#هاشتاج.. ما بعد كورونا.. التوازن الفعال
أثبتت شبكات الاتصالات خلال أزمة فيروس كوفيد – 19 مرونة فائقة فى مواجهة الطلب المتزايد، وتلبية أنماط الاستخدام الجديدة التى ظهرت جراء العزلة الاجتماعية التى فرضتها ظروف الأزمة. وقد ظهر ذلك جليا فى تقرير مؤشرات استخدام خدمات الاتصالات فى مصر، الذى أصدره الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات عن الأسبوع الثانى من شهر أبريل الماضى مقارنة بالأسبوع الثانى من شهر مارس الماضى، حيث ارتفعت نسب اجراء المكالمات الصوتية المحلية عبر شبكات الاتصالات المحمولة الأربعة، وشبكة التليفون الثابت بنسبة 3 % بينما كانت الزيادة فى المكالمات الدولية بنسبة 15 %. كما ارتفعت نسبة استخدام الإنترنت المنزلى بنسبة 87 %، والإنترنت عبر التليفونات المحمولة بنسبة 18 %. وارتفعت نسبة تصفح المواقع التعليمية التابعة لوزارتى التربية والتعليم والتعليم الفنى، والتعليم العالى والبحث العلمى لتصل إلى 376.4 فى الأسبوع الثانى من أبريل مقارنة بنظيره فى مارس. وزادت نسبة تصفح مواقع الإنترنت لتصل إلى 131 % عن نفس الفترة، وتضاعف عدد ساعات الذروة ليصل إلى 15 ساعة يوميا مقارنة بحوالى 7 ساعات فقط لنفس الفترة المشار إليها. كما ارتفعت نسب استخدام تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعى بنسب متفاوتة أعلاها 194 % لتطبيق تيك توك، وأدناها 34 % لتطبيق واتساب.
ويتضح من تزايد نسب الاستخدام المشار إليها أعلاه ظهور تغييرات فى سلوكيات فى سلوكيات المواطنين تؤكد تغير نظرتهم بشكل جذرى للقيمة التى تمثلها خدمات الاتصالات، والإنترنت فى حياتهم، وإدراكهم لأهمية حصولهم على تلك الخدمات بجودة عالية، سواء لأن الأمر يتعلق بمستقبل أبنائهم الدراسى، أو لأن مجموعات كبيرة منهم باتت تعمل من المنزل، أو لأسباب أخرى تتعلق بالتواصل الاجتماعى، أو بالترفيه عن أنفسهم فى ساعات العزل الطويلة.
هذه النظرة الجديدة لخدمات الاتصالات والمعلومات لم تكن بنفس هذه الدرجة من الوضوح قبل أزمة الفيروس، ولا حتى قبل سنوات طويلة، عندما كانت البنية التحتية لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أقل نضجا مما هى عليه الآن، حيث كان من الصعب أن يتخيل أى مواطن أنه سيكون مجبرا على الاعتماد على هذه التقنيات للعمل والدراسة والترفيه.
ومن الواضح أننا كنا سنعانى كثيرا لو لم تكن خدمات الاتصالات مؤهلة مسبقا لتحمل هذا الضغط المفاجئ عليها، إذ لولا الخطط والمشروعات والاستثمارات التى تم ضخها على مدار سنوات طوال، لكان من شبه المؤكد أن تتفاقم مشاكل العزلة الاجتماعية جنبا إلى جنب مع الافتقار إلى خدمات الاتصالات والمعلومات، وأن تترك تأثيرات أكثر عمقا وخطورة على المجتمع والاقتصاد.
ومع توقعاتنا بأن تعود الحياة إلى شكلها الطبيعى بعد انتهاء أزمة الفيروس، إلا أننا نتوقع أيضا أن السلوكيات الجديدة التى اكتسبناها فى وقت الأزمة، فسوف نستمر فى عقد المزيد من مؤتمرات الفيديو، وستستمر معدلات استخدام التسوق عبر الإنترنت، والتعلم الإلكترونى الإضافى للمدارس والجامعات فى البقاء عند معدلات مرتفعة عما كانت عليه من قبل، وستكون التغييرات التى طرأت على سلوكياتنا ستكون دائمة ومستمرة.
إلا أنه لا ينبغى علينا الإفراط فى التوقعات، فليس معنى اكتسابنا لسلوكيات جديدة أن السلوكيات القديمة ستنتهى تماما، فليس من المتوقع أن تستمر الشركات على سبيل المثال فى الاعتماد الدائم على عمل موظفيها من المنزل، فما زال التواصل الشخصى وجها لوجه قيما للغاية، وستكون العودة إلى المكاتب ضرورية لمعظم الشركات. وستصبح اجتماعات الفيديو المستمرة متعبة.
والمهم هنا هو محاولة تحقيق أكبر قدر من التوازن بين العمل من المنزل والعمل من المكتب، وستكون الشركات القادرة على تحقيق هذا التوازن الفعال مؤهلة لتحقيق نجاحات أكبر.
التعليقات متوقفه