتوسع بما جعل خطوط الهدنة حدوداً دائمة لدولة الاحتلال، نطالب بها بعد هزيمة ١٩٦٧ ، حيث نجح الكيان الصهيونى فى الاستيلاء على كل فلسطين التاريخية بالاضافة لأراضى عربية (سيناء والجولان) .
وحاول الكيان الصهيوني توظيف الأوضاع التي أصبح عليها فى ذلك الوقت، للحصول على اعتراف عربي، وعلى مشروعية الجوار بالقبول العربى له، وفشل أمام اللاءات العربية الشهيرة فى مؤتمر الخرطوم، ولم يحققها وللأسف الشديد إلا بعد ان لحقته هزيمة وانكسار عسكري كبير فى 1973 ، بتضامن عربي نتشوق له فى ظل حالة الاحتراب والاقتتال والانقسام، الذى يعاني منه العالم العربي اليوم ، حيث حصل الكيان الصهيوني على ما كان يخطط ويسعى لتحقيقه في أعقاب الهزيمة، وتحقق له كسر طوق الحصار العربى، واختراق جار الرفض العربى لوجوده القائم على اغتصاب فلسطين وحقوق شعبها، وبخاصة من قبل بعض مكونات النظام العربي الرسمي، سواء المعلن بمن عقد اتفاقا معه، أو سرا دون اعلان (بالتهافت العربى على التطبيع) ، حيث مازال الرفض العربى الشعبى للكيان قائما، وهو ما يمثل عقبة أمام استكمال المخطط، والذى يحاولون معه بكل الاشكال لإسقاطه ليتم للكيان الصهيونى إحكام السيطرة على مقدرات الأمة العربية، وإنهاء كل مقاومة لاستعادة حقوق الامة العربية، على ارض فلسطين العربية، وفى القلب والطليعة شعب فلسطين، بما يقدم من تضحيات، وبما يتعرض له من إجرام الصهاينة، وتنكر وجحد بعض العرب لسانا.
لذلك تقوم إسرائيل بمطاردة كل ما هو فلسطيني سعيا منها لتسييد الرواية الصهيونية الزائفة، على حساب الرواية الفلسطينية صاحبة الحق والأرض.
وقد ترجم المجتمع الدولى للنضال الفلسطيني بالتصويت عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بما يمنح فلسطين صفة المراقب (دولة تحت الاحتلال) ، والذى بموجبه رفع علم فلسطين بين أعلام دول العالم على مؤسسات المنظمة الدولية، بالاضافة إلى الإعتراف الكامل من قبل العشرات من دول العالم ، وفى الوقت ذاته توصيات العديد من برلمانات العالم لحكوماتهم بالاعتراف بدولة فلسطين.
وبعد مرور(42)عاما على زيارة رئيس أكبر دولة عربية للكيان الصهيوني، وما تلى ذلك من عقد الاتفاقيات وتبادل الزيارات ، والادعاء بسقوط الحاجز النفسي، وأن 99% من أوراق اللعبة في أيدى الولايات المتحدة، وأن حرب أكتوبر ١٩٧٣هي آخر الحروب، وكل ذلك من عمر الصراع، من حقنا السؤال: هل إسرائيل حقا راغبة في السلام؟ وأى سلام؟
وبإصدار الكيان الصهيوني قانون قومية الدولة اليهودية، وإعلان إسرائيل وطن لكل يهودي، وأن حق تقرير المصير لليهود فقط، والإصرار على إقامة الدولة اليهودية الخالصة، مع المطالبة من الجانب الفلسطينى الاعتراف بيهودية الدولة، كل ذلك إنما هو دليل ، وخير برهان على فقدان إسرائيل المشروعية، والبحث عنها لدى الشعب الفلسطينى، حيث يطلب من الضحية الاعتراف بمشروعية ما أغتصبه الجانى!! فى سابقة لم يشهدها التاريخ البشرى، ولكنها الصهيونية؟!
واليوم وبعد مرور(72) عاما على جريمة الصهيونية فى حق الانسانية، تسعى اسرائيل إلى الضم والمصادرة لما تبقى من أرض فلسطين تحت أيدى أبناءها، وما ترتكبه من تقطيع أوصال الأراضى الفلسطينية عبر جدار العار(الفصل العنصرى)، والترويج لكيان فلسطينى افتراضى يقوم على الانفاق والجسور، وذلك من خلال الاستقواء بالانحياز الأمريكى الصهيوني إلى الرؤية الصهيونية.
ولكن وأمام كل عوامل القوة و البطش والاجرام، التي يحشده الكيان الصهيونى على مدى سنوات الصراع، فإنه لم يتمكن من فرض إرادته على الشعب الفلسطينى ، وبذلك جاء اعتراضه وغضبه من مسلسل(النهاية)، لأنه يستشعر بالنهاية التى واجهته فى مسلسل يعتمد على رؤية تخيلية، ولكنه فى استقراء للمستقبل رغم ما تحاول اسرائيل إقناع نفسها ومن يدور فى فلكها من صهاينة العالم ، أو من تصهينوا من العرب لسان.
إنها النهاية الحتمية، الأرض لأصحابها، الهوية الفلسطينية فى الشجر والحجر والبشر، والطير والعشب، والزيت والزعتر.
زوال الصهيونية زوال لإسرائيل، مهما طال الزمن والألم.
انها كانت فلسطين ومازالت فلسطين وستبقى فلسطين،
وباء الصهيونية أخطر من كل وباء

التعليقات متوقفه