قال عبد الناصر قنديل، الأمين العام المساعد لحزب التجمع، تمثل تجربة الأحزاب المصرية وقدرتها علي التفاعل مع المشهد الوطني واقتراح السياسات البديلة أو الوفاء بدورها كبديل تنافسي محتمل يقدم برامج ورؤى أكثر تطورا للمشهد العام ومعطيات التنافسية العامة داخلة أحد أبرز التحديات التي تواجه النظام السياسي المصري في الفترة الراهنة خاصة بالنظر لمستوي تمثيلها البرلماني أو طبيعة التدخلات والمقترحات التي يتقدم بها ممثلوها في المجالس التشريعية أو على مستوى الخطاب العام بما جعل إصلاح المشهد الحزبي وإعادة النظر في مكوناته واليات تشكيله واستمراره ضمن أبرز مقترحات تنمية الحياة العامة وبناء مؤسسات الدولة التي يناقشها المهتمون بالعمل العام أو الفاعلون في تركيبته في ضوء التحديات التالية:
أولًا: ضعف التمثيل الحزبي في المجالس المنتخبة شعبيا والتي توقفت عند 13 حزبًا بالمجلس التشريعي الوطني (النواب) و 16 حزبًا بالغرفة الثانية (الشيوخ) بنسبة لا تتجاوز 12% من إجمالي عدد الأحزاب المرخص لها قانونا بالعمل وفق قواعد التشريع الوطني.
ثانيا: ضعف وتردي مكانة الأحزاب في أوساط الشباب والمجتمع نتيجة افتقادها للنشاط والعمل المجتمعي وانحسارها داخل مقارها التنظيمية مما أفقدها أي تواصل حقيقي مع الجماهير الشعبية فغابت عن الجامعات وعن العمل المحلي وغيرهما من الفضاءات المختلفة للعمل العام، والتي كانت بوتقة للعمل السياسي، واكتشاف وتجنيد الكوادر، مما ترك فراغا استغلته القوى المستترة بالدين أو العشائرية أو رأس المال في بسط نفوذها والهيمنة على السلطة بما تحمله من مخاطر وتهديدات للحياة العامة ومستقبل الدولة الوطنية .
ثالثا: حالة التفتت والتشرذم التي أدى لها الصراع الداخلي بين قادة تلك الأحزاب على المواقع القيادية، والتي أسفرت عن موجات من الانشقاقات والتفتت في كيانات توصف بطبيعتها بكونها شديدة المحدودية والأثر، وبالتالي افتقاد الظهير الشعبي أو الدعم الجماهيري المباشر خلال الانتخابات العامة أو حتي القدرة على تقديم متنافسين خلالها يمتلكون فرصا حقيقية ونفاذا يسمح لهم بممكنات الفوز حيث غاب ما يقرب من (65) حزبا سياسيا عن المشهد الانتخابي والتنافسي العام في انتخابات 2020 بكل ما تحمله تلك الأرقام من دلالات شديدة الإزعاج.
رابعًا: افتقاد تلك القوى الحزبية للقواعد التنظيمية الواضحة فيما يتعلق بهياكلها التنظيمية ومدى انتشارها الجغرافي العام أو بآليات انعقاد مؤتمراتها التنظيمية وانتخاب قياداتها بشكل منظم واضح المعالم يمكن تتبعه والقياس عليه حيث تفتقد العديد من تلك الأحزاب الرسمية للآليات (الدورية) المنتظمة لعقد المؤتمرات إضافة لافتقادها الطابع الديمقراطي في إدارتها للتنوع والخلافات السياسية الداخلية واعتمادها علي نمط (التعيينات) في شغل تلك المواقع بل وتبدت واحدة من أغرب الظواهر الحزبية على المستوى الأيديولوجي تتمثل في هيمنة الأطر العائلية والعشائرية على معظم تشكيلاتها القيادية والمواقع الرئيسية ضمن الهيكل التنظيمي العام بما حولها لأحزاب عائلية ليس لديها امتدادات حقيقية أو جاذبية لدي المهتمين بالشأن العام أو الراغبين في الانضمام لعضويتها .
خامسًا: غياب البرامج السياسية وخطط إصلاح منظومة الخدمات أو السياسات الحكومية المطبقة بما يسمح بتنوع في المداخل وقدرة علي الحوار وطرح البدائل السياسية حول تلك القضايا والموضوعات وبالتالي تعزيز قدرات المواطنين علي الفرز والاختيار من بينها سواء لتداول السلطة والحكم أو لخلق بديل كفء وقوي في مقاعد المعارضة يسهم في ضبط الأداء الحكومي والرسمي فنجد أن غالبية تلك الأحزاب ـ رغم إلزام النص القانوني المنظم لعمل الأحزاب السياسية بتقديم برامج سياسية ونوعية متمايزة ـ تفتقد للرؤى أو الأفكار المنضبطة.
الأمر الذي يعكس واقعا مؤلما لمستقبل العمل السياسي والحزبي في مصر ونهاية سيئة لميراث طويل من النضال والحراك التنافسي الممتد عبر سنوات وتجارب طويلة سابقة تعود لنهايات القرن التاسع عشر، وبما يستوجب مناقشة موضوعية لطبيعة المرحلة الحالية والتحديات المحيطة بها. وأيضًا للممكنات التي يتوجب المسارعة بالعمل عليها من أجل النهوض بالتجربة الحزبية ورفع كفاءة الأداءات السياسية والشعبية لتلك القوى كضمانة للحفاظ عليها واستخدامها كمنصة للتنافسية، وطرح البدائل بطريقة ديمقراطية تجنب البلاد ويلات ما يسمي بالحراك الثوري أو هيمنة القوي الراديكالية أو الأصولية علي مقدرات البلاد بما استدعته من تضحيات ومعاناة لتصويب المسار واستعادة أطر الدولة المركزية الموحدة .
وأضاف ممثل التجمع فى الحوار الوطنى خلال لجنة الأحزاب السياسية أن طبيعة المرحلة الحالية بما تحمله من تحديات وما يتبعها من جولات انتخابية هامة لتشكيل المجالس التشريعية والنيابية تتطلب الأخذ بالعديد من السياسات والمقترحات الداعمة لبيئة عمل الأحزاب يمكن أن نوجز عددًا منها علي النحو التالي :
أولا : إدخال تعديلات جذرية شاملة علي قانون الأحزاب السياسية تستهدف تغيير بنية القانون وتعزيز مناخ عمل الأحزاب بما يتوافق مع مستهدفات النص الدستوري للمادة الخامسة من الدستور التي تجعل من التعددية الحزبية والسياسية أساسًا للنظام السياسي المصري.
ثانيا: النص الصريح والواضح دون التفاف أو تعقيد – على حظر قيام أو ممارسة الأحزاب لأنشطتها علي أساس ديني مع الالتزام بأن يتضمن قانون مفوضية عدم التمييز (التي كانت أحد المخرجات الرئيسية للمرحلة الأولى من الحوار الوطني) نصا يلزم المفوضية بإصدار تقرير سنوي عن خطاب وممارسات الأحزاب السياسية فيما يرتبط بخطاب الكراهية أو سيادة المواطنة المنصوص عليها في المادة الأولي من الدستور وقيم المساواة وعدم التمييز المنصوص عليها في المادة ( 53 )
ثالثا: إعادة النظر في القواعد المنظمة لمالية الأحزاب وتخفيف القيود التي تحول دون أحقيتها في ممارسة عدد من الأنشطة الاقتصادية التي تتجاوز مجال الطباعة والنشر، وفي هذا الصدد فإننا نؤكد ضرورة إعادة النظر في القواعد والتشريعات التي تنظم توفيق أوضاع الصحف والمطبوعات الحزبية طبقا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم (180) لسنة 2018 بما يتضمنه من قيم مالية لتوفيق الأوضاع تتجاوز قدرات وموازنات الأحزاب السياسية وتغل قدرات تلك الأحزاب علي التواصل مع المواطنين.
رابعا: الالتزام الواضح والصريح بأن تتضمن لوائح الأحزاب السياسية النص علي شغل المواقع القيادية ضمن هياكلها التنظيمية بالانتخاب المباشر من عضوية الأحزاب وألا تزيد نسب التعيينات في عضوية تلك الهيئات على نسبة (10%) من اجمالي عضوية كل مستوي منها دون أن تتضمن اللوائح ما يسمح بتعيين قيادة لشغل موقع قيادي مباشر وذلك فيما يخص المواقع القيادية الفردية .
خامسا: النظر في تضمين القانون ما يضمن الالتزام بأن تكون النظم الانتخابية التنافسية لتشكيل المجالس النيابية ذات الأساس الشعبي والمنصوص عليها ضمن قانون مباشرة الحقوق السياسية داعمة للحزبية ومعتمدة علي الأخذ بالأشكال النسبية بديلا عن نظم الأغلبية المطلقة المعمول بها حاليا.
سادسًا: تحويل (لجنة الأحزاب السياسية) المنصوص عليها في القانون إلى لجنة (مستقلة) ذات تشكيل (قضائي) وتتشكل من النائب الأول لرئيس محكمة النقض رئيسا وعضوية (6) من الأعضاء يمثلون الجهات والهيئات القضائية تختارهم جمعياتهم العمومية لدورة واحدة مدتها (6) سنوات علي أن يتم تجديد (ثلث) أعضاء اللجنة كل (عامين) ويتم تحديد من تنتهي مدة عضويتهم في نهاية الثلثين (الأول والثاني) بطريق القرعة التي تجريها اللجنة وفقا للقواعد التي تتضمنها لائحتها الداخلية.
سابعًا: تتولي لجنة الأحزاب السياسية ضمن اختصاصاتها متابعة مدى التزام الأحزاب السياسية بالأحكام الواردة في لوائحها التنظيمية المنظمة للهياكل القيادية وانعقاد مؤتمراتها التنظيمية بشكل دوري وتصدر تقريرا (سنويا) حول الأوضاع المؤسسية للأحزاب السياسية كما يكون من بين اختصاصات اللجنة الحق في وقف وتجميد الأحزاب السياسية القائمة وأن تطلب من الدائرة الأولي بالمحكمة الإدارية العليا (دائرة الأحزاب) الحكم بحل الأحزاب التي لا تلتزم بإجراءات انعقاد المؤتمرات التنظيمية لانتخاب وتجديد الهياكل القيادية وفقا للوائحها الداخلية المعتمدة رغم تكرار التنبيه عليها بالمخالفة.
التعليقات متوقفه