شبكات الألياف الضوئية.. عنصر الحسم فى تمكين التحول الرقمي
بلغت قيمة سوق كابلات الألياف الضوئية 14.61 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع طبقا لتقديرات شركة الأبحاث العالمية Market Research أن تنمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.70٪ لتصل إلى 43.02 مليار دولار بحلول عام 2032.
ويعد الانتشار الواسع النطاق لتقنيات الجيل الخامس هو المحرك الرئيسي لنمو سوق كابلات الألياف الضوئية، فقد أدى الانتشار العالمي لشبكات الجيل الخامس إلى زيادة الطلب على البنية التحتية للاتصالات التي يمكنها دعم متطلبات السعة العالية وزمن الوصول المنخفض.
طلب متزايد
ويتطور سوق كابلات الألياف الضوئية لتلبية الطلب المتزايد على نقل البيانات بسرعات عالية مدفوعا بالتقدم التكنولوجي، وتزايد معدلات الاتصال بالإنترنت، وانتشار شبكات الجيل الخامس، ومتطلبات مراكز البيانات، إذ تشتهر كابلات الألياف الضوئية بقدرتها على نقل كميات كبيرة من البيانات بسرعات فائقة. كما أنها تعتبر جزءا لا يتجزأ من عناصر الدعم الحيوية للشبكات مثل أبراج المحطات، ومراكز البيانات.
كما أن تزايد معدلات الاتصال بالإنترنت، مدفوعا بانتشار الأجهزة الذكية، وتطبيقات إنترنت الأشياء، والتحول الرقمي عبر مختلف الصناعات، يؤدي إلى زيادة الطلب على كابلات الألياف الضوئية، لما تتميز به من سرعة وموثوقية لا مثيل لها، وكونها عنصرا أساسيا لتوفير شبكات اتصالات قوية في المنازل والشركات والأماكن العامة. كما أن الطلب المتزايد على مراكز البيانات بسبب نمو الحوسبة السحابية وتحليلات البيانات الضخمة، يزيد من الحاجة إلى اللجوء إلى الألياف الضوئية المتقدمة.
ابتكارات جديدة
واستجابة لذلك، شهد سوق الاتصالات العالمى ابتكار العديد من التقنيات مثل تقنية تعدد الإرسال بتقسيم الطول الموجي الكثيفDense Wavelength Division Multiplexing-DWDM، مما يعزز قدرات نقل البيانات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيز الصناعة على الاستدامة يؤدي إلى ظهور كابلات الألياف الضوئية الصديقة للبيئة، بما يتماشى مع التحول البيئي في قطاع الاتصالات. ومع تزايد اكتساب الاعتبارات البيئية أهمية، فمن المتوقع أن يؤدي اعتماد حلول الألياف الضوئية المستدامة إلى المساهمة فى المزيد من النمو لسوق كابلات الألياف الضوئية.
تحديات
ومع ذلك، يواجه سوق كابلات الألياف الضوئية بعض التحديات. فمن الممكن أن يكون الاستثمار الأولي الكبير المطلوب لنشر شبكات الألياف الضوئية بمثابة حاجز يمنع الشركات من الدخول بقوة إلى وسق اكابلات الألياف الضوئية. بالإضافة إلى ذلك، تمثل البنية التحتية القديمة الحالية، والتي تعتمد بشكل كبير على الكابلات النحاسية، عقبة أمام اعتماد الألياف الضوئية على نطاق واسع. وتتطلب المعالجة الفعالة لهذه التحديات التخطيط الاستراتيجي والجهود التعاونية بين أصحاب المصلحة من الشركات المشغلة للشبكات لضخ المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية للشبكة.
نمو قوى
كما تشهد صناعة كابلات الألياف الضوئية نموا قويا مدفوعا بالحاجة إلى شبكات اتصالات عالية السرعة وموثوقة وقابلة للتطوير بسبب تضافر عدة عوامل من بينها اعتماد تقنية الجيل الخامس، وزيادة الطلب على الاتصال بالإنترنت، والتوسع فى الاعتماد على مراكز البيانات، والابتكارات التكنولوجية المستمرة، مما يكسب الألياف الضوئية ميزة هامة باعتبارها عنصر التمكين الرئيسي الحاسم للتحول الرقمي المستمر عبر مختلف الصناعات. ومع تكثيف المساعي نحو نقل البيانات بشكل أسرع وأكثر كفاءة، فإن سوق كابلات الألياف الضوئية مهيأ بشكل أكبر للتوسع.
وفي نوفمبر من العام الماضى، أطلقت الصين، بالتعاون مع جامعة تسينغهوا، وشركات تشاينا موبايل، وهواوي تكنولوجيز، وشركة سيرنت، أسرع خدمات الاتصال بالإنترنت في العالم. وربطت هذه الشبكة بين مدن بكين، ووهان، وقوانغتشو، من خلال بنية تحتية واسعة النطاق لكابلات الألياف الضوئية، مما أظهر القدرة على نقل البيانات بسرعة هائلة وصلت إلى 1.2 تيرابت (أي ما يعادل 1200 جيجابت) في الثانية الواحدة.
وفي أبريل 2023، أعلنت شركة STL Tech وهى شركة متخصصة فى توفير حلول الألياف الضوئية عن تطوير أنحف أليافها الضوئية، وهي ألياف ضوئية بقطر 180 ميكرون. وستسمح هذه الألياف بأقل عرض للكابلات مع الحفاظ على أعلى كثافة للألياف لتمكين نقل البيانات بأعلى السرعات.
وقبلها وبالتحديد في يناير 2023، أطلقت شركة Prysmian S.p.A وهى شركة متخصصة فى حلول الاتصالات وكابلات الألياف الضوئية عن نسخة كابل مكونة من 864 ليفا من كابلات القناة الدقيقة Sirocco HD. ويقوم الكابل الذي تم إطلاقه حديثا بضغط 864 أليافا بصرية بقطر 11.0 ملم، مما ينتج كثافة ألياف تبلغ 9.1 ألياف لكل ملليمتر مربع. يمكن تركيب كابل الألياف في قناة مقاسها 13 مم فقط.
ويعتقد الخبراء، أن كميات البيانات الضخمة التي سيتم توليدها، وتحليلها في نطاق تطبيقات إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، يمكن أن تشكل عبئا على الشبكات، لدرجة تجعلها عاجزة عن تلبية المتطلبات الطموحة والمتزايدة للأفراد ومؤسسات الأعمال في الحصول على نطاقات عريضة، وسرعات فائقة، إذ أن الأمور كلها ستكون مبنية على الشبكات، ولا مجال للفشل، وهنا يعلق الكثيرون آمالا عريضة على شبكات الألياف الضوئية.
طلبات العملاء
ومن المتوقع أن يتزايد طلب الأفراد على خدمات النطاق العريض لعدة أسباب، من بينها، تزايد الطلب على التخزين السحابي للمعلومات الشخصية، وتزايد الإقبال على ممارسة الألعاب عبر الإنترنت، والتسوق عبر الإنترنت، والتجارة الإلكترونية، والرغبة فى البقاء على اتصال مستمر مع وسائل الإعلام لمتابعة المستجدات، واللإقبال المتزايد على مواقع التواصل الاجتماعى، وخدمات الدردشة عبر الفيديو. وكل هذه التطبيقات تتطلب من مقدمي خدمات الاتصالات توفير المزيد من القدرات والسرعات على شبكاتهم.
كما سيواجه مقدمو الخدمات طلبا كبيرا من زبائنهم من رجال الأعمال، والمؤسسات. وسيكون هذا الطلب مدفوعا بزيادة عمليات التجارة الإلكترونية، والخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ومواقع الإنترنت، والخدمات الحكومية الإلكترونية، وشبكات المرافق الحكومية، والأتمتة الصناعية، وغيرها من الخدمات التي تحتاج إلى سرعات متزايدة.
وفى العصر الذى نعيشه، لن يكون مقبولا بأي حال من الأحوال، أن نسمع مرة أخرى عن أي مخاطر يمكن أن تتعرض لها كابلات الإنترنت، لأن العالم ليس مستعدا لمواجهة مثل هذه الكوارث على غرار ما حدث من قبل عامي 2008 و 2009، من تباطؤ وانقطاع لخدمات الشبكة في الشرق الأوسط والهند، وما حدث في يناير 2010 من انقطاع لخدمات شبكة الإنترنت عن دول الخليج العربي وشمال إفريقيا، حيث تضررت مصر وقتها من تعطل بنسبة 70% من قدرات الشبكة، والهند بنسبة 60%، بالإضافة إلى المشاكل التي واجهتها قطر، والسعودية، والبحرين، والإمارات، والعديد من الدول، حيث تسببت تلك الكوارث فى خسارة اقتصاديات الدول مليارات الدولارات، وأدت لانعدام الثقة بين المستهلكين والمنتجين بسبب التباطؤ في عملية الإصلاح.
الاتصالات البصرية
طبقا لقطاع تقييس الاتصالات، التابع للاتحاد الدولي للاتصالات ITU يتم تعريف شبكات الاتصالات البصرية، أو شبكات النقل البصري بأنها: “مجموعة من عناصر الشبكة التي تكون متصلة بوصلات الألياف الضوئية. والتى تمتلك القدرة على نقل البيانات، وتعدد الإرسال، والتبديل، والتوجيه، والتحويل، والإدارة، والإشراف، مع ضمان بقاء قنوات الاتصال البصرية التي تحمل الإشارات للعملاء عاملة طوال الوقت. مع إمكانية أن يقوم المرء بإعادة برمجة الوقت، وإعادة تضخيم الإشارات، وإعادة تشكيل الشبكة”. وتلقت شبكات الاتصالات البصرية عدة دفعات قوية من كبار اللاعبين العالميين في مجال الشبكات، ففي فبراير 2016 وخلال فعاليات المؤتمر العالمي للاتصالات في برشلونة، بإسبانيا، أعلنت شركة ZTE لأول مرة، عن تقديم منتجات جديدة منتجات تدعم شبكات الاتصالات البصرية.
وفي مارس 2016، كشفت شركة “سيسكو” عن ابتكارها لمجموعة من الخدمات التي يمكن تقديمها في إطار شبكات النقل البصري، لمعالجة التحديات التي يواجهها مقدمو الخدمات، والمتمثلة في نقل كميات كبيرة من البيانات عبر تقنية: “الإرسال المتعدد بالتقسيم الزمني” Profitable Time-Division Multiplexing وشملت تلك المنتجات فى ذلك الوقت طرقا جديدة لتجميع كابلات الألياف الضوئية، ومنتجات لدعم موصلات الألياف البصرية. ويعتمد نظام الألياف الضوئية على نقل تضمين البيانات عبر أشعة الضوء التي يتم نقلها عبر كابل الألياف البصرية، بهدف تسليم البيانات بمعدلات أسرع. وأوضحت سيسكو، أنها وضعت بعين الاعتبار، بعض العوامل التي تتلاءم مع الشبكات الجديدة، مثل کمیات البیانات المراد إرسالھا، وطرق تجميع الکابلات الحالیة المستخدمة، ونوعية الموصلات المستخدمة في الشبكات، وغيرها من مكونات الشبكة، بحيث يتم فى نهاية الأمر
لماذا الألياف؟
أدى انهيار الثقة في شبكات وتقنيات الاتصال القديمة، إلى ظهور شبكات النقل والاتصالات البصرية Optical Transport Network-OTN واكتسابها زخما قويا، بسبب القفزة الكبيرة التي حققتها تكنولوجيا الشبكات البصرية، التي قدمت حلولا واعدة للمستقبل، تركزت في كونها منصة مفتوحة قابلة للتطوير المستمر، وقابلة للبرمجة بمرونة، بحيث يمكن إعادة برمجتها طبقا للمتطلبات. واتضح أن تلك التقنية العديد من المميزات التى تؤهلها لاحتلال موقع الصدارة في المنتديات والمؤتمرات العالمية المتخصصة، ومن بينها أولا قلة التكلفة: حيث يمكن لهذه التقنية أن تخدم عدة عملاء من خلال قناة واحدة، على عكس التقنيات السابقة مع مراعاة المتطلبات المحددة لكل عميل، مما يقلل من التكلفة الإجمالية لنقل البيانات، ويضمن أقصى قدر من الكفاءة في استخدام الترددات المتاحة للنقل. وكان العنصر الثانى عو السرعات العالية التى تقدمها، بالإضافة إلى العنصر الثالث وهو الاعتمادية التى تتيح لمشغلى الشبكات ضمان توفير نطاقات عريضة، وضمان كفاءة الخدمة التى سيحصل عليها كل عميل.
التعليقات متوقفه