نشاط أوكراني دولى كثيف .. والمحصلة مفاوضات حول الانضمام للاتحاد الأوروبى..دعوة واشنطن لكييف للدفاع هل تعتبر دعوة لقبول الواقع الحالى

الدعم الأمريكى لأوكرانيا تأجل للعام المقبل والأوروبي لحين تخطى اعتراض المجر

13

فى محاولة أخيرة من الرئيس الأوكرانى للحصول على المعونات والمساعدات والدعم العسكرى لبلاده، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبى للصمود على الأقل فى وجه الآلة العسكرية الروسية التى شددت من هجومها فى الفترة الأخيرة. جاءت زيارة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى للولايات المتحدة بعد أن حضر احتفال تنصيب الرئيس الأرجنتينى الجديد، الذى جاء على هوى الولايات المتحدة من حيث أنه قرر حل المشكلات الاقتصادية التى تعانى منها بلاده عن طريق العلاج بالصدمة واعتماد الدولار كعملة لبلاده، وإعلانه التخلى عن مسألة الانضمام للبريكس الذى تتزعمه روسيا وتقوده الصين وهى مسألة تصب فى صالح الولايات المتحدة.

بعيداً عن زيارة الرئيس الأوكرانى لأمريكا الجنوبية توجه للولايات المتحدة فى زيارة لطرق أبواب الحليف الأمريكى الذى كما أعتقد بعد أزمة غزة، وبوادر أزمة بين فنزويلا وجويانا، بدأ يعطى ظهره لأوكرانيا متفرغاً للحليف الوثيق والمدلل إسرائيل ومحاولة عدو واشنطن اللدود فى الحديقة الخلفية فنزويلا قضم قطعة من جويانا غنية بالنفط.

كان من المفترض أن يتحدث الرئيس الأوكرانى لأعضاء الكونجرس بالفيديو كونفرنس، لكنه فضل أن يقتحم المشكلة التى تعيق تقديم السلاح لبلاده والذهاب للأمريكيين فى عقر دارهم. كما تقول الأنباء الزيارة تأتى بسبب خلاف بين الجمهوريين أصحاب الأغلبية فى مجلس النواب والديمقراطيين الداعمين لكييف، لهذا قرر الرئيس الأوكرانى زيارة واشنطن كخطوة كما وصفها بعض المراقبين بأنها يائسة للحصول على نتيجة أو قرار إيجابي بتدفق المساعدات، قبل الإجازة الشتوية للكونجرس الأمريكى.

كان بعض النواب الأمريكيين قد أعرب عن امتعاضه من زيارة الرئيس الأوكرانى وهو جي دى فينس، عندما أشار إلى أنه (الرئيس الأوكرانى) جاء لأخذ أموال دافعى الضرائب الأمريكيين، وأضاف “أنه يعتقد أن هذا عار”. الشغل الشاغل للحزب الجمهورى الآن هو الحدود الأمريكية مع المكسيك، وليس أوكرانيا، ودون تنازل من جانب الديمقراطيين فى هذا الاتجاه فإن الجمهوريين غير مستعدين للتنازل فيما يتعلق بالمساعدات لأوكرانيا، فهل سيكون البيت الأبيض والحزب الديموقراطى مستعدين لهذا التنازل؟ باختصار لم تدرج المساعدات الأوكرانية ضمن جدول أعمال الكونجرس قبل الإجازة الشتوية، أى أن الأمر مؤجل حتى انتهاء الإجازة الشتوية للكونجرس.

الرئيس بايدن قرر جبر خاطر الرئيس الأوكرانى عندما قرر منح أوكرانيا 200 مليون دولار من أموال غير خاضعة للكونجرس أى لا تتطلب موافقته ومن مخصصات وزارة الدفاع.

وفى المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الأوكرانى، أعلن الرئيس الأمريكى بايدن أن بلاده ستدعم أوكرانيا “بقدر ما تستطيع” العبارة الأخيرة لم تمر مرور الكرام على الصحفيين الجالسين، فقد كانت عبارة البيت الأبيض بالحرف فى المؤتمر الصحفى أنه سيساعد أوكرانيا “بالكمية التى تتطلبها الأمور” وأن “الشعب الأمريكى يمكنه ويستطيع أن يفخر أنه مستمر فى لعب دور فى نجاح أوكرانيا، بتقديمه أسلحة نوعية لها ومعدات ما دمنا قادرين على ذلك”.

تحدث الرئيس الأوكرانى عن أنه يجب اتخاذ قرار فيما يتعلق بالمشكلة الأوكرانية، وإلا فإن عدم اتخاذ قرار سيكون بمثابة هدية عيد الميلاد لموسكو. وأضاف إذا لم نفعل شيئا فإن ذلك سيكون بمثابة تهديد للولايات المتحدة وأوروبا.

كان الرئيس الأوكرانى قد التقى بأعضاء مجلس النواب الأمريكى من الجمهوريين والديمقراطيين بهدف إقناعهم بإقرار المساعدات المخصصة لبلاده، لكن الموقف لم يسفر عن شئ فى هذا الاتجاه وظل الوضع على ما هو عليه، فالنواب الأمريكيون يطلبون من البيت الأبيض والأوكران شفافية أثناء تقديم المساعدات وأوجه صرفها على سبيل المثال أكد النائب مايك راوندس على ضرورة ضمان أن يتم الإنفاق على الأغراض المخصص لها فقط، وقد وعده الرئيس زيلينسكى بذلك، لكن الوعد الشفهى لا يعتد به، فقد طلب اعتماد آلية للرقابة على ذلك.

حاول النواب الديمقراطيون معالجة الأمر، والتخفيف من حدة تصرفات زملائهم الجمهوريين، الذين خرج بعضهم من القاعة عند حضور الرئيس زيلينسكى، وجاء تصريح السيد تشاك شومر زعيم الأغلبية الجمهورية بأن زيارة الرئيس الأوكرانى “جيدة جداً وبناءة” بمثابة ترضية لزيلينسكى الذى بدأ يشعر بالحرج. وأشار زعيم الجمهوريين أنه يجب مساعدة أوكرانيا لكى نعطى مثالا لشركائنا الأوروبيين، وإلا فإن أوروبا والحلفاء الآخرين سوف يندهشون جداً إذا لم نساعد أوكرانيا. فى حين تحدث نائب ديموقراطى وشن هجوماً على رفض الجمهوريين مساعدة أوكرانيا وشبه من يرفض مساعدة أوكرانيا برئيس الوزراء البريطانى نوفيل تشمبرلين وسياسته التى دعت لترويض المعتدى (هتلر) قبيل الحرب العالمية الثانية، لكن هذا لم يهدئ هتلر. على أى حال بقيت قضية الحدود مع المكسيك والهجرة هى أولوية للنواب الجمهوريين حتى لهؤلاء الذين يؤيدون دعم أوكرانيا.

فى ختام اللقاء طلب رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون من الديمقراطيين توضيح الأهداف الأمريكية فيما يتعلق بشرق أوروبا بصفة عامة وأضاف “نحتاج إلى صيغة استراتيجية واضحة تسمح لأوكرانيا بتحقيق النصر، وأضاف الآن هذه المشكلة مرتبطة بالنواب والبيت الأبيض وأنا أرجوهم أن ينفذوا عملهم لأن الوقت قد مر بالفعل”. على أى حال إجازة النواب تنتهي 9 يناير القادم 2024، والبيت الأبيض يتعجل عملية تمويل أوكرانيا، والنقاش القادم سيكون ساخنا وسيستمر طويلاً، البعض يتحدث عن أن الرئيس الأوكرانى أصبح، مع مرور الوقت وتدهور شعبية الرئيس الأمريكى ضارا بالنسبة له، لأنه لم يستطع تحقيق نتائج إيجابية فى هجومه المضاد الذى كان من الممكن أن يستغله الرئيس الأمريكى فى حملته الانتخابية كانتصار ولو جزئى لسياسته فى أوكرانيا، وبالنسبة للجمهوريين فإنهم ينظرون للرئيس الأوكرانى على أنه عائق لحل مشاكل داخلية فى الولايات المتحدة بطلبه المستمر للمساعدات.

لكن وأثناء عودة الرئيس الأوكرانى من غرب الكرة الأرضية ماراً بأوروبا كانت تنتظره أخبار طيبة فقد أقر المجلس الأوروبى فى دورته العادية بدء المفاوضات مع أوكرانيا ومولدوفا للانضمام للاتحاد الأوروبى وهو ما أسعد الرئيس زيلينسكى الذى كانت زيارته للولايات المتحدة ليست على مستوى زياراته السابقة، قواته فى موقف صعب، والقوات الروسية بدأت تشن هجوماً وتحقق نجاحات فى بعض المناطق مثل أفدييفكا، بل ظهرت مقالات أشارت صراحة إلى رغبة روسيا فى السيطرة على عدد من المدن الأوكرانية الكبيرة مثل دنيبرو وخاركوف وزابوروجيا.

وبقدر ما استطاع الأوروبيون تخطى اعتراض رئيس الوزراء المجرى على بدء التفاوض مع أوكرانيا للانضمام للاتحاد الأوروبى، إلا أنهم فشلوا فى تخطى اعتراضه على الدعم المالى والبالغ حوالى 50 مليار يورو، ولذلك فإن المسألة تحتاج لبعض الوقت للحصول على المساعدات الأوروبية لأوكرانيا.

لكن أهم ما أسفرت عنه زيارة واشنطن أن الأمريكيين نصحوا أوكرانيا بالدفاع فى الوقت الحالى وهذا فى تقديري مؤشر خطير، فهل هذا سيكون دفاعا خلال الفترة الحالية فقط لحين إقرار المساعدات، أم أن هذا لتثبيت حدود جديدة يتم التفاوض على أساسها فيما بعد، وهذا ربما يكون سبب النشاط الروسى فى شرق أوكرانيا، وهل تحدث الأمريكيون مع الروس بهذا الخصوص، على أى حال الوقت هو الحكم ولننتظر عودة الكونجرس من الإجازة فقد يكون الأمر لا يعدو وقفة لحين إقرار المساعدات. وماذا عن الاتحاد الأوروبى الذى وضع أوكرانيا فى وضع العضو فى الاتحاد تقريباً ويتعامل معها على أساس أى حدود؟، أسئلة كثيرة، أم أن الحرب من الممكن أن تستمر بوتيرة أسرع وأعنف مع حلول الربيع والصيف، هناك أنباء تقول إن روسيا أعدت عدتها للقتال حتى عام 2026، إنها حرب استنزاف للغرب ولروسيا وكل يحاول أن يبدى ويستعرض مدى قدرته على الصمود وإن كانت الدول الغربية قد بدأت تئن تحت وطأة الحرب والإنفاق عليها فإن الرئيس الروسى يقول إن عدد المتطوعين اليومي 1.5 ألف مواطن أى أنه على استعداد للاستمرار فى الحرب وأن اقتصاد بلاده يحقق نمواً أفضل من دول أوروبية كبرى، أم أن تعثر الدعم الأمريكى قرصة أذن للقيادة الأوكرانية لإتباع التعليمات الأمريكية أثناء العمليات العسكرية أم أنها مناورات غربية يعقبها دعم عسكرى كثيف لأوكرانيا، سنرى.

 

التعليقات متوقفه